التوتر المكس، كل حاجة والعكس… بقلم: محمود عماد

بقلم : محمود عماد

شعور ما بالظلم يتخلله شعور بالضعف والفشل. مشاعر كثيرة تختلط ببعضها البعض لتنتج فى الأخير شعور الاستسلام.

pexels-photo-963278 التوتر المكس، كل حاجة والعكس... بقلم: محمود عماد

أكتب تلك الكلمات والكثير يدور في رأسي، بل القليل. حسناً لست متأكداً تماماً. لا أعرف ما يحدث بالتحديد ولا أفهم الحالة التى تعصف بي من فترة ليست طويلة لكنها مملة كان من المتوقع أن أفرح بعد حصولي على الماجستير لكن على النقيض فقد كنت خائفاً متوجساً من حياتي بعد الانتهاء، ضغط شديد جعلني أفقد البوصلة أو أرميها بنفسي من فوق جبل شاهق ليهوى بها فى باطن الأرض وفجأة وبعد أن كنت تناسيت المشاركة في الدورة الثالثة من دورات جمال عمر عن كتابه توتر القرآن شيء ما قد دفعني للعودة لمتابعة اللقاءات مرة آخرى، لعله الشعور بالذنب والتقصير أو لعل نفسي قد سئمت من خمولي الدائم المستمر من عودتي للعمل وحتى الاستغراق في النوم للذهاب مرة أخرى فى الصباح. العمل، ما أسوأ العمل هذه الأيام تماماً كالبقرة التي تدور حول مطحنة الحبوب لا تستطيع التوقف ولا تأخذ شيئاً من تلك الحبوب.

أما عن القرآن فاعتقد أن الأمر أصبح أسهل كثيراً الأن لأن التوتر يعكس حالة الفكرة والنقيض التى تعطي للقرآن بريقه ورونقه لأن الأفكار المختلفة تبني فكرة جديدة قابلة للتجدد والاستمرار. 

استسلام للوضع السيء فى عملي وعدم تغييره، استسلام لعدم التحضير لامتحان اللغة الانجليزية المهم بالنسبة لى فى المرحلة التالية، استسلام للتوقف عن حضور الدورات والندوات وانقطاعي عن القراءة والبحث وتدوين المقالات وحتى تصوير الفيديوهات التى كنت أجد فيه بعض من النشوة توقفت عنها. لقد توقف كل شيء! 

لم يكن هذا الوضع منذ عامين فقط ولم تكن تلك حياتي، فقد كنت مشتعلاً متحمساً اشترك فى عدة دورات فى نفس الوقت وأقوم بالمذاكرة لهم جميعاً ومن الممكن أن امتحن فى الأسبوع مرتين أو ثلاث فى مواد مختلفة كانت حالة النهم للعلم تدفعني دفعاً للمزيد وكلما أخذت قطرة من حلاوة العلم أردت أن أشرب أكثر وأكثر حتى ارتوي لكن يبدو أن لساني قد خدعني وأن الطعم كان مالحاً والآن أشعر بأوجاع في بطني و دوران في رأسي. كنت قد أسبح فى المحيط منتشياً بقدراتي الرائعة فى السباحة وكنت أقطع المسافات الطويلة أملاً فى الوصول إلى بر أخر أكثر جمالاً لكن ويا للأسف بعد أن خذلتني يداى وخار عزمي على الاستمرار إذا بي أجد نفسى فى وسط المحيط والماء يحاوطني من جميع الجهات لا أعرف من أى اتجاه اذهب وحتى لو عرفت لن أستطيع أن أكمل الطريق ولن أستطيع العودة إلى الشاطئ مرة أخرى. ساعدوني!

التوتر، النقد، الفكرة ونقيضها

بدأ الأمر بالإدراك، إدراكي لفكرة معينة ثم إدراك القصور داخل تلك الفكرة ليتطور الإدراك إلى إدراك نقيض تلك الفكرة والاقتناع به إلى أن تأتي مرحلة الوحش بإدراك القصور داخلها أيضاً. ماهذا العبث بحق الجحيم! كنت قد تعرفت على فلسفة الجدل لهيجل وفهمت كيف يتم جمع المتناقضات المختلفة لإنتاج الفكرة الجديدة وهكذا…. دائرة لا تتوقف. 

لنعطي مثالاً بالألوان والأضواء فاللون الأبيض يمثل الضوء واللون الأسود يمثل العتمة معنى ذلك أن الأبيض لن يكون له وجود إلا بوجود الأسود/عدم الضوء و الأسود لن يكون له وجود إلا بوجود الأبيض/الضوء.

أليس ذلك معنى التوتر؟
التوتر حالة عدم الاستقرار بين الفكرة ونقيضها التوتر حالة عدم التأكد لهايزنبرج ونصه:

أنه يستحيل عملياً في آن واحد تحديد سرعة ومكان دقيقة متناهية في الصغر (الإلكترون) ولكن التحدث بلغة الاحتمالات هو الأقرب للصواب

لأن الالكترون يتحرك بين مستويين الطاقة ولن نستطيع تحديد مكانه ويبدو أن وجود الالكترون داخل الذرة يعتمد بالاساس على تلك الحركة المستمرة ولو توقف لتحرك خارج الذرة أو إنهار النظام داخلها. 

دفعني ذلك للتفكير فى وجود الله، هل الله موجود حقاً أم لا 

ونبدأ بالمتناقضات أيضاً، بشر يؤمنون بأن الله موجود/ فى مقابل آخرين لا يؤمنون بذلك، أعتقد أن وجود الله مرتبط ارتباط وثيقاً بهؤلاء الذين لا يؤمنون به كالعتمة التي تكشف وجود الضوء، فالإنسان هو الدليل على وجود الله أو قل إن شئت الإنسان هو نقيض تلك الفكرة ومثبتها فى آن واحد.

أما عن القرآن فاعتقد أن الأمر أصبح أسهل كثيراً الأن لأن التوتر يعكس حالة الفكرة والنقيض التى تعطي للقرآن بريقه ورونقه لأن الأفكار المختلفة تبني فكرة جديدة قابلة للتجدد والاستمرار. 

ويبقى السؤال هل التوتر هى حالة لصيقة بالانسان مرتبطة بوعيه الداخلي ومن ثم يضفى وعيه هذا على الكون والكون بريء من تلك الحالة أم أن الكون فى بنيته الداخلية مبني على المتناقضات ونحن انعكاس لهذه الطبيعة؟
لا أعرف الإجابة لكن ما أعرفه أننى غريق لا أريد النجاة.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

0 comments

اترك رد

ندوات