صورة من جمال مصر .. بقلم: جمال عمر

بقلم: جمال عمر
مؤسس صالون وأكاديمية تفكير

d8acd985d8a7d984-d981d8b1d8afd98a-d985d8a8d8aad8b3d985 صورة من جمال مصر .. بقلم: جمال عمر

من بلكونة تطل على ميدان طلعت حرب في القاهرة، في نهار شتوي، يظهر فيها اللون الأزرق والأبيض الألوان المميزة للنادي اليوناني بالقاهرة، الذي يقع فوق محل “جروبي” الشهير في الميدان، والمغلق منذ مدة، كان يجلس ثلاثة من أعز الناس على قلبي، معرفتنا الشخصية خلال السنوات القليلة الماضية.

جلس الأستاذ عبد الجواد ياسين، الذي يفضل العزلة، في بيته ولا يحب ضوضاء وسط القاهرة والزحمة، على الكرسي الأبيض في اتجاه الميدان حيث تمثال لطلعت حرب يعطي ظهره لجروبي والنادي اليوناني وينظر إلى العلامة التجارية لمحل “عرفة” التي بدلت العلامة التجارية لمحل “صيدناوي” بعد بيع شركة صيدناوي.

وتجلس أمامه د. رغد وظهرها للميدان، بابتسامتها الرقيقة، وهي أيضا تقريبا لا تحب الضوضاء ولا الزحمة في وسط القاهرة، وإن كان ياسين قد أتى من مسكنه في الامتداد العمراني شمال شرق القاهرة، فرغد أتت من الامتداد العمراني خلال العقود الماضية، جنوب غرب الجيزة في منطقة الشيخ زايد، للقاء في وسط القاهرة.

ويجلس على الجانب الأخر من الترابيزة د. أكمل، أخوها، الطبيب والأستاذ الجامعي في جامعة بالدنمارك التي هاجر إليها منذ عقود، وأتى منذ أيام قليلة في زيارة للقاهرة. بلحيته وابتسامته التي تحمل براءة طفل.

في صورة للقاء وصلتني، رغد تتعلق بذراع عبد الجواد ياسين، بصورة جميلة ومعبرة، تظهر في نظري جمال وحب وتقديرها لجهد وفكر عبد الجواد ياسين. هذا اللقاء الثلاثي كنت أسعى له أن يحدث، ولتوثيق العلاقة بين هذه النفوس والعقول الثلاثة. وحدث بينما أنا أغادر المجال الجوي لمصر، وفرحت جدا بحدوثه.

d8b1d8bad8af-d988d8b9d8a8d8af-d8a7d984d8acd988d8a7d8af-d98ad8a7d8b3d98ad986 صورة من جمال مصر .. بقلم: جمال عمر

بدأت الحكاية في سبتمبر 2024 حين سعينا لعمل احتفال واحتفاء بسبيعينة الأستاذ عبد الجواد ياسين في مؤسسة تفكير الثقافية، بعمل موسم كامل من المحاضرات في شهر سبتمبر مكون من 16 ندوة فكرية من باحثين يغطون الكوكب من أفغانستان شرقا إلى غرب أمريكا وكندا غربا، واشترك كل من أكمل ورغد في إدارة ندوات من ندوات الموسم.

في هذا الموسم تجلى جمال بلد كمصر من خلال هذه الجهود الأهلية البسيطة لكن عميقة في عمقها وفي رقيها، في الفكر وفي السلوك. تجلت في عمق فكر عبد الجواد ياسين المتخصص النخبوي إلى حد ما، حين يلتقي بجمهور أوسع، وتجلى في أسلوب ودقة رغد صفوت في الترتيب لكل تفصيلة في اللقاء الذي تقوم على إدارته، وضرورة التواصل مع المحاضر وإعدادها لكلمتها في التقديم، ورقة وعذوبة تواصلها الإنساني، الذي يجمع بين العقل والعلم وفن وأدب الحوار. ويُضيف أكمل صفوت إلى كل ذلك، اهتمامه هو الشخصي بالفكر الإسلامي والانخراط في الحياة الثقافية والفكرية والفنية، التي جمع فيها بين التراث وباللغة العربية وتراث حي من التراث الأوروبي.

عبد الجواد ورغد وأكمل، في نظري، يجسدون شرائح كريمة جمال العقل والعلم والفكر والفن في مصر، في ظل منظومة اعتمدت الشعبوية والجماهيرية على حساب أن النخبة غير المنغمسة فقط في كل ما هو يومي وحالي وآني، وأن أي بلد وأي ثقافة تحتاج إلى كل هذه الجوانب، ولكن لهذا حديث آخر، ربما في شرفة النادي اليوناني المطلة على ميدان طلعت حرب في وسط القاهرة الزيارة القادمة.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات