جمع مصر للقرآن عام 1924..جمال عمر..إعداد: سماء معاوية
جمال عمر

تأتي هذه السلسلة من المقالات ضمن مشروع كتاب عن تاريخ المصحف الحالي للمفكر جمال عمر، كان البحث مجموع في صورة مرئية أو مجموعة فيديوهات على الإنترنت فعملتُ على تحريره وتحويله من صيغته الشفاهية إلى مكتوب، ليتنسى للقارئ الاطلاع عليه والاستفادة منه وإضافة لحقل الدراسات القرآنية باللغة العربية، نشرنا أربع مقالات، كان الأول بعنوان إشكالية تاريخ المصحف، وتناول المقال الثاني مصحف المدنية المنورة، والثالث مصحف القاهرة 1952 أما الرابع عرضنا فيه مصحف القاهرة 1924, في مقال اليوم نستعرض مصاحف قبل القاهرة 1924 ومصاحف بعده……………………………..سماء معاوية
في هذا المقال أشير للحظة محورية في تاريخ المصحف، وهي لحظة الجمع المصري للمصحف في القرن العشرين، تجلّت هذه اللحظة في مصحف القاهرة الصادر عام 1924، فما هي المصاحف التي تأثرت بمصحف القاهرة، والمصاحف التي تأثر بها، أبدأ مما هو ملموس إلى المجرد، في محاولة لتقريب المفاهيم الكبرى، لنتعلم طريقة للبحث والنبش والتفكير وراء ما نشاهده الآن.
كما استعرضنا في المقالات السابقة، كان مصحف القاهرة 1924 هو أول مصحف مركزي، تقوم على عمله لجنة، وتضع ضوابط واختيارات، هذه الضوابط والاختيارات، شكلت المصاحف كما نعرفها الآن، طُبع بشكل موحد في مصر، وكان له بالغ الأثر في تشكيل بقية المصاحف التي ظهرت في العالم العربي والإسلامي من بعده. واليوم، نتناول نماذج من المصاحف التي تأثرت بشكل مباشر بهذا المصحف وأثرت فيه، ونبدأ بالمصاحف التي تلت مصحف القاهرة 1924.
مصاحف بعد مصحف القاهرة 1924
المصحف العراقي/ الطبعة الأولى 1951 والطبعة الثانية 1966
طبعت أول نسخة من المصحف العراقي في عام 1951، بينما كانت الطبعة الثانية في 1966، وهي النسخة التي يعتمد عليها كثير من الناس اليوم. في هذه الطبعة، ورغم أن كلا المصحفين يعتمدان على نفس الرواية وهي حفص عن عاصم؛ إلا أننا سنجد بعض الفروق الواضحة عن مصحف القاهرة 1924.
في سورة الفاتحة، بينما تُعتبر البسملة جزءًا من السورة في المصحف المتداول اليوم، نجد أن المصحف العراقي يعتبرها جزءًا منفصلًا. ففي مصحف 1924، البسملة تُعدّ جزءًا من السورة، وبالتالي يُعدّ عدد آيات الفاتحة سبعًا. لكن في المصحف العراقي، يبدأ العدد من الآية الأولى في الفاتحة، في حين أن البسملة تُعتبر جزءًا منفصلًا ولا تُدرج ضمن عدد آيات السورة.


أما فيما يخص سورة البقرة، نجد أن كلمة “الكتاب” مكتوبة بالألف القياسية، بخلاف مصحف القاهرة 1924 تم حذف الألف من “الكتاب”، وهو ما يعكس محاولة العودة إلى الأصل بالرسم العثماني الموحد.
كما جاء ترقيم الآيات في المصحف العراقي على شاكلة مصحف القاهرة 1924.
في التقرير الذي يوضح تاريخ المصحف العراقي، نلاحظ أن أول نسخة تم الاعتماد عليها كانت مخطوطة يعود تاريخها إلى عام 1861. هذه المخطوطة كانت مهداه من والدة السلطان العثماني إلى مقبرة جنيد البغدادي. ورغم أن النسخة كانت قديمة، إلا أن إدارة الأوقاف في العراق قررت استنساخها لطبع المصحف لأول مرة في العراق، ليتم اعتمادها كأساس للمصحف العراقي الذي طبع في مطبعة مديرية المساحة العامة.


وتستمر سلسلة السند من حفص عن عاصم وصولًا إلى علي بن أبي طالب، وهي نفس السلسلة المتبعة في مصحف القاهرة، ما يبرز التأثير الكبير لهذا المصحف في تنظيم وتوحيد ترقيم الآيات في كثير من المصاحف في العالم.
مصحف المدينة المنورة 1984
بعد مرور ستين عامًا على مصحف القاهرة 1924، طُبع مصحف المدينة المنورة عام 1984. ورغم مرور هذه الفترة الزمنية، إلا أن مصحف المدينة المنورة كان متأثرًا بشكل كبير بمنهج مصحف القاهرة، سواء من حيث الترقيم أو الرسم العثماني. ضمت لجنة مصحف المدينة أحد عشر عضوًا، من بينهم عشرة مصريين وأزهري واحد سوداني. من بين الأعضاء المصريين، كان نصفهم من المنوفية، وكان الشيخ السيد عامر عثمان، شيخ المقارئ المصرية، هو رئيس اللجنة. كما كان هناك خمسة أعضاء إداريين سعوديين، من بينهم رئيس اللجنة ونائب الرئيس، وهما أزهريان سعوديان.
مصحف الأردن 1993
بعد مرور سنوات على مصحف القاهرة في طبعته الثانية 1952، جاء مصحف الأردن 1993 ليصبح نسخة دقيقة منه دون أي تغييرات، يعتبر مصحف الأردن هو طبعة كاملة من مصحف القاهرة 1952، حيث تم الاحتفاظ بكل تفاصيله، بما في ذلك عدد الصفحات والترقيم؛ ليظل مطابقًا للنسخة الأصلية بشكل كامل وطُبع المصحف في دمشق وبيروت.
بدت سورة الفاتحة كما هي في مصحف القاهرة، حيث كانت البسملة جزءًا من السورة، ما جعل عدد آياتها سبعًا، وكذلك الآية الأخيرة فظهرت في آية واحدة غير مقسمة.


في سورة البقرة، نجد أن كلمة “الكتاب” مكتوبة كما في مصحف القاهرة، بالألف الصغيرة، وهو ما يشير إلى محاولة العودة إلى الرسم العثماني الموحد في الترتيب والتنسيق، كما هو الحال في مصحف القاهرة 1952، وبهذا الشكل، يتابع مصحف الأردن 1993 نفس الاتجاه في الحفاظ على التفاصيل الدقيقة لنص المصحف.
في نهاية مصحف الأردن، نجد صفحة إضافية تتضمن دعاء ختم القرآن، وهي الوحيدة التي أضيفت في هذه الطبعة مقارنةً بمصحف القاهرة 1952.

أما في تقرير وزارة التربية الأردنية، فقد ذُكر أنه قد تم اعتماد نسخة مصحف القاهرة، كما طُبعت في مطبعة دار الكتب المصرية سنة 1952 بناء على كتاب وزير الأوقاف وبالتعاون مع دار الرشيد في دمشق وبيروت ومؤسسة محمد علي صالح، لتصبح هذه الطبعة هي النسخة المعتمدة في الأردن.
مصحف سلطنة بروناي 2006
من المصاحف التي تأثرت بـمصحف القاهرة 1924، مصحف بروناي 2006. فقد كان جلالة السلطان الحاج حسن، سلطان بروناي، قد أقر بأن يُطبع المصحف وفق رواية حفص عن عاصم. فطبع المصحف على الرسم العثماني، عمل على هذا المصحف الدكتور أشرف محمد فؤاد محمد أمين طلعت المصري، الذي سعى إلى إضافة أبعاد جديدة للتصميم، مستخدمًا الألوان للتفريق بين النص القرآني المقدس والعلامات الأخرى التي أضيفت على المصحف.


ابتكر الدكتور أشرف طلعت المصري فكرة لتمييز النصوص الأساسية عن النصوص المساعدة، حيث استخدم الخط الأسود لكلام الله، بينما استخدم ألوانًا أخرى، مثل الأحمر لإظهار علامات الإعراب والإعجام والوقف والوصل والترقيم. وكان الهدف من هذه الألوان هو التفريق بين النص القرآني والإضافات التي أُدخلت على المصحف العثماني على مر العصور، ما يساعد في تيسير القراءة والفهم.
كما هو الحال في مصحف القاهرة 1924، فإن البسملة في سورة الفاتحة في مصحف سلطنة بروناي تعتبر آية كاملة، وهو تفصيل مهم، حيث كانت البسملة في كثير من المصاحف جزءًا من السورة. وعلى الرغم من استخدام الألوان في هذا المصحف، إلا أن التقسيم والتشكيل والتصميم العام ظل متماشيًا مع مصحف القاهرة.
أما في سورة البقرة، فقد تم تطبيق نفس القواعد، حيث نجد أن كلمة “الكتاب” في الآية الأولى مكتوبة دون ألف، كما هو الحال في مصحف القاهرة 1924، وهو يعكس محاكاة دقيقة للرسم العثماني.


ضمن التقرير الذي أعده الدكتور محمد أمين طلعت المصري، الذي كتبه في اثني عشر صفحة تقريبًا، يشرح فيه أهمية استخدام الألوان والتمييز بين النص الأساسي والعلامات المساعدة. كما يؤكد في تقريره أن هذا المصحف يعتمد على مصحف القاهرة 1924، ويشمل كافة التفاصيل الفنية المتعلقة بالرسم والتشكيل والتوزيع.
يُشير التقرير إلى دور كل من الشيخ المتولي والشيخ رضوان المخللاتي، اللذين كان لهما تأثير كبير على طريقة رسم وتقسيم وعد الآيات في المصاحف، ودورهم المحوري في تطور رسم المصحف في القرن التاسع عشر، ومن الجدير بالذكر أن المخللاتي له مصحف باسمِه، وقد كان له تأثير ملحوظ في مجال نشر وتوزيع المصاحف.
مصحف قطر 2010
طُبع مصحف قطر في تركيا، حيث تشتهر تركيا بتاريخ طويل في صناعة وتجميل المصاحف على الرسم العثماني. وظهرت الطبعة في تصميم جميل وطباعة مميزة، مع الحفاظ على الخط العثماني القديم في كتابة السور، كما هو الحال في سورة البقرة، حيث كتب الكتاب بدون الألف، مما يتماشى مع الأسلوب المستخدم في مصحف القاهرة.



ويُعتبر مصحف قطر 2010 واحدًا من المصاحف الحديثة التي تأثرت بشكل كبير بـمصحف القاهرة 1924، حيث طُبع برواية حفص عن عاصم، ويحمل نفس تقسيم سورة الفاتحة التي اعتمدها مصحف القاهرة، بحيث عُدت البسملة جزءًا من عدد الآيات في السورة. وهذا يُميز المصحف القطري عن المصحف العراقي، حيث لم تعتبر البسملة جزءًا من الآيات السبعة في سورة الفاتحة.



أما تقرير اللجنة المراجعة لمصحف قطر فيتبع نفس الأسس والاختيارات العلمية التي اعتُمدت في مصحف القاهرة 1924، فقد تضمن التقرير نصًا مشابهًا لما ورد في تقرير مصحف القاهرة، مع اعتماد على الشيخ المتولي والشيخ رضوان المخللاتي في تقسيم الآيات والإشراف على تحقيق النصوص. وكانت اللجنة المراجعة برئاسة الشيخ أحمد عيسى المعصراوي، شيخ مشايخ المقارئ المصرية، وكان الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف1 عبد الله نائبًا لتلميذه المعصراوي.
عملت اللجنة التي راجعت مصحف قطر في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر وفق المبادئ التي أقرها مصحف القاهرة 1924. وكان مصحف قطر مصحوبًا بتقرير علمي يُوضح كيفية ضبط المصحف بناءً على مصحف القاهرة.
ملامح طباعة المصاحف قبل مصحف القاهرة 1924
بعد ما أنشأ محمد علي المطبعة عام 1822، وانتشار المطابع الأهلية لاحقًا، بدأ طبع المصاحف يأخذ طابعًا فرديًا وأهليًا، حيث لم تكن هناك جهة مركزية تشرف على هذا العمل، بل كان الأمر يتم بمبادرات شخصية.
ما يُميز مصحف القاهرة 1924 أنه كان أول مصحف يُعدّ من خلال لجنة علمية متخصصة، شكلتها نظارة المعارف منذ عام 1914، ضمن مشروع إصدار مصحف مدرسي لطلبة المدارس، ووضعَت هذه اللجنة قواعد وضوابط يمكن وصفها بلغة اليوم بأنها معايير لطباعة المصحف، ما جعله نقطة تحول في تاريخ المصاحف المطبوعة.
نماذج من المصاحف الأهلية قبل 1924
من الأمثلة على المصاحف الأهلية مصحف طُبع عام 1911 في القاهرة، على نفقة عبد الرحمن محمد، وتم طباعته في مطبعة تقع بحارة السيدة فاطمة النبوية في الدرب الأحمر. هذا المصحف يعكس خصائص المرحلة الانتقالية قبل اعتماد النسق القياسي.



في سورة الفاتحة، عُدّت البسملة آية من الآيات السبع، لكن دون ترقيم للآيات، ولم تُستخدم العلامات المألوفة لترقيمها، كما أُشير إلى كون السورة مكية أو مدنية، وعدد آياتها، لكن دون أي علامات وقوف واضحة، وفي الكتابة تظهر محاولات تقريب النص من الرسم العثماني، لكن بقيت الكتابة أقرب للمعاصرة، مثل كتابة كلمة “الكتاب” كتبت بالألف القياسية، بخلاف الرسم العثماني الذي يحذف الألف.
نظرًا لمحاولة تقليل تكلفة الطباعة، كان عدد صفحات المصحف أقل، حيث بلغ حوالي 520 صفحة، مقارنة بـ827 صفحة في مصحف القاهرة، و600 صفحة في مصحف مجمع الملك فهد لاحقًا الذي راعى سهولة الحفظ والقراءة.


في نهاية المصحف، وبعد دعاء ختم القرآن، أُدرج تقرير مختصر من الشيخ الذي راجع المصحف، وهو الشيخ محمد سيد الجريسي الكتبي2، أحد مشايخ الإقراء المعروفين في مصر آنذاك.
كان تقرير الشيخ الجريسي موجزًا، دون تفاصيل عن المنهج الذي اتبعه في المراجعة، أو اختياراته في الرسم والضبط، أو سنده العلمي. وهذا يُبرز الفرق الجوهري بين المصاحف الأهلية التي طُبعت قبل 1924، والمصحف الأميري الذي وُضعت له معايير دقيقة وعُرض على لجنة علمية.
مصحف الشيخ المخللاتي 1890م/خطوة مفصلية في تاريخ طباعة المصاحف
في سياق تطور طباعة المصاحف في القرن التاسع عشر، يبرز اسم الشيخ محمد بن محمد المخللاتي كأحد الأعلام في تاريخ الإقراء وتوثيق المصحف الشريف.
ولد الشيخ المخللاتي في عصر محمد علي وتوفي عام 1893، وقد كان معاصرًا للشيخ المتولي، ويُعدّ كلاهما من كبار مشايخ الإقراء الذين تشكّلت على أيديهم أسانيد قرّاء القرنين التاسع عشر والعشرين.
أشهر المصاحف المنسوبة للشيخ المخللاتي هو المصحف الذي راجعه وصحّحه عام 1890، والذي طُبع في المطبعة البهية التي كان يديرها محمد أبو زيد. ومن المهم التوضيح أن المخللاتي لم ينسخ هذا المصحف بنفسه، وإنما قام بمراجعته وضبطه، بينما الطباعة والتنفيذ تمّتا من قِبل جهة أهلية.


ما يميز هذا المصحف أن إحدى نسخه كانت موقوفة على طلبة الأزهر الشريف، إذ قام رجل يُدعى حسين بن إبراهيم بشراء نسخة منه وأوقفها على طلاب العلم، ونُصّ على ذلك في نهاية المصحف بعبارة:
«أوقف هذا المصحف الشريف الحج حسين ابن الحج إبراهيم (لطلبت) العلم الشريف بالأزهر».
ويُلاحظ في نص الوقفية كتابة “طلبت” بالتاء المفتوحة، ما يعكس تطور الكتابة خلال تلك الفترة، باعتبارها من بدايات عصر الطباعة الذي لم تتبلور فيه بعد القواعد النمطية المعروفة الآن.
وضع المخللاتي مقدمة علمية لهذا المصحف، جاءت في نحو اثني عشرة صفحة، تناول فيها تاريخ جمع المصاحف، وتطور القراءات، والضوابط التي اعتمدها في ضبط الرسم والآيات. ومن اللافت أن المخللاتي كان من أوائل الداعين إلى العودة إلى الرسم العثماني في كتابة المصحف، وهذه الدعوة لم تكن شائعة في مطبوعات تلك المرحلة.



تبنّت لجنة مصحف 1924 لاحقًا رؤية الشيخ المخللاتي، مما يُبرز أثره البعيد في تشكيل قواعد ضبط المصحف المعاصر. وقد أصبح كتابه في هذا المجال من المراجع الأساسية في علم “رسم المصاحف”، ولا يزال يُدرّس ويُعتمد عليه في معاهد الإقراء.
حملت النسخة المطبوعة في المطبعة البهية طابعًا زخرفيًا تقليديًا، ونُصّ فيها على أن مقدمة المخللاتي لا يجوز طباعتها دون إذنه، وهو دليل على وعيه بحقوقه الفكرية حتى في تلك الفترة المبكرة من الطباعة.


عند التعرض لمصحف المخللاتي، نجد أن سورة الفاتحة خالية من ترقيم الآيات، والفواصل بين الآيات غير واضحة. وقد أشار الشيخ المخللاتي إلى أن السورة “مكية ومدنية” بسبب الخلاف الوارد في تصنيفها، لكنه أقر بعدد آياتها على ما استقر عليه علماء الكوفة ومكة الذين يعدّون البسملة من الآيات السبع.
أما في سورة البقرة، فاختار المخللاتي عدم إضافة الألف إلى الكاف في “الكتاب”، متبعًا بذلك الرسم العثماني، وهو ما يؤكد على التزامه بهذا النهج؛ إلا أن اللافت للنظر أن عدد آيات السورة في مصحفه هو 280 آية فقط، رغم أنه اتبع رواية حفص عن عاصم – الرواية الكوفية التي تعتمدها المصاحف المعاصرة – والتي تُعدّ سورة البقرة 286 آية.
هذا التباين يفتح بابًا واسعًا للنقاش حول معايير العدّ، ويدل على أن مصحف المخللاتي كان نتاج اختيارات بشرية اجتهادية، في فترة لم تكن القواعد فيها قد استقرت بصورة نهائية، وأن مرحلة ما قبل 1924 كانت مرحلة تشكّل وتطور، ساهم فيها علماء ومشايخ الإقراء برؤاهم الفردية.
من المخللاتي إلى مصحف القاهرة 1924
التزم المخللاتي بالرسم العثماني واعتمد في كتابته على ما ورد في كتاب “المقنع” لأبي عمرو الداني و”التنزيل” لأبي داود.
بيّن عدد آيات كل سورة في بدايتها وفقًا لمذاهب علماء العدد المشهورين.
ابتكر المخللاتي نظامًا لعلامات الوقف على النحو التالي:
التاء (ت) للوقف التام
الكاف (ك) للوقف الكافي
الحاء (ح) للوقف الحسن
الصاد (ص) للوقف الصالح
الجيم (ج) للوقف الجائز
الميم (م) للوقف المفهوم

كما صدّر المصحف بمقدمة إضافية لخص فيها تاريخ كتابة القرآن في العهد النبوي وعهد أبي بكر وعثمان، وناقش فيها مباحث الرسم والضبط، وسمّى فيها علماء العد المشهورين، وغير ذلك من متعلقات القرآن.
ثم تشكلت لجنة بنظارة المعارف عام 1914 للعمل على مصحف يوزع على طلبة المدارس الأميرية. وطبع مصحف القاهرة 1924, وبهذا يكون مصحف القاهرة نقطة محورية في تاريخ المصاحف، أشرنا لمصاحف تأثرت به ومصاحف أخرى ظهرت قبله، في محاولة لرصد التحولات التي مهدت لتلك اللحظة الفارقة، ليصبح مصحف القاهرة 1924 بمثابة جمع مصري للمصحف في القرن العشرين.
هامش
- من اللافت للانتباه أن الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف، الذي كان من تلامذة الشيخ المعصراوي، قد تولى مشيخة المقارئ بعد مغادرة الشيخ المعصراوي مصر لأسباب سياسية. واستمر الشيخ عبد الحكيم في مهمته حتى وفاته، وبعدها تولى السيد علي عبد المجيد عبد السميع، الذي يُعد حاليًا شيخ مشايخ المقارئ المصرية.
↩︎ - لقب “الكتبي” يشير إلى مهنته المرتبطة بإنتاج الكتب، على عادة بعض العائلات في الانتساب إلى مهنها التراثية. ↩︎
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
2 comments