“عن إيلي”.. عندما تكون حاضرًا غائب.. بقلم: عمرو عبد الرحمن

بقلم: عمرو عبد الرحمن

280709377_5758375077522788_4038074696299373968_n2 "عن إيلي".. عندما تكون حاضرًا غائب.. بقلم: عمرو عبد الرحمن

“عن إيلي” هو فيلم إيراني للمخرج أصغر فرهادي، الذي يعد فيلمه “انفصال” أشهر وأفضل أفلامه، إلا إن فيلم “عن إيلي” يُعد أقربها إلى قلبي.

تحكي القصة عن مجموعة من الأصدقاء الإيرانيين يذهبون إلى قضاء عطلة، تصطحب فيها إحداهن معلمة ابنتها، لرؤية صديقهم أحمد المنفصل حديثًا عن زوجته والعائد من برلين في إجازة.

بالنظر إلى إيلي فهي يسيطر عليها القلق. لا تستطيع الاستمتاع بوقتها. ترغب في العودة سريعًا إلى أسرتها، لكن القدر لا يمهلها كثيرًا.

يتعرض أحد الأطفال للغرق، يتم إنقاذه ليكتشف الجميع غياب إيلي. هل غرقت محاولةً إنقاذه؟ هل رحلت عائدةً لأسرتها؟

يقضي الجميع وقتًا طويلًا في محاولة لإنكار ما هو ظاهر أولًا، ثم لإيجاد شخص يحملونه مسئولية ما حدث.

لو أن للفيلم ثلاثة محاور، ففي رأيي أن أولها هو: إبراز كم نقضي من الوقت في لوم أنفسنا والشجار فيما بيننا، لنجد من نحمله مسئولية ما نتعرض له من مصائب بدلًا من تقبلها والتعامل مع تبعاتها.

يقرر الأصدقاء أن من الواجب التواصل مع أهلها وإبلاغهم، لكن من هم أهلها؟ من هي إيلي بالأساس؟ ما اسمها؟ إيلي هو اسم مختصر لاسم حقيقي، فما هو؟ لا أحد يعلم.

1000030224 "عن إيلي".. عندما تكون حاضرًا غائب.. بقلم: عمرو عبد الرحمن

وهذا هو المحور الثاني: كم من الناس يمكن أن تربطنا بهم علاقات وتجمعنا بهم أنشطة شبه يومية، لكننا لا نعرف عنهم شيئًا. نتعامل معًا كأجساد تؤدي وظائف حيوية، دون التعمق إلى ما هو كامن في أرواحنا.

يكتشف الأصدقاء أنهم لا يعلمون من هي إيلي، وأن حتى الجزء اليسير الذي أخبرتهم عن نفسها ما هو إلا كذب. يكرهونها، ويتهمونها بأسوأ التهم لأنها كاذبة، رغم أنهم لو أمعنوا النظر قليلًا فيما يقولون من بداية الأحداث، لوجدوا أنفسهم يكذبون مثلها وأكثر.

وهذا هو المحور الثالث والأهم: تأثير النظام القمعي السياسي والاجتماعي على أفراده، بحيث يعتادوا الكذب للهروب من المواجهة، فينتهي بهم الأمر لا يعرف أحدهم الآخر، لأن ما أعرفه عنك هو ما تسمح لي أن أعرفه. ولو كان ما تخبرني كذب، فأنا لا أعرفك على الإطلاق.

1000030225 "عن إيلي".. عندما تكون حاضرًا غائب.. بقلم: عمرو عبد الرحمن

إيلي كانت مخطوبة، أرادت الانفصال عن خطيبها الذي لا تحبه، وربما رأت في أحمد فرصة للهروب مما هي مُجبرة عليه بسيف القمع الذي يمثله خطيبها.

تتعرض الشخصيات لاختبار تلو اختبار، وفي كل مرة يلجأون للكذب وعدم قول الحقيقة، بل أنهم يطلبون من أبنائهم الكذب أيضًا، لنرى في أقل من ساعتين كيف يمكن أن تبني مجتمعًا يعتاد إخفاء حقيقته نتيجة الخوف والقهر.

فهل يمكن أن نلومهم على ذلك؟

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات