بحب السيما.. قصص أول مرة رحت السينما
تحقيق: شادي الشربيني

“بحب السيما”.. من أشهر الافلام بين الجمهور في مصر، مع أنه ليس من تلك الافلام التي تحمل خلطة تجارية لضمان الانتشار والنجاح الجماهيري، بل هو بدرجة ما فيلم نخبوي. لكن تقديري، أن ما صنع جماهيرية الفيلم هو بالدرجة الأولى عنوانه. “بحب السيما” من منا لا يحب السينما، حتى الذين يمتنعون عن مشاهدة الأفلام، فهم يمارسون على أنفسهم ضبط صارم، وربما عنيف، لكي يتجنبوا الأفلام والسينما.
فن السينما هو أكثر الفنون الحديثة شعبية وانتشارا، بل وإن الفنون التي ظهرت قبل السينما بمئات وربما آلاف السنين ليس لها ولو جزء من ألف من انتشار وشعبية ذلك الفن. فكم منا ومن حولنا، يذهبون إلى معارض اللوحات والفن التشكيلي والنحت وغيرها من أنواع الفنون المتعددة، في مقابل من دخل السينما واستغرق في مشاهدة فيلم روائي. وحتى لو قارنا عدد رواد السينما بأعداد من يرتادون الحفلات الموسيقية والغنائية، ستظل كفة السينما أرجح.. أليس كذلك؟!
فذلك الفن، الذي ارتبط ظهوره بالحداثة والتطور التكنولوجي، خلق توليفة مبهرة، ضمنت له دائما أوسع انتشار، وأشد تأثير. بسبب النقطتين السابقتين بالذات فإن فن السينما لاقى اهتمام نقدي ومتابعة مستمرة من دوائر النخبة والمفكرين، أكثر من أي فن أخر، بالرغم من أن لم يوجد إلا قريبًا. ومن على رأس المثيرين للحوار والجدل، بل ومن أشد الناقدين لهذا الفن، الكثير من رجال الدين و/أو الغيورين على الدين وربما الأخلاق والتقاليد.

إن علاقة الدين بالسينما هي علاقة ملتبسة وغالبا ما تكون شائكة، ولن أفرد في تفاصيل تلك المسألة، يكفي الآن أن نشير إلى أن تلك العلاقة الملتبسة هي بالضبط الموضوع الرئيسي للفيلم/العنوان اللافت “بحب السيما”. قصة الفيلم مبنية على عدلي المشرف الاجتماعي المسيحي مع زوجته وابنه، وبسبب تشدده الديني يحذر ابنه مرات من مشاهدة الأفلام السينمائية، ليتجنب العقاب الإلهي حسب زعمه. كما يزداد الأب في التزامه أو تشدده (أقراءها كما تريد) ويرفض العلاقة الزوجية مع زوجته طالما أنجبا، فتجد الزوجة نفسها في حِرمان عاطفي كبير. الفيلم أثار عند عرضه ضجة كبيرة، فقد قدم محامون ورجال دين مسيحيون دعوى قضائية للمطالبة بوقف عرض فيلم “بحب السيما”، وذلك بسبب ما تضمنه من سخرية من العقيدة المسيحية (كما يقدرون).
لن نزيد، فالمقدمة ربما طالت بأكثر مما هو مطلوب. فقط أردنا أن نلقي نظرة خاطفة على بعض تجليات جملة “بحب السيما”، والتي صيغت كهشتاج كتب تحته أربعة من أعضاء صالون تفكير، لمحة عن علاقتهم الشخصية مع هذا الفن المثير، وخاصة تجربة مشاهدة أول فيلم.
مع تلك التجارب الحية والنابضة أترك عزيزي القارئ..
وربما يمكن بعدها أن تلقي نظرة سريعة على هوامش سجلتها بشأن تلك الشهادات البديعة!
شهادة لمياء اموي
#بحب_السيما

بابا السبب 😅
عمري ما هانسى أول مرة دخلت فيها السينما ولا المرات اللي بعدها…
كلها كانت مع بابا الله يرحمه.
رغم ان عمري ما خطر على بالي افكر في مين حببني في السينما… لكن دلوقتي بس، وبفضل الهاشتاج دا، اكتشفت ان بابا اللي كان بياخدني للسينما.
أول مرة كانت فيلم كينج كونج اواخر السبعينات.
كنا عايشين في سويسرا، وبابا اخدني انا واتنين صاحباتي في المدرسة، ووقفنا في طابور التذاكر اللي مالوش نهاية لان الفيلم كان حدث والكل مستنيه.
ما اطولش عليكم!
قولوا طولي 😉
بعد ما وصلنا لشباك التذاكر، الموظف شافني أنا وصاحباتي، وقال لبابا ممنوع الاطفال أقل من ١٦ !!
وقتها لو كانوا دلقوا عليا جردل مية ساقعة في برد سويسرا القارص كان اهون من اني اتحرم من دخول السنما!!
بابا حاول مع الموظف ولكن هيهات …
أصل اختراق القوانين في البلاد المحترمة اقرب للمستحيل!!
سرعة بديهة بابا وقتها خلته يدخلنا فيلم كارتون Lady and the tramp
وكانت متعة منقطعة النظير…
أول قصة حب اعيش تفاصيلها وأتأثر بيها وافضل فاكراها لحد النهاردة.
وما بين مصر وبلاد اخري فرضتها علينا وظيفة بابا. فضل هو رفيقي في كل السينمات.
ومنهم سينما مترو و افلام ترافولتا كلها.
لحد ما اعلنت العصيان وقلت بعلو صوتي السينما حرااااام !!
وبعد حوالي ٢٠ سنة من وقت ما حرمتها علي نفسي ورجعت تاني ادخل السينما
بس لواحدي لاني بحب ادخلها لواحدي
مش عارفة ليه 😀
شهادة أكمل صفوت
#بحب_السيما

أول مرة دخلت السينما فيما اعتقد كانت سنة ١٩٦٨، يعنى كان عندى ٧ سنين. خالتى اللى كانت بتدرس فى معهد الفنون المسرحية، هى اللى اخدتنى معاها سينما مترو، علشان نشوف الفيلم الفرنسى “الغريب” المعمول على رواية بنفس الاسم لألبير كامى.
طبعا فيلم مش مناسب ابدا لطفل عنده ٧ سنين، بس الغالب ان الرواية كانت مقررة عليها فى الدراسة.
الغريب انى فاكر تفاصيل كتير من الفيلم، زى المشهد الإفتتاحى لمدينة وهران مع صوت الأدان، والمشهد اللى البطل بيضرب فيه الشاب الجزائرى بالرصاص لما انعكس نور الشمس فى عينيه من على نصل المطواه اللى كان الشاب الجزائرى شايلها.
بعدها بدأ بابا ياخدنا انا ورغد اختى الحفلة الصباحية لسينما مترو، نتفرج على توم وجيرى وفيلم طرزان. لكن اللى بافتكره بمعزة خاصة، كان اول مرة العيلة كلها تروح سينما سفنكس الصيفى، واول مرة نشوف فيلمين ورا بعض.
فيلم عربى مش فاكره وفيلم “مغامرات” اجنبى فاكر بعض تفاصيله وفاكر ان إسمه كان “٣ شياطين سوبرمان” 😀 ..
شهادة تامر حافظ
#بحب_السيما

أول مرة دخلت السينما كنت في الصف الثانى الثانوى تقريبا سنة ٩٥، ويومها عملنا هروب جماعي لمدرسة عبد المنعم رياض الثانوية بشبين الكوم إلى سينما مصر بطنطا .. وأول مرة ادخل الى هذا العالم الخيالي كان فيلم امرأة هزت عرش مصر .. وطبعا كانت فيه شوارع من طنطا متقفلة علشان الفوز بتذكرة لمشاهدة نجمة الجماهير نادية الجندى.. طبعا لان كان معيار اختيارنا كمراهقين
أن الفيلم قصة أو مناظر.. الصراحة الفيلم لا طلع لا قصة ولا مناظر وواحدا من اسوأ افلام التسعينات..
اغرب مرة ادخل فيها السينما كانت سينما الف ليلة وليلة في شرم الشيخ، وكانت سينما صيفي فخمة جدا والفيلم اشتغل.
وكنت أنا الوحيد في صالة العرض، كان فيلم ابو العربي لهانى رمزى، وكان صاحب السنما كامل ابو على منتج الفيلم، وساعتها اتقدم لي مشروبات تفوق قيمة التذكرة كثيرا !
شهادة عمرو عبد الرحمن
#بحب_السيما

لا أحب الكلام عن نفسي كثيراً لأني سئمت رثائها، لكني أحب الكلام عن السينما.
أنا شخص لا يجيد “عيش اللحظة” مهما كان ما أفعله أجد عقلي فجأة يفكر في شئ لا علاقة له بالسياق.. سؤال وجودي أو شبح ذكرى من ماضٍ بعيد أو لوم على شئ فعلته أو قلته أمس أو منذ سنين مضت.
فقط وأنا أشاهد فيلماً يمكنني الانغماس في سياقه، ولأن السينما هي محراب الفن، فكانت مشاهدتي لفيلم فيها أشبه باعتكاف أنعزل فيه عن العالم، وأستبدل فيه واقعي بواقع بديل أكثر متعة وحركية ولو لساعات محدودة.
لا أستطيع تذكر أول فيلم شاهدته في السينما، ربما لأني لم أكن أملك في البداية القدرة على اختيار ما أريد مشاهدته، فكنت أذهب مع أصدقائي وهم من يقررون ماذا سنشاهد اليوم، ومع مرور الزمن أدركت أن ذلك أفضل للجميع لأن اختياراتي لم تكن لتعجبهم.
حتى مع انتشار مواقع المشاهدة وتحميل الأفلام على الانترنت، لا زالت أحافظ على الذهاب إلى السينما على فترات، حتى لو كنت وحيداً لأن جمال الإحساس بمشاهدة فيلم “يعدل دماغك” في السينما لا يعادله جمال.
هوامش الشربيني
#بحب_السيما
أربع بدايات مختلفة مع السينما. مع لمياء كانت البداية من خلال الأب، وهذا ما حدث معي أيضا وربما مع الكثير منا، وقد أنقذ الأب البداية بذكاء عندما استبدل الفيلم الغير مسموح مشاهدته من الصغيرة لمياء وصديقاتها، بفيلم كارتون كان بوابة لمياء لعالم يقظة المشاعر ويقظة الاحلام! أما أكمل بالرغم من أن أول مرة له كانت مع فيلم يصور رواية مركبة وذات ابعاد سيكولوجية وفلسفية، رواية “الغريب”، لا تناسب على الإطلاق طفل في السابعة، إلا أن الفيلم ترك أثره البالغ في ذاكرة ونفس الصبي اليافع. أما تامر فكانت بداية تجربته مع السينما مع أصدقاء يفتتحون مرحلة المراهقة، ويسعون لاكتشاف مرحلة الشباب من خلال السينما. بالنسبة لعمرو فإن البداية غابت في ضباب الماضي، ولا يتذكر سوى أنه كان يترك مهمة اختيار الأفلام لأصدقائه، وأدرك أن له ذوق يختلف عن ذوق الأغلبية. بدايات مختلفة وآثار تبدوا أنها متباينة، لكنها جميعا تشير كيف كان أثر السينما في المعرفة والتفكير والنضج والانفتاح على العالم والذات!
لفت نظري فترة اعتزال لمياء للسينما لمدة 20 سنة، لأسباب تتعلق بما تعتقده من محاذير دينية، لكن بعد تلك المدة استأنفت علاقتها مع الفن السابع، وهو الأمر الذي يشير إلى ما تحدثنا عنه في البداية عن العلاقة الملتبسة بين التدين والسينما. كما أن تامر يشير إلى هروب جماعي من المدرسة تشوقا لمشاهدة المناظر المقدمة في فيلم من بطولة أحد أشهر نجمات الاغراء في التسعينات، لكن التجربة لم تكن سعيدة، فلا مناظر ولا قصة! هل هذا يشير إلى بدايات احباط أجيال حرمت أكثر وأكثر من سينما ذات قيمة تلهم وتحرك الفكر والروح؟!
تسجيل عمرو البديع أن مشاهدة فيلم هي الوقت الذي يشعر فيه أنه يلتقط شتات نفسه، ويندمج في تجربة كلية شاملة، تكون فاصلا يبعده عن الضغط الفكري والنفسي، يشير إلى كيف أن السينما ليست تماما، كما يقول ناقديها، حالة من الانفصال عن الواقع بقدر ما هي فرصة للهدنة والتقاط الانفاس وتجميع شتات النفس.
في كل التجارب احتفظت مسألة الذهاب للسينما برونقها. بالرغم من توافر المنصات والأفلام على الشبكة العنكبوتية، احتفظت “خروجة” السينما بامتيازها، وظل الانغماس في تجربة إنسانية مختلفة وجديدة نخوضها عبر الشاشة الفضية، هو من أكثر تجاربنا ثراءً وخصوصية!
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد