الدين والأخلاق في صالون تفكير… تغطية: ناتاشا العبادي 3
نتاشا العبادي

كيف ظهرت مسألة الدين والأخلاق تاريخيا حول العالم

يستند الدكتور حسام درويش إلى بعض الفلاسفة والمفكرين حول مسألة الدين والأخلاق وتاريخيته، فيقول أن مسألة العلاقة بين الأخلاق والدين في رؤية الفيلسوف كانط تقول :(أنه لا يمكن للعقل النظري أو المعرفي أن يحسن مسألة وجود أو عدم وجود الله، وهناك براهين متناقضة ولا يمكن أن نحكم أيهما أصح من الأخرى، ولكنه عندما انتقل من العقل النظري التنظيري للمعرفة إلى العقل العامل التنظيري للمسألة الأخلاقية رأى أنه من الصعب أن يكون هناك أخلاق بلا دين أو بلا إيمان بالله تحديدا بمعنى إذا لم يكن هناك إله ولديه ثواب وعقاب كيف ستحقق العدالة، سيكون الظلم هو السائد لأن الظلم في هذا العالم هو السائد، لكن الأمل هو أن يكون هناك عالم أخر وبالتالي سيجعل الرؤية الكلية ترى أن هناك عدالة في هذا العالم بالمعنى الواسع وليس بالمعنى الدنيوي وقال أنها مسلمة للعقل الأخلاقي أن يكون هناك إله) وهذه رؤية ترى أن الأخلاق تفترض وجود إله وبالتالي الإيمان بالله مرتبط بالأخلاق .
نرى وجهة نظر أخرى نأخذها من فولتير وديستوفيسكي وآخرين وهم يرون أن النظر الأخلاقية أو المحاكمة الأخلاقية لهذا العالم لمفهوم الإله تنفي أو تؤدي إلى نفي وجود الإله. لماذا؟ لأنه بالعودة إلى فولتير فهو لم يستطع يرى الحكمة بعد حادث لشبونة وسقوط الكنيسة فوق المؤمنين من نساء وأطفال وليس لهم أي ذنب فهو لم يستطع يرى المعقولية أو المقبول في ذلك وضمن تفسير الكنسي المسيحي آنذاك، فخرج من الدين المسيحي بدون أن يخرج تماما وأصبح لديه شكوك في هذه المسألة وهي رواية قصة كنديد.
كيف يمكن أن نقول بوجود إله مع هذا الظلم أو مع هذا الشيء الغير مقبول؟.

و لدينا ديستوفيسكي في سرقته الشهيرة الأخوة كرامازوف يسأل سؤالا استنكاري أكثر منه من كونه سؤالا استفهاميا: أمعقول…أمعقول، أن يكون الله موجودا و كل هذا يحدث؟! كيف يمكن أن نفهم، وهذه تسمى معضلة الشر أو مشكلة الشر وببساطة إذا قلنا أنها مشكلة الشر هنا كيف يمكن أن نوفق بين مفهومين وجود الشر وهذا واقع لا مراء فيها ومن ناحية أخرى مفهوم الإله القادر قدرة مطلقة، والخير خير مطلق والعارف معرفة مطلقة، كيف يمكن لهذا الإله أن يكون موجود والشر موجود؟.. وإذا كان كانط الإنسان يقول: إذا كان القتل خلاص العالم أو إنقاذ البشرية كله يقف على قتل طفل واحد فهذا العمل غير أخلاقي، إذن من حيث المبدأ أو الواجب لا يمكن أن نقبل بالتضحية بالطفل من حيث الأخلاق ربما مسائل أخرى منفعة حسابية نفعية ولكن حيث أخلاق الواجب هذا غير مقبول، ولكن هناك من يرى يمكن التضحية بملايين أو مليارات من الأشخاص في إطار رؤية امتحانية متفق عليها مع الله، وهؤلاء الأشخاص إما أن ينكروا وجود الله يعني لا يعقل أن يكون الله موجودا مع هذا العالم أو يقفون موقفا مضادا لموقف رابعة العدوية والتي كانت أرقى درجات التفاعل الإيجابي مع الإله وليست بهذه الطريقة ان تخاف منه أو أن احلم بهذه الجنة واذا فعلت كذا هناك حسنة أو عشر حسنات إذا فعلت كذا، تلك الطريقة الحسابية التجارية القائمة على الخوف من العقاب والرغبة في الثواب وإنما قالت: “انا احبك اعبدك لانك رب تستحق العبادة” وهذه أعلى الدرجات، وممكن مسألة الظلم في العالم مع وجود الله هي مسألة أخرى، ربما كان الله موجودا لا اعرف ولكنه قد يكون مستحقا للعبادة أو لا يستحق العبادة اذا كان قادرا على أن يوقف هذا الظلم ولم يفعل.
ويري الدكتور حسام درويش أن عودة إحياء المسألة الأخلاقية في معالجة الدين أهم بكثير من تناولها منظورات معرفية، والمقصود هو كيف يتعامل مع الآخر وإلى أي حد يرى نفسه في منزلة أعلى تجعله يستبيح الآخر لمجرد أنه مختلف عن الآخر، وهذه مسألة العلاقة مع الآخر كانت في الفكر القديم علاقة حرب فقط لأنه آخر ولأنه غير مسلم ويستبيح أراضيه ودمه إذا لم يدفع ويقر صاغرا الجزية أو يدخل الدين الإسلامي، هذه علاقة الحرب كانت زمن الإمبراطوريات وقتها، وهناك من ينظر إلى أن العلاقة مع الآخر هي علاقة سلم وحب وتعاون وهذا يمكن التفاهم حوله وهنا السؤال هل المدخل إلى ذلك هو التمييز بين الدين والتدين؟ وهل المدخل دار الحرب ودار السلام؟، وعلى الرغم من الهشاشة المعرفية لهذا التمييز بين الدين والتدين هل يفيدنا أن نقول أن سين أو عين لا يمثل الإسلام؟ وننصب أنفسنا حكما على هذه المسألة وإذا نقرر بمسألة الاختلاف إلى أي حد الإختلاف الذي نقبله أو لا نقبله.
قديما كانت هذه أطروحتي في مسألة التسامح بأنه ينبغي أن نتسامح مع كل شيء إلا مع عدم التسامح فينبغي التسامح مع كل الآخرين وهذا ما أرى أنه يمكن القيام به.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليق واحد