بانوراما لتاريخ الفلسفة الإسلامية..دورة سوسيولوجيا الفلسفة الإسلامية 2 في أكاديمية تفكير يقدمها أ. محمد صلاح
محمد صلاح

في الجلسة الثانية من دورة الفلسفة الإسلامية، تناول الباحث محمد صلاح الإطار الاجتماعي التاريخي الذي أثر على تشكيل الفكر الإسلامي. وشدد على أهمية فهم العلاقة بين الفكر وبيئته الاجتماعية والسياسية، وكيف أنه لم يكن انعكاسًا كاملاً بل له استقلالية نسبية، ثم قدم نظرة بانورامية لأهم المحطات التاريخية التي أثرت على فكر الفلاسفة والعلماء في المجتمعات الإسلامية، وشملت هذه المحطات التوسعات الإمبريالية والفتن والحروب الأهلية، والحكم الأموي، والثورة العباسية، وظهور الدول المستقلة، ودعم بعض الأسر الحاكمة للطوائف المختلفة، كما سلط الضوء على أهمية فهم أن التاريخ هو سرد يدرس الماضي، ويختلف منظوره مع تنوع المدارس ووجهات النظر.
تطور العلوم الحديثة والتاريخ
ناقش صلاح تطور العلوم الحديثة وتأثيرها على البشرية، لا سيما في مجالات التاريخ والعلوم الاجتماعية. وسلط الضوء على التحول من المراحل اللاهوتية والميتافيزيقية إلى مرحلة الوضعية، والتي تم التشكيك فيها لاحقًا بعد الحرب العالمية الأولى. كما تطرق إلى نقد المؤرخين، مشدداً على أهمية التاريخ من الأسفل والشبكات الاجتماعية ودور المهمشين وانتقد التركيز على وسائل الإعلام والشخصيات المؤثرة، وكذلك التركيز على الأحداث السياسية، مما يشير إلى الحاجة إلى نهج أكثر فائدة اجتماعيًا للتاريخ.
اتجاهات التاريخ الإسلامي ومصادره
تطرق صلاح إلى الاتجاهات الأربعة الرئيسية في التاريخ الإسلامي، مع التركيز على النهج الوصفية والنقدية للمصادر، وشدد على أهمية المصادر الخارجية، مثل السريانية واليونانية، وضرورة التحليل النقدي لجميع المصادر، كما سلط الضوء على دور الأدب في فهم التاريخ وعلم الاجتماع والأنطولوجيا، وأردف إن الهدف هو فهم السياق الاجتماعي والجغرافيا والزمان للإسلام، وليس فقط جوانبه الدينية.
تشكيل وتطور الحضارة الإسلامية
ناقش صلاح تشكيل الحضارة الإسلامية وتطورها، مؤكدًا على دور الفتوحات الإسلامية والتفاعل بين المسلمين العرب الأوائل وشعوب الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية، وسلط الضوء على التوسع الحضري والتنمية الاقتصادية والتجارة التي ساهمت في انتشار الأفكار وظهور نخبة جديدة وأشكال للثقافة الإسلامية. كما تطرق إلى تمايز المناخ الاجتماعي خلال العصر الأموي، حيث لم تكن هناك مصلحة في تغيير الدين بالقوة والحفاظ على الإدارة الموروثة عن الإمبراطوريات المهزومة. ثم أشار إلى تأثير النخب القديمة والإرث الثقافي الذي جلبوه معهم، والذي شكل بدوره الفكر الإسلامي والتطور الفكري.
أصول الشيعة وتطورها
ناقش المحاضر أصول الشيعة وتطورها، مشددًا على أنها لم تكن حركة سياسية فحسب بل لها جذور دينية أيضًا. واقترح أن الشيعية ظهرت كرد فعل على الخلافات السياسية والفتن التي حدثت بعد وفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان. كما سلط الضوء على دور الإمام علي بن أبي طالب في ظهور الشيعة، مشيرًا إلى أن انحيازه الديني السياسي كان عاملًا مهمًا، كما ناقش تأثير المعتزلة والخوارج على تطور الشيعة، ودور الإمام جعفر الصادق في تشكيل المذهب. واختتم هذا الجزء بالإشارة إلى أن قمع العباسيين للشيعة أسهم في نموها وبلورة المذهب الشيعي في نهاية المطاف.
العوامل المؤثرة في نمو الفكر الإسلامي
استأنف الباحث محمد صلاح حديثه بذكر العوامل التي أسهمت في نمو المعارضة وظهور أفكار جديدة في الفكر الإسلامي. وسلط الضوء على أهمية الترجمة والاحتكاك الحضاري، ودور الأسر المؤثرة في تشكيل التطورات الثقافية والفكرية، كما تطرق إلى دور الدعوة في انتشار بعض الفئات وتأثير التغيرات السياسية والاجتماعية على المحافل الفكرية، وأشار إلى التحول في العلاقة بين الدين والسياسة، وصعود الآشرية، ونهاية الفترة الكلاسيكية بسقوط بغداد، وأكد على أهمية فهم السياق التاريخي الذي أثر في تشكيل الفكر.
طبيعة القرآن ودوافعه السياسية
في المناقشة، يشرح ويفصل صلاح الجدل التاريخي بين المسلمين والمسيحيين حول طبيعة القرآن وكلمة الله، ويبين كيف تجادل المعتزليون مع المسيحيين بأن الله ليست له صفات، في حين أن المسيحيين آمنوا بكلمة الله التي هي تعتبر غير مخلوقة وأبدية. ثم تعرض للدوافع السياسية وراء العقيدة الاعتزالية التي روج لها الخليفة المأمون، مشيرًا إلى أنها تأثرت بالمعتقدات الشيعية في محاولة لفرض سلطة الدولة على العقيدة الدينية.
فهم السياق التاريخي في الإسلام
استطرد صلاح مشيرًا لتطور علم التاريخ في الإسلام، وأكد على أهمية فهم السياق التاريخي للأفكار. وقد ميز بين السياسة والفلسفة السياسية والنظرية السياسية، وجادل بأنه في حين أن السياسة قد تؤثر على الفكر، فإن العقل لا يزال قادرًا على التفكير باستقلال نسبي.ثم تطرق إلى صعوبة الحكم على الأحداث التاريخية بالمعايير الأخلاقية الحديثة، مشيرًا إلى أن فهم السياق أمر بالغ الأهمية. وأكد على عنايته بضرورة فصل الحكم عن الدراسة الأكاديمية للحفاظ على الموضوعية.
التاريخ والفلسفة الإسلامية
ناقش الباحث أهمية فهم الماضي وتقديره، خاصة فيما يتعلق بالتاريخ الإسلامي والفلسفة الإسلامية. وشدد على ضرورة تجاوز المرويات والتعمق في تعقيدات التاريخ، بما في ذلك دور الأسر الحاكمة وتأثير التفاعلات الثقافية المختلفة. كما سلط الضوء على أهمية حركة الترجمة وتأثيرها في نشر المعرفة، لافتًا الانتباه إلى أهمية الفهم الواسع للسياسة وأن النظر بصورة أبعد من المنظور السياسي ونظام الحكم يكون ضروريًا لفهم أكثر سعة ورحابة ووعيًا بالتاريخ.
الوعي الإنساني بين الماضي والمستقبل
أشار الباحث لدور التاريخ في فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل حيث يرى أن دور العقل في التعامل مع التاريخ يقتصر على استدعائه كدرس لتجنب تكرار أخطاء الماضي، وليس التنبؤ المباشر بالمستقبل، وأشار إلي حاجة المجتمعات إلى التغيير والتكيف وأهمية التطور الفكري والثقافي منتقدًا الميل إلى تكرار أخطاء الماضي وعدم التقدم في بعض المجتمعات واستشهد بدور المفكرين والمثقفين في تشكيل المجتمع وضرورة التفكير النقدي والتحليل واختتم كلمته بالإعراب عن امتنانه للحضور والمشاركين.
للاستماع إلى تسجيل صوتي للجلسة اضغط هنا
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليق واحد