تأملات في جدل الإعجاز القرآني .. بقلم: إيمان رفاعي
منذ بداية نزوله تفاعل مع الإنسان، أثار الجدل حوله وعليه، ومازال يثيره حتى اليوم، قرآن حي وساحة لإنتاج الأفكار واختلاف الأفهام، جدل بدأ من خطاب إلهي إلى بشر عن طريق بشر وبلغة البشر.
بقلم/ إيمان رفاعي

الجدل في قضية الإعجاز القرآني من ضمن الجدالات التي لا تنتهي، اخترت أن أكتب مقالي عنه ليس بهدف عرض جهود الباحثين والدارسين في قضية الإعجاز، فهي عصية على الحصر في مقال على كل حال، وهي متاحة لمن أراد البحث عنها وقراءتها، إنما هي رحلة تفكير في أسئلتي وخواطري حولها.
الإعجاز لغة: العجز هو الضعف وعدم القدرة، ومعنى الإِعْجاز الفَوْتُ والسَّبْقُ، يقال: أَعْجَزَني فلان أَي فاتني؛ ومنه قول الأَعشى:
فَذاكَ ولم يُعْجِزْ من الموتِ رَبَّه،
ولكن أَتاه الموتُ لا يَتَأَبَّقُ
وقال الليث: أَعْجَزَني فلان إِذا عَجَزْتَ عن طلبه وإِدراكه.
كيف نشأت قضية الإعجاز:
نشأت قضية الإعجاز القرآني مما يسمى آيات التحدي، التي نزلت في إطار عام من الجدل مع المشركين، يسمعون آيات القرآن فيتهمون النبي (عليه السلام) أنه شاعر مجنون وساحر وأنه افترى ذلك من عند نفسه، فيرد القرآن عليهم بآيات تنفي عن النبي الشعر والسحر والجنون ويؤكد على مصدر الوحي، وأشير هنا إلى بعض تلك الآيات التي توضح جزء من صورة ذلك الجدل:
“إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٍۢ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (7)” الأحقاف
“وَقَالُواْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)” الحجر
“وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٍۢ مَّجْنُونٍ (36)” الصافات
“وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍۢ (22)” التكوير
“وَمَا عَلَّمْنَٰهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنۢبَغِى لَهُۥٓ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ (69)” يس
“إِنَّهُۥ لَقَوْلُ رَسُولٍۢ كَرِيمٍۢ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍۢ ۚ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍۢ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ (43)” الحاقة
“وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ إِفْكٌ ٱفْتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَآءُو ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلً (5) قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6) الفرقان
آيات التحدي:
في خضم حالة الجدل مع المشركين تبدأ مرحلة التحدي وتتصاعد، يزعم المشركون أنهم لو شاءوا لقالوا مثل القرآن، وأن محمدا افتراه من عند نفسه، فيرد عليهم القرآن ويتحداهم أن يأتوا من مثله:
“وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَآ ۙ إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ (31)” الأنفال
“أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُۥ ۚ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍۢ مِّثْلِهِۦٓ إِن كَانُواْ صَٰدِقِينَ (34)” الطور
“قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلْإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِۦ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍۢ ظَهِيرًا (88)” الإسراء
“أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ ۖ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍۢ مِّثْلِهِۦ مُفْتَرَيَٰتٍۢ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ (13)” هود
“وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍۢ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍۢ مِّن مِّثْلِهِۦ وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ (23)” البقرة
“أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ ۖ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍۢ مِّثْلِهِۦ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ (38)” يونس
من هنا كانت قضية إعجاز القرآن عند العلماء الدارسين لها بمعنى عجز المعاندين عن الإتيان بمثله، وبذلوا الجهود في محاولة الإجابة عن السؤال: ما الذي أعجز العرب في القرآن الكريم؟ فاختلفت الإجابة والاتجاهات.
نبذة عن تناول أوجه الإعجاز في القرآن:
على غرار محاولات رفع التوتر عن القرآن كانت محاولات رفع التوتر عن قضية الإعجاز، انطلاقا من حالة دفاعية بدأت مع المعتزلة بالقول إن الإعجاز بالصَرفة، ثم بدأ يتشكل اتجاه الإعجاز اللغوي (بلاغة ونظم وبيان)، وكانت حاضرة بشكل هامشي فكرة الإعجاز بالإخبار عن الغيبيات ومشتقة منها الإعجاز العلمي.
القول بالصَرفة من بعض المعتزلة: معنى الصَرفة أن الله قد صرف العرب عن معارضة القرآن مع قدرتهم على الإتيان بمثله. وأول من قال بالصرفة هو إبراهيم النَظام (160 – 221ه) في مطلع القرن الثالث الهجري، فقد رأى أن نظم القرآن غير معجز، وأن إعجازه من حيث الإخبار عن الأمور الماضية والآتية، ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة، ومنع العرب عن الاهتمام به جبرا وتعجيزا، وأول من خالفه ورد عليه تلميذه الجاحظ (159 – 255 ه) ثم أبو بكر الباقلاني (338 – 403 ه)، والقاضي عبد الجبار (توفي 415 ه)، وعبد القاهر الجرجاني (400 – 471 ه).
اتجاه الإعجاز اللغوي (نظم وبلاغة وبيان): وهو اتجاه الأكثرية من العلماء الذين كتبوا في قضية الإعجاز، أولهم الجاحظ مرورا بأبي سليمان الخطابي (319 – 388 ه) وأبو بكر الباقلاني والقاضي عبد الجبار ووصل ذروته مع عبد القاهر الجرجاني في كتابيه “أسرار البلاغة” و”دلائل الإعجاز”.
فقد استفاد الجرجاني من جهود السابقين وطور فكرة النظم وحدد مفهوم له وأرسى أسسه وربطه بالإعجاز القرآني.
اتجاه الإعجاز العلمي (جزء من الغيبي): ظهر عند بعض العلماء إما كوجه رئيسي من وجوه الإعجاز أو كوجه بعيد عند آخرين، فأبرز فخر الرازي (543 – 606 ه) في تفسيره “مفاتيح الغيب” وجه الإعجاز القرآني في إشاراته الكونية وآياته العلمية، والتي يراها الرازي سر خلود وحي الله وسر إعجازه للإنسانية.
أسئلة وخواطر جدلية مختصرة:
- عندما قرأت مفهوم الإعجاز بالصرفة عند إبراهيم النظام المعتزلي، سمعت صوتي يتساءل “ما المعنى من إعطاء الإنسان قدرة ما ثم تقييدها وجبره على عدم استخدامها؟ وأين يكمن التحدي في ذلك؟ وكيف يثبت النظام وجود القدرة دون تفعيلها واستعمالها؟
- رغم انبهاري بدقة ألفاظ القرآن وبيانه وإعجابي الشديد بجهود علماء اتجاه الإعجاز اللغوي، والتي لم أعرض جزءا منها، لأنها ليست هي هدف مقالتي وكي لا يفقد القارئ تركيزه، فدائما ما كانت تجول بخاطري بعض الأسئلة، إن كان الإعجاز مدركا للناس في عهد النبوة بسبب توفر العلم بلغة العرب وتصاريف ألفاظها ودقائق بلاغتها، فأين موقع الإعجاز من الناس في زماننا؟ أم يقتصر إدراكه على الدارسين المتخصصين للغة والبيان؟ أليس هو قرآن للناس كافة؟
ذلك السعي الحثيث لإثبات الإعجاز وإظهاره، بداية من المعتزلة قديما حتى المحدثين، وإعادة المنتج قديما في أشكال عدة وتكراره، يشير إلى واقع مجتمعات عاجزة عن إدراك أو لمس ذلك الإعجاز بنفسها كلما ابتعدنا زمنيا عن زمن نزول الوحي، يطرح هذا تساؤلات أخرى، هل الإعجاز مرتبط بزمن نزول الوحي؟ أم أن وقوعه يرتبط بالإدراك الخاص لكل إنسان؟
من مفهوم النص إلى مفهوم الخطاب وبين المعنى والمغزى، في فهم الإعجاز اللغوي للقرآن:
هل يختلف فهمنا للإعجاز إن اختلف إدراكنا لبنية وطبيعة القرآن؟
سادت رؤية للتعامل مع بنية وطبيعة القرآن كنص وكتاب له مركز في المعنى وبؤرة دلالة، وأن هذا المركز هو مقصد المتكلم (المطلق)، جعلت المناهج المختلفة في محاولات دائمة للوصول إلى مقصده، بل والصراع لسيادة دلالة ومعنى واحد، وجعلهم أيضا يحاولون رفع التناقض والتباين المُتَصور حول القرآن بآليات كالناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمحكم والمتشابه.
يقول نصر حامد أبو زيد (1943 – 2020 م) إن محاولة فتح معنى النص القرآني دون أن يكون انفتاح المعنى هذا مؤسسا على إعادة صياغة لماهية مفهوم وطبيعة القرآن، يصبح فتح المعنى معتمدا على النيات الحسنة وردود الأفعال.
توصل نصر أبو زيد إلى أن القرآن في بنيته وطبيعته مجموعة خطابات شفاهية حسب ترتيب النزول على بضع وعشرين سنة، وأنه من المهم إدراك طبيعته كخطاب قبل تحليل النص.
خطابات حاضر فيها المتحدث والمخاطَب والمتلقي حضورا حيا، فينعكس في القرآن ردود فعل المخاطَبين تأييدا، أو نفيا، أو جدلا، أو سجالا إلخ.، وعبر طبيعته الحوارية يظهر تعدد الأصوات، الصوت الإلهي، وصوت النبي وأزواجه، وأصوات المؤمنين، وأصوات المشركين، وصوت أهل الكتاب واليهود، ويظهر به أنماط مختلفة من الخطاب (تهديدي، وعدي، ابتهالي.. إلخ.).
إذن بنية الخطاب بطبيعتها الحيوية أكثر تعقيدا من النص، ولا يمكن إنتاج خطاب مثل خطاب إلا أن يكون تكرارا له بسياقاته.
يفرق نصر بين مستويين للنص:
مستوى “المعنى” وهو ما يفهمه المتلقي للنص وقت صدوره في زمنه بسياقاته المختلفة، ونصل إليه عبر تحليل اللغة وكيفية استخدام دلالات المفردات والمفاهيم في زمن وعصر النص.
ومستوى “المغزى” الذي يكون نتاج تفاعل قارئ معاصر بأسئلته وسياقاته الثقافية والمعرفية، مع نص قديم بسياقاته الثقافية والتاريخية والمعرفية إلخ. (المعنى التاريخي).

في ضوء ما سبق كيف يرى نصر الإعجاز؟
سمعت تسجيلا لنصر أبو زيد، كان فيه ضيف على برنامج “حوارات الفكر مع وليد سيف”، سأذكر هنا جزءًا من كلامه يتعلق بالإعجاز القرآني، يقول نصر: “القرآن معجز فهو يتضمن عناصر في تعبيراته اللغوية تتجاوز أفق اللغة العادية، يستخدم اللغة بأسلوب خاص متفرد، القرآن كخطاب يتضمن دوال وإشارات دلالية تسعى إلى البدء من المفاهيم الثقافية والارتقاء بها والارتفاع بها من أجل تغييرها”.
خلاصات:
خلال رحلة بحثي وأسئلتي حول قضية الإعجاز القرآني، تأكدت عندي قناعة، وتولد لدي مغزى، سعيدة بالوصول إليهما ومشاركتهما وإن كانا بسيطين.
قناعة قديمة جديدة: أن الإعجاز حدث من خلال نواميس الكون وقوانينه، متفاعلا معها لا خارقا لها، متسقا مع رسالة تحث على التفكر وتخاطب العقل وتسعى إلى تحريره من سطوة الخرافات والإحالة إلى الماورائيات.
المغزى: أن خطاب التغيير الفاعل يبدأ من هموم الواقع وأسئلته وقيمه الثقافية لا ينفصل عنهم، يبدأ منهم ويتفاعل معهم في حالة جدلية حية تشكل فيه ويشكل فيهم، فيكون للكل قيمته وأثره في معادلة التغيير، منتجون للخطاب ومنتجون منه.
الواقع بهمومه وأسئلته وقيمه وثقافته هو قناة الاتصال بين الأحياء، فإن انفصلنا عنه وتجاهلناه أصبح كل منا كمن يؤذن في مالطا، لا قناة اتصال بيننا بقدر ما يكون الانفصال الذي يعد مستحيلا، فنحن نعيش فيه بشكل أو بآخر ونتأثر به ونؤثر فيه مهما صنعنا لأنفسنا من فقاعات، بل أكثر من ذلك، هو جزء من تكويننا مهما حاولنا الهرب والاستعلاء.
نتيجة: فهم بنية وطبيعة القرآن كمجموعة خطابات، ترفع عنه التوتر كنص (التناقض المتصور) بفهم وبيان دور المخاطبين والمتلقين له وقت نزوله في صنع المعنى، فتكشف المعنى في سياقه التاريخي، وتحمي القرآن من إخضاعه للأيديولوجيا وصراعاتها، وتعطي القارئ المعاصر دوره المركزي في التفاعل مع هذا المعنى التاريخي وإنتاج مغزاه المعاصر.
ختام في رحاب القرآن:
النبوة معجزة في ذاتها، حدوث ذلك الاتصال وتجلي كلام الله على لسان بشر، حدث ليس بالذي جرت عليه العادة، ولأن معجزة النبي (عليه السلام) ودليل نبوته هو القرآن، نعود للقرآن لنرى كيف تحدث عن نفسه بوصفه هدى وبشرى وشفاء ورحمة وذكر:
“ذَٰلِكَ ٱلْكِتَٰبُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ” 2- البقرة
“شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ۚ” 185- البقرة
“هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ” 3- لقمان، “هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ” 2- النمل
“وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارًا” 82- الإسراء
“إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَٰلَمِينَ” 27- التكوير
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد