أنا مَن تواضع ….بقلم أحمد خفاجي

لا أحب أجواء التنوير الزائفة هذه، فهي تزغلل عيوني العسلية، وأنا رجل نظري على قدي، وإن كان الله قد عوضني بقوة البصيرة ونفاذ الرؤية، وحدة الذكاء، وخفة الدم، والطعامة والوسامة وطول القامة، وقوة العزيمة، ونعومة الشعر وحلاوة الصوت…. إلخ

وأنا لا أرحب بالكتابة لأناس لا أعرفهم ولا يعرفونني.

هل قلت لكم إني إنسان متواضع؟

دعوني أقولها إذن: أنا إنسان متواضع.

d8a3d8add985d8af-d8aed981d8a7d8acd98a-1 أنا مَن تواضع ....بقلم أحمد خفاجي

أنا مَن تواضع

– أنا.

كان هذا ردي حين سألني مذيع قناة إل إم إخ، في برنامج “لقاء المشاهير”:

– من كاتبك المفضل؟

إنه الكبرياء لا الغرور

فأنا إنسان متواضع للغاية، متواضع جدًا، متواضع خالص.

ولا أحب الحديث عن نفسي كثيرًا

ولا قليلًا الحقيقة

تمامًا كما تقرؤون الآن.

وليس أدل على هذا من رفضي البات للظهور في أي برنامج إذاعي، خاصة لو كان عنوانه “لقاء المشاهير”.

أنا – ولا أعوذ بالله من قولة أنا – أؤمن بالقول المأثور “الظهور يقصم الظهور”.

لذا أبتعد تمامًا عن المشاركة في ورش الكتابة، وليس لدي استعداد، مجرد الاستعداد، للتفكير في كتابة مقال أدبي بصالون تفكير.

لا أحب أجواء التنوير الزائفة هذه، فهي تزغلل عيوني العسلية، وأنا رجل نظري على قدي، وإن كان الله قد عوضني بقوة البصيرة ونفاذ الرؤية، وحدة الذكاء، وخفة الدم، والطعامة والوسامة وطول القامة، وقوة العزيمة، ونعومة الشعر وحلاوة الصوت…. إلخ

وأنا لا أرحب بالكتابة لأناس لا أعرفهم ولا يعرفونني.

هل قلت لكم إني إنسان متواضع؟

دعوني أقولها إذن: أنا إنسان متواضع.

ولذا فأنا أفضل الحياة الواقعية مع الناس الحقيقيين، وأعشق أحاديث البسطاء، ولا تخرج الضحكة صافية من أعماق نغاشيش قلبي إلا في وجود البشر العاديين.

بشر من لحم ودم، بشر بوجوه بلا أقنعة.

بالأمس مثلا

كنا نصلي التراويح وراء الشيخ عبدالصمد التهامي بمسجد سيدي أبو الحسن

وفي السجدة الثانية بالركعة الأولى

أخذ الأسطى حامد الحلاق يدعو الله بحرارة ونهنهة وبصوت عال سمعه المحيطون به:

– يارب ارزقني يارب، يارب أنا عبدك حامد أبو قاسم، ابن جمعة الدهشوري، وأمي إحسان، بنت السيد عطا، وأمها…

عندها زغده عزت بيومي من على يساره، وقال له بصوت مسموع:

– طلع له البطاقة، طلع له البطاقة…

وعندما كبّر الإمام، واستوينا واقفين، التفت المعلم صبحي إلى يمينه، وقال موجهًا كلامه لعزت في غضب ظاهر:

إنتا خايب يا وله؟ ماتعرفش إن اللي يتكلم في الصلاة، تبقى صلاته باطلة.

ظل رواد المسجد يضحكون على تلك الواقعة حتى عاد كل منا إلى حال سبيله.

الحياة بسيطة للغاية يا صديقي

ونحن من يصنع من خيوطها البريئة شِباكًا نلف بها رقابنا، ثم نغدو ساخطين عليها، شاكين من آلامها، متبرمين من أهلها.

وطريق الشقاء يبدأ من هنا

من الغرور والكبرياء والتعالي على الناس.

إن الأشقياء هم أولئك الذين لا يتحدثون إلا عن أنفسهم

وليس هناك أسهل من التعرف على هؤلاء.

يكفي أن ترى أحدهم يقول: “أنا” ويحشرها في كل جملة.

لتعرف أنه ينظر إلى وجهه في مرآة مقعرة.

جرب النظر إلى وجهك في الكاتل بعد شرب الشاي كده

بالله عليك جرب

وسترى الصورة التي يراك بها الناس حين تضخم ذاتك

أعوذ بالله

لماذا لا تكون متواضعًا مثلي أنا؟!

بالمناسبة

هل أخبرتك من قبل أنني شخص متواضع للغاية؟

إذا لم أكن قد فعلت

فدعني أقولها

أنا إنسان متواضع جدًا أوي خالص

أعلم أنك لن تصدقني بسهولة

فكيف لإنسان لديه مثل ما لدي من مميزات، ومواهب، وإنجازات، ونجاحات، وعلاقات واتصالات أن يكون متواضعًا؟!

فلماذا لا تجعلني نموذجًا يحتذى؟!

ولمَ لا تقتدي بي لتتعلم التواضع للخلق؟

هه

لماذا؟

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات