شجر…. قصة قصيرة…. بقلم أسماء فاروق

أسماء فاروق
d8a3d8b3d985d8a7d8a1-d981d8a7d8b1d988d982 شجر.... قصة قصيرة.... بقلم أسماء فاروق

أسماء فاروق

اسمي حسيب عمري سبعة الأف وخمسمائه وسبعة وعشرون عام أرضي مما تعدون أو سبع ساعات علوية مما نعد نحن، وكِلت (حتى إفتضاح أمري ووقوع الكارثة) وكلت بمليار و ألف من أبناء ذاك المحظوظ آدم, أفضل الكتف الأيسر إلّا أني في الأغلبية أوكل بالأيمن ولم أكن أتذمر لم أجبل علي الاعتراض إلّا قريبا

.نعم أنه أنا تماما ما تفكر فيه، أنا الملاك الموكل بكتابة خيرك وفي مواضع قليلة سعيدة من حياتي لمتابعة شرورك وآثامك

كنت جالساً أدون حسناته و هو يضاجع زوجته مع كل كلمة لينة و مجاملة لطيفة تنتابني حيرة أدونها صدقة؟ أم أشير إلى زميلي يدونها كذبا؟ يشير لي زميلي بالاستمرار فهو يستريح أخيرا منه ومن التدوين خلفه كلما إلتقي زوجته لا يعبئ بكذبه عليها بل يعتبر أيضا صدقة…. ويشير إلىّ بالعمل و عدم إزعاجه مره أخري أستكمل عملي وأراقب أناته وكلماته وهمساتها ما هذه البرودة وما كل هذا الكذب، أراه أكثر سعادة مع صديقته في العمل وقتها استمتع بالمشاهدة و لا أنشغل في التدوين وعلي الرغم من أن صديقي يومها يعمل دون هوادة إلّا أنه لم يسجل كذبة واحدة في هذه اللقاءات أرقب يومها فقط و استمتع أكثر

ماالفرق يا ابن آدم؟

بماذا تشعر؟

ما هذه الصرخة العتيدة التي تجتاحك وتجعلك تنسى وجودي ووجوده وناره وجنته مع هذه الفتاة التي تسبها بمجرد ذكر اسمها وسط أصدقائك وتركع تحت قدميها في الأبواب المغلقه وتبكي لها إن غضبت أو هددت بالرحيل . وما هذه الآهه المتكومة النافذة الصبر مع زوجتك كأنك عتقت اخيراً بمجرد أن تدعي لك أنها إنتهت كاذبة هي الأخري حتي تعتقها وتعتق نفسك وتوقعا كلاكما علي وثيقة ليلة الخميس التي تؤكد أن كل شئ علي ما يرام، هذا البيت قوي، كل الأمور مستقرة.

d8b4d8acd8b1-1 شجر.... قصة قصيرة.... بقلم أسماء فاروق

أنت لغزي يا ابن آدم أراقبك منذ خلقي من سبعة ساعات علوية كاملة عمر كوكب صغير، أو ميلاد مجرة أراقبك ولا أفهمك خصوصا ذاك الشق الآخر منك، زوجتك حوائك، محيرة. أخشى أن أقول معتوهة رغم قوتها وصلابتها، معتوهة أكيد، أجمل ما فيها هي تلك البذرة التي وضعت في قلبها وأنبتت تلك الزهرة التي ينبثق منها الحليب في صدرها الأمومه هي جوهرة الحواء.

مات الرجل واستلم العمل مني ملاك الحساب، سلمته وهو في نشوة عارمة مع صديقته، كنت أشعر أنه مات سعيداً مبتهج علي الرغم من كلمات الجميع عن سوء الخاتمة والفضيحة إلا أني حسدته يومها.

ويومها ارتعشت رعباً، يا ويلي حسد! … جريمه إبليس! يا ويلي، إلى أين أنا ذاهب؟ هل يا تري يعلم؟

هل شعر بي؟

هل سيطردني؟ يحرقني؟ أي عقاب في انتظاري إن شعر بي. طردت الفكرة من عقلي و ابتعدت عن المكان، لم استلم إنسان آخر قبل عام أرضي، لا عمل لي الآن.

إنها لعنة الفراغ، توقف أيها العقل، لا تعبث بي وترسلني إلى هلاكي، لماذا أفكر وزملائي لا يفكرون؟ هم يشبهون مخلوقات ابن أدم من الماكينات الأرضية ينفذون فقط، اختلافي كان لعنتي أو هبتي.

الجميع يعلم أن تلك الثمرة هي التي خلقت في أدم الثورة هي التي غيرت الأمور، هي التي وهبته الكوكب بما فيه ليعثوا فيه هو وأولاده فساداً واحيانا حباً و شعراً وموسيقى.

استرق السمع لموسيقاهم، أرسم علي ملامحي النورانية الشفافة الامتعاض وأنا أسمع بينما قلبي يرقص طرباً وأتسال من أين خرجت تلك الألحان؟ أي قلب خلقها؟ أهي الشجرة؟ أهي الثمرة؟ أكيد هي الثمرة التي خلقت فيه كل هذه المواهب، هي التي جعلته ينحت ويرسم ويكتب شعراً ويعزف موسيقي ويقف على مسرح عالٍ أمامه الألاف بلا مهابة أو خوف، يضحك ويبكي كذباً صارخاً والجميع يصفق له. لهذا يخافه الرب و لربما يحسده مثلي. آدم أيها الكافر الجميل العنيد الصادق الكاذب الخائن المحب القاسي السادي الرقيق.

معي عام أرضي كامل بلا عمل سوف أبحث عن الشجرة، الملاك المشرف أكبرنا عمراً ممن جلس مع الكبار يقول أنها لا تزال موجودة أقصي شمال عدن، لم يراها أحد منا أصحاب الخلق الحديث اما الكبار جميعهم يحكون الحكاية حتي أني سمعتها كثيرا من أبناء أدم بأشكال مختلفة و لكن المؤكد أني سوف أبحث، لن يفتقدني أحد قبل عام سوف، أذهب لن أخبر أحد، سوف اخفتي وأبحث ……

ظللت أياما و شهور أجوب عدن بلا أمل، بلا أشارة والرعب يجتاح قلبي وعقلي، إذا ما شعر بى أو علم ما في قلبي و لكن غيظي وحسدي كانوا كوقود ابن آدم الذي يضعه في الماكينات الأرضية التي تعمل بالأوامر مثل زملائي،

حتي لاحظت ظلا يتبعني، يا ويلي انتهيت يا حسيب ستقيد في سلسلة سبعون ذراعا و تجر إلى قاع الجحيم.

إلتفت في جزع وإذا بها أمامي، حورية كلؤلؤة شفافة تضيء حولها هالة كشموع بيضاء وحولها يعصف عطر عنيف الرائحة، اصطدم بصدري بشدة حتي جفلت وابتعدت خطوات، وجدتها تشير بسبابتها أن أتوقف محذرة،

فهمت.

إنها تهددني بفضح أمري إذا لم أقف، وقفت كالحجر والرعب يجتاح قلبي، أخبرتني بحركة شفتيها بلا صوت أنها من قبيلة الحوريات الصامتات، هن خلقن إستجابه لدعوة أحد الرجال كانت زوجته ثرثارة فدعي أن يرزق في الجنة بحورية بكماء لا تتكلم، تنكح فقط فإستجيب له و خلقت تلك القبيلة وحجبت للخواص من الصائمين القائمين الركع السجود ناحري أعناق الكفرة أعداء الله.

أشارت إلي أنها وهبت في مجمل خلقها بقراءة الأفكار وهي دائما ما تمر إلى جوار ملائكة كثيرة ولم تستطع ولو لمرة واحدة اختراق حجاب عقولهم فعلمت أن موهبتها لا تعمل إلا ّمع البشر أبناء أدم المحظوظ الذي سيتنعم بتلك اللؤلؤة، لا تشرد يا حسيب ركز و أحكي الحكاية. قالت أنها تستعجب من قدرتها علي اختراق عقلي أي جريمة تفكر فيها يا هذا أجننت؟ الشجرة؟ سوف تعلق من جناحك علي مدخل الفردوس لتكون عبرة للجميع.

انتظري، كيف لكي قراءة عقلي إن كنت ملاكاً خالصاً، لابد أني خلقت بها أمر ما أظن أني مضطرب، لماذا أفكر؟ لماذا اشتهي؟ لماذا احسد؟ يا ويلي أنا إبليس القادم مؤكد …..

وسط حيرتي وجدتها تبتسم و تقول لي أنها تسمع نفس الإتهامات من شقيقاتها في قبيلة حوريات الصمت، يقلن سراً وجهراً أني غريبة و لابد أن خلقي به أمر جعلني مختلفة.

هل تعلم أني اقتربت من حلمي؟

نعم أشعر بسعادة فقد مرض الرجل الموكلة بسعادته مرض الموت، أخبرني سراً ملاك كنت أتحدث معه كلما مر في عام الراحة أشعر بسعادة أخيراً سألقاه، أخيراً سوف أعيش كشقيقاتي اللائي خرجن من القبيلة لبني آدم المؤمنون الموعودون، لم أري منهن واحدة منذ خروجهن، أي سعادة وراحه ودلال يعشن فيها الآن، لقد حانت ساعتي أخيراً، سأتحرر وأقم بالدور الذي خلقت له.

كنت تائها فيها وهي تحرك شفتيها فاتني كثير من كلماتها الصامتة بينما أبدل عيني بين شفتيها وكفها، عيونها اللوزية تشبه تلك السيدة التي يعشق صوتها أهل الأرض في بيروت، تلك الساحرة الصوت، اسمها فيروز، يا خسارة لو لم تكن خرساء ووهبت صوتها فتجلس إلى جواري تشدو لي فقط واتأملها.

إبتسمت في خجل فجأة، يا ويلي لابد أنها قرأت عقلي مرة أخري، أريد أن أهرب خجلاً من أمامها، استوقفتني وطلبت مرافقتي، هي تريد خدمه مقابل خدمة، تريد أن تضطلع علي زميلاتها الحوريات الموهوبات للبشر وكيف حالهن الآن، وفي المقابل سوف تدلني علي الشجرة.

وافقت ليس طمعا في الشجرة بل في الرفقة، أمسكت طرف ردائها الأخضر وصعدت علي ظهري وأمسكت بجناحي، رحت أطوف بها فوق بيوت الحوريات المسكونة، لم أفكر يوماً في العبور إلي تلك المنطقة المحرمة، ولكن الآن أي جريمة في الجنة أبشع مما أنا مقبل عليه في أمر البحث عن الشجرة هو بالطبع أهون.

صعدنا في هدوء جمعت، ردائها الواسع بين فخذيها حتي لا تقع وهي ترتقي كنت أراقبها وأتخيلها كزميلة الراحل آخر عملائي وهي تتحرك أمامه و قلبه يشتعل وجسده يستجيب

لم يستجب جسدي فقط اشتعل قلبي و استدارت هي في تركيز تنظر، لقد توقفت عن قراءة عقلي لتشاهد ما هي مقبلة عليه.

صوت أنين متقطع يسبق مشهد طاولة كبيرة عليها خمر وعسل ولبن وطيور شهية وفاكهة كثيرة ورجل في 33 من عمره، ضخم الجثة كث الشعر ذو هيئة أقرب إلى لاعبي المصارعة، يجامع حوريتين في وقت واحد بينما تجلس أربعه علي الأرض في إنتظار دوريهما، استبدل على الفور الحوريتين بغيرهما دونما إهتمام، يلقيهما ويستبدلهما، كنت انظر في غضب بينما رفيقتي في حاله ذهول ورعب وخذلان، نعم الخذلان هو التعبير الواقعي الصارخ الذي شاهدته علي وجه المسكينة.

انتفضت وتمسكت بجناحي وقالت بشفتيها وبسرعة لم أتبين قراءتها، ولكني شعرت برغبتها في الرحيل، حملتها دون تفكير علي ظهري و أطلقت لجناحي العنان سألتها مستديراً ما اسمك قالت شجر.

قلت لها إلي شمال عدن يا شجر، فلنهرب من كل هذا الجنون، ردت عيونها بالموافقة و انطلقنا حيث اشارة ارتقينا أجمه عالية كثيفة حتي وجدناها، الشجرة محترقة عن آخرها و رغم ذلك أغصانها العارية لا تزال شامخة في سماء عدن، إنها هي شجرة، الشهوة، الخطيئة، الحب، بدون تفكير نبش كلانا الأرض باحثاً عن جذور، اخترقت أيدينا تربة الجنة والحنه والزعفران حتي عثرنا علي جذر قضمناه سويا حتي إلتقت شفتانا في أول قبلة لي ولها وشعرنا بها، شعرنا بالفن و اللغة والأدب والرسم والموسيقي، بالشعر وكل الفنون تسري في أعضائنا التي استحالت إلي الهيئة الأسطورية بين الملاك والإنسان والشيطان.

تمددت علي الأرض و فعلت بها كل ما دونته لأبناء آدم في سبع ساعات علوية هي عمري كحسيب من حسنات لزوجاتهم أو خطايا لعشيقاتهم، أتري حسيبي يسجل لي الآن كل ضمة، كل قبلة، كل لمسة، كل أهة. أتري الله يعلم؟ أتراه غاضب؟ لا أظن، لا اكترث، فقط أريدك، استمري في ضمي، استمر في ضمك حتي تسقط السماء علينا كم أنت محظوظ يا آدم.

تجمعت الملائكة علي صوت انفجارنا يصدح في عدن،

حضرت زعيمة قبيلتها ورئيس وحدتي وأجمعوا علي طردنا إلى الأرض، فلو علم الله لحرقنا وحرقهم لعدم مراقبتنا،

رد رئيسي هذا إن عاد!

ضغطت الزعيمة علي مخارج حروفها وقالت، صمتا ليس أمامهم

رد رئيسي. حسنا حسنا …..

و لكن هناك مشكلة علا صوت رئيسة الحوريات، حوريات الرجل القادم في أيام السبعين سوف ينقصن واحدة هو شهيداً جليلاً ومن حقه 70، كيف نقدم له 69؟

رد رئيسي قائلا إذاً نطرده و نستبقيها.

قالت صارخة كيف بعد ما فعله بها لقد فقدت عذريتها لا تصلح أن تقدم للشهيد.

علت أصواتهم في احتدام

تركناهم في حيرتهم و سلكنا طريقنا إلى الأرض هبوطاً، يدي في يدها، حسيب وشجر، آدم جديد وحواء جديدة

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات