جدال بين شريف يونس وجمال عمر حول فكر عبد الجواد ياسين
كتبت :
نتاشا العبادي

عقد صالون تفكير ندوته الثانية يوم الأربعاء 8 من سبتمبر 2024 الساعة الثامنة مساء في الموسم الثقافي لشهر سبتمبر 2024 وعنوانه سبعينية عبد الجواد ياسين، وموضوع الندوة تغير بعد اعتذار د. عبد الباسط هيكل في قبل موعد الندوة بساعة لظروف قهرية عن تقديم محاضرته، فتطوع جمال عمر الباحث المصري ومؤسس صالون تفكير وله عدة مؤلفات منها :- أنا نصر أبو زيد ، مقدمة في توتر القرآن ، مهاجر غير شرعي .بتقديم مداخلة بدأها بلماذا نحتفي بالمفكر عبد الجواد ياسين ؟ وما أهمية خطابه في الفكر المعاصر؟
أدارت الندوة عضوة صالون تفكير رغد صفوت وقدم الندوة.
دارت الندوة حول ثلاث محاورتكلم عنها جمال عمر المحور الأول :-
لماذا يحتفي تفكير بالمفكر عبد الجواد ياسين ؟ :-
يقول الباحث جمال عمر أننا في إدارة ندوات تفكير، صالون تفكير، اكاديمية تفكير ومجلة تفكير نهتم بالقيمة في حياتنا وهذا يتجسد بالإهتمام بقيم فكرية، و ثقافية، وفنية، إن الاحتفاء بالشخص و بإنتاجه يمثل احتفاء بنا نحن وتأصيل وتجذير بالعناصر الحية في ثقافتنا، مثلما احتفينا العام الماضي في موسم كامل بكتاب السعي للعدالة للمؤرخ الدكتور خالد فهمي، ودورة للدكتور شرف يونس في أكاديمية تفكير عن كتابه البحث عن خلاص ، كما احتفينا في مجلة تفكير والتي لها موقع علي النت بمقالات احتفائية بسبعينية المفكر العراقي الكبير عبد الجبار الرفاعي، فها نحن نكمل مع المفكر عبد الجواد ياسين في موسم ثقافي يتكون من خمسة عشر ندوة.

أما المحور الثاني الذي دارت حوله الندوة كان :نظرة عامة على خطاب المفكر عبد الجواد ياسين.
تحدث جمال عمر عن خطاب المفكر عبد الجواد ياسين من خلال سياق عام و سياق خاص، وأن المشكلة عندما تعرضت البلاد العربية و الإسلامية لتهديد تلخصه كلمة الحداثة والتي جاءت على ظهر بارجة مع الاستعمار الذي سيطر معظم العالم في القرن التاسع عشر، والتغيرات التي حدثت في العالم على مستوى الثقافي والاجتماع الإنساني، وعلى الفكر، وتجسدت الحداثة المتمثلة في الاستعمار والغزو الفكري خطر يهدد الهوية عند البعض.
ثم يفسر جمال عمر كيف أن خطاب الإستشراق عندما يريد أن يكون معرفة عن هذه الشعوب المحتلة لمعرفة كيفية التعامل معها وفهمهن، وبعض المستشرقين يرجع تخلف الشعوب المسلمة للدين الإسلامي مثل إرنست ريناي، وبالتالي رد الفعل على تلك الدعوي/ الدعوة هو أن المصلح المسلم ينفي عن الإسلام أنه سبب تخلف الشعوب المسلمة ولكن عدم فهم المسلمين للإسلام هو السبب، والإسلام أقام الحضارة الإسلامية ولدينا تراث حضاري يثبت ذلك.
ويذكر جمال عمر مثال الشيخ محمد عبده الذي قال: إن المشكلة ليست في الإسلام ولكن سوء فهم المسلمين للإسلام ، وهنا يكون الثابت هو الإسلام والمتغير هو فهم المسلمين للإسلام، و المقولة المشهورة “إنني في الغرب رأيت إسلاما بلا مسلمين وعندنا مسلمين بلا إسلام” والتي ترجع الي محمد عبده، وهذا معناه انه يرجع النهضة الاوروبية الي عوامل إسلامية، والبعض يري ان الاسلام ثوابت و متغيرات ويختلف المفكرون الإصلاحيون في ماهي الثوابت وما هي المتغيرات؟ ، فيكون عند الأزهري الإسلام الثابت هو في السبعة قرون الأولي حيث الكتب التي يتم تدريسها في الأزهر، وآخرون يكون الإسلام في الثلاث قرون الأولي الخيرية، أو أن الإسلان في عصر النبي فقط و بعد وفاته كلها إجتهادات بشرية .
الإجابة الأخرى التي تفسر ما عليه المسلمون :-

يطرح جمال فكرة الإجابة السلفية علي الثابت والمتغير والتي تقول ان الإسلام شيء واحد ثابت وأن الواقع يجب أن يخضع له، وأن المسلمين المعاصرين ليسوا مسلمين بحق وتدينوا بالدين الحق، والعودة للإسلام عهد الرسول والصحابة والمنصوص عليه في كتب المرويات.
يعتبر جمال عمر أن خطاب المفكر عبد الجواد ياسين هو خطاب مستمر يبحث ان هناك ثوابت وهناك متغيرات، والإسلام فيه جانب ثابت وجانب متغير ورحلة عبد الجواد ياسين هي رحلة بحث في ما هو الثابت؟ وما هو المتغير؟ و أن كلامه عن فقه الجاهلية عندما كان سلفي الفكر فهو كان يبحث عن ذلك الثابت والمتغير أيضا.
تلك الرحلة التي انتقل فيها ياسين من التوجه السلفي، خلال ثلاث كتب رئيسية هي “السلطة في الإسلام”، “الدين و التدين”، “اللاهوت”.
واستقالته من النيابة ليكون متسقا مع نفسه، وفي كتابه عن الدين والتدين و في متن الكتاب يضيف عنصر ثالث هو الديانة, فيكون الدين هو الثابت/ المطلق ، والتدين هو ممارسة البشر لهذا الدين، والديانة هي ما ساد من رؤي من خلال المؤسسات مثل الأزهر الذي يقوم على الفقه في المذاهب الأربعة والأشعرية والماتريدية في العقيدة، والتصوف في السلوك، ودعا عمر المشاركين في الندوة لقراءة مقالات عمرو عبد الرحمن عضو صالون تفكير وهي سلسلة مقالات يشرح فيها رؤيته عن عبد الجواد ياسين في كتب “فقه الجاهلية” و”السلطة في الإسلام “، “الدين والتدين”، و “اللاهوت”.
نقد دكتور شريف يونس لجمال عن الثوابت والمتغيرات

كتب دكتور شريف يونس علي صفحته الشخصية في فيس بووك منشورين نقد لكلام جمال عمر والدكتور شريف يونس هو أستاذ جامعي في التاريخ الحديث والمعاصر ومترجم ومهتم بالتاريخ والفكر السياسي الأيديولوجية فكتب
شريف يونس :” 1-عبد الجواد ياسين
أتابع السلسلة الممتعة من الندوات على السوشيال ميديا عن فكر المستشار عبد الجواد ياسين. وسوف أحاول بقدر ما يتيح الوقت أن أطرح بعض الملاحظات عما يثار في هذه السلسلة المهمة. وهذا هو البوست الأول.
الصديق جمال عمر قال في معرض كلامه عن فكر عبد الجواد ياسين، أنه امتداد لمدرسة محمد عبده.
هذا لا يبدو لي صحيحا. الشيخ محمد عبده، أو الأستاذ الإمام نبذ التقليد (وهو مدارس العقيدة والشريعة التي استقرت عبر القرون في مذهب السُنة) وميَّز بين أصل، هو الدين، وهذه المدارس، مطالبا باجتهاد جديد يناسب العصر الحديث. فالتمييز هنا زمني، بين أصل سابق وتقليد لاحق.
عبد الجواد ياسين لا يقول بهذا. تمييزه بين الدين والتدين لا يقوم على تمييز تاريخي وإنما على تمييز منطقي بين أصل العقيدة، الذي يقصره على الإيمان بالله والأخلاق الكُلية (مثل العدل والإحسان والرحمة وما إلى ذلك)، وبين ما هو تاريخي زمني. ويمد ذلك إلى الأصول نفسها. فليس كل ما ورد في الأصول ينتمي إلى الدين، وإنما جانب كبير منه، مثل مجمل أحكام الفقه، وما ورد عن الكون، إلخ، هو ابن عصره وبيئته. فالأصل هو نفسه منقسم بين الدين والتدين، أي أن التمييز قائم في كل زمان بلا استثناء.”

وقد علق جمال عمر بتعليق: “حبيبي يا شريف، دايما باسعد ببوستاتك. هو انا مقلتش ان عبد الجواد ياسين هو مجرد امتداد لمحمد عبده، محمد عبده في القرن ال19 عبد الجواد ياسين في نهايات القرن العشرين وبداية هذه الألفية. فيه تراكم معرفي وزمني بينهما.
لكن يظل السؤال قائم هل الإسلام هو سبب تخلف المسلمين؟
محمد عبده قال لأ، سوء فهم المسلمين للإسلام هو السبب، كذلك عبد الجواد ياسين يقول ان المسلمين قدماء ومحدثين لم يفهموا الإسلام والقرآن كما ينبغي.
محمد عبده كأزهري بيرفض المذهبية والتعصب لها وانها سبب تفرق المسلمين، وعبد الجواد ياسين يرى المذهبية العقائدية والفقهية هي لب مشكلة المسلمين.
محمد عبده يتعامل مع جوهر ثابت في الدين وبشرية الفقه، عبد الجواد ياسين يرى أن جوهر الدين في الايمان بإله واحد وفي الأخلاق الكلية. وكل ما بقي بشري وابن الاجتماع.
ورغم كل ده عبد الجواد ياسين تكوينه وزمنه غير محمد عبده وزمنه. نقاط تميز عبد الجواد ياسين كتيرة لكن طبعا انا ركزت علي النقد لان المتاح لي كان 10 دقائق في الندوة للحديث. سعيد بانك تابعت، يا مسهل.”
وعلق شريف يونس تعليق آخر في نفس الحوار بينهما: “جميل… ومع ذلك.. أظن عبد الجواد ياسين ماعندوش “فهم للإسلام كما ينبغي”. هو يرى الإسلام يجمع بين الدين والتدين والديانة، مثل غيره، وأن هناك دائما تدين. وهو يرى أن القدماء لم يسيئوا فهم الإسلام، أنما أنتجوا تدينا يلائم عصرهم، والفارق أنه يمد ذلك إلى القرآن نفسه، فيراه جامعا بين دين وتدين زمنه.”
رد جمال عمر : “فدي نختلف. وأدلتها موجودة، وانا كتبت نص قصير عن الأمر، وحاول تشوف ندوة نادر حمامي في صالون تفكير يوم 5 سبتمبر، ويظل الامر اختلاف قراءة بيننا في هذه النقطة.”
البوست الثاني لدكتور شريف يونس عن الحداثة :
“2 -عبد الجواد ياسين
أيضا فيما قاله الصديق جمال عمر، لا يبدو لي أن مشكلة الحداثة هنا أنها أتت مصحوبة بالاستعمار، أو على صهوة جواد بونابرت. بالتأكيد هذا جانب، لكن هذه الظاهرة: الترافق بين الحداثة والاستعمار، أصابت معظم الشعوب. بل ويمكن القول أن مقدار التباعد الحضاري بين بلاد مثل الصين والهند عن أوروبا أكبر بكثير من التباعد الثقافي والحضاري مع بلاد المنطقة العربية.
ما يميز منطقتنا، أن رد الفعل الإسلامي استلهم نموذج الفتح، الإمبراطورية القديمة. وهذه الإمبراطورية قامت على غزو قبائل متأخرة ثقافيا وحضاريا، يوحدها الدين، لمناطق أكثر تقدما بكثير: حياتها تقوم على الزراعة وحرف متطورة وتجارة عالمية (كان العرب قبل الفتوح جزءا يسيرا منها).
وبالتالي (ولأسباب معقدة تشكلت على مدى قرون) قام رد الفعل الأصولي على الحلم بإعادة الفتح وتكوين الإمبراطورية، وافتراض أن ما سُمي العودة إلى الدين (وكأن شعوب المنطقة قد رحلت بعيدا عنه) يتيح إعادة تكرار المعجزة. وإذا كانت المشكلة في التفوق التكنولوجي الغربي، الحل هو أن نقتبس هذه التكنولوجيا. لكن سواء نجحنا أو فشلنا (حتى الآن)، فنحن “مستعلون بالحق”، ونحن الذين سننقذ العالم المتقدم من بؤسه المفترض حين نستولي عليه ونُخضع هذا التقدم “للإسلام”، كما أكد كثيرون، من المعتدلين وحتى قطب.
هذا لا نجده في استجابة الحضارات الآسيوية العظيمة.”
وكان تعليق جمال عمر:
“فعلا الإشكال مش في الحداثة الإشكال في كيف فهمناها وكيف تعاملنا معها، لكن رد الفعل من منطلق امبرطوريتنا الغابرة لم يكن عند الطهطاوي ولا محمد عبده لو اخدنا نقطة أساسية له هنقول بعد الحرب العالمية الأولى وبعد إلغاء الخلافة وسقوط ورقة التوت. لكن نقطتي الأساسية هو ان الاستاذ عبد الجواد تعامل مع الحداثة في رأي بلا تاريخية، بعبارة أخرى أرى ان الحداثة ظاهرة تاريخية بمكوناتها المختلفة يمكننا ان نحيط بها وعيا ونضعها في سياقها، وان التعامل معها علي انها خطر وغزو كما ترى تيارات الهوية، او التعامل معها علي انها مطلق لا حيلة لنا ولا إرادة في الوعي وفي التعامل معها. كلا الاتجاهين يخرجونها من كونها ظاهرة انسانية تاريخية بنت الاجتماع والسياسة والفكر…الخ.”.
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليق واحد