جنيات البحر… أنسام النجار

فجأة شعرت بأيدى تسحبنى بقوة إلى خارج المياة وجدتهم يضربون بقوة على صدرى..

أنسام النجار

370306419_834585131307725_3108527809575351894_n جنيات البحر... أنسام النجار

إعتدت مرور الشارع الطويل مشيا على الأقدام، أشم رائحة البحر تختلط مع عبير الأزهار..

عندما يأتى الربيع وتتلون الحياة بالأزرق والأبيض ويتسرب الدفء إلى كل البيوت..

يونيو الجميل..

كنت أجلس على الصخرة المجاورة لبير مسعود..هل سمعت عنه من قبل؟

إنه بئر عميق يقفز فيه الأولاد ويغيبون تحته ثم يخرجون من الجهة المقابلة داخل مياه البحر..الأمواج التى تبقي بعد إرتطامها بالسور..سور البئر وما حوله..

كنت أسمع الحكايات الكثيرة التى يرويها الناس عنه..

كان البعض يلقي فيه العملات الفضية ويتمنى أمنية ما..

لم أتمنى شيئا وقتها..

إلا عندما رأيتها تخرج من البئر..

كانت تشبه كل شئ جميل..

شعرها بلون الشمس وجلدها يعكس أشعته وكانت عيناها يختلط فيهما زرقة السماء وبياض السحب وبعض من الشمس وقت الغروب..

رأيتها وهى تلتفت نحوى وتغيب بين الأمواج..

جنيه البحر..أقسم أنى رأيتها ذلك اليوم..كان عمرى عشر أعوام..

ناديت عليها كثيرا..كانت تلتفت لى تبتسم ثم تغيب بين الأمواج..

d09fd180d0b8d180d0bed0b4d0b0 جنيات البحر... أنسام النجار

قررت أن أذهب إليها مشيا على الأقدام داخل مياه البحر بعدما تركت أشيائى على الشاطئ.

مسكت يدى ..سحبتنى معها.

رفعت أقدامى عن الأرض وخفضت رأسي داخل الماء 

لا أدرى كم من الوقت مر على حتى رأيت

بيوت من الصدف فوق بعضها ورأيت مخلوقات كثيرة لم أتبين ماهيتهم ألوانهم زاهية مختلفون تماما متماثلون تماما.

أشارت إلى شئ هناك وطلبت منى أن أنزل معها لأسفل كى نصل إليه..

كانت صخور فوقها طحالب خضراء كثيفة 

طلبت منى أن أقترب أكثر وأكثر 

كلما إصطدمت بالصخور خرجت أمام عينى خطوط من اللون الأحمر الذى يذوب مع المياه الزرقاء ثم يختفي عند السطح وكلما زاد إمتزاج الألوان بشعاع الشمس المنكسر كنت أرى الجنيات الصغيرات يخرجن أمامى ويضحكن ملوحات بأيديهن الصغيرة أن اقترب..

اخبرتنى الجنيات الصغيرات أن أبي الذى مات، موجود هناك ينتظرنى فى عالم لا يموت فيه أحد، هناك عند آخر البحر..

فجأة شعرت بأيدى تسحبنى بقوة إلى خارج المياة وجدتهم يضربون بقوة على صدرى..

كان الماء يخرج من فمى وأنفي وكثير من الدماء ..تذوقت طعمها المعدنى مختلطا بالماء المالح..

كان الرجل الذى يضربنى يخبرهم” الحمد لله أهى بدأت تفوق”.

ملت برأسي أشاهد البحر الذى إختفت فيه الجنيات الصغيرة وبعض من أحلامى..

منذ ذلك اليوم صرت أرسم صورهن وأعلقها على حائط غرفتى كى لا أنسي..

مرت سنوات طويلة جدا..لقد غادرت إلى عالم باهت خلف البحر فى مكان لا يعرف شيئا عن جنيات البحر..

ولا عن أحلامى المؤجلة.

ولا عن أبي الذى غادر بلا وداع..

الآن عدت ،أنا هنا، ولم أجد شيئا..

إختفي البحر خلف الأسوار، وتغير لون الماء، وغامت السماء بين الأبنية شديدة الإرتفاع. 

وإختلط الزحام برائحة البحر ..إبتلع البحر بين أمواجه الثائرة جنياتى الصغيرات..

أقسم لك أنى رأيتها فى ذلك اليوم..لكن لم يصدقني أحد…

لقد مضت مثلما فارقتنى كل الأشياء.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات