انثروبولوجيا اللاهوت في فكر عبد الجواد ياسين (الجزء الثاني والأخير)… تغطية: نتاشا العبادي

نتاشا العبادي

240772157_10223700779399743_5523059789707789465_n انثروبولوجيا اللاهوت في فكر عبد الجواد ياسين (الجزء الثاني والأخير)… تغطية: نتاشا العبادي

  يرصد الباحث محمد صلاح نقد عبد الجواد ياسين في الاقتباس المباشر ويستطرد أن اليهودية لم تكن لتظهر في الشرق الأقصى أو البوذية في الشرق الأدنى، ويرى أن نسق التدين الكنعاني هو الأكثر تداخلاً مع الديانة اليهودية للعبرانيين نتيجة القرب الجغرافي المباشر وقد استقر فيها نفوذ الإله إيل، وأن ياسين كان حذر جداً لدعاوي أن اليهودية نتاج ديانات  كنعانية أو مصرية أو رافدينية، فهو يقر بوجود مؤثرات ويقر بإضافة تختص بها الديانة العبرية، ثم يتعرض ياسين لنسق التدين المصري وتماهي الإله مع الملك، وتشابه بين الأساطير في الخلق مع الكتاب المقدس مثل الخلق من طين في أسطورة نوماليش في حضارة وادي الرافدين، وأن إرهاصات وحي التنزيل الذي مهد الطريق لتبلور مفهوم الوحي الخاص بالعبرانيين . 

يشير الباحث محمد صلاح إلى نقد عبدالجواد ياسين للعقل التوحيدي والتطور الديني في السياق التاريخي والسياسي. يوضح ياسين أن العقل التوحيدي، مثل أي عقل ديني، هو ابن بيئته الاجتماعية والسياسية، وليس عقلًا متميزًا أو مستقلًا بشكل مطلق. يرى أن اليهودية كان مرتبطًا من البداية بالشأن السياسي والاجتماعي، في حين أن الإسلام جلب المطلق الأخلاقي في مراحله الأولى، خاصة في الفترة المكية، وحافظ عليه أيضًا في الفترة المدنية. حيث تطور مفهوم التوحيد لدى العبرانيين ليصبح تجريديًا وأخلاقيًا مطلقًا. لكنه يوضح أن العقل العبري لم يخترع فكرة التوحيد من العدم، بل طورها من أشكالها السابقة التي كانت مشوشة ولكن صادقة عليه. ورغم هذا، لم يتخلص بالكامل من الشوائب الأسطورية، بل حافظ على ما كان يخصه. إن ياسين يميز بين “وجود المطلق في ذاته” و”حضور المطلق في الاجتماع”، ويقدم نقدًا للعقل التوحيدي الذي يتجاهل الجانب الاجتماعي، ولا يقدم تفسير التعدد، وكذلك الطرح الوضعي الذي يغفل عن مفهوم المطلق ولا يقدم تفسير للمشترك. 

d987d98ad8acd984 انثروبولوجيا اللاهوت في فكر عبد الجواد ياسين (الجزء الثاني والأخير)… تغطية: نتاشا العبادي
هيجل

يشير الباحث محمد صلاح إلى نقد عبدالجواد ياسين  فلسفة هيجل من حيث رؤيته التقسيمية للأديان، حيث يرى أن هيجل تجاهل التطور التاريخي الذي مرّت به اليهودية وقدمها في صورتها النهائية فقط، دون الاعتراف بالمراحل التي تطورت فيها الديانة. ياسين يرى أن هذا التجاهل يقلل من فهم الطابع التوحيدي الذي نشأ وتطور مع مرور الزمن.

كما يرى ياسين أن الإسلام في مرحلته الأولى، وتحديدًا في الفترة المكية، كان يتمحور حول مواجهة الوثنية القرشية، وكان اللاهوت الإسلامي قد اكتمل إلى حد كبير في هذه المرحلة. اما المرحلة المدنية، برأيه، لم تضف إلا القليل لهذا البناء الديني، و يفسر ياسين أن الدعوة المحمدية في مكة، التي استمرت 13 عامًا، لا يمكن أن تُفهم بشكل كامل إلا إذا تم توجيهها لثقافة توحيدية قائمة بالفعل. و في الفترة المدنية، يقول ياسين إن الإسلام دخل في نطاق التدين العبري التوحيدي، مع مفاهيم الوحي والنبوة، بينما كانت الطقوس تأخذ طابعًا عربيًا محليًا. ويرى ياسين أن هناك تأثيرات عربية ويهودية ومسيحية ساهمت في تشكيل لاهوت الإسلام في بدايته. 

فيما يتعلق بالمذاهب الكلامية، يعتقد ياسين أنها بدأت في الظهور بعد تطور الدولة الإسلامية والانشقاقات السياسية التي شهدتها، وبالتالي كانت تلك المذاهب في أساسها ذات طابع سياسي. يشير ياسين إلى تعبير محمد أركون حول كون تلك المذاهب “تأويلية”، حيث استُخدم النص الديني لتبرير تلك الانشقاقات. أدى هذا إلى ظهور مذاهب مثل الشيعة، السنة، والخوارج.

يؤكد ياسين أنه من السهل رصد التأثير السياسي والاجتماعي على تلك المواقف الكلامية، حيث كانت التفسيرات الدينية تُستغل لتبرير الاعتقادات التي تشكلت أساسًا بناءً على هذه الظروف، مما يدعم مفهوم “الاعتقاد المؤسس” الذي أشار إليه ياسر المطرفي، حيث يتم استخدام النص الديني وتأويله لدعم مواقف سياسية واجتماعية معينة. 

 يرى ياسين أن أهم تطور حدث هو في توسع مفهوم روايات الآحاد في السياق السني، وتقديس أقوال الأئمة وتمديد تأثيرهم على الزمن في الساق الشيعي، مما يشبه تمديد زمن الوحي عبرهم. ياسين يقارن بين هذا التطور في الإسلام وبين المسيحية، التي نشأت لاهوتيًا منذ البداية، بينما في الإسلام نشأ علم الكلام بدايةً من الأسس السياسية ثم تطور تدريجيًا نحو التجريد العقلي.

الباحث محمد صلاح يرى أن التأثير الأبرز في علم الكلام الكلاسيكي كان من قبل المعتزلة، الذين تركوا بصمتهم على مجموعة واسعة من المدارس الإسلامية، مثل الزيدية والإمامية وحتى الأشعرية والإباضية، رغم أن الأخيرة كانت سليلة الخوارج وتتميز بنصيتها، إلا أنها تأثرت لاحقًا بالتأويل المعتزلي. هذا يؤكد، حسب صلاح، أن العملية التأويلية في الحقبة الكلاسيكية من القرن الثالث إلى القرن السابع كانت جزءًا لا مفر منه من الفكر الإسلامي.

يشير صلاح أيضًا إلي بحث يرصد فيه أن حتى بعض أهل الحديث، المعروفين بتمسكهم بالنصوص، لجأوا إلى التأويل في تفسيرهم للقرآن للدفاع عن مذاهبهم. أي أن التأويل كان قدرا لكل التيارات في الحقبة الكلاسيكية .

أما ياسين، فهو يرى أن أكثر صور التطور اللاهوتي وضوحًا هو التصوف، الذي ازدهر في إطار التدين المحلي العربي، وقد وعد المستشار بدراسة التصوف لاحقًا لفهم أعمق . 

……………………………………….
……………………………………….

و في نهاية الندوة يطرح الباحث محمد صلاح سؤالا :- كيف يمكن نقد عبد الجواد ياسين ؟ 

ويجيب الباحث محمد صلاح  ان هناك ابحاث نقدت عبد الجواد ياسين :- 

-أما نقده من داخل العقل الديني التقليدي وقد حدث و تم الرد عليه. 

– وآخر نقده سوسيولوجيا بسبب تفريقه بين الدين والتدين وهذا تفريق أيديولوجي وليس معرفي. 

– وآخر نقده بأنه ليس هناك دين ولا تدين ولكنها ظاهرة دينية والسوسيولوجيا تبحث فيها، ونقدها ياسين .

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

تعليق واحد

اترك رد

ندوات