الرائد… سلامة حجازي… بقلم إيمان إسماعيل

بقلم: إيمان إسماعيل

440878463_442015385185178_4507253607105617610_n الرائد... سلامة حجازي... بقلم إيمان إسماعيل

المنشد والقارئ والمطرب والملحن والممثل …وصاحب الفضل في فتح الأبواب لممثلين ومطربين كتير، وصاحب حكايات المعافرة والمثابرة… سلامة حجازي

سلامة حجازي مش مجرد راجل صوته حلو ولا ملحن شاطر، الشيخ سلامة فتح أبواب فنية مكانش حد يعرفها قبله، هو رائد فن الأوبريت، ورائد المسرح الغنائي، وأول واحد لحن وغنى المارشات والسلامات الخديوية .

اتولد سلامة سنة 1852 في راس التين في الأسكندرية، ومات أبوه وهوعمره 3 سنين، حفظ القرآن وهو عنده 11 سنة، وبدأ يتردد على حلقات الذكر والإنشاد وبسبب حلاوة صوته تبناه المنشدين في الحلقات دي وعلموه فن الإنشاد والذكر وبقى واحد من رجال الطرق الصوفية المشهورين وكبير منشدي الطرق الصوفية. 

d8b3d984d8a7d985d8a9-1 الرائد... سلامة حجازي... بقلم إيمان إسماعيل
الشيخ سلامة حجازي

في سنة 1875 قرر سلامة إنه يتوجه للغنا، وتعلم أصوله على يد الشيخ خليل محرم وتحول من مقرئ ومنشد لمطرب على التخت وفضل 8 سنين يحي الحفلات والأفراح وهو بالعمة والجلباب، وصيته مسمع في الأسكندرية كلها، كان بيلحن بنفسه وبدأ يجدد في غنا القصايد والمواويل القديمة ودي كانت نقلة حببت فيه الناس وخلت له جمهور كبير. 

سنة 1884 بقى للشيخ سلامة حفلة أسبوعية ثابته بيقدمها على مسرح الخياط، وهنا كون تخت باسمه وبدأ شعراء وزجالين يكتبوا له أغاني خاصة به وطبعا هو اللي كان بيلحنها وبدأت شهرته تزيد أكتر

روحه المبدعة الحيرانة كانت متعطشة لإبداع مختلف، إبداع يظهر فيه قدراته وإبداعه الحقيقي، وفي الوقت ده كان بدأ فن المسرح ينتشر على يد الفنان يعقوب صنوع رائد المسرح،واللي نجاحه جذب الشيخ سلامة زي كتير من الفنانين وقتها، وقرر إنه يخوض التجربة ويتجه للتمثيل

 بيقول سلامة حجازي عن بدايته مع المسرح إنه كان عنده ميل لفن التمثيل وُلد في صدره من وهو منشد وقارئ للقرآن، وده كان بيحس بيه لما كان يحضر العروض اللي بيقدمها الخواجات في مصر، وكمان أصدقاءه السوريين اللي كانوا سابقين وخبراء في فن التمثيل كانوا دايما بيشجعوه وشايفين فيه روح الفنان والممثل.

بيقول الشيخ سلامة ” فلبيت طلبهم وقمت بتمثيل دورين في رواية “مي”، مع سليمان حداد وهما دور كورياس ودور الملك” ودي كانت بداية الشيخ سلامة مع المسرح وبيقول قد ايه كان خايف، عشان الناس اتعودت عليه بيغني وهو راجل وقور لابس عمة وجبة وماسك سبحة في ايده، وكان خايف من رد فعلهم لما يشفوه لابس أفرنجي وبيتنطط على المسرح، بس رد فعل الناس والنقاد خالف توقعاته وكان في ترحيب بيه كممثل.

فضل الخوف ملازمه فترة، لكن توالت المسرحيات وتوالى استحسان الجمهور والنقاوده طمنالشيخ سلامة وخلاه يكمل في التمثيل بنفس قوة الغنا، واستمر لحد ما قابله يوسف الخياط وعرض عليه ينضم لمسرحه وفرقته، وافق الشيخ سلامة وبيقول ان دي كانت من أهم مراحل حياته واستفاد منها فوايد عظيمة، وكانت الفرقة في الوقت ده بتعرض في دار الأوبرا الخديوية وبعض تياترات الأسكندرية الكبيرة.

توقف عن إحياء الحفلات والأفراح وركز في التمثيل وكان بيقدم فيه مسرحيات غنائية، واتنقل الشيخ سلامة لفرقة إسكندر فرح واستمر معاه حوالي 8 سنين ويعتبر الشيخ سلامة هو السبب الرئيسي في نجاح الفرقة واستمرارها.

وفي 19 يناير سنة 1905 قرر إنه يسيب فرقة إسكندر فرح وأعلن عن فرقته اللي سماها باسمه، فرقة سلامة حجازي، وده كان في شهر فبراير سنة 1905، وكتير من زملاؤه في فرقة إسكندر انضموا له وبقوا أعضاء فرقته الجديدة، وكانت أول مسرحية يقدموها هي “صلاح الدين الأيوبي” على مسرح حديقة الأزبكية، وهي من تأليف نجيب الحداد وبتحكي عن فترة الهدنة بين صلاح الدين وريتشارد ملك بريطانيا، والمسرحية نجحت نجاح مبهر وكان بداية قوية ومشجعة  للشيخ سلامة.

d985d8b3d8b1d8add98ad8a9-1 الرائد... سلامة حجازي... بقلم إيمان إسماعيل

النجاح كان صداه مسمع في البلد حتى إن جريدة المقطم يوم 20 فبراير سنة 1905 كتبت عنها وده بعد العرض ب4 ايام وتكلمت عن مدى إتقان وقوة الشيخ سلامة وجمال تمثيله، اللي خلى الناس تتفاعل معاه أثناء العرض لدرجة إنهم في واحد من مشاهد القتال قاموا من على الكراسى وفضلوا واقفين وكأنهم جزء من المشهد.

الفرقة في البداية أعادت تمثيل مسرحيات قديمة كانوا مثلوها بالفعل وده عشان معرفتهم وتدربهم عليها زي غانية الأندلس ومطامع النساء وشهداء الغرام والبرج الهائل وغيرهم، وعرضت الفرقة على أكتر من مسرح منهم طبعا مسرح حديقة الأزبكية وكازينو حلوان وزيزينيا في الأسكندرية ومسارح الفيوم وطنطا والمنيا والزقازيق ولفت أغلب مصر.

مع إن الفرقة كانت بتقدم مسرحيات قديمة واتعرضت قبل كده مع فرقة أسكندر فرح، لكن الشيخ سلامة غير فيها كتير، في المشاهد والحوار والملابس وضاف حاجة مهمة وهي عنصر الكوميديا، ومنها روميو وجولييت وهملت وهناء المحبين وغرام وانتقام وحسن العواقب والسر المكنون.

الفرقة نجاحها كان مبهر وسريع وقوي، وده شجع الشيخ سلامة إنه يكون له مسرح خاص به يعرض عليه مسرحياته، وأجر تياترو في حديقة الأزبكية، مسرح “فردي” المشهور لمدة أربع سنين وأعاد تجهيزه وغير كتير من شكله وعمل فيه مكان خاص بالسيدات عشان تعرف تحضر العروض وغير اسمه ل “دار التمثيل العربي” وأول مسرحية اتعرضت فيه هي هملت يوم 10 أغسطس 1905 والمسرحية كسرت الدنيا.

كانت أيام العروض 3 أيام أسبوعياً، هي السبت والتلات والخميس ومرت سبع شهور والفرقة بتعرض مسرحياتها القديمة بس ده مكانش كافي للشيخ سلامة، وكان عاوز أعمال جديدة، وفعلا عرضوا مسرحية جديدة عليهم تماما وهي مسرحية “ابن الشعب” لإسكندر ديماس بس للأسف المسرحية فشلت فشل ذريع، والصحف تجاهلتها تماما، ووقف الشيخ سلامة عرضها بعد ليلتين بس، والسبب ورا الفشل ده إن موضوعها كان بيتكلم عن بنت غنية اتجوزت من ورا أهلها والمسرحية  تعاطفت مع البنت وطبعا ده مستنكر في العرف المصري فالناس معجبتهاش.

استدرك الشيح سلامة فشل المسرحية وبسرعة رجع للعروض القديمة الناجحة بالفعل واستمر يعرض مسرحيات قديمة لمدة شهرين لحد ما الناس نسيت وراح عارض مسرحيته الجديدة التانية وهي شهيدة الوفاء من تأليف فيكتور هوجو وضاف لها الشيخ سلامة أشعار مكانتش في النص الأصلي وغناها ونجحت المسرحية نجاح كبير.

d985d8b3d8b1d8add98ad8a9-2 الرائد... سلامة حجازي... بقلم إيمان إسماعيل

من هنا بدأت الفرقة في تقديم مسرحيات جديدة زي الجرم الخفي ومسرحية اليتمتين ونتيجة الرسائل إلخ، ورجعت تاني لعروض مسرحياتها في مسارح الأقاليم، وكانت بتعيد أحيانا بعض الأعمال القديمة وكان لها كتير من العروض الخيرية، وبدأت تعرض كمان بره مصر وسافرت للشام سنة 1908 وكانت عروضها ناجحة هناك جداً.

وقرر الشيخ سلامة إنه يتوسع ويعتبر فرقته ومسرحه مدرسة يعلم فيهم الهواة فن التمثيل، فقرر يفتح الباب للهواة لينضموا للفرقة واستمر نجاحها، بس بعد فترة بدأت تتعرض للإنتقادات والشائعات تلاحق الشيخ سلامة، والصحف تهاجمها وتهاجم تمثيل الشيخ سلامة وعروضه.

d985d8b1d98ad985-d8b3d8a8d8a7d8b7 الرائد... سلامة حجازي... بقلم إيمان إسماعيل
مريم سباط… ممثلة بفرقة سلامة حجازي

في سنة 1909 اتعرض الشيخ سلامة لوعكة صحية اتصاب فيها بالشلل وده وسط ما هو وفرقته بيتعرضوا للإنتقاد، كانوا في سوريا ولما تعب مقدرش يرجع لمصر وفضل هناك لفترة يتعالج، وأعضاء الفرقة قرروا انهم هيقفوا جنبه ومش هيوقفوا عروض.

وفعلا استمرت العروض ورجعوا لمصر وعرضوا مسرحياتهم في مرسح الشيخ سلامة “دار التمثيل العربي”، بس للأسف غياب الشيخ سلامة كان مأثر جداً ومكانش فيه إقبال على المسرحيات، وبسبب مرضه اللي زاد، ومنع الأطباء له من التمثيل رجع مصر وحالته الصحية ووضعه المادي بيسوء، ومع ضغط الإحتياج المادي قرر يأجر مسرحه وده أغضب أعضاء الفرقة وكتير منهم قرروا يسيبوه وكان من بينهم عبدالله عكاشة اللي انضم له كتير من زملاؤه الممثلين وهنا تكونت فرقة عكاشة.

بعض أعضاء الفرقة قرروا يفضلوا مع الشيخ وطبعا من غير مسرحه مكانش قدامهم غير تقديم المسرحيات في مسارح صغيرة وعروض خاصة وكان الشيخ سلامة بيقاوم تعبه وينزل معاهم الشغل، مرة يغني ومرة ينشد، وبعد سنة اتحسنت صحته ورجع كتير من أعضاء الفرقة اللي كانوا سابوه وانضموا لفرقة عكاشة وحتى عكاشة نفسه رجع تاني للشيخ سلامة،  ورجعت الفرقة تاني قوية ومع انه مكانش شفي تماما إلا إنه قاد الفرقة ورجعت تعرض تاني.

لكن بعد سنة واحدة رجع عصيان الممثلين تاني وانفصل عكاشة ببعض الممثلين وكونوا فرقة عكاشة تاني، وهنا قرر الشيخ سلامة إنه ينهي مسيرته الفنية ويعتزل، وفي سنة 1911 طلع يغني في مسرحية الطفلين لآخر مرة، لكن الإقبال كان فوق ما أي حد يتخيل، والشيخ نفسه مكانش مصدق ولا متوقع ده

سافر الشيخ سلامة الشام في رحلة علاج ورجع منها حالته أحسن ورجع تاني يقدم عروضه واكتفى فيها بإنه يلقي قصايد غنائية في الفواصل أو من ورا الستارة وقدم زكي مراد كمغني أساسي في الفرقة ووقفت الفرقة على رجليها من تاني، وهنا رجع عكاشة للشيخ وطلب الشراكة بين الفرقتين ووافق الشيخ سلامة واشترط ان الإدارة تبقى تحت إشراف صهره عبدالرزاق عنايت.

d8acd988d8b1d8ac-d8a3d8a8d98ad8b6 الرائد... سلامة حجازي... بقلم إيمان إسماعيل
جورج أبيض

ورجع الشيخ سلامة للتمثيل، وفي سنة 1913 أجر مسرح مرة تانية،وكان مسرح “مرجريتا” في شارع جلال وبعد ما جهزه سماه “دار التمثيل العربي الجديد” ورجعت الفرقة قوية وعليها إقبال جماهيري، بس الشيخ معرفش يرجع زي ما كان بسبب ظروفه الصحية وانضم له جورج أبيض بفرقته  وده قوى وضع الفرقتين وقدموا عروض كبيرة.

جورج وعكاشة سابوا فرقة الشيخ سلامة وشافوا انهم دلوقتي اقوى ويقدروا يستقلوا، وبعد عدة محاولات وحروب عاشها الشيخ سلامة مع الفرقتين قرر يسيب مصر ويسافر سنة 1914 لتونس يعرض هناك، ونجحت العروض جدا لدرجة ان الملك منحه نيشان تقديراً لفنه.

بدأت الحرب العالمية الأولى وخاف الشيخ سلامة ورجع لمصر ولأسباب الكساد وقلة الإقبال بسبب الحرب قرر هو وجورج أبيض يرجعوا يشتغلوا سوا وأجروا مسرح برنتانيا وسموا الفرقة “جورج وسلامة” واستمروا كده لمدة سنتين وكانت الفرقة بتتعرض لهجوم شديد واتهامات لجورج أبيض بسيطرته على الفرقة وتسطيح دور الشيخ سلامة، ومع الضغوط والإحساس بالإهانة انفصل الشيخ عنه.

d8b3d984d8a7d985d8a9-1917 الرائد... سلامة حجازي... بقلم إيمان إسماعيل
سلامة حجازي 1917

رفض يستسلم ورجع تاني يمثل بفرقته لوحده وقدم موسم فني كل عروضه قوية، صحيح كلها مسرحيات قديمة لكن أداءه فيها كان قوي ومشرف ورد للرجل كرامته، ونجاحه ده شجعه يرجع يعمل مسرحيات جديدة وكان منها بنت الإخشيد والعذراء المفتونة وغرائب الأسرار.

رجع الشيخ سلامة لمجده، وفي يوم 2 أكتوبر 1917 كانت آخر مسرحية يمثلها وكانت على مسرح برنتانيا، تعب الشيخ سلامة تعب شديد ويوم 4 أكتوبر 1917 توفى، ودي كانت نهاية رائد فن المسرح الغنائي وصاحب الفضل على كتير من الأسماء المشهورة أهمها الشيخ سيد درويش وإبراهيم رسلان وزكي مراد وعزيز عيد وجورج أبيض وعبدالله عكاشة وغيرهم، وطبعا فضله كملحن لا ينسى وكان سبب في دعم وشهرة ناس كتير زي منيرة المهدية ونعيمة المصرية ومحمد عبدالوهاب

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

 

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات