عَدُوٌّ حَمِيمٌ مُدَجَّجٌ بالذِّكْرَيَاتِ.. ترجمة أنطونيوس نبيل.. الجزء الأول
أنطونيوس نبيل
طبيب وشاعر وملحن.

(أَعَادَ المَلِكُ في خُيَلَائِهِ
خَوْضَ حُرُوبٍ مِن زمنٍ وَلَّى:
ثلاثَ مَرَّاتٍ كَسَرَ شَوْكَةَ أعدائِهِ
ثلاثَ مَرَّاتٍ أَزْهَقَ رُوحَ القَتْلَى.
چون درايدن
قصيدة "مَأْدُبَةُ الإسكندر"عام 1697 ميلاديًّا)
أُمِرْتُ بأنْ أقتلَ للمرَّةِ الأولى، في السَّنَةِ الرَّابعةِ مِن الحَرْبِ حَامِيَةِ الوَطِيسِ، التي شَبَّ ضِرَامُهَا بيني وبينَ الشخصِ البَغِيضِ الذي اسْتَوطَنَ دماغي، ذاك المستأجرُ بالغُ الخِسَّةِ الذي يُطْلِقُ اسمَ “چيري أولاندر” على نَفْسِهِ.
كان هذا أمرًا مُتَوَقَّعًا؛ فقد سَلَخَ چيري أولاندر نَحْوَ أَرْبَعِ سنواتٍ –بزيادة شَهْرَيْنِ أَوْ بِنُقْصَانِهما- ليَتَمَكَّنَ مِن فَرْضِ سَيْطَرَتِهِ على استجاباتي الحركيَّةِ بشكلٍ كَافٍ. لقد عَمَلَ دائبًا على تنفيذِ خِطَّتِهِ التي تناهتْ بي إلى سلسلةٍ مِن الأفعالِ الوَحْشِيَّةِ، وعلى الرُّغْم مِن أنني لم أكنْ على درايةٍ بأنَّ شَرَّهُ ينطوي على الأَمْرِ بالقتلِ -حتَّى جاءتِ اللحظةُ الحَاسِمَةُ التي نَبَّهَتْنِي مِنْ خَدَرِ الغفلةِ- إلَّا أنَّ ذلك كانَ واحدًا مِن الاحتمالاتِ القليلةِ المُرْتَقَبَةِ، وعلى الرُّغمِ مِن أنَّ الأمرَ لمْ يُباغِتْنِي إلَّا أنني كنتُ أرفضُ الانصياعِ لَهُ شاعِرًا ببراثنِ الغَثَيَانِ تُمَشِّطُ أحشائي وتَهْصِرُ أنفاسي، ولكن رفضي هذا لَمْ يُجْدِنِي نَفْعًا يُذْكَرُ على الإطلاقِ. بعد أربعِ سنواتٍ مِن الحربِ المُتَوَصِلَةِ التي دارتْ رَحَاها داخلَ دماغي، كان چيري قد اكتسبَ قَدْرًا كافيًا مِن القوَّةِ يُضَاهِي قَدْرَ الوهنِ الذي دَبَّ في نَفْسي: لقد أَدْنَفَتْنِي المعركةُ المُحْتَدِمَةُ بما طَرَحَتْهُ عَلَيَّ مِن أوزارٍ وَخِيمةٍ مَحَقَتْ عِظَامَ عَزْمِي واسْتَنْزَفَتْ دِمَاءَ إرَادَتِي، وخَلَّفَتْنِي مهزولًا مَهْزَومًا بما يكفي لأُدْلِيَ بحُجَّةٍ واهيةٍ ليس هناك أَيْسَرُ مِن دحضِها.
تَبَيَّنَ أنَّ الهدفَ المُسْتَهْدَفَ هو الشقيقُ الأكبرُ لأُمِّي: الخَالُ كارل. لرُبَّما كان بمقدوري أنْ أعثرَ على ذُرَيْرَةٍ مِن المَعْقُوليَّةِ في أمرِ القتلِ، لو أنَّ چيري كانَ قد اقترحَ استهدافَ البابا أو رئيسِ الولاياتِ المتحدةِ أو أيّ شخصيَّةٍ عَامَّةٍ تختالُ في هَالَةٍ مَرْمُوقَةٍ مِن زَنَاخَةِ صِيتِها الذَّائِعِ، لكن الخال كارل؟ رجلٌ نَاهَزَ السَّبْعِينَ مِنَ العُمْرِ، صائغُ حِلًى مُتَقَاعِدٌ ماتتْ زَوجَهَ بالسرطانِ قبل خمسة عشر عامًا، يعيشُ في ضاحيةٍ مِن ضواحي شيكاجو حياةً هادئةً مُسَالِمَةً. كارل؟ لِمَ قد يرغبُ مَن يُشَاطِرُنِي دماغي قَسْرًا في رؤيةِ خالي المُسِنِّ كارل مَيِّتًا؟
أجابني چيري حالما وَجَّهتُ إليه السؤال:
“ألستَ راغبًا في مَوْتِهِ؟”
“مَن؟ كارل؟”
لَمْ أكنْ أَتَغَابَى، لكنني أجبتُهُ سَادِرًا وقد استبدَّ بي الاضطرابُ فبدوتُ غبيًّا.
ضَحِكَ چيري، يا لَهَا مِن ضَحْكَةٍ مشئومةٍ تَحَتَّمَ عليَّ أنْ أُمَيِّزَها! كانَ ضَحِكُهُ المحتومُ يبدأُ دومًا في سكونِ الليلِ المُطْبِقِ: عندما كنتُ أتأرجحُ على شَفَا الصِّرَاطِ الرَّهيفِ الذي يفصلُ بَيْنَ يقظةٍ يَمُجُّ فيها جهازُ التلفازِ الرَّابِضِ بجوار فراشي نِثَارًا من وَمِيضٍ يبصقُهُ في وجهي وبَيْنَ هاويةٍ مِنَ النومِ المَحْمُودِ. كنتُ على يقينٍ لا يخامرُهُ أدنى شَكٍّ مِنْ أنَّ صَوتَ ضَحْكَتِهِ يُطَابِقُ الصَّوْتَ الذي أصدرتْهُ المِطْرَقةُ المِخْلَبِيَّةُ ذاتُ المِقْبَضِ المَكْسُورِ وهي تقتلعُ المِسْمَارَيْنِ الصَّدِئَيْنِ مِنَ المِعْصَمَيْنِ المَصْلُوبَيْنِ ليسوع النَّاصريّ.
أطلقَ ضَحْكَتَهُ الصَّدِئَةَ وقالَ بنبرةٍ تَتَعَمَّدُ مُحَاكَاةَ صوتي:
“مَن؟ كارل؟ نعم، كارل. الخالُ كارل العجوز الذي اغتالَ أحلامَ أبيكَ، إيَّاكَ أنْ تُخْبِرَنِي بأنَّكَ قد نَسِيتَ كُلَّ ذلك، إيَّاكَ يا صديقي.”
“لا تَدْعُنِي صَدِيقَك.”
“حسنًا، لَكَ ما تُرِيدُ: نعم، الخال كارل، ما رأيُكَ في هذه الصِّيغَةِ المُقْتَضَبَةِ كجوابٍ لسؤالِك؟”
“إنَّك لمجنونٌ… لا أستطيعُ أنْ أفعلَ هذا… لن أفعلَ هذا أبدًا!”
“ستفعلُ هذا حَتْمًا: إنَّهُ قَضَاءٌ لا مَحِيصَ لَكَ عَنْهُ وسبيلٌ لا عَقَبَةَ فيهِ تَعُوقُنَا عَنْ إدراكِ بُغْيَتِنا. أمَّا فيما خَصَصْتَنِي بِهِ مِن اِتِّهَامٍ بالجنونِ، فهذا ممَّا لا أُجادِلُكَ فيهِ؛ فَمَا مِن إنسانٍ مُكْتَمِلِ العَقْلِ يَرْضَى بأَنْ يُسَاكِنَكَ في الدِّمَاغِ ذاتِهِ.”
قُلْتُ:
“إنَّ الخالَ كارل لَمْ يقترفْ في حَقِّ أَبِي ذَنْبًا قَطُّ.”
قالَ چيري بِصَلَفٍ مَقِيتٍ:
“فَلْتُمْعِنْ النَّظَرَ في الأمرِ.”
لكنني على الرُّغْمِ مِن كراهتي لعجرفتِهِ، استجبتُ لَهُ وأَمْعَنْتُ التَّأمُّلَ في الأمر. مِنْ مقبرة الجير الحَيّ التي تكدَّسَتْ فيها جُثَثُ الذِّكْرَيَاتِ التي غَالَها النسيانُ وطَالَها العَفَنُ، بَزَغَ بَغْتَةً شيءٌ ما، ما زالَ يَتَحَرَّكُ على الرُّغْمِ مِن كونِهِ مَيِّتًا: ذكرى بُعِثَتْ وَزَحَفَتْ حتَّى اندَسَّتْ خُلْسَةً في وَعْيي، جيفةٌ تَهْدِجُ ونَتَنُهَا يَتَصَاعَدُ مِن غَوْرِ الطُّفُولَةِ، ذكرى تَعِسَةٌ تَتَبَدَّى مُدَثَّرَةً بالغموضِ، كانَ عقلي يُدْرِكُ أنَّها محضُ فِرْيَةٍ، ومع ذلك تَشَبَّثَ بالإيمانِ بها والإقرارِ بصدقِهَا كطفلٍ مُحَاصَرٍ يَأْبَى التَّخَلِّي عمَّا ادَّخَرَهُ الماضي لَهُ مِن أهوالٍ.
ضَحِكَ چيري قائلًا:
“أجلْ، إنَّكَ الآنَ تُوَاجِهُ ما قد وَقَعَ يا صديقي، أَتَذْكُرُ الآن؟”
“ما هي إلَّا ذكرى مُلَفَقَّةٌ وإنِّي على يقينٍ مِنْ زَيْفِها؛ فلَمْ تَقَعْ الأمورُ على هذا النَّحوِ. لقد خِلْتُ أنَّ الأمرَ وَقَعَ كما صَوَّرَتْهُ الذكرى بأصباغِ تَخَرُّصِهَا… لأنني كنتُ مُجَرَّدَ طفلٍ لَمْ تَتَعَدَّ مَعْرِفَتُهُ حَدَّها القَاصِرَ.”
“ليس هناك شخصٌ شريرٌ، أهذا قَصْدُكَ؟ لا أسودَ ولا أبيضَ، وما العالمُ إلَّا كومةٌ هائلةٌ مِن الرَّماديَّاتِ، أهذا ما تراه؟ إنْ كنتَ حقًّا ترى ذلك فأَخْبِرْنِي: لِمَ لَمْ تَزَلْ تُصَدِّقُ الذكرى؟”
أَمَضَّنِي بقسوةٍ سؤالُهُ الأخيرُ، حاولتُ جاهِدًا أنْ أُعِيدَ الذكرى الدَّمِيمةَ إلى مقبرتِهَا الكَلَسِيَّةِ، لكنَّها تَمَلَّصَتْ مِنِّي وأخذتْ تَطُوفُ بإصرارٍ في عقلي يَحْدُوهَا صوتُ چيري.
“أَنْعِمْ النَّظرَ يا صديقي في الخالِ كارل، وتَأمَّلْ ما اجترمَتْهُ يَدَاهُ في حَقِّ أبيكَ.”
استطالتِ الذكرى في عقلي وتعاظمتْ، فإذا بي عاجزٌ عن أنْ أُشِيحَ ببصري عَنْ لحمِهَا المُتَفَسِّخِ وأنفاسِهَا البَخْرَاءِ وعينَيْهَا الخَابِيَتَيْنِ المَكْسُوَتَيْنِ بغشاءٍ رماديٍّ، وإذا بي أَتَذَكَّرُ أبي…
قامَ أبي بإدراةِ مَتْجَرِ كارل للمجوهراتِ إبَّان الحربِ، لأنَّ الأخيرَ كان قد التحقَ بالقواتِ البحريَّةِ. كان أبي قد بلغَ مِن العُمْرِ ما يحولُ دونَ تجنيدِهِ وكما أنَّ حالةَ قَلْبِهِ بَلَغَتْ مِن التَّدَهْوُرِ حَدًّا لا يسمح لَهُ بالخدمةِ العسكريَّةِ؛ فاشتغلَ في المتجرِ عِوَضًا عن الانضواءِ تحت لواءِ بالجيشِ، أمَّا كارل فكان قد استغلَّ نفوذَ معارِفِهِ لينتهي بِهِ المطافُ آمِنًا على الساحل الغربيّ في إحدى قواعِدِ الإمدادِ. كان أبي يكدحُ اثنتي عَشْرَةَ ساعةً، خمسَ عَشْرَةَ ساعةً، ثمانيَ عشرةَ ساعة؛ كي يُحَقِّقَ نُمُوًّا في عددِ عُمَلَاء المَتْجَرِ. كَمْ كانَ رَاغِبًا في أنْ يمتلكَ متجرًا خاصًّا بِهِ، أنْ يكونَ لَهُ مشروعُهُ الخاصُّ، أن يذهبَ إلى توسان أو سان فرانسيسكو: أن ينتقلَ إلى مكانٍ دافئٍ بَدِيعٍ يُشْرقُ فيها الجمالُ، بعيدًا عن ثلوجِ بحيرةِ ميشيجن ورياحِها القَارِسَةِ، لكن أمِّي كانت تُصِرُّ على أنَّ العائلةَ أكثرَ أهميَّةً مِن تحقيقِ الذاتِ قائلةً:
“يَجِبُ عليك أن تبقى مع العائلةِ؛ فقد أخبرك كارل بأنَّهُ سيجعلُكَ شريكًا لَهُ، والعائلةُ لا تَنْكُثُ عهدًا ولا تُخْلِفُ وعدًا أبدًا.”
لذا هَجَرَ أبي أحلامَهُ ليفترسها الفَنَاءُ، ومَكَثَ كادِحًا في المتجرِ. عَادَ كارل إلى البيتِ حالما وَضَعَتِ الحَربُ أوزارَهَا، وأخيرًا استجمعَ أبي ما يكفي من الشجاعةِ ليطلب مِن كارل أنْ يَفِي بوَعْدِهِ؛ فما كانَ مِن كارل إلَّا أَنْ طَرَدَهُ مِنَ المَتْجَرِ. لم أعرفْ السَّبَبَ الحَقيقيّ وراءَ ما حَدَثَ؛ فقد كنتُ طفلًا، ولا أحدَ يُخْبِرُ الأطفالَ بأسبابِ ما يُلِمُّ بعَوَائِلِهم مِن كوارثَ: الكارثةُ تطرأُ فحسب، والطفلُ يَتِمُّ إبلاغُهُ
“إنَّكَ أصغرُ مِن أَنْ تفْهَم.”
ثُمَّ يستطردونَ في اللحظةِ التاليةِ قائلين لَهُ:
“يتوجَّبْ عليك ألَّا تَكْرَهَ خالَكَ كارل لِمَا حَدَثَ، فلديهِ أسبابُهُ الخَاصَّةُ.”
كان على أبي أنْ يبدأَ كفاحَهُ مِنَ القاعِ مُجَدَّدًا وهو في العقدِ السَّادسِ مِن عُمْرِهِ. استأجرَ شقةً صغيرةً في الطَّابِقِ الثَّانِي لمبنًى يقعُ في حيٍّ تُجَاريٍّ مُتَاخِمٍ لقلبِ المدينةِ النَّابِضِ، وافتتحَهَا مَتْجَرًا للمجوهراتِ. كانَ عليه أنْ يَتَكَبَّدَ عَنَاءَ ارتقاءِ طابقَينِ شاهِقَيْنِ كُلَّ يومٍ: يصعدُ دَرَجًا شديدَ الانحدارِ، ثُمَّ يجتازُ رُدْهَةً، ثُمَّ يستأنفُ الصُّعُودَ على دَرَجٍ آخرَ يبلغُ مِن الارتفاعِ نِصْفَ الدَّرَجِ الأوَّلِ، يُعَاكِسَ الأخيرَ في الاتِّجَاه ويُضَاهِيهِ في شِدَّةِ الانحدارِ. وكانَ عليه أنْ يتجشَّمَ أيضًا مَشَقَّةَ القيادةِ مِن مدينةِ إيڨاستُن جيئةً وذُهُوبًا بصِفَّةٍ يَوْمِيَّةٍ. كان أبي يعملُ حتَّى ساعةٍ متأخرةٍ مِن الليلِ ساعِيًا إلى الانتفاعِ مِنْ تَدَفُّقِ حركةِ الزَّبائنِ المسائيَّةِ، كان يكدُّ حتَّى عندما يعودُ إلى البيتِ في الهَزِيعِ الثاني من الليلِ عِوَضًا عَن أَنْ يختلسَ قِسْطًا ضئيلًا من الرَّاحةِ؛ فَلَمْ يَكُنْ يَكُفُّ عن إجراءِ مكالماتٍ هاتفيَّةٍ مع عملائِهِ في محاولاتٍ مستميتةٍ لتحقيقِ مزيدٍ مِن المبيعاتِ. كان جدولُ أعمالِهِ شاقًّا مُضْنِيًا لا يَرْحَمُ، سجنًا لا راحةَ فِيهِ ولا عِتْقَ مِنهُ، صليبًا اُضْطُرَّ إلى حَمْلِهِ كَيْ يُطْعِمَنِي ويَكْسُوَنِي أنا وأمِّي، وَكَيْلَا نَصِيرَ طُعْمَةً لأنيابِ البَرْدِ بِلَا مَأوًى. دامَ الأمرُ على هذا النَّحْوِ منذ افتتاحِ المتجرِ الجديد سَنَّةً واحدةً -إلَّا قليلًا- اِنْصَرَمَتْ فُصُولُهَا جميعًا كَشِتَاءٍ أليمٍ مِنْ شَقَاءٍ مُقِيمٍ، وبَغْتَةً في صبيحةِ أحدِ أيامِ الآحادِ بينما كانَ أبي جالسًا في كُرْسِيهِ الكبيرِ بجوار المِذْيَاعِ المَوْسُومِ بعلامةِ فيلكو التُّجَاريَّةِ، أُصِيبَ بجلطةٍ أَطْبَقَتْ على شِرْيَانِهِ التَّاجيّ، ومَاتَ: على مَرْأَى مِنِّي، فجأةً شحوبٌ رَهِيبٌ اِعْتَرَاهُ وجحظتْ عَيْنَاهُ حتَّى غَاصَتْ عيناي في زُرْقَتِهما، وتَهَدَّلَ شَطْرًا مِنْ فَمِهِ، وأَسْلَمَ الرُّوحَ بلا وداعٍ ولا كلماتٍ أخيرةٍ.
لَمْ تُطْلِقْ الذكرى سراحي، تلك الجيفةُ الزَّاحِفَةُ جَابَهَتْنِي بأشياءَ لَمْ يَكُنْ بمقدوري في طفولتي أنْ أتخيَّلَهَا: رأيتُ عَيْنَيْ أبي الزَّرْقَاوَيْنِ مُتْرَعَتَيْنِ بأَلَمٍ يَجْهَرُ في صَمْتٍ غائرٍ بأَنَّ جميعَ أحلامِهِ قَدْ سُلِبَتْ مِنهُ، وأنَّ أيامَ حياتِهِ مِن مَوْلدِهِ إلى مَمَاتِهِ لَمْ تَكُنْ إلَّا هباءً منثورًا تَذْرُوهُ ريحٌ مُخَاتِلَةٌ، وأنَّهُ رَحَلَ عن الدُّنيا دونَ أنْ يتركَ وراءهُ أثرًا يُنْبِئُ عَنْ أنَّهُ قَدْ أقامَ بها حِينًا، وأنَّهُ وُلِدَ وماتَ سُدًى؛ فليسَ مِنْ أحدٍ سيَتَذَكَّرَهُ أو يَرْثِي لَهُ. وهأنذا، قد رأيتُ أبي وتَذَكَّرتُهُ ورَثَيْتُ لَهُ. كانت الذكرى التي بُعِثَتْ مِن قَبْرِ طفولتى مُتَوَرِّمَةً بالبُغْضِ لكارل وطَافِحَةً بالتَّوْقِ لإدراك الثَّأرِ مِنْهُ.
قُلْتُ وأنا أصعدُ الدَّرَجِ:
“إنَّ أبي هو مَنْ جَنَى على نَفْسِهِ؛ هو مَنْ أَحَلَّ للموتِ ذَبْحَ أحلامِهِ. لو كانَ حقًّا يمتلكُ مِن الجَسَارَةِ ما يكفي لتحرَّرَ مِن الأغلالِ وانتقلَ إلى السَّاحِلِ الغربيّ.”
ثُمَّ استطردتُ وأنا أدخل غرفةَ النَّوْمِ مُتَّجِهًا نحو الخزانةِ:
“لا شأنَ لكارل في نَكْبَةِ أبي؛ إنَّ خِذْلَانَ أبي لو لَمْ يَجِئْهُ مِن كارل لَجَاءَهُ مِنْ شخصٍ آخرَ يَأتَمِنُهُ أبي على أحلامِهِ. هل بمقدوري أنْ أكرهَ شخصًا لأنَّه لَمْ يَفِ بعهودِهِ منذ خمسةٍ وعشرين عامًا!”
ثُمَّ قُلْتُ وأنا أُنْزِلُ حقيبتي الصغيرةَ المهيأة للرحلاتِ الطَّارِئَةِ:
“هذا محضُ جنونٍ، لنْ تستطيعَ أنْ تُحَرِّضَنِي على ارتكابِ هذا الجُرْمِ الشَّنِيعِ.”
وطفقتُ في حَزْمِ أَمْتِعَتِي استعدادًا لسفري على مَتْنِ الطائرةِ إلى شيكاجو وفي دماغي صوتُ مساميرَ صَدِئَةٍ تُقَهْقِهُ وهي تُنْتَزَعُ مِنْ خَشَبَةِ الصَّلِيبِ التي أَثْمَرَتْ علقمًا وأَفْسَنْتِينًا.
استغرقَ كارل رَدَحًا مِن الزَّمَنِ ليَصِلَ إلى البَابِ، لأنَّهُ كانَ يُقاسي التهابًا عُضَالًا بالمفاصلِ، ولأنَّني جئتُ إلى زيارتِهِ في ساعةٍ متأخرةٍ مِن الليلِ. كانت مدينة هايدلاند بارك خامدةً تَغِطُّ في سُبَاتٍ وخيمٍ. كنتُ واقفًا تحتَ إنارة الشُّرْفَةِ، فرأيتُ العَيْنَيْنِ الشَّاحِبَتَيْنِ الحَسِيرَتَيْنِ لكارل تَتَفَرَّسَان فِيَّ عَبْرَ السِّتَارةِ الشَّفِيفَةِ المُسْدَلَةِ خَلْفَ زجاجِ نافذةِ البَابِ. رَمَشَتْ عيناهُ مِرارًا وأخيرًا بدا أنَّهُ تَبَيَّنَ وجهي؛ فَفَتَحَ لِيَّ البابَ قائلًا:
“إنَّك لَمْ تُبْلِغْنِي بقدومِكَ.”
وضعتُ يَدَي على البابِ المُوَارَبِ ودَفَعْتُهُ إلى الدَّاخل ببطءٍ، تقهقرَ كارلُ فَدَخَلْتُ. كانت حقيبةُ سَفْرِي الطارئ ما زالتْ في المقعد الخلفيّ للسيارةِ المُسْتَأجَرَةِ صَغِيرَةِ الحَجْمِ والثَّاوِيَةِ في تَرَقُّبٍ عند الرَّصيفِ.
“لِمَ لَمْ تُهَاتِفْنِي لتُبْلِغَنِي بقدومِكَ؟ كيف حالُ أمِّكَ؟”
“أُمِّي قد ماتتْ منذُ ثلاثِ سنواتٍ.”
رَمَشَتْ عيناهُ مُجَدَّدًا، وحَنَى جَبْهَتَهُ المُرَقَّطَةَ بِنَمَشِ الشَّيْخُوخَةِ مُتَفَكِّرًا، ثُمَّ قالَ:
“أجلْ. لقد نَسِيتُ. لِمَ لَمْ تُهَاتِفْنِي لتُبْلِغَنِي بقدومِكَ؟”
وغَلَّقَ البابَ خلفي. وَلَجْتُ غرفةَ المعيشةِ المُعْتِمَةِ التي لَمْ يظهرْ مِن معالمِهَا إلا ما كشفتْ عنهُ على نحوٍ خافتٍ إضاءةُ الرُّدْهَة، ولَحِقَ بِي كارلُ. كان يرتدي شيئًا لم أَرَهُ إلَّا في الأفلام التاريخيَّةِ: كان ثوبًا طويلًا للنومِ مُسْبَلًا إلى ربلتيْ ساقَيْهِ الضَّامِرَتَيْنِ البيضاوَيْنِ المَرْقُومَتَيْنِ بأوردةٍ زَرْقَاءَ بارزةٍ، وكان نسيجُ ثَوبِهِ مغزولًا مِن القطن الخَشِنِ ومَرْقًومًا بخطوطٍ زرقاءَ مثلَ ربلتيْ سَاقَيْهِ. اِسْتَدَرْتُ لأنظرَ إليه وقَلْتُ في نفسي:
“ما هذا إلَّا جنونٌ. اُنْظُرْ إليهِ، ما هو إلَّا رجلٌ بَلَغَ مِن الكِبَرِ عِتِيًّا، ولَسْتُ إخَالُهُ قادرًا على أنْ يَتَذَكَّرَ أيَّ شيءٍ ألبتة؛ فما الجدوى مِن هذا الجنون؟”
أجابني چيري أولاندر قائلًا:
“ليس بالأمرِ الجَلَلِ أنَّهُ لا يَتَذَكَّرُ؛ فإنَّكَ تَتَذَكَّرُ. لكنْ، في وسعِكَ أنْ تُطْلِعَهُ على كُنْهِ الدَّافِعِ الذي أَتَى بِكَ لقَتْلِهِ؛ لو كانَ في ذلك ما يُهَدِّئُ مِن رُوعِكَ ويَأْسُو بالطُّمأنينةِ قَلْبَكَ الوَاجِفَ.”
قالَ كارل:
“ما السببُ وراءَ قدومِكَ إلى هنا في هذه السَّاعةِ المتأخرةِ مِن الليلِ؟ ليتَكَ هاتَفْتَنِي وأَبْلَغْتَنِي بقدومِكَ.”
لَمْ يَكُنْ بمقدوري أنْ أرى وجهَهُ، لأنَّهُ كانَ يَقِفُ حائِلًا بيني وبينَ إضاءةِ الرُّدْهَةِ، ممَّا جَعَلَ وجهَهُ مُجَرَّدَ دائرةٍ سوداءَ عَدِيمَةِ الملامحِ. قلتُ لَهُ:
“أَتَذْكُرُ ليلةً اِنْقَضَتْ منذُ زمنٍ بعيدٍ، في المنزلِ ذي اللَّبِنَاتِ الحَمْرَاءِ الذي كنتَ تَمْلكُهُ في شارع ماپل، عندما كانتْ ليليان في قيدِ الحَيَاةِ؟”
“نعم، أذكرُ المنزلَ، كانَ منزلًا صغيرًا، لقد امتلكنا منازلَ أضخمَ مِنْهُ وأفخمَ بكثيرٍ. رُبَّمَا تكونُ قد اِتَّصَلْتَ بِي وأنا مُسْتَغْرِقٌ في النَّوْمِ.”
دَنَوتُ مِن كارل حتَّى صَارَ بمقدورهُ أنْ يرى وجهي الذي تَكَشَّفَ أَنْفُهُ وتَجَلَّتْ الحَوافُّ الحادَّةُ لوَجْنَتَيْهِ ببريقٍ مِن إضاءةِ الرُّدْهَةِ تَسَلَّلَ إليَّ مِن فوق كَتِفَيْهِ.
“إنِّي أرى الآنَ كُلَّ شيءٍ، يا خال كارل، بعيونِ طفلٍ صغيرٍ. إنِّي أَنْظُرُ مِنْ تَحْتِ طاولةِ غرفةِ الطعامِ عَبْرَ قوائمِ الكَرَاسِي ودَعَائِمِهَا المُتَصَالِبَةِ، أُرَاقِبُكما أنتَ وأبي في الشُّرْفَةِ الخَلْفِيَّةِ المَحْجُوبةِ نَوَافِذُهَا بأسلاكٍ شَبَكِيَّةٍ. أراكما، ها أنتما ذانِ تَتَجَادَلانِ. كانتْ هذه المَرَّةُ الأولى التي أسمع فيها أبي يَسُبُّ أو يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ: إنِّي أَتَذَكَّرُ ذلك بوضوحٍ صِرْفٍ لا يُكَدِّرُ صَفَاءَهُ قَذًى مِنْ سَهْوٍ أو لُبْسٍ -حتَّى لو لَمْ يَكُنْ ذلك حَقِيقِيًّا- لأنَّ أبي كانَ إنسانًا دَمِثًا رقيقَ الحَواشِي. إنَّكَ تعرفُ ذلك عنه تمامَ المعرفةِ؛ إنَّ أبي لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ أَوْ يَغْضَبْ قَطُّ. كان يَجِبُ عليه أنْ يفعلَ ذلك، لَوْ أنَّهُ رَفَعَ صَوتَهُ بِضْعَ مرَّاتٍ فحسب، رُبَّما لمْ يكنْ ليموتَ، أو رُبَّما – على أقلِّ تقديرٍ- لمْ يكنْ ليموتَ مقهورًا تَعْتَصِرُ قَلْبَهُ مَخَالِبُ الكَرْبِ.”
قالَ كارل:
“عمَّا تَتَحَدَّث؟”
بَدَا عليهِ أنَّهُ قد اِرْتَضَى مِن ابنُ أُخْتِهِ أنْ يَتَطَفَّلَ عليه في الثالثةِ فجرًا، وأنْ يُؤَرِّقَهُ بلا سابقِ إنذارٍ، والنُّعَاسُ لا يزالُ يَرِينُ عَلَيْهِ وسَمَادِيرُ الخَدَرِ تَغْشَى عَيْنَيْهِ؛ فسألَهُ قائلًا:
“هل ترغبُ في شيءٍ تأكلُهُ؟ ماذا تفعلُ هنا في شيكاجو؟ ألستَ مُقِيمًا هناك بكاليفورنيا الآن؟”
إنَّهُ لَمْ يَرَنِي منذُ زمنٍ مَدِيدٍ، ولَمْ يكُنْ بيننا أَوْهَى اتِّصَالٍ، وهأنذا أقفُ أمَامَهُ وأَجُرُّهُ إلى الماضي جَرًّا عَبرَ رَمَادِ سنينٍ دابِرَاتٍ، وأُجْبِرُهُ على النكوصِ إلى ليلةٍ يكادُ لا يَتَذَكَّرَ منها شيئًا.
“ثُمَّ رأيتُكَ تنهضُ وتصيحُ في وجهِ أبي الذي دَفَعَ كرسيهِ إلى الوراءِ حتَّى سَقَطَ وأَخَذَ يبادلُكَ الصِّياحَ، ثُمَّ شَاهَدْتُكَ تَهُمُّ بضَرْبِ أبي، فإذا بِهِ يلتقطُ نُمْرُقَةً مِن أحدِ الكراسي ويَقْذِفُكَ بها. وفي اليوم التالي لَمْ ينزلْ أبي في السَّاعة السَّابعةِ والنصفِ ليفتحَ المَتْجَرَ، أمَّا أنتَ فمَكثتَ في المنزلِ وأَفْرَطْتَ في نومٍ عَمِيقٍ ثُمَّ تناولتَ فطورًا شَهِيًّا مع ليليان، هل تَذْكُرُ هذا كُلَّهُ يا خال كارل؟”
“ليليان قد ماتَتْ، قد غَادَرَتْ الدُّنيا منذُ زَمَنٍ بعيدٍ.”
اتَّجَهْتُ نحو الأريكةِ ونَظَرْتُ إلى أسفل، ثُمَّ عُدْتُ إليهِ وقَبَضْتُ على ذراعِهِ، قَاوَمَنِي هُنَيْهَةً فحسب، لأنَّهُ كانَ طَاعِنًا في السِّنِّ ولَمْ أَكُنْ مثلَهُ في الوَهَنِ، ثُمَّ رافقني إلى الأريكةِ مُرْغَمًا، فأَجْبَرْتُهُ على الجلوسِ، ثُمَّ اِلْتَقَطْتُ النُمْرُقَةَ ذاتَ الطُّرَّةِ، أَمْسَكْتُها بِيَدٍ وباليَدِ الأخرى دَفَعْتُهُ إلى أسفل بعنفٍ، وأَطْبَقْتُ النُّمْرُقَةَ على وجهِهِ بإحكامٍ، فطَفَقَ يُنَاطِحُهَا ويُقاوِمُها، حتَّى تَوَقَّفَ. لقد انتهى الأمرُ على نحوٍ أَسْرَعَ بكثيرٍ ممَّا كنتُ أظنُّ. كنتُ أعتقدُ دائمًا أنَّ البشرَ يناضلونُ للتَشَبُّثِ بالحياةِ نضالًا أَشَدَّ وأشرسَ مِنْ هذا، لكنَّهُ كانَ عَجُوزًا وذكرياتُهُ كانتْ قَدْ طَمَسَتْهَا رياحُ الزَّمَنِ العَاتِيَةُ.
طَوَالَ الوقتِ كنتُ أَتَوَسَّلُ إلى چيري أولاندر أَنْ يَتَوَقَّفَ، لكنَّهُ كانَ قد اِسْتَغَلَّ أربعَ سنواتٍ كامِلاتٍ يُصَارِعُنِي لينتزعَ السُّلْطَةَ مِنِّي قَسْرًا، وفي حَوْمَةِ حَرْبِ السَّنواتِ الأربعِ تَأَكَّدَ لِي أنَّ الغَلَبَةَ ستكونُ لَهُ في مَعْرَكَةٍ أو مَعْرَكَتَيْنِ. كانتْ هذه المعركةَ الأولى، وقد أَحْرَزَ فيها نصرًا مُبِينًا. قالَ چيري أولاندر:
“يا لَهَا مِن كَفَاءَةٍ بَاهِرةٍ!”
في السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِن الحربِ -التي اِنْدَلَعَتْ بيني وبينَ القاتِلِ المَسْعُورِ الذي اِتَّخذَ مِن دماغي وَكْرًا لَهُ- أُمِرْتُ أنْ أَرْتَكِبَ الضَّربةَ الثَّانِيَة: امرأةً لم أكنْ على يقينٍ مِن كونِهَا حَيَّةً، كانت قد قَتَلَتْ كلبي بالغاز، أو “أَخْلَدَتْهُ إلى النومِ” كما يُقَالُ للأطفالِ، عندما نأى بِي مُخَيَّمٌ عن البيتِ في أحدِ الأصيافِ. كان اسمُهَا السيدة كُورلِي وكانتْ تَقْطُنُ في نهاية شارعِنا بمدينةِ إيڨاستُن.
تَجَادَلْتُ مع چيري أولاندر.
“لِمَ اِجْتَبَيْتَنِي سُكْنَى لَكَ؟”
لَجَجْتُ في طَرْحِ ذلك السؤالِ مراتٍ تكادُ تَسْتَعْصِي على الحَصْرِ، لرُبَّمَا فاقَ عددُهَا ألفًا وخَمْسَمائةِ مَرَّةٍ، في غضونِ السَّنواتِ الأربعِ. أجابَنِي قائلًا:
“لَمْ اَصْطَفِكَ لسببٍ مُحَدَّدٍ. لا زوجَ لَكَ، ولا أصدقاءَ لَكَ إلَّا فِيمَا نَدَرَ، كما أنَّكَ تُنْجِزُ عَمَلَكَ جُلَّ الأوقاتِ مِن البيتِ، مع أنِّي ما زِلْتُ عاجزًا عن أنْ أَفهمَ كيفَ يُمْكِنُكَ بمجرَّدِ إرسالِ كتالوجاتِ البيعِ بالبريدِ، أنْ تَجِدَ زَهِيدَ قُوتٍ يَسُدُّ رَمَقَكَ، بَلْهَ أنْ تَكسِبَ مَالًا. وليسَ هناك أَحَدٌ في حياتِك يُعَجِّلُ بنَبْذِكَ ويُبَكِّرُ إلى إقْصَائِكَ عنهُ؛ لمُجَرَّدِ أنَّكَ مُنْغَمِسٌ في مخاطبةِ نَفْسِكَ.”
صَرَخْتُ قائلًا:
“مَنْ أنتَ؟”
لأنِّي عَجِزْتُ عَنْ أَنْ أَجْتَثَّهُ مِنْ نَفْسِي وفَشِلْتُ في أنْ أَطْرُدَ صَوْتَهُ المشئومَ خارجَ دماغي. كانَ كطَبْلَتَيْ أُذُنَيْنِ تَأْبَيانِ أنْ تَعُودَا إلى حالتِهما الطَّبيعيَّةِ عند هبوطِ الطائرةِ، وعلى شَاكِلَةِ طَبْلَتَيْ الأُذُنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَضَخَهما الضَّغْطُ الجَوِّيُّ، لَمْ أستطعْ أنْ أَتَمَلَّصَ مِنْ قَبْضَتِهِ، مَهْمَا بَذَلْتُ مِنْ جهدٍ في ذلك ومهما حَاوَلْتُ دائبًا أنْ أَبْلَعَ أو أضغطَ بأصابعي على فَتْحَتَيْ أَنْفِي وأَنْفُخ.
أجابني باستخفافٍ قائلُا:
“اسمي چيري أولاندر.”
وأضافَ بصوتٍ يُحَاكِي بغرابةٍ وبراعةٍ نبرةَ صوتِ المُمَثِّلِ همفري بوجارت:
“يَجِبُ دائمًا على أحدٍ ما أنْ يَتَحَلَّى بالشَّجَاعةِ ويَتَكَّبَدَ العقوبةِ ككَبشِ فداءٍ، يا عزيزي.”
يُتبع..
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل:
salontafker@gmail.com
اشترك في صفحة تفكير الثقافية لتصلك مقالات تفكير اضغط هنا
تابعنا عبر صفحاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي:
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد