بقلم نتاشا العبادي

مشروع المفكر الاسلامي جمال البنا لإحياء الإسلام بتنظيم وتأسيس المعرفة الإسلامية، والتركيز علي الإنسان خليفة الله في أرضه والتي سجدت له الملائكه، ذلك الدين الذي جاء لخدمة الإنسان وليس العكس، وتلك النفس الإنسانية الخطاءة والتوابة وبما فيها من فجور وتقوي، وأن ما وصفه الأسلاف من 1000 عام لا يصلح اليوم. فكل منهم فهموا القرءان طبقا للبيئة والثقافة المحيطة بهم، أما الثوابت لا تنطبق  إلا علي الله وذاته فقط وما عدا ذلك فيجب إعمال العقل والتفكير. 

يطرح المفكر جمال البنا فكرة اعادة النظر في السنة النبوية علي أسس موضوعية وقسّم السنه الي سنه عمليه ( حركيه ) التي تعلمنا منها الصلاة والصيام والحج والزكاة، لأن القرءان لم يذكر تفاصيلها وتركها الله للرسول ليبينها، فهي تهتم بالتفاصيل وليست لزمن معين وثابته، أما السنة القولية التي هيمنت علي الفكر الاسلامي، ووصلت للعقيدة التي قال عنها الرسول انها الإيمان بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر، تلك الأحاديث التي حكمت المجتمع المسلم فيجب غربلتها بما يتوافق مع القرءان. 

ويوجد الآلاف من الأحاديث التي تخالف القرءان مثل أن الأئمة يجب أن يكونوا قريشيين (حكم سياسي )او حديث من بدل دينه ( حكم علي حرية الفكر ) و حديث ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة (حكم علي نصف المجتمع  رغم أن عنصر الكفاءة موجود بنص القران في قوله الله يعطي الأرض للصالحين) و قد نهي الرسول عن كتابة كلامه وحيث أن القرءان لم يذكر تفاصيل فاتجه الفقهاء للسنه لتشريع قوانين مطلوبة للامبراطوريه الاسلامية لان الخلافة انتهت بمقتل عمر بن الخطاب وما جاء بعده فهو ملك عضوض متسع يشمل اقطارا بثقافات متعددة وعاشت الدولة الإسلامية عولمة تنصهر فيها ثقافات وتزاوج بين الشعوب وادت الى ابتداع في الإسلام. 

كما تسربت لتلك المرويات الاسرائيليات وتجدها مثلا في البخاري، ناهيك عن تحولها لمصدر رزق وسلطة واعتبروا أنفسهم أهل الذكر والتي فسرت بشكل خاطئ والمقصود بها هم اليهود والأنبياء قبل الرسول وهذا نص مخصوص ولا يمكن تعميمه , كما أن علم الحديث قائم علي السند , والنحاة الذين حكموا قواعد اللغة علي القرءان وجعلوها هي الأصل، القرءان منهج حيوي تتلاقى فيه الأضداد. 

 يرى المفكر جمال البنا أن القرءان نقل المعجزة من نطاق الطبيعة الكونية للطبيعة البشرية الحسية والمستمرة عن طريق النظم الموسيقي والتصوير الفني في القصص القرءاني والمعالجة النفسية ثم القيم الإنسانية ويستشهد باسلام عمر بن الخطاب بعد سماعه للقرءان دليل علي تأثير النظم الموسيقي فهي الشيء المؤثر أولا، والتصوير الفني في القرءان وكأن الآيات ترسم لوحة فيها بلاغة ومجاز ورمزية وهي بذلك تعمق المعنى المطلوب عندما تعجز اللغة  وكلها استخدامات يعرفها الإنسان ومألوفة. 

فالاسلام ليس له لاهوت ويدور حول فكرة الله والدليل هو الخلق ومعجزته في اقرأ، والقرءان كتاب هداية للناس ويؤسس لأحكام عامة اثناء معالجته لقضايا مجتمع الجزيرة العربية. والفكرة الرئيسية هي دعوة إعادة الإسلام لما كان عليه منذ 14 قرن ثورة لتحرير الناس و إرادة لتغيير المجتمع . و أن القرءان نزل للناس وليس لأشخاص .

وصالح لكل عصر، ويختلف فهم العقل المعاصر عن ما استند عليه فهم الفقهاء الذين أرادوا الإسلام بينما الإسلام يريد الإنسان، وأن الدعوات الإسلامية قدمت الإسلام السلفي وكانت أداة لنشر أفكار الفقهاء والمذاهب ولم تقدم تحليلا و حلول  لتحديات العصر وكيفية تعامل الإسلام فيها وظلت محكومة بالأطر السلفية . فينقد المفكر جمال البنا ما سمي بأسباب النزول  ويقول: بأن العبرة بعموم النص وليس بخصوص السبب أي أسباب النزول والآية تعطي مبدأ عام وليس ذاتي وأن أسباب النزول للآية تسيء للقرءان لأنها اعتمدت علي روايات ظنية غير مقدسة جعلوها حكما علي المقدس. 

مثل سورة الضحى فجعلوا سبب نزولها وجود جرو تحت سرير النبي، وان سبب نزول الآية 9 من سورة الحجرات أن الرسول ذهب بحمارة الي عبد الله بن أبي الذي قال للرسول إليك عني فوالله اذاني نتن حمارك فقال رجل من الأنصار لحمار رسول الله ما أطيب ريحا منك فغضب رجل من قوم عبد الله بن أبي فكان بينهم ضرب بالجريد والايدي والنعال، وبذلك فقد ساعد المفسرون الوضاعين. 

وكل أسباب النزول مرفوضة وان كان هناك إجماع وسلمنا به فهو إجماع عصر قديم مناسب لبيئته وثقافته لا يجب أن يكون حكم علي عصرنا الحالي وليس بالضرورة يكون صحيح، فقد خالف الاصفهاني النسخ في القرءان رغم الإجماع واتضح أن الاصفهاني كان رأيه سليم , و كما رفض المفكر جمال البنا أسباب النزول، رفض ايضا الناسخ والمنسوخ واعتبره جريمة في حق القرءان , فليس هناك نسخ في القرءان ولكنها بدائل , فالقرءان لم ينزل للعرب وحدهم والقرءان ابدي ولكل العالم وبالتالي فهي بدائل ويستشهد بسورة النحل ( إذا بدلنا آية مكان آية )، كما أن استخدام  كلمة آية في  و( ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها أو مثلها) فهي هنا معناها علامة او معجزة وليس معناها نص مثل معجزة سيدنا موسى نسخها بمعجزة سيدنا عيسي. فالنسخ يقضي علي حكمة القرءان، والقرءان يفسر بعضه .

ثم يحاول المفكر جمال البنا تصحيح جانب من صورة الخوارج، فهم أول من فتح الباب لرفض الحديث، ورفض رجم الزاني، ويوضح مبررهم عدم أخذ الأحاديث من الصحابة المشاركين في الفتنة الكبرى فإذا كان منهج الخليفة سليم فيمكن استشارته ولكنه لا يتفق مع ما ذهب إليه ذلك  الصراع السياسي من الشطط والتطرف. 

أما عن الشيعة الرافضين لمعظم الأحاديث ما عدا ما ارتضوه من 17 صحابي فكان رفضا سياسيا، في تلك الفترة كانت القضية السياسية جزء من العقيدة وكانت الإمامة عند الشيعة جزء من العقيدة أما عند السنة فكانت جزء من الفروع. 

ويرى أن الإسلام دين أمه وليس دين و دولة، ويعرف الأمة إنها تجمع لناس علي أرض واحدة وبينهم مصالح مشتركة وهم غير مقيدين بنظام أو التزام، وإذا وجدت سلطة لديها قوة ثم قانون ومحاكم تظهر الدولة والإسلام يهتم بهداية الناس ولا يهتم بالصورة السياسية التي يكون عليها الناس، ولكنه يضع مباديء عامة للحكم الرشيد مثل الشورى، حرية الفكر والمعارضة، وأن الخلافة لم تكن في الأغلب أفضل الفترات ويرى أنه من الممكن قيام كومنولث إسلامي. 

لقد أسس البنا الاتحاد الإسلامي العام الدولي في جينيف واشتغل بالعمل النقابي، وأراد بهذا الإتحاد عمل تنظيم موازي  لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية التي أسسها  أبو الأعلى المودودي في باكستان، وربط بين الحركة النقابية و الإسلام  فكلاهما دعوة للمضطهدين ودعوة للعدل، و دعوة تستهدف الجماهير، وأن الإسلام بقيمه الإيمانية والعدل والتكافؤ افضل حل عن الأنظمة الاشتراكية والرأسمالية، لأن الرأسمالي المسلم يجب أن يختلف عن الرأسمالي الأوروبي والعلاقة بين العامل المسلم والرأسمالي المسلم ليس فيها صراع طبقي بل هي قضية ظلم، وأن الديمقراطية والاشتراكية مضمونها ومعناها موجود في القرءان الذي يتضمن مضامين ثورية  تكمن في المعاني والقيم والاثر النفسي العميق والذي تم تفريغه،  واستبداله بالمنهج التقليدي  في المنهج السلفي والصوفي  واصبح لاهوتا.

أما عن آراء المفكر الاسلامي جمال البنا التي أثارت عليه الضجة واعتبرت فتاوى وهي ليست بفتوى والرجل ليس بمفتي كما صرح كثيرا فهو يعتمد علي أساس شرعي يقيس عليه الاحكام وهو ما جاء في القرءان والحديث  الحلال ما أحله الله في كتابه والحرام ما حرمه الله وما بينهما عفو فاقبلو من الله عافيته وما لا يذكره القرءان يدخل في مرحلة العفو لأن الدين يترك هامشا للضعف الإنساني  ولا يكلف الله نفسا الا وسعها. 

التدخين في نهار رمضان : فيقول أن الفقهاء اعتبروا البخور حلال والسجائر اقرب للبخور، وبالتالي من هم لا يستطيعون الصيام فيفطرون في رمضان أو يدخنون سرا وهم فئه موجوده في المجتمع  فيجوز التدخين واجازها مفتي العراق 3 او 4 سجائر، كما أيدها حسين فضل الله،  والإمام الحنفي؛ ابن عابدين، في القرن 19 تكلم في نفس الرأي وهذا الرأي لفئة من المدخنين وليس كل المدخنين. 

الحجاب ليس فرض و شعر المرأة ليس عورة فلا يوجد نص تحريم لشعر المرأة والاسلام لكل العالم وليس له زي ولكن يرجع للعرف والبيئة.  

لا يقع الطلاق من الرجل منفردا، لأن عقد الزواج يتم بين طرفين في وجود شهود وولي، فهل طبيعي ان يطلق الرجل بدون وجود زوجته وموافقتها وتسوية الحقوق بينهم، أن الفقه أعطي حق الطلاق للرجل منفردا أي أن يفسخ عقدا تم التوافق عليه بين اثنين فيجب أن توافق الزوجة وتكون حاضرة لينتهي العقد بينهم بموافقتهم وبعد تسوية الحقوق بينهم. 

الزواج العرفي فيقول أن الزواج عقد رضائي لا يحتاج إلى مهر أو شهود أو ولي، أن المرأة في عصرنا تختلف عن المرأة  قديما فهي اليوم تعمل وتأخذ مناصب والولي ليس له محل اليوم ويعتبر فرض وصاية علي المرأة وعلي حقها و كأنها قاصر  ونعلم ان الفقه الإسلامي تأثر بالفكر اليوناني , والزواج العرفي هو رد فعل علي مغالاة الابار في المهور  

إمامة المرأة ان مؤهل الإمامة هو الالمام بالقرءان، وقد جعل النبي صبي يؤم الناس بالصلاة، والقرءان يقول “إن أكرمكم عند الله اتقاكم” وبالتالي إذا وجدت امرأة عالمة بالقرءان فلماذا لا تكون إمامة. 

جواز زواج المسلمة من الكتابي حيث لم يرد نص صريح بتحريمه. 

إن الارتداد عن الإسلام إلى اليهودية أو المسيحية لا يلزم عليه حد القتل 

إن الإسلام  يمثل  قيم الخير والحب والمساواة والعدل والحرية ويغرس في النفوس مبدأ الإيثار والإحسان والرحمة ويلهم الفنانين والكتاب روائعهم ويلمس الروح وعوالم القلوب …….

• YouTube
• YouTube
• Telegram
• Facebook

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com