عبد الرحمن واحد والسادات: رؤية جديدة للتحديات الإسلامية في السياسة الدولية… بقلم: لالو عزمي العزيز الإندونيسي

لالو عزمي العزيز الإندونيسي

d984d8a7d984d988-d8b9d8b2d985d98a-d8a7d984d8b9d8b2d98ad8b2-d8a7d984d985d8aad982d98ad986-d8a7d984d8a5d986d8afd988d986d98ad8b3d98a-1 عبد الرحمن واحد والسادات: رؤية جديدة للتحديات الإسلامية في السياسة الدولية... بقلم: لالو عزمي العزيز الإندونيسي
d8b9d8a8d8af-d8a7d984d8b1d8add985d986-d988d8a7d8add8af-d8b1d8a6d98ad8b3-d8a5d986d8afd988d986d98ad8b3d98ad8a7-d8a7d984d8b1d8a7d8a8d8b9 عبد الرحمن واحد والسادات: رؤية جديدة للتحديات الإسلامية في السياسة الدولية... بقلم: لالو عزمي العزيز الإندونيسي
عبد الرحمن واحد

عبد الرحمن واحد (غوس دور)، رئيس إندونيسيا الرابع وزعيم جمعية نهضة العلماء―من أكبر جمعية إسلامية في إندونيسيا―، كان معروفاً بشخصيته الثقافية والفكرية، حيث جمع بين العلم الديني العميق والتفكير السياسي المعاصر. بينما قاد بلاد إندونيسيا في فترة انتقالية حساسة، كان له أيضاً تأثير كبير على مستوى العلاقات الدولية، ولم تقتصر اهتماماته على القضايا المحلية فقط. واحدة من الشخصيات الدولية التي كانت محور اهتمام عبد الرحمن واحد هو الرئيس المصري أنور السادات.

  وكان عبد الرحمن واحد، الذي نشأ في بيئة أكاديمية إسلامية، تلقى تعليمه في الأزهر الشريف، الذي يعتبر من أقدم وأرقى المؤسسات التعليمية الإسلامية في العالم. تأثير الأزهر كان جلياً في أفكاره وحركته، حيث استقى العديد من رؤاه حول الفكر الإسلامي المعاصر من المناقشات والبيئة التعليمية في مصر. إن التفاعل مع هذه المؤسسة العريقة ساعد في تشكيل رؤيته حول أهمية الحوار والتفاهم بين الثقافات، مما يعكس تأثير مصر عليه في تطوير أفكاره السياسية والدينية.

d8b9d8a8d8afd8a7d984d8b1d8add985d986-d988d8a7d8add8af-d98ad8afd8b1d8b3-d981d98a-d8a7d984d8a3d8b2d987d8b1 عبد الرحمن واحد والسادات: رؤية جديدة للتحديات الإسلامية في السياسة الدولية... بقلم: لالو عزمي العزيز الإندونيسي
عبدالرحمن واحد يدرس في الأزهر

فأما أنور السادات، الرئيس الثالث لمصر، كان زعيماً متميزاً على الساحة الدولية، وقد اشتهر بجهوده لتحقيق السلام مع إسرائيل من خلال توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978. هذه الاتفاقية كانت منعطفاً تاريخياً في السياسة العربية والإسلامية، ولقيت ترحيباً من بعض الأطراف ورفضاً شديداً من أخرى. كان عبد الرحمن واحد من بين المثقفين المسلمين الذين تابعوا هذا التطور عن كثب.

من خلال كتاباته ومقالاته، أشار عبد الرحمن واحد إلى شخصية السادات عدة مرات. كانت رؤية غوس دور تجاه السادات تتسم بالتوازن، حيث كان يفهم السياق السياسي الذي دفع السادات لاتخاذ قرارات مثيرة للجدل مثل كامب ديفيد، ولكنه في الوقت نفسه لم يغض الطرف عن الانتقادات الشديدة التي وُجهت للسادات من قِبَل الجماعات الإسلامية وبعض الدول العربية.

عبد الرحمن واحد كان يعتقد أن السادات كان زعيماً جريئاً استطاع أن يكسر الحواجز الدبلوماسية من أجل تحقيق ما رآه في مصلحة مصر وشعبها. كان السادات، من وجهة نظر عبد الرحمن واحد، يدرك تعقيدات السياسة الدولية، وعلم أن المواجهة المستمرة مع إسرائيل لن تكون في مصلحة بلاده، خاصة بعد الهزائم العسكرية السابقة. وبالتالي، سعى السادات إلى اتباع مسار جديد، مسار الحوار والتفاوض، الذي كان بمثابة ثورة دبلوماسية في ذلك الوقت.

ومع ذلك، كان عبد الرحمن واحد واعياً تماماً للتداعيات السلبية التي صاحبت قرار السادات. فقد أدى توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل إلى عزل مصر عن العالم العربي لفترة، وجعل السادات هدفاً للانتقادات الحادة من بعض الأطراف السياسية والدينية. ورغم أن عبد الرحمن واحد لم يكن مؤيداً لكل قرار اتخذه السادات، إلا أنه كان يقدر شجاعته وقدرته على التفكير خارج الصندوق.

واحدة من أهم الأفكار التي كان عبد الرحمن واحد يركز عليها في مقالاته هو كيفية الاستفادة من دروس السادات في قيادة الدول الإسلامية. كان يرى أن التحديات التي تواجه العالم الإسلامي تتطلب قادة لديهم الشجاعة الكافية لاتخاذ قرارات غير شعبية إذا كانت تلك القرارات تصب في مصلحة البلاد على المدى الطويل. كان السادات، في نظره، مثالاً على زعيم وضع مصلحة بلاده فوق اعتبارات الشعبية الوقتية.

ولكن غوس دور كان يؤكد أيضاً أن اتخاذ مثل هذه القرارات يتطلب فهمًا عميقًا للواقع الدولي، وكذلك التواصل الجيد مع الشعوب لضمان فهمهم للأهداف النهائية. وفي هذا السياق، كان ينتقد عبد الرحمن واحد بعض جوانب حكم السادات، حيث رأى أن السادات لم يتمكن من كسب تأييد كافٍ داخل مصر لخطواته السياسية، مما أدى في النهاية إلى اغتياله.

في فترة رئاسته لإندونيسيا، تأثر عبد الرحمن واحد بشكل غير مباشر بفكر السادات من حيث السعي إلى إقامة توازن بين الحفاظ على القيم الإسلامية والانخراط في السياسة الدولية بطريقة براغماتية. كان عبد الرحمن واحد من المؤمنين بأن العالم الإسلامي لا يجب أن ينغلق على نفسه، بل يجب أن يتعامل مع التحديات العالمية بواقعية، تماماً كما حاول السادات التعامل مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي.

وفي هذا الصدد، كان عبد الرحمن واحد يسعى دائماً إلى تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان. وكان يرى أن جزءاً من المشاكل التي يواجهها العالم الإسلامي ينبع من الافتقار إلى هذا الحوار والانغلاق الفكري الذي يعيق التفاهم المتبادل. هذه الفكرة كانت مستوحاة جزئياً من تجربة السادات في تحقيق السلام مع عدو قديم، على الرغم من المعارضة الشديدة التي واجهها.

العلاقة الفكرية بين عبد الرحمن واحد وأنور السادات تعكس مدى اهتمام غوس دور بالتعلم من قادة العالم الإسلامي الذين سبقوه. وبينما كان عبد الرحمن واحد يشيد بشجاعة السادات ورؤيته السياسية، إلا أنه كان أيضاً واعياً للتحديات التي واجهها السادات والانتقادات التي وُجهت إليه. من خلال مقالاته، حاول عبد الرحمن واحد تقديم رؤية متوازنة حول شخصية السادات ودوره في التاريخ الإسلامي المعاصر، مما يعكس فلسفته في القيادة: القيادة التي تقوم على التوازن بين القيم والمصالح، بين المبادئ والواقعية.

كان عبد الرحمن واحد يؤمن بأن العالم الإسلامي بحاجة إلى قادة يجرؤون على اتخاذ قرارات صعبة، مثل السادات، لكنهم أيضاً يجب أن يتعلموا من أخطاء الماضي لضمان تحقيق توازن بين المصلحة الوطنية والشعبية.

حوار بين عبد الرحمن واحد ونصر حامد أبو زيد

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات