تيار كلية الحقوق وفرقان المقاصد … بقلم: جمال عمر

وتوالت مؤتمرات المقاصد خلال العقود الماضية، ومازالت بين المغرب وتركيا ومصر بعد الثورة وبعض الجهود في الخليج. حتى أصبحت المقاصد أقرب “لسبوبة” تعمل أي عنوان وتضيف إليه كلمة المقاصد. لكن ظل هذا التيار موجود لمحاولة تقديم “إسلام دين وأمة” أو “الإسلام الحضاري”.

بقلم: جمال عمر
مؤسس صالون وأكاديمية تفكير

d8acd985d8a7d984-d981d8b1d8afd98a-d985d8a8d8aad8b3d985 تيار كلية الحقوق وفرقان المقاصد ... بقلم: جمال عمر

-1-

في جامعة القاهرة وبدعوة من عميد كلية الحقوق بها د. أنور أحمد رسلان، وبحضور التليفزيون الحكومي المصري من خلال الموسم الجديد لبرنامج نور على نور لأحمد فراج، خريج كلية تجارة القاهرة، الذي كان يقدم البرنامج في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كانت محاضرة الشيخ أحمد زكي يماني، وزير البترول السعودي السابق ورجل الأعمال، وأيضا خريج كلية حقوق القاهرة عام 1951، سيلقي محاضرة بعنوان “تجديد الفقه الإسلامي”.
وضمن الجمهور د. عائشة راتب، الوزيرة والسياسية، د. صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب ورئيس جمهورية سابق. والدكتور أحمد كمال أبو المجد.

الشيخ يماني يجسد تيار داخل المملكة العربية السعودية، من أبناء الأسر الحجازية، فرغم سيطرة أهل نجد على الحجاز بعد الحرب العالمية الأولى وبعد إلغاء الخلافة العثمانية، حيث كان الحجاز يخضع لسلطة الدولة العثمانية وصلاته ببلاد كمصر، من خلال انتشار المذهب المالكي مذهب أهل المدينة المنورة ومن خلال قراءة نافع للقرآن وهي احدى قراءتي المدينة، فهذا يصل الحجاز ليس بمصر فقط، ولكن يصلها بالمغرب العربي ايضا.
فمن أبناء الأسر الحجازية الذين الأكثر تعليما تكونت البنية التحتية للدولة السعودية، فأحمد زكي يماني الحجازي خريج كلية حقوق القاهرة والذي عمل لسنوات طويلة كوزير للبترول السعودي، وكسياسي.

فها هو ونحن الآن في ظل أزمة أخرى في المنطقة فكما كانت أزمة نتائج الحرب العالمية الأولى وإلغاء الخلافة العثمانية، ثم في منتصف القرن إعلان قيام دولة إسرائيل كدولة لليهود، ثم هزيمة عام 1967، وتلا ذلك 1979 استيلاء الثورة الإيرانية على السلطة في إيران وتهديد إمارات وممالك الخليج، في ظل وفرة البترول في السبعينات، فإن غزو القوات العراقية للكويت مثل رجة أخرى في المنطقة عام 1991 وانهيار منظومة الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.

-2-

d8a3d8add985d8af-d8b2d983d98a-d98ad985d8a7d986d98a تيار كلية الحقوق وفرقان المقاصد ... بقلم: جمال عمر

نحن الآن في بدايات التسعينات والشيخ أحمد زكي يماني (1930 – 2021) ترك منصبه كوزير بترول، وهو رجل أعمال سعودي مهتم بالجانب الفكري، يقدم محاضرة كأحد أبناء كلية حقوق القاهرة التي تخرج منها قبل أربعة عقود من زمن المحاضرة. محاضرته كانت حول “تجديد الفقه الإسلامي وآلياته”.

ارتكز في حديثه على التفرقة بين الشريعة وبين الفقه، عرف الشريعة أنها “نصوص في القرآن قطعية الدلالة وهي قليلة جدا، أو أحاديث من السنة متواترة”، هذه من الثوابت ونطبقها “مراعين في ذلك مقاصدها”. أما الفقه فهو نتاج السابقين تلاءم مع ظروفهم وقد تغيرت الظروف. والقاعدة الفقهية تشير بأن “تغير الأحكام بتغير الزمان” وكذلك بتغير المكان في الزمن الواحد.
من الآليات للتجديد، العرف وقواعد رفع الضرر ورفع الحرج، وفقه الأولويات. واختار هو آليتين فقط ليركز عليهما، آلية مقاصد الشريعة، وآلية توصيف أعمال الرسول (ص).

ينطلق من تقسيمة ثنائية بين “فقه النصوص” و “فقه المقاصد”، وكيف أن المذهب المالكي مذهب المقاصد وإن اهتمت بها المذاهب الأخرى، معتمدا على أستاذه في الشريعة بكلية الحقوق والذي لم يكن مالكيا عبد الوهاب خلاف (1888 – 1956)، وذكر جهد الشاطبي ت (1388) م وعرج على القرن العشرين من جهد المالكية الطاهر بن عاشور (1879 – 1973) وعلال الفاسي (1910 – 1974).

قسم المقاصد إلى: مقاصد عامة: هي جلب منافع ودرء مفاسد، من خلال المصالح المرسلة عند المالكية، ومن خلال درء المفاسد جاءت نظرية سد الذرائع المالكية.
والمقاصد الخاصة: عن طريق جمع مقاصد كل مجموعة من الأحكام، مثل مقاصد الزواج، العقوبات، المعاملات.
والمقاصد الجزئية: تتعلق بكل حكم شرعي للربط بين المقصد وبين الحكم الشرعي، سواء كان المقصد علة أو حكمة أو معنى.

تحدث من الحضور د. جابر جاد نصار، وكان أستاذ مساعد للقانون العام والذي أصبح عميدا ورئيسا للجامعة فيما بعد. وتساءل من أين يبدأ التجديد ومن يحدد إطاره. وتحدث د. مصطفى الشكعة، وبعض الطلبة والأساتذة، وكان الحديث في مجمله دفاعي عن الفقه وردا لمقولة الحاجة للتجديد.

d985d8add985d8af-d8b3d984d98ad985-d8a7d984d8b9d988d8a7 تيار كلية الحقوق وفرقان المقاصد ... بقلم: جمال عمر
محمد سليم العوا

وتحدث د. سليم العوا عن أن نرتفع عن الجزئيات ونصل إلى “الكليات التي تحدث عنها أخي الكبير معالي الشيخ أحمد زكي يماني”.
وتعرض لمسألة الاجتهاد الجماعي في شأن الفقه الإسلامي، بأن يكون الاتفاق لا على رأي واحد بل على عدة آراء. ونقطته أن نظام الدولة الحديث الذي نعيش فيه لن يتغير قريبا، وعلينا أن نطالب السلطات القائمة بتنفيذ أمر ديننا. ونقد فكرة المجامع الفقهية، لأن الإفتاء في الإسلام فردي.

وتعرض للمقاصد عند المالكية. وحث على أن نفتح الذرائع أيضا لا أن نسدها فقط، وتعرض لمقاصد الزواج التي ذكرها الشيخ يماني ليضيف مقصد العفاف. وذكر “العلامة” يوسف القرضاوي بأنه نظر للإعفاف كمقصد لزواج المسيار، وليس فقط مقصد السكن والمودة والرحمة كما نظر أخي الأكبر أحمد زكي يماني.
تقييد المباح للمصلحة، وتقييد عمر لحذيفة كانت نصيحة، لأن عمر لا يملك أن يمنع حكما شرعيا. وعطف على مسألة فلسطين، أنه ليس هناك بريء من الصهاينة على أرض فلسطين.

ثم طلب أحمد فراج من د. صوفي أبو طالب أن يقدم ضميمة للمحاضرة، شكر المحاضر أنه فتح الحديث في موضوعات يخشى العديد منا الحديث فيها.
ثم عقب الشيخ اليماني، أنه لن يفتي ولن يجتهد هو يدعو للتجديد، وأن يكون هناك مجلس، وأكيد سيكون هناك من هم أقدر منه، على التجديد وعلى الاجتهاد.

فيديو المحاضرة بجامعة القاهرة

-3-

هذا التوجه الحقوقي، القائم على أن هناك ثوابت وهناك متغيرات، وبتمويل مباشر سواء من الشيخ يماني أو من غيره تجسد نشاط المقاصد، فتكونت مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي في لندن عام 1988، كمؤسسة غير ربحية مسجلة في لندن، وتم تشكيل مجلس مركز المخطوطات عام 1991، من أركان المؤسسة بعد وفاة الشيخ محمود شاكر كل من أكمل الدين إحسان أوغلو، ومحمد سليم العوا، وما زالا. وتكون مركز لعمل موسوعة عن مكة والمدينة عام أربعة وتسعين، وتم إنشاء من ضمن المراكز بها مركز “دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية”، يتصدره أيضا منذ بدايته محمد سليم العوا، وتكون مجلسه عام 2005.

d984d988d8acd988-d985d8a4d8b3d8b3d8a9-d8a7d984d981d8b1d982d8a7d986 تيار كلية الحقوق وفرقان المقاصد ... بقلم: جمال عمر

وظهرت أقسام المقاصد في كليات الحقوق، وخصوصا كلية حقوق الإسكندرية حيث تخرج دكتور سليم العوا، وحيث درّس د. أحمد كمال إمام (1946 – 2020)، ومراكز المقاصد في المغرب العربي.

وتوالت مؤتمرات المقاصد خلال العقود الماضية، ومازالت بين المغرب وتركيا ومصر بعد الثورة وبعض الجهود في الخليج. حتى أصبحت المقاصد أقرب “لسبوبة” تعمل أي عنوان وتضيف إليه كلمة المقاصد. لكن ظل هذا التيار موجود لمحاولة تقديم “إسلام دين وأمة” أو “الإسلام الحضاري”.

لكن بجانب اتجاه المركز العالمي للفكر الإسلامي وتيار المقاصد، هناك اتجاه آخر كان له جانبه السياسي، وجانبه في محاولة ميراث دور الأزهر كمؤسسة عابرة لحدود الدولة المصرية برمزيتها، من خلال “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، ربما نكمل عنه المرة القادمة.

لقراءة المقالات السابقة من سلسلة “إمبراطورية مولانا” اضغط على الروابط التالية:
1- إمبراطورية مولانا نور الدين … بقلم جمال عمر
2- تلاقي تيارات الهوية في المعهد العالمي للفكر الإسلامي … بقلم جمال عمر

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

2 comments

اترك رد

ندوات