ركزت الندوة على أعمال وأفكار علي عبد الرازق وطاهر حداد، واستكشاف مساهماتهما في تحديث الفكر العربي وأهميتهما المستمرة في المناقشات المعاصرة حول الحكم والعلمانية وحقوق المرأة في تونس والعالم العربي.

وناقش المشاركون التحديات التي يواجهها هؤلاء المفكرون وتأثيرها على التعليم والخطاب الفكري وجهود الإصلاح الاجتماعي في تونس، مسلطين الضوء على التقدم المحرز والعقبات المستمرة. كما تطرقت المحادثة إلى قضايا أوسع نطاقاً تتعلق بالعدالة الاجتماعية والتحديات الاقتصادية وتعقيدات التحديث في تونس والمنطقة العربية.

للاستماع إلى التسجيل الصوتي للندوة اضغط هنا

مقارنة بين فكر عبد الرازق و حداد

ناقشت زينب اكتشافها للطبعة التونسية من كتاب علي عبد الرازق نُشر عام 1993، وهو ما ربطها بأفكاره حول الحكم وقضايا المرأة. وقارنت عمل عبد الرازق بعمل طاهر حداد، مشيرة إلى أوجه التشابه في نهجهما لتحديث الفكر العربي. أكدت زينب أن كلا المفكرين تأثرا بتجاربهما وواقع عصرهما، وليس بالنظريات المجردة أو الأيديولوجيات. كما سلطت الضوء على الأهمية المعاصرة لأعمالهم، على الرغم من كتابتها في ثلاثينيات القرن الماضي، وناقشت التأثير الغربي على تفكيرهم.

تأثير علي عبد الرازق الدائم على العلمانية

ناقشت زينب الأهمية المعاصرة لمساهمات علي عبد الرازق الفلسفية والفكرية، لا سيما انتقاده للخلافة باعتبارها تجربة سياسية وتاريخية وليس واجباً دينياً. وأبرزت كيف أن أفكار عبد الرازق حول إعطاء الأولوية للعقل والذكاء البشري على التفسيرات الدينية لا تزال تؤثر على المناقشات حول العلمانية والدولة في مجتمعات ما بعد الربيع العربي.

كما أشارت زينب إلى كيف أن الحركات الإسلامية مثل حزب النهضة التونسي قد تكيفت مع حجج عبد الرازق واستندت إليها، على الرغم من معارضتها في البداية، مما يدل على التأثير الدائم لتفكيره الجريء والنقدي.

وناقشت الدكتور زينب رأي علي عبد الرازق الجريء والنقدي بأن السياسة البحتة لا علاقة لها بالدين، مؤكداً اعتقاده بأنه يجب على المسلمين التنافس مع الدول الأخرى في العلوم الاجتماعية والسياسة من خلال بناء أنظمتهم الحاكمة على اختراعات وتجارب بشرية.

وأبرزت أهمية عمل عبد الرازق في تحدي الأفكار الدينية التقليدية، ونهجه المتمثل في بناء الحجج على الواقع بدلاً من النماذج الأيديولوجية المسبقة.

لمشاهدة الندوة كاملة على يوتيوب اضغط على الرابط التالي

مناقشة الندوة

اتفق جمال عمر والدكتور محمد عيسى على أن أفكار عبد الرازق لا تزال ذات صلة ومعاصرة. واعرب جمال عن امتنانه للدكتور زينب على عرضها ومناقشتها وتحدياتها في تطبيق هذه الأفكار في الأوساط الأكاديمية.

تأثير عبد الرازق في التعليم التونسي؟

ركزت المناقشة على وجود تأثير أفكار علي عبد الرازق في المناهج التونسية والخطاب الفكري. وأوضحت زينب أنه على الرغم من أن أعمال عبد الرازق تحظى بدراسة واحترام واسعين، لا سيما من قبل العلماء الإصلاحيين، إلا أن هناك أيضًا معارضة كبيرة لأفكاره، خاصة فيما يتعلق بالردة ومفهوم حرب الرجعية.

وأشارت إلى أنه على الرغم من هذه التحديات، لا يزال تأثير عبد الرازق مستمراً في الأوساط التعليمية والفكرية التونسية، وإن لم يكن دون جدل ومقاومة، خاصة من العناصر المحافظة داخل جامعة الزيتونة.

ناقشت زينب تجاربها في تدريس الطلاب ذوي الخلفيات الأيديولوجية المختلفة، بما في ذلك السلفيين المتطرفين والمشاركين في نظام الخلافة في تونس. وأكدت نهجها في شرح وجهات نظرها بأمانة والحفاظ على علاقة ودية مع الطلاب رغم التحديات. تطرقت المحادثة إلى السياق الأوسع للاتجاهات الدينية المحافظة في تونس ومصر.

أثار أحمد خفاجي أسئلة حول أسباب انتشار هذه الإيديولوجيات. رؤى حول تأثير التعليم الديني على تفكير الطلاب، مسلطًا الضوء على استمرار الأفكار المحافظة رغم التعرض للأفكار التقدمية.
وناقشت زينب التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المجتمعات المهمشة في تونس، لا سيما في مناطق مثل قفصة والقصرين. وأبرزت قضايا مثل الفقر المدقع، وارتفاع معدلات الأمية، والبطالة بين الخريجين، مؤكدة على عدم وجود العدالة الاجتماعية والحضور الحكومي العادل. كما تطرقت زينب إلى البنية الاجتماعية الجامدة والعلاقات الاستبدادية داخل الأسر والحاجة إلى الإصلاح في العلاقات بين الجنسين والمواطنة. واختتمت كلامها بالإعراب عن القلق إزاء حرية التعبير والرقابة الذاتية بين المثقفين.

اضطهاد طاهر حداد في تونس

وناقشت زينب اضطهاد طاهر حداد في تونس خلال ثلاثينيات القرن الماضي، موضحة أنه لم يتم استهدافه بسبب أي جريمة بل لإحراج علماء الدين من خلال كشف التناقضات في تفسيراتهم للشريعة الإسلامية. ووصفت كيف قام حداد بتجميع أسئلة من النساء حول قضايا الأحوال الشخصية وسعى للحصول على إجابات من مختلف الطوائف الإسلامية، والتي جمعها في كتاب. كان رد فعل العلماء سلبيًا على عمله، مما أدى إلى تعرض حداد للنبذ الاجتماعي والاعتداء الجسدي، وموته في نهاية المطاف في فقر، رغم أنه دافع عنه لاحقًا بعض أفراد القبائل. كما ذكرت زينب أن بشيرة بن مراد، ابنة عائلة أرستقراطية، كتبت كتاباً الحداد لزوجة حداد، مبرزةً الطبيعة المتناقضة لمعاملته من قبل كل من السلطات الدينية وبعض المدافعين عن حقوق المرأة.

تحديث تونس وتحديات المرأة

تبادلت إيمان رفاعي ونهلة هنو رؤى استفسارات عن دور الجهد الفردي والعمل التنظيمي والسياسي في التغلب على العقبات وأسباب التراجع الاجتماعي في تونس والوطن العربي حتى الآن ومناقشة جهود التحديث التي تبذلها تونس والتحديات التي تواجه المرأة في البلاد.

وأوضحت الدكتورة زينب أنه على الرغم من أن تونس أحرزت تقدماً في قوانين مثل قانون الأحوال الشخصية، إلا أنه لا تزال هناك قضايا تتعلق بالفقر والمشاكل الاقتصادية ومقاومة المجتمع للتغيير. وقارنت الوضع الحالي بتونس في الستينيات، حيث تم خنق محاولات الديمقراطية.

وأثار البروفيسور أحمد الأشقر مخاوف بشأن دور الجمعيات في المجتمع الفلسطيني وتأثير التأثيرات الخارجية على تعليم المرأة في المنطقة. وتطرقت المناقشة إلى تعقيدات مشاريع التحديث ودور العوامل الداخلية والخارجية في تشكيل النتائج الاجتماعية والسياسية.

التعاون الفكري والتحديات

وركز اللقاء على أعمال وأفكار علي عبد الرازق، لا سيما كتابه عن مبادئ الحوكمة، وعلاقته مع طاهر حداد. وسلطت الدكتورة زينب الضوء على التحديات التي يواجهها مثقفون مثل عبد الرازق وحداد، مؤكدة ضرورة الشجاعة والتفكير العقلاني في معالجة القضايا المعاصرة. وناقشت المجموعة أهمية التعاون والدعم المتبادل بين المثقفين، وانتهت المحادثة بخطط للفعاليات المقبلة، بما في ذلك معرض الكتاب والندوات، وتعبير عن الامتنان للمشاركين على مساهماتهم.

وأعلن جمال عمر في ختام الموسم الثقافي عن محاولة جادة لنشر كتاب عن “قرن من الإسلام وأصول الحكم” في معرض القاهرة للكتاب في أواخر يناير وأوائل فبراير من العام القادم 2026م.

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل:
salontafker@gmail.com

تابعنا عبر صفحاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي:

• جمال عمر
• قناة تفكير
• إذاعة تفكير
• صفحة تفكير الثقافية
• صالون تفكير