جدال بين شريف يونس وحسام الدين درويش حول معرفية التفرقة بين الدين والتدين
ضمن موسم صالون وأكاديمية تفكير عن فكر الاستاذ عبد الجواد ياسين، بمناسبة سبعينيته في شهر سبتمبر 2024، قدم الدكتور حسام الدين درويش محاضرة كانت السابعة من 15 ندوة عقدها تفكير وكانت بعنوان “الأخلاق الثنائية / مثنوية الدين و التدين عند عبد الجواد ياسين”. بعد الندوة كتب الدكتور شريف يونس بوست يناقش فيه نقد د. درويش للثنائية/ ومثناوية عند عبد الجواد ياسين، واستجاب درويش للنقاش، فكان هذا التحاور بين يونس ودرويش حول الأمر، مما يعمق تناول القضايا، فرأينا ان يطلع عليه قاريء مجلة تفكير.
شريف يونس
·

بطريقة ما، استخلص الدكتور حسام الدين درويش أن تمييز المستشار عبد الجواد ياسين بين الدين والتدين قد يكون مفيدا عمليا في التنوير وما إلى ذلك، لكنه لا يقوم معرفيا، وأنه فوق ذلك يفتح الباب أمام مقولات “كذا لا يمثل الإسلام”.
حاولت أن أفهم كيف توصل الدكتور حسام الدين لهذا الاستنتاج وفشلت. على العكس، التمييز بين الدين والتدين هو تمييز معرفي وليس أيديولوجيا، حتى لو كانت له نتائج إصلاحية، لأن هذا التمييز هو شرط ضروري لأي دين، وإلا لما ظهرت الفرق والمذاهب، بل والصراعات الدموية أحيانا فيما بينها. وكلها تعتمد على مثل هذا التمييز ولو لم تعيه. كل خلاف حول الدين ينطوي على هذا التمييز، ومقولة “كذا لا يمثل الإسلام”، أو المسيحية، أو أي دين آخر، ظاهرة دائمة مصاحبة للأديان، يمكن لفرد ما أو جماعة ألا يعجبها هذا الوضع، لكنه وضع قائم، يستند منطقيا، لا أيديولوجيا، وبالضرورة، إلى هذا التمييز.
الأمر نفسه ينطبق على التمييز بين أوامر السلوك المحددة، أو أية أخلاق جزئية عملية وبين الأخلاق الكلية. فهذا التمييز ضروري (أيضا ضروري) لوجود أية أخلاق عملية من الأساس، لأنها دائما تكون محل جدل اجتماعي وتاريخي، وكل جدل من هذا النوع يقوم بالضرورة (ولو بشكل غير واعي) على هذا التمييز الضمني. كون أن هذا التصور لا يناسب نفي فكرة الجوهر، فهذه مشكلة نفي فكرة الجوهر، لأن هذه الفكرة موجودة في صميم أية ممارسة إنسانية بشكل ضمني.
من الناحية الأيديولوجية، لا يفيد الوعي بهذا التمييز أهداف إصلاحية بالضرورة، بقدر ما أنه يعيد فرض الشرعية على كافية الفرق التي ظهرت وصبغت الدين بصبغتها الخاصة في التدين، وصبغت الأخلاق الكلية برؤيتها الأخلاقية الخاصة. فهذه كلها على تعارضها وصراعاتها لها مبرراتها في مجريات الواقع الاجتماعي، التي جعلت هذا النمط من التدين، وهذه الأخلاق العملية أو تلك، ممكنة في عصرها وبئتها. بعبارة أخرى، لا يمكن وفقا لهذا المنظور إدانة تدين ما (ولو كان تدين دا عش مثلا) باعتباره “ليس من الإسلام”. بالعكس، هذا التمييز بالصيغة التي وضعها المستشار عبد الجواد ياسين، يقول إنه ممكن من ممكنات الإسلام، لكنه ليس أيضا “حقيقة الإسلام”: ليس هو الدين.
أما الفكرة الليبرالية المحدثة القائلة بأن الدين مصدر من مصادر الأخلاق، بشرط ألا يدعي احتكارها، فهو قول أيديولوجي محض، رؤية معينة لما “يجب” أن تكون عليه العلاقة بين الدين والأخلاق، يمكن أن يطيح الواقع بها بمنتهى السهولة، بأن يوجد نمط تدين لا يعترف بمشروعية أي تصور أخلاقي لا ينبع منه، بل ولا يعترف حتى بتصورات أخلاقية ناتجة عن رؤى أخرى للدين نفسه.
بصفة عامة، يمكن إلقاء “الجوهر” في المعرفة الإنسانية من الشباك، لكنه سيعود دائما من شباك آخر، أو من خرم المفتاح، أو بأي طريقة أخرى. وبغير الإقرار بضرورة تصور الجوهر في أية ممارسة إنسانية، وفي أي إدراك إنساني، لا يمكن أن توجد معرفة. أما الأحكام شبه الفقهية الحديثة، من قبل “ما يجب” أن تكون عليه العلاقة بين الأخلاق والدين، فهي تصلح كحل سعيد لمشكلة لم يتم فهم بنيتها من الأساس.
حسام الدين درويش
مشكور صديقي العزيز على هذه المناقشة وعلى محاولتك فهم كيف توصلت أنا لهذا الاستنتاج، رغم انك للأسف لم تنجح كما في تلك المحاولة، كما تقول. وأنا أتحمل، على الأقل، جزء من المسؤولية في عدم نجاحك في ذلك. وسأحاول هنا مرة أخرى رغم صعوبة القيام بذلك والنجاح فيه، في السياق الفيسبوكي.

ذكرت في المحاضرة انني أعني بالمعرفي الوصفي والتحليلي الذي يجعلنا قادرين على الرؤية الواضحة للظاهرة وتمييزها عن غيرها من الظواهر. أما الأيديولوجي فأقصد به الرؤية المعيارية التي تتحدث عما يجب ان يكون، في مقابل الحديث المعرفي عما هو كائن.
انطلاقًا من ذلك التمييز والتحديد تبدو القيمة المعرفية للتمييز بين الدين والتدين – عند عبد الجواد ياسين – ضعيفة جدًّا، فهي لا تسمح لنا بالتمييز ليس بين الإسلام والأديان الاخرى فحسب، بل وبين المتدينين وغير المتدينين أيضا. فإذا كان القوام الثابت للدين يتمثل في الإيمان بالله والاخلاق الكونية. فهناك الربوبيون الذين يؤمنون بإله (وبأخلاق كونية) من دون يكونوا متدينين، بل مع رفضهم لكل الأديان القائمة. وفولتير مثال على ذلك. فالإيمان بإله ليس حكرًا على الدين او المتدينين وهو سمة غير كافية لتكون الظاهرة المدروسة واضحة ومتميزة معرفيًّا. أما عن الاخلاق أو القيم الكونية، فأنت تعلم ان هناك كثيرين ممن يتبنونها من دون أن يربطونها بأي دين. وهي في كل الاحوال thin normative concepts مفاهيم معيارية نحيفة، أي لا تتضمن محتوى محددا واضحا، وهي بهذا المعنى مقولات فارغة معرفيًّا. فعندما نتحدث عن تبني قيمة الخير مثلًا، فكل الناس تقريبًا تجمع عليها، لكن المعنى والتطبيق المحدد لذلك يختلف، جذريًّا في أحيان ليست قليلة، بين أطراف كثيرة، وفي سياقات زمكانية وثقافية مختلفة.
التمييز بين الدين والتدين في دراسات الفلسفة أو العلوم الاجتماعية عمومًا يحدث على هامش تلك الدراسات ولا يقوم عموما بالوظيفة المعيارية المرادة له في “السياق العربي الإسلامي” حيث يحتل مكانة رئيسة ويراد منه عموما نقد/ انتقاد تدين ما، وإظهار انه لا يمثل الدين/ الإسلام. وهذا أمر يتجاوز المنظور المعرفي ويتبنى رؤية معيارية/ أيديولوجية واضحة.
ينبغي للحديث عن ان الثابت في الدين هو الإيمان والاخلاق الكونية أن ينتبه إلى انه مجرد رؤية تنتمي إلى إطار التدين وليس إلى الدين وأنها بذلك جزئية ونسبية ومتغيرة، وبالتالي هي رؤى بين رؤى عديدة كل منها تزعم انها تقدم الفهم الصحيح لماهية الدين. لكن، هل يمكننا بالفعل الوصول إلى رؤية معرفية لماهية الدين بهذه الطريقة؟
ملاحظة اخيرة، في ندوة مؤمنون بلا حدود، فاجأني عبد الجواد ياسين بالقول إن مفهومه للدين وللتمايز بينه وبين التدين مأخوذ من فهم مسلمين أو المسلمين عمومًا. وبالتالي هو مفهوم معياري وتاريخي وليس مفهومًا، أو تنظيرًا لما هو الدين بالفعل. الدين في هذه الثنائية هو ما يجب ان يكون من منظار ما، ولهذا أرى أن ثنائية/ مثنوية الدين والتدين هي ثائية معيارية/ أيديولوجية أكثر من كونها معرفية.
ولا أظنني أبيح سرًّا إذا قلت إن اختلافي المعرفي الواضح هو جزئي، وينبغي ألا يحجب اتفاقي المعياري/ الأيديولوجي الكبير مع مضمون هذه الثنائية، ومع الكثير من الرؤى المعرفية التي يتضمنها فكر عبد الجواد ياسين، وقد صرح كل منا للآخر بالاعتقاد بهذا الاتفاق.
أطيب التحيات
شريف يونس
لف شكر على هذه الإيضاحات التي توضح الكثير مما ذكرته بالفعل في محاضرتك على منصة تفكير.
المسألة محل الخلاف هي بالضبط هكذا: أن التمييز بين الدين والتدين هو قائم بالفعل في بنية الأديان نفسها، لأن هذه التمييز هو الذي يسمح بالصراع بين أنماط تدين متعددة. وقد يمتد هذا التمييز إلى حوار في صميم العقيدة (مثلا الذات والصفات)، لكن هذا الحوار نفسه يفترض أن هناك “أصلا” ما يدور الخلاف/الصراع (وله أبعاد سياسية واجتماعية) حول تعيينه في هذا المذهب أو هذه الرؤية أو تلك.
بناء عليه فهذه ظاهرة موضوعية مرئية من الجميع في صميم وجود الدين الواقعي. وإغفالها في أي رؤية يعني إهدار المعرفة بها. افتراض وجود جوهر للدين مثله مثل افتراض الغيب والإله، لا هو قابل للوصف ولا للتحليل ولا حتى للإدراك المباشر، لكن وجوده في صميم الظاهرة يعني أن المنهج الوصفي التحليلي عاجز عن تناول الظاهرة، ولا يعني أنها غير موجودة. وهذا هو “جوهر” (ومعذرة لاستعمال الكلمة) الخلاف.
أنت محق تماما في قولك أن اللـه والأخلاق الكلية تشارك فيها كل أديان المنطقة (لندع جنوب وجنوب شرق آسيا جانبا)، بل وكثير من فلسفاتها وأيديولوجياتها ومعتقداتها، بما فيها الربوبية. والذي يميز بينها هو عنصر رمزي وطقسي في حالة الأديان. لكن شمول هذه الظاهرة لا يلغيها، بل يؤكد أن ثمة بؤرة صراع مؤسِّسة لأفكار وأيديولوجيات المنطقة، لا يمكن وضعها في صف واحد مع “التبديات” (مع اعتذاري أيضا عن استعمال هذه الكلمة) المختلفة في الأديان والأيديولوجيات ذات المكوِّن الغيبي أو المفارق أو المتعالي. وباختصار، فإن عموم التمييز لا يلغيه، لأنه فاعل، ليس فقط في كل دين أو نطاق أيديولوجي على حدة، بل في خلافاتها جميعا مع بعضها البعض.
المعياري والتاريخي واقعي، وأي تناول منهجي لا يأخذه بعين الاعتبار بوصفه واقعة أساسية سيظل قاصرا معرفيا في تقديري، مكتفيا بالتحليل/ الفصل/ التصنيف.
تحياتي وشكري على المداخلة القيمة.
حسام الدين درويش
جزيل الشكر، سأحاول تناول بعض النقاط الأساسية والإشكالية:
1-التمييز بين الدين والتدين قائم بالفعل في الأديان وخارجها، وأنا لا أختلف معك في هذا الخصوص، ولا أعارض هذا التمييز من حيث المبدأ. الإشكالية التي أطرحها تتعلق بمضمون هذا التمييز ومضمون كل من الدين والتدين وعقابيل ذلك أو توظيفه. ما أقوله، إن هذا التوظيف مؤسس لماهية تمييزات كثيرة، في السياق العربي الإسلامي، وهو جزء من الصراع الديني أو الأيديولوجي على تحديد ماهية الدين ومن أو ما الذي يمثله. وهذا الصراع معياري/ أيديولوجي من حيث انه يتحدث عن الدين كما يجب وينطلق من ذلك لنقد أو انتقاد أطراف أخرى تزعم هي بدورها أنها تعبر عن الدين الصريح. الحسم المعرفي لهذا الصراع أمر غير ممكن لان الصراع معياري بطبيعته، وبالتالي أنا لا أرى كيف يمكن لنا معرفيًّا القول إن داعش او طالبان تمثل أو لا تمثل الدين أو الإسلام (الصحيح). فكلاهما دين/ تدين إسلامي وكلاهما صحيح بمعنى أو بآخر. ونفي دينية أو إسلامية أي منهما امر لا يتم من نقطة أرخميديسية معرفية وإنما من نقطة معيارية إيمانية. ولهذا أؤكد ان الثنائية في مضامينها وتوظيفاتها المذكورة هي مثنوية معيارية أكثر من كونها ثنائية معرفية.

2-في الحديث الذي أعقب الندوة مع صالون تفكير ولم يكن مسجلًا أشرت إلى انه من منظور أنتروبولوجي ومعرفي، يمكن للطقوس أن تكون مؤسسة للدين أو لاستمرايته أكثر بكثير من الإيمان والعقائد والاخلاق الكلية، وانها تدخل في ماهية الدين/ التدين فعليًّا بقدر دخول الإيمان والأخلاق الكونية وربما أكثر بكثير. واستبعادها، رغم اهميتها، أمر معياري، غير مسوغ معرفيًّا.
3- بالتأكيد المعياري والتاريخي واقعي، لكني ينبغي لمن يدرسه أو يحاول فهمه أن يدرك أيضًا المنظور المعياري والتاريخي الذي ينطلق منه، وأن يميز نسبيًّا وبوضوح بين رؤاه المعيارية لما يجب أن يكون عليه هذا التاريخي أو المعياري او ذاك وما هو موجود فعليًّا وباستمرار. وعليه أن ينتبه إلى عدم تحويل رؤاه المعيارية إلى تعميمات لما يظن أنه قائم بالفعل. فالدين الذي يتحدث عنه عبد الجبار ياسين هو الدين كما يريده هو من منظوره التاريخي المعياري، لكن هل يعني بذلك أنه هو الدين المحض أو الدين في ذاته أو الدين كما هو موجود بالفعل؟ إجابتي عن السؤال الأخير هي بالسلب. لكنني أؤكد، مرة اخرى، أنني لا أعترض على التمييز من حيث المبدأ وإنما أختلف مع التنظيرات المتعلقة بمضامينه وأكشف عن التوظيفات المعيارية/ الأيديولوجية المؤسسة لتلك المضامين.
كل الود والتقدير دائمًا
شريف يونس
خالص الشكر مرة أخرى على مداخلاتك القيمة، ويهمني بصفة خاصة مسألة الاتفاق على الوجود الموضوعي للفارق بين الدين والتدين، الذي يسمح بممارسة صراع تاريخي فكري وعملي بين أطراف تدعي جميعا أن تدينها هو الأقرب إلى “الدين”، إن لم تدعي أنها التمثيل الصحيح له. ومتفق معك أيضا أنه لا يمكن حسم هذا الصراع معرفيا، بمعنى القول بأن هذا التدين بالذات هو الصحيح أو الأقرب إلى الصحة، أو مطابق معرفيا لماهية الدين، سواء كان تدين دا عش أو التدين الصوفي أو سواهما. أو حسب قولك لا يوجد نقطة أرشميديسية داخل حقل الخطاب هذا تتيح الحسم.
بالنسبة لمسألة الطقوس والمعتقدات العامة (مثلا وجود رسالة ونبي وكتاب معين)، هي بالفعل تميز دين ما عن سواه (وهذا لا يمنع صراعات مع أديان أخرى حول الدين الصحيح الممثل للإرادة الإلهية). لكن حتى الطقوس تدخل في صراع “التدينات”. وأذكر ورقة لصديقنا الدكتور محمد هدور عن مسألة المسح على الخُف، والدور الذي لعبته في خلافات الفرق الفقهية السُنية المختلفة، وكذلك تفاصيل في كيفية أداء الصلاة. فيبدو أنه لا شيء يفلت من تراتبية الدين والتدين في المجال الديني الواحد.
فإذا كان التمييز موضوعي مرصود في طبيعة الدين، ونعرفه تفصيليا بشكل أكبر في حالة الإسلام، فإن رصده ووصفه والتوصل إلى نسبية أي تدين لا تنطلق بالضرورة من الدعوة لتدين بعينه. هنا لدينا (باستعمال تعبيرك) نقطة أرشميدسية معرفية خارج مجال الصراع نفسه. هذا يعني أن كافة أشكال التدين هي ممكنة بقدر ما أنها موجودة بالفعل. وفي إطار هذا الفهم، يمكن أن نقول أن تدينا بعينه كان له علاقة قوية بعصره، وأن القول بعودته في عصر آخر هو في الواقع تدين جديد (وهو ما يتفق مع قول كثير من الباحثين أن الأصولية الإسلامية، وفي الأديان الأخرى الشقيقة، هي ظاهرة حديثة وحداثية).
لذلك أنا لا أفهم من تمييز عبد الجواد ياسين أن ما يطرحه في كتابه هو تدين جديد “صحيح”، وإنما هو رصد لنسبية كل تدين وارتباطه بعصره وبيئته. وهو ما لا ينطوي بالضرورة على معيارية ما. يمكن أن يكون هو كشخص، أو أنا أو أنت، نرحب بصياغة معينة للدين (تدين معين)، لكن هذا التفضيل لا يمكن استنتاجه من التمييز المعرفي بين الدين والتدين بوصفه واقعا حاليا وتاريخا، ومرتبط ببنية الديانة نفسها.
دمت بخير وسلام.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليق واحد