تأملات على هامش كتاب جورج مقدسي(2)… بقلم: د. أحمد سالم

d8af.-d8a3d8add985d8af-d8b3d8a7d984d985 تأملات على هامش كتاب جورج مقدسي(2)... بقلم: د. أحمد سالم

أعتبر أن كتاب جورج مقدسي من الكتب المثيرة للجدل في كلياته ويدعو للاشتباك معه في جزئياته، في هذا المقال أشتبك نقدًا مع متن الكتاب وأفصل في التعليق عليه.

d8acd988d8b1d8ac-d985d982d8afd8b3d98a تأملات على هامش كتاب جورج مقدسي(2)... بقلم: د. أحمد سالم
جورج مقدسي

يمجد مقدسي تيار أهل الحديث فلماذا هؤلاء؟ وجدت أن عقيدة أهل الحديث هي عقيدة الرسول وصحابته، عقيدة بسيطة عاطفية لايوجد فيها فلسفة، لها مقدرة فائقة ببساطتها على امتلاك قلوب معتنقيها، وفاعلية لانهائية في تغيير الإنسان، وهي جزء من الفقه لديهم.

وماذا عن الفقه وأصوله فى تمجيد مقدسي لهما، نجد أن أصول الفقه يمجد الوحي عبر القرآن ويمجد الرسول عبر السنة وهو ما يمنح عقيدة التوحيد والنبوة مركزية في الفقه الذي هو نتاج تقعيد علم الأصول لذلك، فهنا يصل تيار الحديث السماء بالأرض.

كانت صناعة التكفير هي الآلة الفقهية الفاعلة في المحافظة على مذهبهم كما رأوا، ووصم الآخر المختلف بهذا التكفير لمحاصرته وسط الناس والخوف من تأثيرهم على بكورة العقيدة، وهنا كان سلاح تكفير علم الكلام.

الإجابة لا، بل إن تكفير الأشاعرة للآخر المختلف فى المذهب سواء كان الشيعة والمعتزلة والخوارج طابعًا واضحًا فى مدونات الأشاعرة فى الملل والنحل، عند البغدادى والاسفرايينى والملطي والشهرستاني 

وغيرهم. بل وصل الأمر بتكفير الشيرازى لكل من لايعتقد عقيدة أهل الحديث وعقيدة شيخهم الأشعري.

إذن تبنى الأشاعرة الشافعية كمذهب للفقه في علم للفروع، وعقيد الإمام الأشعري كعقيدة للأصول. وأصبح  تكفير أهل الحديث بسلطة الفقه قديمًا، يحل محله تكفير جديد لدى الأشاعرة بسلطة العقيدة الصحيحة لهم وماعداهم على باطل. وكانت كتب الفرق والملل والنحل وبعض كتب العقيدة هي الساحة لعرض تكفير الآخر المغاير فى المذهب. ولم يشفع تأثير كتب الفلسفة في صياغة المذهب الأشعري من تكفير الفلسفة والفلاسفة لدى الامام الغزالي، فثمة توافق فى التكفير بين أهل الحديث والأشاعرة ولكن الأداة مختلفة من مجال الفقه لدى أهل الحديث إلى مجال علم الكلام وكتب المقالات والفرق لدى الأشاعرة، وبذلك يكون الإرث التاريخي لأهل الحديث وبعدهم الأشاعرة حامل لتكفير للآخر المغاير في المذهب، تلك ومضة من وحي التامل فى كتاب مقدسي.


في عمل جورج مقدسي عن نشأة الإنسانيات كعمل أكاديمي متجاوز يمكن النظر إلى عمل مقدسي على أن الفكرة الأساسية فيه هو تمجيد توجه مسار أهل الحديث بوصفهم الأقرب لروح الدين، وبوصفهم حراس الدين البكر العاطفي، فكانوا هم متن حضارة الإسلام وثقافته وكل التيارات هامش علي هذا المتن، وسار في عرضه الأمين في عرض تكفير تيار المتن للهوامش من المسارات الأخري التي حادت عن الإسلام الذي يمثله هذا التيار.

وحقيقة أن مايطرحه مقدسي في كتابه يصب فيما طرحه سيد قطب فى كتابه، فقطب يري أن التصور الإسلامي الحديث للإسلام قد شابه تخليط من الفلسفة والعلوم الإنسانية الحديثة التي نشأت وتخلقت في الحضارة الغربية الكافرة. كما أن هذا التصور قد شابه تخليط قديم من فلسفة اليونان وثنوية الفرس بما أدي لفلسفة العقيدة وتجميد تأثيرها.

ويعود قطب إلي بناء مقومات للتصور الإسلامي ومقوماته تتبنى عقيدة السلف البسيطة وتوجه أهل الحديث في رؤية الذات والعالم والآخر؛ ولكن خطورة قطب المتجاوزة في تبنيه لأطروحة أهمية وجود جيل رباني يحمل هذا التصور ليغير المجتمع بكل السبل المتاحة وهو ماكان له نتائج وخيمة على المجتمع بفكر يؤصل ليس لجيلٍ ربانيٍّ بل لأجيال تتبنى العنف والقتل وسيلة لتغيير مجتمعات تراها من وجهة نظرها كافرة.

ولكن المباينة كانت في نظرة مقدسي لدور الحضارة الإسلامية في نشاة وتطور الحضارة الغربية عبرالتيارالمركزى في حضارة الإسلام تيار أهل الحديث. ولكن قطب يعتمد على الكتابات الغربية المعاصرة من قبل فلاسفة الحضارة الغربية التي تنتقد وتدين مسار الحضارة الغربية ليتخذ منها وسيلة للبعد عن هذه الحضارة الكافرة.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات