رسالة تحذير من الزواج في مصر.. عودتي إلى الوطن الذي لم يعد.. حلقة 7.. بقلم: محمود عماد

هذه سلسلة مقالات تنشر أسبوعياً عن تجربة ذاتية لمغترب بعد العودة إلى مصر ورصد التغيرات التي حدثت وتحدث على مدار السنوات، وقد تتشابه تلك التجربة مع تجارب ملايين المصريين المغتربين في شتى بقاع الأرض!

محمود عماد

d985d8add985d988d8af-d8b9d985d8a7d8af رسالة تحذير من الزواج في مصر.. عودتي إلى الوطن الذي لم يعد.. حلقة 7.. بقلم: محمود عماد

= اوعدني يا أحمد إنك هتفضل تحبني طول العمر
 * أوعدك
= وأنا هفضل جنبك لحد ما أموت 

هذا المشهد يحدث 

كل يوم بل 

كل ساعة ويمكن أن يكون

كل دقيقة

ولكن لحظة توقف هل ستنتهي قصة الحب هذه بالزواج 

هل الزواج هو النهاية السعيدة 

من الممكن أن يكون الطلاق هو نهاية سعيدة لقصة أحمد وليلى 

الطلاق سنة من سنن الحياة، طبيعة من طبائع البشر، حادثة لن تنتهي مادام هناك ذكر وأنثى على وجه الأرض، ومادام هناك انجذاب سيكون هناك ابتعاد، ومادام هناك اتفاق سيكون هناك افتراق، ومادام هناك ارتباط سيكون هناك انفصال. هذه هي الحياة تقوم على التناقض وتستمر بمتوالية الموجب والسالب/ الصفر والواحد/ الأبيض والأسود/ وبالطبع الزواج والطلاق. 

 هل تتفق معي على أن الطلاق ظاهرة طبيعية ولا مشكلة أبداً من حدوثه؟ 

حسناً إن كنت تتفق فيجب أن تعرف إنه 

مش نظرة وابتسامة، 

مش كلمة والسلامة، 

دي حاجات كتيرة ياما.. لو ناوي تحبني أو لو ناوي تاخد قرار الطلاق.

= طلقني يا أحمد 
* هو كل ما نتخانق تجيبيلي سيرة الطلاق
= المرادي مش زي كل مرة 

كما يقول ابن خلدون “اتفق العرب على ألا يتفقوا” 

كذلك الطلاق يتفق فيه الطرفان على عدم الاتفاق مرة أخرى، 

على انتهاء المفاوضات بينهما، 

على هدنة أبدية بلا مزيد من الحروب أو التعاون المشترك. 

لا يا صديقي لقد وقعت في الفخ، الأمر لا يسير على هذا المنوال في بلدتنا، ما يحدث غالبا هو قرار فردي من طرف واحد، يُفقد الطرف الأخر صوابه ويدخله في حالة عدم اتزان قد ترمي به إلى غياهب الصدمات النفسية أو تدفعه إلى الانتقام والعزم على استمرار الحرب الباردة بعد الطلاق.

ربما لا يمكنني عتاب متخذ قرار الطلاق من جانب واحد والتعاطف معه إذا 

حكى لي عن حاله 

وشكى عن أهواله 

وبكى من ويلات وعذابات الفترة التي عاشها مع شريكه المتوحش ذو الأطراف المحشوة بالنرجسية وجنون العظمة. 

لكن ما لم أستطع تقبله أبداً وأثار حفيظتي وجعل الدم يغلي في عروقي وقررت كتابة هذا المقال بسببه هو الطفل الصغير الذي لا يعلم شيئاً عن هذه الحروب،

ماذنب هذا الصغير أن يولد في عالم مليء بالخراب؟ 

لماذا يجب أن يعيش مع أمه ولا يرى أبيه إلا يوم واحد في الأسبوع؟ 

سيكبر ويعرف أن الدنيا تعيسه وموحشة فلماذا يتعرف على قساوة الدنيا من أبيه وأمه! المفترض أن يكونا أكثر شخصين يحميانه منها لا أول من يحرقانه بها!

في مصر يزداد أعداد حالات الطلاق كل عام حتى وصلت لحوالي ربع مليون حالة عام 2023 بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ويكفي لكي تعرف خطورة هذه الرقم أنه في عام 2005 كانت النسبة في حدود 50 ألف حالة مما يعني أن الزيادة 500%.

chart رسالة تحذير من الزواج في مصر.. عودتي إلى الوطن الذي لم يعد.. حلقة 7.. بقلم: محمود عماد

قال لي صديقي حسن أن الزيادة طبيعية بالنظر لزيادة عدد السكان.

وقال صديقي أيمن أن ظروف البلد كانت أحسن من كدا أيام مبارك والناس عارفه تفتح بيوتها ومستورة غير اليومين دول.

وقالت لي زوجتي أن الرجال من الجيل الجديد لا تتحمل المسئولية ويهربون مع أول مشكلة.

نعم لاحظت تغير كبير في أفكار الشباب والبنات

واختلاف العادات والتقاليد بين الأجيال

 والمرأة ملزمة ولا مش ملزمة 

والراجل لازم يصرف على البيت ولا الحياة مشاركة 

و…إلخ 

يمكن أن تتعدد أسباب الطلاق والتي من بينها بلا شك درجة التعليم وهو ما يظهر جليا في جدول الجهاز المركزي.

شئنا أم أبينا فلن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، ولن يتغير الوضع المزري لهذا البلد إلا بتعليم حقيقي لجميع فئات المجتمع يشمل حرية نقدية وتفكير علمي.

schedule رسالة تحذير من الزواج في مصر.. عودتي إلى الوطن الذي لم يعد.. حلقة 7.. بقلم: محمود عماد

وكم هذا حزين أننا مازلنا نتحدث عن التعليم والتثقيف ومازال نصف المجتمع غير قادر على القراءة أو بالكاد يقرأ ولا يحسن الكتابة. 

= تفتكر يا أحمد لو خلفنا ولد هنسميه إيه؟
 * أنتي تحبي إيه؟
= أنا نفسي لو ولد نسميه (حمزة) ولو بنت (حنين) 

أكتب هذه الرسالة لكل (أحمد) وكل (ليلى) 

فكروا جيداً قبل قرار الطلاق 

فكروا جيداً قبل قرار الزواج 

فكروا ألف ألف مرة قبل إنجاب طفل جديد إلى هذه الحياة 

فالعالم لا يحتاج إلى المزيد من الضحايا.. 

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات