حلبة الموت (الممتع) أو السياسية في قاع المعنى ج2 … بقلم: د. قاسم المحبشي

بقلم: د. قاسم المحبشي

أستاذ فلسفة التاريخ (اليمن)

d8af.-d982d8a7d8b3d985-d8a7d984d985d8add8a8d8b4d98a حلبة الموت (الممتع) أو السياسية في قاع المعنى ج2 ... بقلم: د. قاسم المحبشي

يعرض الفيلم Gladiator قصة جنرال روماني قوي سابق، تتعرض عائلته للقتل بسبب الصراع على السلطة من قبل الإمبراطور الفاسد ويتم إرساله للعبودية، فيعود للانتقام من خلال محاولة الوصول للقمة في ألعاب المصارعة، في إطار من أحداث الأكشن والمغامرة والدراما. تبدأ أحداث فيلم Gladiator في عام 180 م عندما ينتصر الجنرال الروماني. إنه اهم الأعمال السينمائية النادرة الّتي تحبس الأنفاس منذ البداية وتسافر بك إلى عصور وحشية تتجلى فيها صنوف المكائد والتقتيل واستعباد البشر واحتلال أرضهم، تحكي القصة عن مرحلة فارقة في تاريخ الِامبراطورية الرومانية سنة ١٨٠ للميلاد، ومحاولة إنقاذها من قِبَل المخلصين لها، بعد أن عَهِدَ (ماركوس أوريليوس) بالسلطة الكاملة إلى الجنرال والفلّاح – الذي يحبه الشعب – (ماكسيموس)، الذي أباها في أول الأمر ثم اضطلع بها وتبدأ المكائد حوله سريعًا.

ولا أدري ما الذي أدهشني في الفيلم هل العنف الوحشي أم البعد الفلسفي المتمثل في القيم الذي جسدها البطل وحبيبته ورفيق دربه (الحب والشجاعة والحرية والعدل والإنسانية) إذ إن بين الفلسفة والسينما علاقة من نوع ما فإذا كانت الفلسفة تصنع صورة المعنى فإن السينما تصنع معنى الصورة أي تحول معاني المفاهيم الفلسفية المجردة إلى صور متحركة وأفعال متجسدة في مواقف إنسانية درامية محسوسة ملموسة.

وعلى كل حال يمكن استخلاص المعنى الفلسفي للفيلم في فهم معنى السلطة والحاكم بوصفه راعي الرعية أو ولي أمرها في كل زمان ومكان ومعنى الراعي والرعية تدل دلالة لا لبس فيها عن حقيقة العلاقة بين الحاكم والمحكومين في كل زمان ومكان ولا شيء تحت الستار! تلك هي السياسية وهناك مواقف شديدة الاختلاف تجاه المحكومين باعتبارهم موضوعا طبيعيا، وهناك طرائق متباينة لتناولهم على نحو موضوعي، أو إذا كان ذلك أفضل هناك إيديولوجيات مختلفة حول العلاقة بالمحكومين. ولنقل هناك ممارسات مختلفة تتخذ إحداها موضوعا منهم باعتبارهم أهل بلد، وتتخذهم الأخرى باعتبارهم دوابا بشرية والثالثة باعتبارهم عشيرة.. الخ. وفي الظاهر لا يكون الاختلاف إلا طريقة في الكلام، وتعديلا في مواضعات المعجم ولكن في الواقع تكون أمام ثورة علمية تنشب وراء هذا التغير اللفظي، فالمظاهر تنقلب ظهرا لبطن كما نقلب كم الثوب وأخيرا تموت المشاكل الزائفة مختنقة. وأما المشكلة الصحيحة فتتحقق.

ولنطبق هذا المنهج على المبارزات ولنتساءل في (أي ممارسة سياسية يكون الناس قد تحولوا إلى موضوعات) موضعوا أنفسهم على نحو يتيح لهم إذا رغبوا في تلك المبارزات أن تقدم لهم بكل إخلاص وفى أي ممارسة يكون لا سبيل إلى ذلك؟ والإجابة سهلة. كتب بول فيين في “أزمة المعرفة التاريخية؛ فوكو وثورة في المنهج” في وصف المبارزة الرومانية المتوحشة ما يلي “لنفترض أن علينا مسئولية قطيع من الغنم في حالة ارتحال، وأننا أخذنا على عاتقنا مسئولية الرعاة تلك، ونحن لسنا أصحاب هذا القطيع، فصاحبه يكتفي بجز الصوف جريا وراء الربح، وفيما عدا ذلك فهو يترك الماشية في عدم اكتراثها الطبيعي، وأما نحن فيجب أن نكفل سير القطيع فهو ليس في المرعى بل في عرض الطريق، وعلينا أن نمنعه من التبعثر لصالحه بطبيعة الحال. لا بوصفنا المرشدين الذين يعرفون هدفهم ويقررون إلى أين يقودون الماشية ويدفعونها إليه، فالقطيع يرتحل من تلقاء نفسه، أو بالأحرى إن طريقه ينتقل من أجله، لأنه يسير في الطريق الرحب للتاريخ فعلينا أن نكفل مواصلته البقاء باعتباره قطيعا على الرغم من مخاطر الطريق والغرائز السيئة للماشية وضعفها وقصورها الذاتي، وبضربات العصا إذا لزم الأمر نمارس إدارة الأمور بأيدينا نحن، وتتعرض الماشية الضروب من الكدر ولا تحصل على العدالة بكل جلالها”.

إن هذا القطيع بمثابة الشعب الروماني ونحن أعضاء مجلس شيوخه ولسنا ملاكا لهذا الشعب لأن روما لم تكن قط ملكية عقارية تحتها دواب بشرية، فقد ولدت بوصفها شعبا موحدا، بوصفها مدينة. أما نحن باعتبارنا آخرين فقد أخذنا على عاتقنا توجيه هذا القطيع البشري لأننا نعرف أفضل منه ماذا ينبغي له، ولكي نؤدي رسالتنا عينا مواطنين عموميين يفسحون الطريق أمامنا في الاحتفالات العامة وهم يحملون حزمة من السياط لكي يقرعوا الدواب التي تبث الاختلال في نظام القطيع أو التي تنحرف شاردة عنه فسلطة البوليس وأعماله الهابطة لا تتميز بدرجة أكبر من الوقار. وتنحصر سياستنا في المحافظة على القطيع في مسيرته التاريخية، وفيما عدا ذلك نحن نعرف جيدا أن الدواب دواب. ونحن نحاول ألا نتخلى في طريقنا عن كثير من الماشية التي أنهكها الجوع لأن ذلك يقلل من عدد القطيع، فسنعطيها ما تأكله إذا كان ذلك واجبا . وسنعطيها أيضا السيرك والمبارزات الدموية التي يحبونها كثيرا. (ولأن الحيوانات ليست أخلاقية ولا غير أخلاقية فهي كما هي فحسب فنحن لا نهتم بأن نحرم الشعب من دم المبارزين بأكثر مما ينتبه راعي قطيع من البقر أو الضأن إلى الإشراف على الجماع بين دوابه ليمنع العلاقات الجنسية بين المحارم).

وفي الختام هاكم ما قاله الذكاء الاصطناعي عن الفيلم وحكايته:

فيلم “Gladiator 2” هو تكملة ملحمية لفيلم “Gladiator” الصادر عام 2000. تدور القصة حول لوسيوس (الذي يؤدي دوره بول ميسكال)، ابن لوسيلا، الذي نشأ متأثرًا بتضحية مكسيموس. لوسيوس الآن بالغ يحاول أن يجد طريقه في ظل الإمبراطورية الرومانية المليئة بالمكائد والصراعات.

دينزل واشنطن يؤدي دور شخصية جديدة تمامًا: رجل كان عبدًا ثم أصبح تاجرًا ثريًا، وهو ناقم على النظام الإمبراطوري. يسعى للحصول على حريته ويخطط للانتقام من الماضي الذي يحمل جراحًا عميقة. من جهة أخرى، يقدم بيدرو باسكال دور قائد عسكري سابق تحول إلى مصارع، في منافسة تنطوي على نزاعات داخلية وخارجية في إطار “الألعاب الرومانية”.

القصة تستعرض الأثر الذي تركه “مكسيموس” على الأجيال اللاحقة، وتعيد إحياء عالم الإمبراطورية الرومانية بأسلوب مليء بالإثارة والدراما. الفيلم مليء بالمشاهد الملحمية والرسائل الإنسانية حول الفداء، الحرية، والانتقام، بميزانية ضخمة تصل إلى 310 مليون دولار.

الفيلم من إخراج ريدلي سكوت، ويعرض في 22 نوفمبر 2024.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات