لماذا عبدالجواد ياسين؟…..بقلم: عمرو عبد الرحمن

غلافة ورقة تفكير الأولي الثقافية اكتوبر 2024

بقلم: عمرو عبد الرحمن

280709377_5758375077522788_4038074696299373968_n2 لماذا عبدالجواد ياسين؟.....بقلم: عمرو عبد الرحمن

تفتح وعيي مع ثورة الخامس والعشرين من يناير التي فتحت الباب لكل صاحب طرح سياسي أن يقول ما عنده، وكان الطرح الذي يبدو مكتملاً هو الطرح الإسلامي، الذي على اختلاف تنويعاته كان يلتقي عند مركز واحد هو تطبيق الشريعة.
في كل مؤتمر، في كل برنامج، في كل مناظرة كانت الشريعة هي الرهان الرابح لإسكات المعارضين وكسب المزيد من المؤيدين.

على مدار سنوات كانت الشريعة هي قلب التيار الإسلامي، بدونها يصبح مثل أي تيار سياسي آخر يحتاج إلى مشروع سياسي واضح يمكن مناقشته وإيجاد نقاط الضعف فيه وبالتالي مقارنته مع مشاريع سياسية آخرى، فيتحول إلى خيار من متعدد يكون الحكم فيها للشعب، كما هي السياسة في بقية بقاع العالم.

أما الشريعة فهي من القرآن والسنة، نصوص مقدسة يتحدث فيها الله ورسوله عن ما رسمه الدين كطريقة للحياة لا حكم فيها إلا لله.
تنتهي كل مناقشة قبل أن تبدأ، فنحن لا دور لنا إلا التطبيق لأن الرفض يعني رفض حكم الله، رفض المقدس، رفض الدين والعيش في جاهلية.

تخيل إذا كان طرح عبدالجواد ياسين حاضراً وقتها، بنفس درجة حضور الطرح الآخر هل كان ذلك ليغير من الأمر شيئاً؟

طرح عبدالجواد ياسين لا يعتمد على القطيعة مع التراث، لذلك يمكن أن نعتبره ينطلق من مشترك مع الطرح السلفي حتى لو اختلفت الأدوات والنتائج، لكن ذلك يجعله طرحًا متماسكاً، جديراً بمناقشة الطرح السلفي وفتح أفق جديد لا يعادي الدين بل يحاول فهمه فهماً مختلفاً لا يجعل المتدين (المؤمن بدين)عرضة لشعور دائم بالذنب، يحاول العقل السلفي دائماً أن يسجن المتدين بداخله.

لا يقدم عبدالجواد ياسين طرحه باستخدام أدوات اللغة والتلاعب بمدلولات الألفاظ، لكنه يعتمد نقداً للمنظومة الفقهـسياسية من الأساس ينطلق من غياب دور الاجتماع في كل أدواتها ليصبح ما أنتجته معزولاً عن الزمان والمكان وكأن في ذلك حماية له من التجديد. فالخير كل الخير في السلف، وما على الخلف إلا الاتباع والتطبيق.

بدأت ثلاثية عبدالجواد ياسين بالتعامل مع التاريخ والسياسة، وإثبات أن الإسلام لم يقدم نظرية سياسية، وأن التاريخ صنيعة السلطة والبشر، وبالتالي الخطوة الأولى هي التعامل مع التاريخ الإسلامي كنتيجة للإجتماع الإنساني وبالتالي أي محاولة لإعادة إنتاج نظام السلطة التاريخي هي محاولة مبتورة لأنها قادمة من خارج الاجتماع.

ثم كانت الخطوة الأبرز هي تفكيك منظومة الدين، الدين الذي لطالما تم التعامل معه باعتباره قطة شرودنجر حبيس الصندوق معزولاً عن البشر، بينما قرر عبدالجواد ياسين فتح الصندوق وقراءة الدين في ظل تفاعل البشر معه (التدين). تفاعل عبر سياق النزول والنقل والجمع وإنتاج سياقات جديدة لم تكن موجودة في البداية، كالسُنة بمفهومها الواسع كأقوال يتم استخدامها لاستنباط أحكام مؤبدة، وليس بمفهومها الأول كممارسة حياتية في سياق اجتماعي بعينه.

وفي النهاية يتوسع عبدالجواد ياسين ليتعمق في مفهوم الديانة، ويحاول إبراز دور الاجتماع في إنتاج لاهوت كل منها عبرالبشر الذين أنشأوا ذلك اللاهوت في مقابل الدين بمفهومه الأولي البسيط.

أعتبر أن عبدالجواد ياسين وضع المنظومة القانونية للقراءة السياقية للتراث، كما وضع نصر حامد أبوزيد دستورها. وجاء جهد تفكير في إقامة الندوات ونظم هذه الورقة البحثية كمحاولة للاشتباك مع هذا الطرح بغية تسليط الضوء عليه من جهة، ونقده من جهة أخرى، نقداً بدونه لا يمكن أن ينشأ ديالكتيك يؤدي إلى تطويره بشكل مستمر والانتقال به إلى مساحات أرحب.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات