فاطمة سري وحكايات الطرب والمزيكا وأول قضية نسب في تاريخ مصر المحروسة

بقلم: إيمان إسماعيل

اتولدت فاطمة سري سنة 1904 في القاهرة، ودخلت المدرسة الإنجليزية اللي كانت قريبة من بيتها، بس مكملتش فيها وقعدت في البيت، اتجوزت فاطمة لأول مرة وهي صغيرة لكن اطلقت بسرعة واتجوزت تاني من راجل يعتبر هو مكتشفها الحقيقي، اسمه سيد البشلاوي، شاف فيها الفنانة الموهوبة وقرر يدعمها ويخليها تتعلم المغنى والمزيكا

اتعلمت عزف العود وبدأت طريقها في الغنا وبقت واحدة من نجوم فرقة الريحاني ومعاه جربت التمثيل في رواية اسمها “كله من ده”، وبعد ما مثلت في كم فرقة وغنت معاهم اتجهت للغنا الفردي وبعدين أسست فرقة لنفسها بس منجحتش، وحياتها اتغيرت كتير… اطلقت ورجعت تاني للغنا الفردي وبعدين رجعت تاني تغني مع الفرق لحد ما وصلت لفرقة التمثيل العربي، وهنا حصلت النقلة وبدأت تتشهر واسمها يتعرف وكانت أول مطربة مصرية تغني أوبرا كاملة لوحدها وهي “شمشون ودليلة” وكانت حياتها ماشية واسمها بيكبرلحد ما اتعرفت على واحد قلب كل موازين حياتها

محمد بيك شعراوي ابن هدى شعراوي وعلى شعراوي وواحد من قادة ثورة 19 ساعتها، شاف فاطمة لأول مرة في بيت أبوه وهي بتحيي حفلة دعتها لها هدى شعراوي، حبها واتجوزها في السر عشان اسم العيلة، وكانت حياتهم السرية ماشية كويس، لحد ما حصل اللي خلى محمد بيه شعراوي ينط من المركب وينكر كل اللي بينهم

حملت فاطمة  وخاف محمد شعراوي من الفضيحة فأخدها على باريس عشان تولد وسابها هناك ورجع لوحده، وخلفت فاطمة بنت جميلة سمتها “ليلى” بس للأسف أبوها رافضها، وأمها مش عارفة تعمل ايه وتنسب بنتها إزاي لمحمد بيك شعراوي صاحب الصيت الذائع والعيلة القوية والأسم اللامع في عالم السياسة،

قررت فاطمة تواجه وتبذل كل اللي في وسعها عشان تثبت نسب بنتها، أصر محمد بيك على الرفض وأصرت هي على حقها وحق بنتها ورفعت قضية سنة 1927 في المحاكم المصرية بتطلب فيها إثبات نسب بنتها لأبوها، وكانت القضية الأولى من نوعها في تاريخ القطر المصري، والمحامي اللي دافع عن حق فاطمة وبنتها كان فكري باشا أباظة عضو مجلس النواب ونقيب الصحفيين ودا يعكس حالة الإنقسام حوالين القضية، ويبين حجم التأثير اللي عملته

كتير من البهاوات والبشاوات والهوانم أصحاب الأسماء الرنانة دعموا هدى شعراوي الهانم ضد الأرتست، منهم كتير أسماء لامعة في سماء النسوية المصرية، بس برده في أعلام دعموا فاطمة ومنهم سعد باشا زغلول، في الوقت ده نشرت فاطمة سري مذكراتها عشان تكون أول ست مصرية تنشر مذكراتها وهنا الدنيا إتقلبت أكتر ماهي مقلوبة

افتتحت فاطمة مذكراتها قائلة ” مصر لم تر سيدة شرقية نشرت مذكراتها على أية حادثة من الحوادث اللي صادمتها في الحياة، لذا سيكون عملي ده جرأة في نظر البعض الآخر، والحقيقة إنه واجب أكرهتني عليه الظروف وتكاتف شاب غني وبعض رجال المحاماة المشهورين لهضم حقوقي ودوس على كرامتي وسلب بنتي حقها في حمل اسم أبيها الشرعي

استمرت القضية 3 سنين في المحاكم، وكان برا المحاكم الصراع قوي جدا بين هدى شعراوي جدة الطفلة وابنها وبين فاطمة سري، صراع كان فيه جوابات من فاطمة لهدى شعراوي بتخاطب فيها قلب الأم والجدة والنسوية اللي لها باع طويل في الحراك النسوي المصري، لكن هدى هانم كان لها حسابات أخرى ومفيش حاجة رققت قلبها، وتطور الصراع لمحاضر متبادلة بين جميع الأطراف، وفي النهاية حكمت المحكمة بثبوت نسب الطفلة لمحمد شعراوي، وعيلة شعراوي مسكتتش وطعنت على الحكم، بس المحكمة أيدت الحكم

بس في مشهد حزين وغير متوقع وبعد ثبوت نسب الطفلة لأبوها، طالب بحضانتها والمحكمة حكمت له بالفعل وأخد البنت من أمها بعد رحلة العذاب اللي عاشتها، واتحرمت فاطمة حرمان تام من رؤية ليلى، ومكتفاش محمد شعراوي بحرمانها من بنتها لكن فضل يحاربها لحد ما اعتزلت الغنا واختفت تماما عن الساحة ومحدش بقى يعرف عنها أي حاجة، واختفت فاطمة سري وحكايتها وسط الزحمة لحد ما جه مشروع اشتغلت عليه شابة حلوة وعندها امتنان لناس قدموا للفن وللحياة وقررت تفتح الملفات وتتكلم عن الفن وأهله ومن بينهم فاطمة سري

مشروع “نزهة النفوس” لصاحبته الجميلة نانسي منير، مشروع فني إجتماعي بينخور ويدور في تاريخ الفن وتاريخ أهله ويطلع لنا بتوليفة من مزيكا وحكايات حلوة مليانة دفا ورد الحقوق لأهلها، ربنا يرحم فاطمة سري وليلى بنتها ولازم أشكر نانسي اللي بتعمل حاجة مختلفة وحقيقية وسط زحمة الحاجات المزيفة.

• YouTube
• YouTube
• Telegram
• Facebook

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com