بقلم: ناتاشا العبادي

الأشعرية هي المذهب الكلامي الذي يؤكد على قدرة الله الكلية، وعلى أن العقل البشري محدود في قدرته علي فهم الأمور الإلهية.

يعتمد هذا المذهب علي الإيمان بقدرة الله الكلية و تدبيره للأمور، والإقرار بمحدودية العقل البشري في فهم هذه الأمور.

ويمكن أن نلحظ تأثير الأشعرية في الأمثال الشعبية، لكن بشكل رمزي أو غير مباشر، فالأمثال الشعبية  تعكس التجارب الحياتية للناس، وغالبا ما تكون متجذرة في بيئتهم الثقافية والإجتماعية. غير. أنه يمكن للعقائد الدينية العامة التي تأثرت بفكر الأشعرية أن تعكس في الأمثال الشعبية جوانب من هذا الفكر، ومن روح الفلسفة الأشعرية كالإيمان بالقدر والثقة في حكمة الله. 

هناك أمثال شعبية تجسد فكرة أن كل شىء مقدر مهما كانت الظروف، وبغض النظر عن محاولات تغييرها، وبالتالي تدعو هذه الامثال إلى الرضا بالقضاء والتسليم لإرادة الله. من هذه الأمثال:-

-اللي مكتوب ع الجبين لازم تشوفه العين.

-اللي ليك هيجيلك. 

-كل شىء بميعاد. 

ومن الأمثال الشعبية ما يجسد التواكل في الأشعرية، مثل: – 

-اعمل اللي عليك و الباقي علي الله.  

-ما حدش بياخد أكتر من نصيبه. 

-كل شيء قسمة ونصيب. 

-ربنا ما يديش العبد غير علي قد نيته. 

-ربنا يفرجها من حيث لا ندري. 

-علي قد لحافك مد رجليك.  

كما يتجسد مفهوم الطاعة – وهو مفهوم أشعري – في هذه الأمثال: – 

-اربط الحمار مطرح ما يقول صاحبه. 

-العين ما تعلاش علي الحاجب. 

– ما خاب من استخار ولا ندم من استشار.

 – من سار علي الدرب وصل. 

– أطع الكبير لتبقي في أمان. 

– التواضع طاعة والتكبر معصية. 

-الطاعة تجلب الرزق. 

– وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم. (آية قرآنيه).   

تجسد الأمثال الشعبية قيمًا ومفاهيم مهمة، ولكن من الضروري فهمها وتطبيقها بحكمة، فلبعض الأمثال التي تجسد المفاهيم الأشعرية تأثيرات سلبية علي طريقة تفكير الانسان وسلوكه، مثلا:- 

1- التقليل من قيمة الاجتهاد والمبادرة، والحسم بأن الجهود الفردية ليست ذات أهمية في تغيير الأوضاع أو تحقيق الأهداف، كذلك تبرير الفشل الشخصي أو المجتمعي بناء علي عدم كفاية الطاعة.

2- التأكيد علي التواكل علي الله، فقد يُفهم منه الدعوة للتقليل من أهمية التخطيط والتفكير الاستراتيجي، مما قد يؤدي الي اتخاذ قرارات عشوائية.

3- التشجيع علي الرضا بالظلم الاجتماعي بقبوله والاستسلام له، وتعزيز ثقافة التبعية والخضوع قد يُثني الأفراد عن اتخاذ مبادرات شخصية أو التفكير بطريقة مستقلة , والقبول المطلق للأوامر دون التفكير أو السؤال يؤدي الي الخضوع الغير مبرر و يحد من التفكير النقدي .

4- تقويض شعور الفرد بالمسئولية تجاه سلوكياته وقراراته، لأن النتائج محتومة بغض النظر عن التصرفات. 

5- التأثير السلبي علي التطور الثقافي والعلمي، لأن كل الأحداث أو الأمور – وفقا لهذه الامثال – محتومة و محددة، فيكون الفرد أقل تشجيعا للتحقيق العلمي، والبحث الاكاديمي، كما يثبط الابتكار في المجالات العلمية والتكنولوجية بدلا من تشجيعه الجهد البشري وما ينتج عنه من اكتشافات وتطورات. 

6- تعزيز الثقافة السلطوية المطلقة حيث يتم تشجيع الطاعة للأوامر بغض النظر عن عدالتها أو منطقها .

إن للأشعرية – كمذهب فكري ديني – تأثيرات مختلفة علي العقل الإنساني، وكيفية تفاعل الأفراد معه. فهذا المذهب من ناحية يعزز مفاهيم الصبر، والتوكل علي الله، وعلى العدالة والإحسان، ومن ناحية أخرى قد يؤدي الي تقييد حرية التفكير والاستقلالية الفكرية وإلى الانغلاق علي مفاهيم معينة مما قد يسفر عن تجاهل للعلم والمعرفة والتقدم الفكري، ولذا لا بد من تحقيق التوازن بين الجانبين، بالتركيز على الإيجابي في كل منهما والعمل به.

• YouTube
• YouTube
• Telegram
• Facebook

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com