ذهاب ليلي للقاهرة .. بقلم: جمال عمر

بقلم: جمال عمر
مؤسس صالون وأكاديمية تفكير

d8acd985d8a7d984-d981d8b1d8afd98a-d985d8a8d8aad8b3d985 ذهاب ليلي للقاهرة .. بقلم: جمال عمر

خرجت من بيت أسرتي في قرية بطا، للشارع الضيق، الذي زاد من ضيقه أن البيوت ارتفعت أدوارها، ورغم أن الشارع أصبح ممهدا ببلوكات من طوب وليس ترابي كما كان ونحن صبية، وبه غطيان للمجاري، وارتفع ليكون تقريبا في نفس ارتفاع طريق “الجسر” الذي كان مرتفع لحجز خطر مياه فيضان النيل قبل عقود، والذي بدوره أصبح طريقا مرصوفاً، وحركة السيارات عليه كثيرة، تهب معها موجات من التراب الذي يردم كل المكان.

أمر بجوار المدرسة الابتدائية الثانية بالقرية، والتي كان يعمل أبي غفيراً عليها للمقاول الذي كان يتولى بناء المدرسة، وتوقف عن البناء وتم الحجز على عدة الخشب المسلح التي يستخدمها في أعمال الخرسانة، ولأنه لم يدفع لأبي شهور كثيرة من راتبه، كانت عدة الخشب من نصيب أبي تخليصا لراتبه، فأصبح عنده عدة مقاول صغير وهو ليس مقاول. أسير في الطريق على اليسار معاكس لاتجاه السيارات بحيث أرى السيارة قادمة علي، تعلمت ذلك في السير في قرية “لييك ڤيل” في ولاية “كناتيكيت”، حينما كنت أزور بيت حمايا، ونتريض في الطرق الجانبية.

خلال ثلاث دقائق كنت قد وصلت إلى شاطئ النيل حيث “اللنش”/ المركب الذي يعبر النهر بين قريتنا “بطا” وبين مدينة بنها، اللنش الآن جعل العبور أسهل لأنه بمحرك، عمليات الردم لأجزاء من النيل لتوسيع مساحات الأرض المطلة على النيل من ناحية قريتي، كثيرة، تعلمت أن الأجرة أصبحت ثلاثة جنيهات، فقد ارتفعت من من ربع جنيه خلال ربع قرن، 12 ضعف، في حين أن تكلفة صبواي/ مترو نيويورك لم يصل للضعف خلال نفس الربع قرن من دولار ونصف لم يصل لثلاثة دولارات بعد.

في فترة عمل أبي على هذه المركب في الليل وكانت مركب كبيرة قليلًا عن فلوكة، ولها مجدافين كبيران، كل عمله كان بالليل تقريبا. وتداعى إلى ذهني الحادث الكبير الذي حدث وأنا في الصف السادس الابتدائي وانقلبت المركب التي كانت مزدحمة بركاب وقت ظهيرة في يوم شتوي، ووفاة ناس من أهل القرية منهم إبراهيم عبد المحسن كان يكبرنا بعامين ويذهب للمدرسة الإعدادية في بنها. تقريبا لا أعرف أحد ممن أراهم سوى واحد ممن يأخذون الأجرة، أتذكر ملامحه لكن لا أتذكر اسمه.

درجات السلم أمام مبنى مجلس مدينة بنها على النيل، أمام مكان ڤيلا العناني بنوافذها الخضراء وكان خلفها محلج القطن، وقد تم هدمه وبناء تجمع سكني كبير على النيل بداخله مول تجاري. وقد تم اقتلاع كل الشجر الجميل الذي كان يتم قصه بأشكال مكعبة كان كجزيرة في طريق الكورنيش ذا الاتجاهين، لكي يجعلوا طريق الكورنيش في اتجاه واحد. تتوقف سيارات السوزوكي الصغيرة، التي تنقل الناس كمواصلات في بنها أمام مخرج سلالم الصعود من مرسى اللنش.

d985d985d8b4d989-d8a3d987d984-d985d8b5d8b1-d8a8d986d987d8a7-2 ذهاب ليلي للقاهرة .. بقلم: جمال عمر

مدوا لسان في النيل موازي للكورنيش باسم “ممشى أهل مصر”. أفضل المشي، فدخلت الممشى، وفي النيل أمامي حين دخولي له، مركب معدنية من ثلاثة طوابق مهجورة وراسية، وكأنها كانت مشروع مركب كمطعم أو نادي في النيل وفشلت، ومازالت راسية خاوية كجبل من معدن في النيل.

أنظر لقريتنا من جهة بنها، بعماراتها السامقة الكثيرة بأموال أوروبا وأمريكا والخليج، ألمح برج أشرف، كنا نسكن معا في مانهاتن، وبجواره برج راشد مصوراتي من عائلتنا زمان.

d8a3d8a8d8b1d8a7d8ac-d8a8d8b7d8a7 ذهاب ليلي للقاهرة .. بقلم: جمال عمر

ممشى أهل مصر توقف عند نادي أعضاء الشرطة، تقريبا لسه هيشتغلوا على هذه المنطقة في المستقبل، اضطررت أن أخرج للشارع حيث كل الرصيف تم حجزه بسلاسل حديد، وعلي أن أمشي في نهر الطريق والعربات تفر من خلفي، ومررت من أمام نادي المعلمين ومن العيادة الطبية به ومدخلها، وترددت: هل أكتب أن أبي عمل كغفير ليلي في هذا النادي أم لا؟ حتى لا يتحول النص إلى مجرد استدعاء لأماكن عمل بها أبويا. كنت قد وصلت لشارع المحطة، وفي عشر دقائق من نزولي من اللنش كنت أمام مبنى محطة قطارات بنها.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

تعليق واحد

اترك رد

ندوات