أنا حبيبة… بقلم: لمياء أموي…قصة قصيرة

d8b5d988d8b1d8a9-d984d985d98ad8a7d8a1-d8a3d985d988d98a-2055360465-e1722265419934 أنا حبيبة... بقلم: لمياء أموي...قصة قصيرة

بينما كنت جالسة أمام البحر في ساعة مبكرة جدا لم تتجاوز السادسة صباحا
اقبلت عليَّ فتاة كانت -و للعجب- قد سبقتني الي الشط!
يبدو انها ترددت قليلا قبل ان تترك كرسيها، وتخطو نحوي وانا استشعر قربها مني بطرف عيني ..
شعرت بالقلق، فلا يوجد غيرنا علي مرمي البصر.
لماذا تخطو هذه الفتاة نحوي !؟
ماذا تريد مني !؟
ربما لا تريد مني شيئا وكل ما تفعله هو انها تتحرك قليلا وراء ظل الشمسية الذي ينسحب بهدوء فيفسح المجال لشعاع شمس مزعج ، ربما ..
-صباح الخير
-صباح النور
بادلتها التحية مع قدر من التجهم وعدم الترحيب .
-ممكن اقعد مع حضرتك شوية؟

لم ارد الرد المعتاد لهذا السؤال .. بل نظرت اليها بقلق واستغراب ..
كيف لها الا تخاف مني بينما خفت انا منها !!
لم اكن لطيفة لاول وهلة ..
تسارعت الظنون والاحتمالات في رأسي.. خطفت نظرات سريعة مكوكية علي ملابسها ويديها لعلي اري شيئًا ما يؤكد ظنوني ومخاوفي ،
فالشاطئ مفتوح من جهة البحر لكل من هب ودب ..
فربما تكون قد تسللت من قرية مجاورة لهدف ما لا يعلمه الا الله وهي…
وربما تكون من سكان قريتنا الساحلية ولا قلق منها ..
لم يساعدني مظهرها الغير متناغم مع المكان والغير مناسب لسنها علي ان احسن الظن بها او اطمئن لها

..

وربما كنت انا التي تخاف وتحتاط اكثر مما ينبغي!
ثم نظرت اخيرا لملامح وجهها فوجدت ملامح عشرينية جميلة ولكنها مرتبكة تنظر اليَّ بخجل وتردد وتفرك يديها بشكل ملفت للنظر مما زاد قلقي ..
ولكن شيئا ما مريحا في نبرة صوتها وهي تلقي عليً السلام طمأن مخاوفي.
سألتها من انت؟ فقالت أنا حبيبة!
-انتي من سكان القرية يا حبيبة
-ايوة احنا في الشاليهات اللي في اول القرية ..
اطمأننت قليلا بعد ان عرفت انها من سكان القرية .
عرضت عليها الجلوس فجلست دون تردد وكانها تعرفني عز المعرفة، وكأن بيننا جلسات شاطئية معتادين عليها أنا وهي!
-بس انا مش عايزة ازعج حضرتك، لو وجودي هيضايقك انا ممكن ارجع مكاني
-لا ابدا مافيش ازعاج ولا حاجة..

ارتبكت قليلا، ولكني لم اظهر ارتباكي ،
فليس من السهل ان اتفاعل مع الغرباء بهذه السهولة، خصوصا في مكان خالي تقريبا من البشر، ولكن صوتا بداخلي شجعني علي التعرف علي هذه الفتاة ..
جلست بجواري وكل منا ينظر الي البحر في صمت.
طال الصمت وزاد معه استغرابي ولكن قل قلقي..
-حضرتك عندك كام سنة
نظرت اليها محاولةً مداراة دهشتي من جرأة ومباشرة السؤال، فهذه النوعية من الاسئلة لا يتلفظ بها غير الشخص الغشيم او البرئ
-بتسألي ليه؟
-اصلي حاسة انك من سن ماما، هي عندها خمسين سنة
-وانت عندك كام سنة ؟
-تلتاشر!!!!!
كانت مفاجأة ان تكون تلك الفتاة التي تبدو عشرينية ، هي في الواقع ابنة الثالثة عشر !!
هل كانت ملابسها مبللة او متسخة فلم تجد امامها سوي هذا الفستان وهذه الطرحة التي تغطي نصف شعرها!؟
ربما..
فلا يمكن ان تكون هذه ملابس فتاة في سنها حتي وان كانت محجبة!!

هل هي خادمة عند احد الملاك وتدعي انها ابنتهم !؟
ربما…
هل هي مضطربة نفسيا ولا تعرف كود الملابس المناسب لمثل عمرها ولا كيفية التعامل مع الاغراب !؟
ربما
انما المؤكد انها تسببت لي في صدمة عندما عرفت مأساتها

جلست حبيبة بجواري تنظر الي البحر وكأنها ملت من طول حديثنا الذي لم يبدأ بعد وآثرت السكوت والاكتفاء بمراقبة الأمواج..

لم تحرك قدميها في الرمال كما يفعل كل البشر، بل كانت تحرك يديها كل خمس ثواني لتعيد طرحتها الي اعلي جبينها بعد ان انسحبت الي نصف رأسها فكشفت عن جزء يسير من شعرها
ويبدو ان الطرحة كانت تعاندها و ترفض الالتزام بالمكان الذي حددته لها حبيبة
فلم تكف عن هذه الحركة حتي نهاية جلستنا!
اما أنا فكنت العب في الرمال بقدمي وبيدي واربت علي رأس كلبتي واداعبها فتنقلب علي ظهرها طالبة المزيد من الطبطبة

-هو بيعض؟
-لا خالص دي طيبة جدا وعشرية..
تركت حبيبة طرحتها لدقيقة وظلت تتلمس شعر” بيللا” بحرص ثم بجرأة ثم تعود وتستعدل طرحتها وظلت علي هذا الحال حتي سألتها:
-بتحبي الحيوانات يا حبيبة؟
-اه بحبهم جدا خصوصا الكلاب بس بابا مش راضي يخلينا نجيب كلب فجبنا قطة
بس بابا مش بيحبها وعايزنا نمشيها وانا باخلي ماما تتحايل عليه يسيبها تعيش عندنا.

قالت حبيبة هذه الكلمات بسرعة كأنها تقف امام “الميس” في الفصل لتقرأ قطعة مقررة في كتاب القراءة او تسمع النص الذي حفظته عن ظهر قلب كأي تلميذ مجتهد يسعي لارضاء مدرسته!!
اكتشفت فيما بعد انني امام “صندوق الساحر” الذي يخرج منه اشكال والوان من الاشياء التي لا تمت لبعضها بأي صلة و لكنها تفاجئ وتدهش من يراها!!
رغم ذلك، لم تفاحئني ولم تدهشني فحسب بل آلمتني واحبطتني…
-هو الكلب حرام؟
يا الهي!! لقد مللت من هذا السؤال الأزلي الأبدي…
لم يكن لدي أي استعداد لخوض مناقشة دينية من قريب أو بعيد، خصوصا، تلك التي تحتوي علي هذه النوعية من الأسئلة “هو الكلب حرام” ناهيك عن التركيبة الغير منطقية للسؤال!!

-مش انتي عندك قطة وبتحبيها !؟ خلاص فكك من الكلاب وافرحي بقطتك.

اردت ان اطمئن اكثر انها لن ترجع فتكرر نفس السؤال أو اسئلة مشابهة فقررت أن أُبادر بالكلام والاسئلة، فانقل المناقشة المحتملة الي منطقة البساطة ولا بأس من بعض التفاهة … ففي آخر الأمر نحن نجلس علي شاطي البحر لنستجم لا لنصحح المفاهيم ونعالج ما أفسده الدهر.
– انتي في سنة كام يا حبيبة؟
– انا في تانية اعدادي ورايحة تالته، انا من الاوائل علي فكرة يعني يا الأولي يا التانية بس السنة دي ما طلعتش من الاوائل ، درجاتي ممتازة بس ما طلعتش من الاوائل
-مش مشكلة ،مش لازم تكوني من الاوائل
برافو عليكي ومبروك النجاح
-لا لازم اكون من الاوائل عشان بابا ما يزعلش مني
بابا اصلا عاقبني الصيف دا وقالي مش هاخرج اتفسح ولا هاخد مصروف عشان ما طلعتش في الترتيب!!!

سكت ولم اعلق وفي حلقي غصة وفي قلبي ألم.
اعرف جيدا حدودي وان كل كلمة محسوبة عليّ
فهي طفلة غريبة عني ولا ادري ماذا ستقول لأهلها عند عودتها لبيتها وهل ستتقول عليّ وتدعي ما لم اقله!؟ هل سأجد نفسي في مواجهة أب وأم يتهمونني بالتلاعب بافكار ابنتهم الصغيرة البريئة !؟
آثرت السلامة وتراجعت عما كان يجب ان أقول.


ولكنها لم تتراجع، وكأنها وجدت ضالتها فاخرجت كل ما بداخلها من ويلات!!

بدأت تحكي عن اخواتها وكأنها تقدم تقرير مفصل لرئيسها في العمل، فقالت ان جميعهن متفوقات، اختها الكبيرة خريجة صيدلة بتقدير امتياز ولكنها تزوجت ولم تعمل، لان رعاية بيتها وزوجها وأولادها هو دورها ومهمتها الأساسية في الحياة، وان اختها الثانية خريجة فنون تطبيقية بدرجة امتياز ايضا وهي حاليا تبحث عن عمل، اما الاخت الثالثة فوصفتها حبيبة بالفاشلة لانها لم توفق في مجموع عالي كأخواتها وبالتالي لم تلتحق باي من كليات القمة فدخلت كلية الآداب!
– بس آداب جميلة ، انا خريجة اداب
– هو حضرتك ما جبتيش مجموع!؟
– لا جبت مجموع بس اخترت ادخل اداب عشان باحبها.
-لا احنا عندنا اللي ما يدخلش كلية قمة يبقي فاشل، دا حتي كل عيلتنا ولادهم دخلوا كليات قمة !!!!
لم تتحمل حبيبة مقاطعتي لها، فاستطردت قائلة ان اختها الفاشلة عانت من توبيخ ابيها وتحقيره لها، فقد عاقبها علي فضيحة المجموع بان حبسها في البيت طوال الاجازة الصيفية، مع التغول في التضييق والتحقير حتي انها حاولت الانتحار!

-نعم!!! انت بتتكلمي جد ، انتحار انتحار !!!؟
-ايوة والله، اخدت شريط برشام وبلعته كله بس خافت وندهت لاختي الكبيرة وقالتلها فاختي صرخت وجريت تطلب الإسعاف بس بابا ما رضيش وقال انها بتمثل علينا
-وهي كانت بتمثل فعلا؟
-لا هي حاولت الانتحار بجد بس اختي خلتها ترجع اللي في بطنها ولحقناها الحمد لله.
وخطر لي ان اسألها عن امها وما موقفها من كل هذه الاحداث المرعبة. الم تكن تحاول ان تحمي ابنتها من قسوة الاب وكانت الصدمة التالية ان الاب منع الام من التدخل !
يبدو ان حكاية حبيبة هي في الواقع سلسلة من الصدمات فقد لاحظت حبيبة علامات التعجب والغضب علي وجهي، رغم عدم تفوهي بكلمة او تعليق، فما كان منها إلا ان قذفت في وجهي بالصدمة الجديدة.
-بابا مانعها تتدخل ، اصلها مش مامة اخواتي هي مامتي انا بس
-انتم مش شقايق!
-لا مامة اخواتي ماتت من زمان وبابا اتجوز ماما عشان تربيله بناته وترعاهم واصلا اختي اللي حاولت الانتحار بتكره ماما!!!

كم هي قاسية الحياة و كم هي ظالمة !!
احترت ماذا اقول وماذا افعل !؟
ما هي حدودي وما هي صلاحياتي.
هذه الفتاه عاشت ورأت ما يصعب علي من في سنها استيعابه او تحمله.
وحتما ستكون هذه الاحداث قد تسببت لها في اضطرابات نفسية شديدة وربما مرض نفسي يستوجب العلاج.
تصارعت الهواجس في ذهني ولكن صغر سنها قيدني ولجم لساني.
وما ان قررت ان استمع لصوت ضميري كإنسانة وكأم حتي زال ترددي وتلاشت مخاوفي، خاصة بعد ان باحت لي -فيما بعد- بالمصيبة التي حسمت بها قراري بالتدخل.
شعرت بعجز عن تبسيط الكلمات والافكار بما يتناسب مع حداثة سنها.
فهدفي ليس استعراض قدرات ومعلومات ونصائح بل مساعدة تلك الفتاة الصغيرة علي اجتياز الاعوام القادمة بسلام في ظل وجودها تحت سطوة هذا الأب.
ولكن وللأسف لم تترك لي حبيبة اي فرصة لادلو بدلوي…
-بتحبي القراية يا حبيبة
-اه جدا انا باقرأ كتير جدا
-هايلة برافو عليكي
-هو الحجاب فرض؟
تاني ، تاني …
ظل ذلك الصوت يردد “تاني ،تاني ، تاني” بداخلي حتي ظنت حبيبة انني لم اسمع سؤالها و،لسوء حظي، كررت عليَّ السؤال..

-حضرتك شايفة الحجاب فرض ولا مش فرض؟

استرجعت سريعا تلك الطريقة العبقرية التي تعلمتها مؤخراً و متأخراً و هي الهروب من السؤال بسؤال مضاد !!

-انتي شايفة ايه يا حبيبة؟
-فرض طبعا ، انا مقتنعة ان الحجاب فرض.
-طيب طالما مقتنعة بتسألي ليه؟
-ابدا عادي!!!
انا لابسة الحجاب من وانا في رابعة ابتدائي

d8b4d8a7d8a8d8a9-d8b9d984d989-d8b4d8a7d8b7d8a6-d8a7d984d8a8d8add8b1 أنا حبيبة... بقلم: لمياء أموي...قصة قصيرة

وبدأت من جديد تروي فصل جديد من قصتها وكأنها علي كرسي الاعتراف، وتبحث عمن ترمي عنده حمل ثقيل، فحكت انها لبسته من نفسها وبارادتها الحرة وكأن للطفل ابن العشر سنوات ارادة حرة، وانها فكرت في خلعه ولكن امها أخبرتها ان هذا الأمر مستحيل لانها اصبحت مكلفة واصبح الحجاب فرضا عليها.
بدا علي حبيبة شيء من الحزن والحسرة، ولم يكن من الصعب ان استشف كم الذبذبة والتردد في كلام الفتاة الصغيرة.
-انا عارفة انه حرام اني اقلعه، بس يعني لو ينفع اقلعه لحد ما اخلص ثانوي وابقي البسه تاني. تفتكري حضرتك هيبقي حرام لو قلعته ولبسته تاني؟، علي فكرة انا باصلي وباحفظ قرآن.
كانت تقول هذه الكلمات وهي تنظر الي الرمال وانا كنت انصت لها وانا انظر الي البحر .
-فين ماما يا حبيبة ، نفسي اتعرف عليها!
ماما بتحج وهترجع الخميس الجاي
-يعني انتي هنا مع مين؟
-مع بابا واخواتي البنات. تفتكري فيها حاجة لو قلعت الحجاب؟

كان من السهل استنتاج شكل الحياة التي تعيشها حبيبة وكم التناقضات في الجملة الواحدة!
فتاة صغيرة ارتدت الحجاب وهي ابنة العشر سنوات و بارادتها، افتراضا منها انها في هذه السن الصغيرة تمتلك ارادة !!!
ثم اكتشفت وهي ابنة الثلاثة عشر انها سجنت نفسها…
وعندما قررت ان تغادر سجنها الذي صنعته بارادتها المزعومة، وجدت نفسها عاجزة عن الخروج وان مفاتيح السجن لم تعد في يديها.
مع اصرارها علي انتزاع فتوي مني او رأي في رغبتها في خلع الحجاب، وجدت نفسي مغلولة اليدين لا استطيع ان أساعدها علي فك قيدها فلربما تسببت في ايذائها وتكدير حياتها خصوصا مع مثل هذا الاب وهذه الام .
فنصحتها ان تستشير والديها فهما الأعلم بما فيه الصالح لها.
رغم عدم اقتناعي ما قلته لها إلا انه كان اسلم و أحيد رد لها و لي.
رفضت حبيبة نصيحتي واستنكرتها وظهر عليها قدر من العصبية والتلعثم وهي تؤكد ان مجرد طرح مثل هذا الموضوع كفيل بان يجعل ابوها ينزل عليها اقسي العقوبة فهو لا يحب الجدال ولا الاعتراض في امور الدين .. بل في كل امور الحياة.حتى امها لن تساندها حتي لا تقع تحت طائلة عاقب الاب هي الاخري.
لاحظت زيادة توترها وفركها ليديها و حركة رجلها السريعة.
يبدو ان جعبتها مليئة و لكنها لم تحسم امرها علي اي موضوع -يؤرقها -سيقع اختيارها، بعد ان تنتهي من موضوح الحجاب ..
فهي لم تحصل مني علي رد او رأي

والواقع انها لم تكن تريد رداً، بل كانت تحتاج لمن يسمعها .
تعمدت ان انطر اليها بالحاح حتي اجبرها علي النظر الي..
ونجحت!
التفتت الي بوجهها وكامل جسدها ثم صعقتني بكلماتها
-انا قطعت جسمي ورقبتي بالموس!
يالها من صاعقة!
اتجهت إليها أنا الاخري بكامل جسدي، ونظرت اليها واستمريت في النظر داخل عينيها ابحث عن دليل كذبها … فلم اجد!

-وبعد ما قطعتي نفسك حصل ايه؟
-هو حضرتك مش مستغربة؟!
أومأت برأسي واظهرت قليل من التأثر وخبأت بداخلي ألم وغضب كادوا يفتكوا بأعصابي ويخرجوني عن ثباتي .
أخبرتني انها حكت ما فعلت بنفسها لصديقتها، و التي بدورها حكت لباقي الفصل، فافتضحت حبيبة فضيحة جابت أنحاء المدرسة كلها.
وصلت حكايتها الي مكتب الاخصائية الاجتماعية للمدرسة والتي ذهبت الي فصل حبيبة ثم اخذتها من وسط زميلاتها كما لو كانت متهم هارب تم القبض عليه اخيرا !
حكت حبيبة هذه اللقطات و في صوتها غل !
وعادت يديها للفرك ورجليها للاهتزاز.
وحتى اطمئنها باني منصتة ومتابعة لما تحكيه، قلت لها ان تدخل الاخصائية الاجتماعية خطوة ايجابية.
ولكن كان لحبيبة رأي آخر !
-لا بالعكس دي فضحتني اكتر لان صاحباتي بقوا يتريقوا عليا ويقولولي يا سايكو!

-وبعدين، عملت معاكي ايه الاخصائية ؟
-ابدا فضلت تسألني اسئلة كتير عن حياتي وعن بابا وماما وبعدين رجعت الفصل!
-ماما عرفت اللي عملتيه
-ايوة الاخصائية قالتلها
وماما قالتلي عشان كدا كنتي بتلبسي “هاي كول” في البيت وانتي اصلا مش بتحبيه و بتتخنقي منه!!
-وبعدين عملت معاكي ايه ماما ، قالت لبابا؟
-يا نهار اسود ، لأ طبعًا دا كان بابا موتني وبهدلها!!
ماما زعلت مني وفضلت تسألني ليه عملتي كدا !
انتي ليه مش زي بنت خالتك أو زي قرايب اخواتك وبنات عمهم!!؟
اشمعني انتي اللي مدوخاني وتعباني!!؟
وانا ما بقتش عارفة اقولها ايه بس قلتلها تساعدني اقلع الحجاب وانا هابقي كويسة وهارجع اطلع من الاوائل تاني وحلفتلها، اصل فيه بنات كتير في المدرسة قلعوه وعادي يعني..
بس ماما قالتلي قلع الحجاب حرام وانسي الموضوع دا نهائي!

كانت الساعة قد قاربت الثامنة صباحاً،
ساعتان لم تتوقف فيهم حبيبة عن الحكي، ولم اتوقف انا عن الاستماع ..
لا اعرف ان كنت سأراها مرة اخري ام لا،
فربما تكون مستأجرة وليست مالكة كما تدعي وربما يكون اليوم هو آخر يوم في إجازتها وتعود مع اسرتها ..
وذهب بي الخيال لبعيد فتسألت.. هل سأسمع في يوم من الايام خبر هروبها او انتحارها!!
رن تليفونها وما ان نظرت الي شاشته حتي أجابت..
-ايوة يا بابا ……..حاضر يا بابا ، انا جاية.
-طيب انا هامشي بقي..
-طيب يا حبيبة ، سعيدة اني شفتك
بس هاشوفك تاني؟
-انا ممكن اجي بكرة الصبح
-طيب ممكن تديني تليفون ماما؟
-خلاص هاديه لحضرتك بكرة الصبح!!
حاولت ان اصر علي اخذ رقم ام حبيبة ولكنها تهربت من تلبية طلبي بحجة انها لابد ان تعود فورا الي الشاليه حتي لا تتأخر فيغضب الاب.
-طيب براحتك انا كدا كدا كنت مروحة ، يالله نرجع مع بعض!

ومر اليوم ولم تفارق حبيبة رأسي للحظة..
وكعادتي، عدت الي بحري مرة اخري قبل غروب الشمس بساعة..
واذا بي أصادف حبيبة علي نفس الممشي عائدة من البحر ومعها شخصان، كان من السهل ان استنتج من هما !!
ابتسمت لها وقد شعرت بفرحة برؤيتها مرة اخري و بفرصة التعرف علي أختيها لعلي استطيع ان افعل اي شئ ينبههم الي القنبلة الموقوتة التي تحيا بينهم!
ولكن حبيبة عندما انتبهت لقدومي نحوهم من بعيد، تغيرت ملامحها وادارت وجهها الي اليمين والي اليسار وكأنها ترسل لي رسالة ترجوني فيها الا اكلمها و ان اتجاهلها !
اعتبرت هذه الإشارات مجرد ظن واستنتاج خاطئ مني.
واقتربت اكثر منهم واذا بها تبطئ في خطواتها حتي تأخرت عن اختيها بعض الشيء ثم اشارت لي بإصبعها بلا تقتربي ارجوكي!

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

تعليق واحد

comments user
modalhasni

جميل

اترك رد

ندوات