إيران الخميني.. هذا ما جناه الغرب … بقلم عمرو عبد الرحمن
علّمت العملية أياكس الطغاة والطامحين لأنْ يصبحوا طغاة، أنّ أقوى الحكومات في العالم مستعدة للتساهل مع الظلم بلا حدود مادامت النظم القمعية مؤيدة للغرب وشركات النفط الغربية، وأن العالم الحر ليس لديه أدنى مشكلة في دعم الديكتاتورية ما دامت تحافظ على مصالحهم.
بقلم: عمرو عبد الرحمن

عندما ننظر الآن إلى إيران، نجد نظام حكم ديني متشدد معادٍ للغرب بشدة. فهل كانت إيران دائماً على هذا الحال؟
تعد إيران أحد أعرق الأمم في العالم، وتمتلك إرثاً من التاريخ يمتد إلى آلاف السنين، وحتى في العصر الحديث لا يزال الإيرانيين مرتبطين عاطفياً بتراثهم. أحد الموضوعات المهمة التي لا تزال تساهم في تشكيل إيران حتى اليوم، هي المحاولات المضنية للتوفيق بين الإسلام والتراث الخصب الخاص بفترة ما قبل الإسلام. منذ قورش وعبر تاريخ طويل، حافظ الفرس على مشاعر قوية من الكبرياء والنبل وقدرة على استيعاب تأثيرات الدول المحيطة وإعادة تشكيلها في إطار العقيدة الزرادشتية، إلى أن غزاهم العرب.
مع الفتح العربي لبلاد فارس ستظهر مرة أخرى القدرة على استيعاب التأثيرات الخارجية وتشكيلها حسب هواهم، فتوصل أهلها إلى قراءة مختلفة للإسلام نوعاً ما، مبنية على قراءة مختلفة للتاريخ الإسلامي. ففي حين لا يعطي المسلمين السنة أهمية كبرى لمصرع علي والحسين، ففي رأي الشيعة جسد علي والحسين نموذجاً يخبرهم كيف يجب أن يحيا المؤمن، وكيف يجب أن يموت.

استخدم الصفويين المذهب الشيعي لمساعدتهم في بناء إمبراطورية ظهرت فيها ملامح إيران الحالية سياسياً وروحياً. كان الاعتقاد بأن الحكام لا يستحقون السلطة إلا عندما يقيمون العدل جزءاً من المعتقدات الشيعية كما هو جزءاً من المعتقدات الزرادشتية، الأمر الذي أعطى الجماهير قوة سياسية ووجدانية. بعد الصفويين وصل القاجاريين للحكم، وبينما كان العالم يخطو نحو الحداثة، ظلت إيران راكدة في مكانها تحت حكم القاجاريين. حكم ناصر الدين شاه إيران لمدة أربعين عاماً، ونتيجة لإسرافه الشديد، جمع الأموال عن طريق بيع الأصول والامتيازات الإيرانية إلى الشركات والحكومات الأجنبية، فازداد سقوط إيران في مستنقع الفقر، وأصبح الشعب متعطشاً للتغيير.
أول محاولات التغيير هي ثورة التبغ. كانت إيران دولة زراعية حافلة بالمدخنين. باع ناصر شاه شركة التبغ الإيرانية للبريطانيين، وتعيّن على الفلاحين بيع محصولهم إلى شركة التبغ البريطانية، وتعين على كل مدخن شراء التبغ من متجر تابع لشركة التجزئة الخاصة بالشركة الملكية البريطانية. تحالف المفكرين والفلاحين والتجار ورجال الدين وعقدوا العزم على المقاومة. أصدر الشيخ الشيرازي أكبر رجال الدين في إيران في ذلك الوقت فتوى تعتبر التدخين تحدياً للإمام الغائب مادام الأجانب يتحكمون في صناعة التبغ. التزم بالفتوى كل من سمع بها، حتى وصل الأمر إلى توقف زوجات ناصر الدين شاه عن التدخين، فأدرك أنه لا يملك خياراً سوى إلغاء الامتياز. وهو ما حدث.
استمرت إيران بالانزلاق نحو الإفقار وبيع كل شئ للأجانب، وتكونت حركة إصلاحية تدعو لمبادئ الديمقراطية نجحت في إقرار أول دستور لإيران عام ١٩٠٦ وأنشأت مجلس نواب إيراني. حاول الحاكم الجديد محمد علي شاه تقليص المكاسب التي حصل عليها الدستوريون، فاجتذب مجموعة من رجال الدين لمواجهة التيار الإصلاحي. أدت الاضطرابات إلى مزيد من التدخل الأجنبي، فقد كانت إيران ممزقة بين روسيا وبريطانيا، كلاً منهما يحاول حماية مصالحه في هذا البلد التعيس. انتهت الثورة الدستورية بإغلاق المجلس بقرار محمد علي شاه في حماية القوات الروسية.
بعد استيلاء البلاشفة على الحكم في روسيا، انسحبت روسيا من الصراع على المصالح في إيران وتركت الساحة خالية لبريطانيا، التي وجدت فيها غنيمة تفوق أحلامها بعد استخراج النفط من الأراضي الإيرانية.

متأثرين بحركات التحرر الوطني، انقلبت مجموعة من الضباط على أحمد شاه حاكم إيران في ذلك الوقت، بقيادة رجل يُدعى رضا، سيصبح بعدها رضا شاه بهلوي. تخيل رضا نفسه صاحب رؤية مستقبلية عصرية لكنه دعم الاستبداد واتسمت إصلاحاته بالسطحية. وتم تنفيذها بوحشية ما أدى لكراهية الشعب لها ورفضها. وفي نهاية المطاف أصبحت إيران بفضل ديكتاتوريته لقمة سائغة في فم الأجانب.
كان النفط هو اللاعب الأساسي الذي سيشكل مستقبل إيران. فمع تدفق النفط واهتمام البريطانيين بموطن هذه الثروة، استفاد البريطانيين من قصر نظر حكام إيران الذين رضوا بالفتات مقابل توسيع بريطانيا والأجانب سيطرتهم على موارد النفط.
بعد إجبار رضا شاه على التنازل عن العرش، زادت الاضطرابات والقلاقل. طالب العمال بتحسين ظروفهم الحياتية والمادية. عادت الحياة للمجلس الإيراني، فطالب بمنع منح أي امتيازات أخرى للشركات الأجنبية، وإعادة التفاوض بشأن الامتياز الممنوح لشركة النفط البريطانية الإيرانية. كان النائب الذي كتب مسودة هذا القرار هو محمد مصدق.

شكّل معتقدان رئيسيان وعي محمد مصدق:
1- الإيمان بسلطة القانون ضد الاستبداد.
2- القناعة بأن الإيرانيين يجب أن يحكموا أنفسهم ويتخلصوا من سيطرة الأجانب على مقدراتهم.
كان مصدق مدافعاً عن الإصلاح والتحديث، هو ابن الطبقة الأرستقراطية الذي شارك في الحياة السياسية مبكراً. ومع كل خيبة أمل يتعرض لها في إيران، كان يهرب إلى الخارج لاستكمال دراسته وتأسيس حياته بعد أن اعتقد أن لا أمل لإيران في التخلص من الديكتاتورية والتحكم الأجنبي. رفض مصدق دعم رضا شاه لأنه علم أنه مجرد مرحلة جديدة في رحلة الدكتاتورية في إيران. رغم ذلك حاول رضا شاه الاستعانة بمصدق في مناصب مختلفة كانت تنتهي بخروجه منها.
انتهى الأمر برحيل رضا شاه وتم إجراء أول انتخابات حرة منذ سنوات عام ١٩٤٣. خرج مصدق من عزلته ورشح نفسه للمجلس وحصل على مقعده. وكان عليه مواجهة شركة النفط البريطانية الإيرانية التي تسيطر على البلاد بشكل غير مسبوق.

كان العاهل الشاب محمد رضا شاه مهتماً فقط بالسيارات الرياضية وسباق الخيول والنساء، بينما كانت إيران ممزقة في ثورات انفصالية ومستنزفة من شركة النفط، لكن الأمر تغير بعد محاولة فاشلة لاغتياله، فقرر فرض إرادته على إيران كما فعل والده من قبل.
في ظل بحث الإيرانيون عن حلول نشأ حزب توده (أي حزب الجماهير) الذي انتهى به الأمر نحو الماركسية. كان محمد رضا شاه يريد التخلص من حزب توده، ووجد في حادثة الاغتيال الفرصة المناسبة.
ظلت احتجاجات العمال في عبدان -مدينة إيرانية يتم فيها استخراج النفط- تتمدد، مطالبين شركة النفط بتحسين ظروفهم. وظل موقف الشركة متصلباً كما هو حتى قدموا اتفاقية تكميلية بها بعض الامتيازات لإيران لكنها لم تكن كافية، ورغم موافقة مجلس الوزراء عليها، أجّل مجلس النواب إعلان موقفه منها حتى انتهت فترته وأصبح المجلس الحالي هو المنوط به اتخاذ الموقف.
شهدت الانتخابات استخدام كل الوسائل الاستبدادية التقليدية من رشوة وتزوير فاضح. خسر القوميون بقيادة مصدق في الانتخابات. تجمع الآلاف بقيادة مصدق واعتصموا أمام القصر الملكي حتى إقامة انتخابات جديدة نزيهة، وهو ما تم بالفعل.
فاز مصدق وآخرون من الجبهة الوطنية التكتل الذي قاده مصدق، وكوّنوا جبهة معارضة منظمة تتمتع بحماس قومي وثقة جماهيرية. انضمت القوى الدينية في تحالف تكتيكي مع الجبهة الوطنية -ليس من ضمنهم الشاب روح الله الخميني لأنه كان يعتقد أن مصدق وحلفاؤه تخلوا عن الإسلام- وتم رفض الاتفاقية التكميلية في المجلس. مع استمرار التعنت البريطاني وزيادة الزخم الشعبي ضد شركة النفط، وافق مجلس النواب على تأميم شركة النفط بتوصية من لجنة النفط ورئيسها محمد مصدق.
“إن الإيرانيين قد قاموا بالكشف عن كنز كان مخفيًا، ومن فوق ذلك الكنز يرقد تنين” محمد مصدق مخاطباً البرلمان.

بدأ البريطانيون في إرسال سفنهم الحربية إلى المياه قرب عبدان، في المقابل قرر المجلس ترشيح مصدق ليكون رئيساً للوزراء، المنصب الذي لطالما رفضه، لكنه فاجأ الجميع بقبوله هذه المرة.
رغم وجود فجوة بين وجهتي النظر البريطانية والأمريكية إلا أنه مع الوقت أحست الولايات المتحدة بالخوف من حصار شيوعي لها ومع قرب المواجهة بين إيران وبريطانيا كان على الولايات المتحدة التدخل، لأن بريطانيا حليف استراتيچي ولمنع أي مواجهة قد تؤدي لاستعانة إيران بالسوڤييت. ظلت الإدارة البريطانية في إيران على موقفها من رفض التأميم، وبناء على طلب بريطاني أصدرت محكمة العدل الدولية توصية لإيران بالسماح لشركة النفط بالعمل كالسابق أثناء المفاوضات. رفضت إيران التوصية لأن محكمة العدل مختصة بالنزاعات بين الدول وليس بين دولة وشركة خاصة.

حاول الرئيس الأمريكي هاري ترومان التدخل وأرسل مندوبه الشخصي افريل هاريمان. لم يتفهم موقف واشنطن موقف مصدق في القضاء على عمليات شركة النفط في إيران فتعثرت المفاوضات. فرضت بريطانيا العقوبات على إيران ووضعت الخطط لغزو إيران، لكن أمريكا رفضت ذلك بشدة، وقامت بريطانيا بعرض القضية على مجلس الأمن.
ذهب مصدق إلى نيويورك ليس فقط كممثل إيران، ولكن كممثل كل البؤساء في العالم في مواجهة الأثرياء وأصحاب النفوذ. وانتهى الأمر بهزيمة دبلوماسية للبريطانيين بتأجيل المناقشة لأجل غير مسمى. عاد حزب المحافظين للحكم في بريطانيا بقيادة تشرشل الذي لم يكن يستطيع التخلي عن كون بريطانيا قوة استعمارية. بينما أصبح مصدق شخصاً تساهم أفكاره في تشكيل التاريخ، فاختارته مجلة التايم شخصية عام ١٩٥١.



وبينما كان البريطانيون يخططون لانقلاب على مصدق، قطع الطريق عليهم بقطع العلاقات مع بريطانيا وطرد كل دبلوماسييها من إيران. أعطى فوز الرئيس الجمهوري أيزنهاور برئاسة أمريكا قبلة الحياة للخطط البريطانية، فقد كان يملك برنامجاً معادياً للشيوعية، ما جعل من السهل إقناعه بخطورة مصدق.
استفاد كيرميت روزفلت مدير عميل المخابرات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط من الشبكة التي تركها البريطانيون في إيران، متخذاً من السفارة الأمريكية مركزاً لعملياته، وبفضل جهود تلك الشبكة تم إضعاف الجبهة الوطنية بانشقاقات لشخصيات بارزة مثل رجل الدين آية الله كاشاني. وتم دفع الأموال لرجال دين وصحفيين ليهاجموا مصدق. وعندما طلب مصدق المساعدة من ايزنهاور، جاء الرد ليجعله يدرك أن تغير الإدارة الأمريكية جعلها تسير في الاتجاه المعاكس.
تم الاستقرار على أن يكون الجنرال فضل الله زاهدي واجهة الانقلاب بفرمان من الشاه يعينه رئيساً للوزراء بدلاً من مصدق.

اختار روزفلت العقيد نصيري للقبض على مصدق، لكنه عندما توجه إلى منزله وجد قافلة عسكرية بقيادة رئيس أركان الجيش الجنرال رياحي. تم القبض على نصيري وكان الأمر كفيلاً بالعدول عن فكرة الانقلاب، لكن روزفلت قرر المحاولة مرة أخرى. تم إطلاق الجماهير في الشوارع لإحداث الفوضى. شارك في المظاهرات رياضيون وبلطجية. أصبح المشهد عبارة عن مظاهرات ضد الشاه يقودها مصدق متحالفاً مع الشيوعيين في مقابل مظاهرات تهتف للشاه والملكية. تم استخدام وحدات عسكرية وشرطية موالية للشاه في السيطرة على مبان حكومية ثم أخيرا القبض على مصدق بعد هروبه وتسليم نفسه.
نجحت الخطة في ١٩ أغسطس ١٩٥٣ وربما ساهم مصدق في نجاحها بمثاليته الشديدة والتأخر في الرد نتيجة قناعته بحرية التعبير وعدم الرغبة في إراقة الدماء واستخدام الأدوات السلطوية. عاد الشاه من روما بعد أن ظن أنه لن يعود أبداً. عوقب مصدق بالحبس ثلاث سنوات وإقامة جبرية مدى الحياة. تم معاقبة الكثيرين من الداعمين لمصدق، وأصبح حزب توده والجبهة الوطنية جماعات محظورة.
برر ريتشارد روبرتسون – المسئول الكبير في الخارجية الأمريكية التدخل الأمريكي في إيران إذ قال “لقد كان علينا التدخل لحماية مواردنا.” ليعلق الكاتب نعوم تشومسكي على هذا التبرير بقوله “مواردنا التي حدث أن وُجدت في أراضيهم.”
“إن جريمتي الوحيدة هي أني أممت البترول الإيراني ونزعت من إيران شبكة الاستعمار والنفوذ الاقتصادي والسياسي لأكبر إمبراطورية على وجه الأرض” محمد مصدق أثناء محاكمته.
تمكن الشاه من توطيد أركان نظامه بالقمع الشديد، وتقاسمت شركات النفط البريطانية والأمريكية امتياز النفط الإيراني مع الحفاظ على مظهر التأميم ومناصفة الأرباح مع إيران دون فتح الدفاتر لمراقبي الحسابات الإيرانيين أو انضمام إيرانيين إلى مجلس الإدارة. أنفق محمد رضا شاه أموالاً طائلة على التسليح، وأنشأ البوليس السري (السافاك) كأداة للقمع. القمع الذي انتهى بانهيار مفاجئ وثورة مدمرة بقيادة الأصوليين الإسلاميين. ولم تنجح أمريكا هذه المرة في إعادة الشاه الهارب إلى عرشه مرة أخرى.
في عام ١٩٧٩ ألّف كيرميت روزفلت كتاباً بعنوان “الانقلاب المضاد” يشرح فيه أن التدخل الأمريكي كان لمنع قيام ثورة شيوعية والوصول للحكم بمساعدة الروس. وهذا لم يكن صحيحاً كما رأينا. فلم يكن هناك أي تعاون بين مصدق وحزب توده. ولم يوجد أي ود بينه وبين الروس.
علّمت العملية أياكس الطغاة والطامحين لأنْ يصبحوا طغاة، أنّ أقوى الحكومات في العالم مستعدة للتساهل مع الظلم بلا حدود مادامت النظم القمعية مؤيدة للغرب وشركات النفط الغربية، وأن العالم الحر ليس لديه أدنى مشكلة في دعم الديكتاتورية ما دامت تحافظ على مصالحهم.
إن وصول إيران إلى هذا الطريق المأساوي هو مسئولية حماقة الاستعمار الحديث بداية من تعامل شركة النفط البريطانية باحتقار للإيرانيين، ونهاية بقيادة المخابرات المركزية الأمريكية لانقلاب على نظام ديمقراطي قومي أدى لتعزيز نظام ديكتاتوري الشاه انتهى إلى تمهيد الطريق لنظام أكثر تطرفاً. خطورة ومعاداةً للغرب… وربما يمكننا فهم أسباب ذلك مما سبق.
“بالأمس كانت طهران ترتعد تحت أرجل جنود الجيش الإسلامي المناهض للأجانب. مصدق هذا الغول مصاص الدماء العجوز، قدم استقالته تحت الضربات القاضية للمسلمين… تمت السيطرة على كل المراكز الحكومية من قبل المسلمين والجيش الإسلامي.” صحيفة فدائيان إسلام تصف الانقلاب وكأنه ثورة إسلامية.
مصادر:
1- كل رجال الشاه ـ ستيفن كينزر – ترجمة سهى الشامي.
2- الويلات المتحدة الأمريكية ـ شادي عبدالسلام.
3- مصدق والصراع على السلطة في إيران ـ هوما كاتوزيان – ترجمة الطيب الحصني.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد