لماذا فشل مبحث مقاصد الشريعة في التعامل مع توتر القرآن؟.. رؤية نقدية .. بقلم: أكمل صفوت
بقلم: أكمل صفوت
طبيب استشاري علاج الأورام بمستشفى جامعة أرهوس بالدانمرك ومن المهتمين بالفكر الديني والإسلام السياسي وهموم المصريين في المهجر.

مقدمة
عانى تعامل المفسرون مع توتر القرآن من مشكلتين:
المشكلة الأولى: هي ثنائية فكرية: (ناسخ ومنسوخ، خاص وعام، محكم ومتشابه، ظاهر وباطن، إلخ) قصرت الناتج الفكري على أحد طرفي المعادلة مع إقصاء تام للآخر وحجبت إمكانية ظهور معانى أو تفسيرات أخرى.
المشكلة الثانية (وهي بدرجة ما، نتيجة للمشكلة الأولى): هي رؤية مجزأة ومفتتة تتعامل مع القرآن آية، آية أو سورة، سورة، بشكل عاجز عن رؤية التوتر داخل النسق أو الأنساق الكبرى المتشابكة في القرآن.
وقد كان من نتيجة هاتين المشكلتين أن ظلت المحاولات -رغم تعدد منطلقاتها- حبيسة الماضي، أسيرة التكرار، تعيد إنتاج نفس الأفكار القديمة بألفاظ جديدة.
مبحث/علم مقاصد الشريعة هو أحدث الآليات الفكرية التي استخدمها المفسرون للتعامل مع توتر القرآن. للوهلة الأولى يوحي اسم “مقاصد الشريعة” أن هذا المبحث قد امتلك من الأدوات ما يمكنه من تجاوز المشكلتين السابقتين.
فكلمة مقاصد تعني “الغاية أو الهدف أو المراد”. يقول الشاطبي (المتوفى عام ١٣٨٨ ميلادية): “المقاصد أرواح الأعمال” في إشارة إلى الفلسفة والحكمة وراء الفعل أو الأمر. ومن البديهي أنه لايمكن الوصول إلى الحكمة دون امتلاك نظرة كلية شاملة للدين وللشرع. وحيث أن الحكمة بطبيعتها قادرة على استيعاب المتناقضات والاحتفاء بالتعدد، فالبحث في حكمة المقاصد قد تمكننا إذا من تجاوز الثنائيات الإقصائية في التفكير.
والبحث في المقاصد قد يحررنا أيضا من أسر التاريخ، فالمقصد بطبيعته غير متحقق في اللحظة الآنية (وإن كان قد يتحقق في المستقبل إذا استوفت شروطه). المقاصد إذا كلمة تشير إلى الأمام، وإلى استلهام الحكمة في لحظة مستقبلية لا إعادة اكتشافها في التاريخ.
أما كلمة “الشريعة” فالأصل فيها أنها تعني الدين كله بعقائده ومعاملاته كما في قوله تعالى “ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها” (الجاثية ١٨). تقسيمات الشريعة يعتبرها البعض عبادات ومعاملات وأخلاق والبعض قد يفهم الشريعة بمعنى كل أحكام الدين فيما عدا العقائد. وقد قرر ابن عاشور (١٨٧٩ – ١٩٧٣ ميلادية) أن مقاصد التشريع العامة هي: “المعاني، والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع، أو معظمها، بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة” (مقاصد الشريعة الإسلامية). أو كما ورد فى تحقيق الحبيب بلخوجة (١٩٢٢ – ٢٠١٢) لكتاب ابن عاشور: “المقاصد هي الغايات الكبرى والعلل العظمى والحكم المنوطة بالأحكام الشرعية فيما يتعلق بالعقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق والآداب”.
ذلك المدخل الشمولي الذي يشمل الدين كله كان يعد بإمكانية تجاوز الرؤية التفتيتية التجزيئية في التفسير عن طريق دمج الأفكار المتضمنة فى أنساق القرآن المختلفة داخل إطار فكري مقاصدي واحد.
بناءً على ما سبق يمكننا أن ندعي أن مبحث مقاصد الشريعة كان منذ نشأته يمتلك أساسا فكريا نظريا غنيا مملوءا بالإمكانيات التي تمكنه من تقديم الجديد والكثير في الفقه والتفسير. مما يجعلنا نتساءل عن سبب فقر الحصاد الفكري الناتج عن هذا المبحث وعن أسباب فشله في مواجهة توتر القرآن وتحديات العصر.
يستعرض المقال بعضا من المشكلات التي أدت لهذا الفشل.
المشكلة الأولى: البداية كانت إقصاء لا إثراء
لعله كان من الدال على سوء المآل أن هدف الشاطبي من دعوته للبحث عن المقاصد، لم يكن هو إثراء الفكر الديني أو إضافة آلية جديدة لآليات التفسير، بل كان الدافع لمبحثه هو انزعاجه من “تعدد القراءات” (تعدد التفاسير) والاختلاف في الفهم إلى حد التناقض “يستدلون بالدليل على الأمر ونقيضه”. كان هدف الشاطبي إذا التحديد والتقليل والتقييد لا التوسع. لم يكن يريد لمبحثه في المقاصد أن يكون إضافة بل بديلا ينفي غيره مما كان سائدا في عصره. وزاد من تشدده فكان يريد قصر التفسير على العرب وعلى من هو عالم بالمقاصد، فقال: “فإن القرآن والسنة لما كانا عربيين لم يكن لينظر فيهما إلا عربي، كما أن من لم يعرف مقاصدهما، لم يحل له أن يتكلم فيهما، إذ لا يصح له نظر حتى يكون عالما بهما فإنه إذا كان كذلك، لم يختلف عليه شيء من الشريعة” (الموافقات للشاطبي، من محاضرة، المقاصد القرآنية عند الشاطبي وعلال الفاسي، لأحمد كافي، أغسطس ٢٠١٥).
وهكذا نرى أن البداية الأولى لهذا العلم على يد منشئه ومبتدعه كانت بداية إقصاء لا إثراء، وأنها قد استبطنت نفس الثنائية الفكرية حيث التفسيرات إما مع أو ضد، “مقصود الشرع” بل إن سلاح إقصاء الآخر في هذا المبحث أقوى وأمضى من غيره لأن مقصد الشرع هو مراد الشارع ومخالفته خروج من الملة.
المشكلة الثانية: تقييد الاستقراء وغياب الشمولية
يقول فقهاء المقاصد إن الوصول إلى مقاصد الشريعة يساعد على فهم النصوص. فأين يمكن استنباط المقاصد وكيف؟
إجابة العلماء لم تخرج عن تعديد مصادر الأدلة الشرعية كما قررها السابقون: القرآن، السنة، الإجماع والقياس. وحين يتم التعامل مع تلك المصادر، يبحث العلماء عن “النصوص المعللة” ثم يعتمدوا علتها باعتبارها من مقاصد الشرع القطعية بلا خلاف وذلك لكونها مستنبطة من “نص لا تأويل له”. ومن أمثلة ذلك آية “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة، ١٨٣) وبها يستدل على أن مقصد الشرع من الصيام هو التقوى. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوج؛ فإنه أحصن للفَرْج، وأغضُّ للبصر (متفق عليه) فمقصد الزواج هو العفة. وهكذا..
بل تمادى “العلماء” في ذلك الكسل العقلي فقالوا، إنه يمكن معرفة المقاصد من النصوص من بعض الألفاظ مثل:
من أجل “من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل” (المائدة، ٣٢)…
ولكي “كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم” (الحشر، ٧)…
ولام التعليل “لكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا” (الأنفال، ٤٤)…
وكذلك، “إن” إذا جاءت بعد الأمر أو النهي في مقام التعليل، وباء السببية والفاء وغيرها..
وهكذا بطريقة تكاد تكون أوتوماتيكية لا عقل لها ولا قلب بخلاف كونها رؤية تفتيتية تجزيئية لا تعتبر سياقا للآيات وليس فيها تدبرا.
أما النصوص غير المعللة فقد اعتمدوا فيها آلية “الاستقراء” غير أنهم بذلوا الجهد الجهيد في التأكيد على أن الاستقراء ليس هو التفكير والعياذ بالله. فقال الدكتور أحمد الريسوني (١٩٥٣) في خطبته عن “تقريب مصادر الشريعة”:
“مقاصد الشريعة لا تأتي إلا من داخل الشريعة، فنحن لا نأتي بمقاصد الشريعة من عقولنا وخيالنا وافتراضاتنا، لا، هذا لايصح ولايجوز. إذ مقاصد الشريعة نطقت بها الشريعة”.
الاستقراء من وجهة نظر فقهاء المقاصد هو نوع من رد المتشابهات إلى المحكمات، والفروع إلى الأصول والربط بين الأحكام الجزئية لا أكثر. وكان هذا في ظني مما قيد هذه الوسيلة ومنعها عن الفكاك من أسر التقليد التراثي والإتيان بجديد.
المشكلة الثالثة: أحكام الحدود هي حدود المقاصد
هناك عدة تقسيمات للمقاصد، فهناك الضروريات والمكملات والتحسينيات، وكذلك هناك الكلية والجزئية والخاصة.
غير أن هناك إجماع على أن هناك خمسة مقاصد كلية وكذلك ضرورية وهي ما قررهم الغزالي من حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. وما تلك المقاصد في الواقع إلا انعكاسا لما تصوره الغزالي من حكمة أبدية وغاية نهائية للحدود التقليدية (الردة، القصاص، شرب الخمر، الزنا والسرقة).
لم تكن آيات الحدود إذا مجرد رافد من روافد القرآن ولا سياقا يتم تضفيره مع آيات المعاملات والأخلاق والقصص والعقائد لاستلهام حكمة مخفية، كما كان المفترض في أدبيات هذا العلم.
بل كانت آيات الحدود هي البداية والنهاية، الأصل الذي يقاس عليه، الكل الذي تجتمع حوله الأجزاء، وتجسيد للحقيقة التي نبحث عن حكمتها.
وضعت آيات الحدود، حدودا للفكر وللتفسير ولخيال المفسرين ولبوصلتهم الأخلاقية ولطموحهم الإنساني، فلم يأتوا بجديد وصارت تلك المقاصد الكلية طوطما ظل المفسرون يطوفون حوله لقرون قبل أن يتجرأ ابن عاشور ويقترح إضافة مقصد الحرية، لتلك المقاصد من دون أن يمسها هي بالنقد أو التغيير.
المشكلة الرابعة: الخلط بين العلل والمقاصد
أدرك الفقهاء الفرق في المعنى بين العلة (السبب) والمقصد (الهدف أو الغاية)، وأوضحوه بأمثلة كحكم الإفطار وقصر الصلاة في السفر فقالوا إن علة الحكم هي السفر، ومقصده هو التيسير ورفع المشقة. كذلك حكم تحريم الخمر، علته الإسكار بينما مقصده هو حفظ العقل ودرء المفسدة.
غير أن الريسوني في كتابه محاضرات في مقاصد الشريعة يوضح “وكذلك عبروا (العلماء) عن مقصود الشرع العلة والعلل. فالعلة في كثير من الاستعمالات تساوي المقصد والعلل تساوي المقاصد”.
ولعل هذه السيولة في استخدام الألفاظ أدت لانحراف في طريقة النظر للنصوص وللزاوية التي يستخدمها المفسر في بحثه عن المقصد، فأهم الفروق بين العلل (الأسباب) والمقاصد أن العلل قائمة بالفعل بينما المقاصد مستقبلية، العلل تبدأ في الماضي وتنتهي في الحاضر والمقاصد تبدأ من حيث انتهت العلل لتتحقق في المستقبل. ويمكننا الجدل أن المقاصد الخمس الشهيرة للشريعة والتي قررها الغزالي: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال هي في حقيقتها علل لا مقاصد للأحكام، وحجتنا العقلية على هذه التفرقة أن تلك المبادئ كانت بالفعل معروفة ومعتبرة ومستقرة في المجتمع العربي بل وسائر المجتمعات والحضارات من قبل التشريع الإسلامي وفي كل منها كان هناك دائما من أحكام العرف أو القانون ما يحافظ عليها، فما هو المقصد من أن تحفظ ما هو محفوظ بالفعل؟ وما الجديد الذي أتى به الشرع فيها، وكان مخالفا لما قبله؟ اعتبار تلك المبادئ من المقاصد يتوقف بفلسفتها عند حدود الحاضر لا يتجاوزه ولا يأتي بجديد.
على النقيض من ذلك يمكن اعتبار مقصد الحرية الذي دعا إليه ابن عاشور هو الأقرب لما يمكن اعتباره من المقاصد الكلية للشريعة، فبالإضافة لما أتى به ابن عاشور من الأدلة الفقهية يمكننا أن نذكر أن حرية الفرد وحرية الجماعات (كالأقليات العرقية أو الدينية) كمفهوم إنساني وسياسي وكواقع معاش، مقصد مستقبلي لم يتحقق بعد لا للمسلمين ولا للبشرية كلها، وأن العبودية والاستعباد كانا من صفات المجتمع الجاهلي وصنو معظم الحضارات القديمة وأن هذا الأمر استمر إلى يومنا هذا في شكل ممارسات استعمارية ودكتاتوريات سياسية واستعباد اقتصادي.
وعليه فمن اعتقد وأثبت أن الحرية من مقاصد الشريعة قد أثبت للشريعة ريادة فكرية سابقة لعصرها وبعدا دينيا وإنسانيا ومستقبليا بامتياز.
ونموذج آخر مشابه هو ما سماه علال الفاسي “أوامر الإرشاد” في الشريعة وهي الأحكام المتدرجة التي ترشد المسلمين إلى أن يواصلوا السير في اتجاه معين ومثاله إلغاء الرق، فرغم أن الإسلام لم يلغ الرق إلا أن تشريعاته التي أقفلت باب الاسترقاق وفتحت باب العتق (وكذا سائر الأوامر الخاصة بالمساواة والعدل) كانت في مجملها أمرا إرشاديا داعيا للمسلمين أن يمضوا في اتجاه إلغاء الرق ومنع الاستعباد.
ما نلاحظه للأسف هو ضعف وقلة الدراسات المستخدمة لهذه الآلية والباحثة في تلك المقاصد وأشباهها.
المشكلة الخامسة: الانحراف عن مقاصد التشريع إلى تشريع المقاصد
بدلا من أن يحاول المفسرون التوسع في البحث عن مقاصد الشريعة في غير آيات الأحكام، قرروا أن يزيدوا ما يمكن اعتباره من نصوص الأحكام. فقال علال الفاسي: “وآيات الأحكام قدرها الغزالي وابن العربي بخمسمائة آية، واقتصروا في تقديرها على هذا العدد، لأنهم رأوا مقاتل بن سليمان وهو أول من أفرد آيات الأحكام في تصنيف، قد جعلها ٥٠٠ آية، وقد نازعهم ابن دقيق عيد في هذا المقال، وإن آيات الأحكام غير منحصرة في هذا العدد، والراسخ في علوم الشريعة يعرف أن من أصولها وأحكامها مايؤخذ من موارد متعددة، حتى الآيات الواردة في القصص والأمثال”. (من كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، من محاضرة، المقاصد القرآنية عند الشاطبي وعلال الفاسي، لأحمد كافي، أغسطس ٢٠١٥).
وللتدليل على ذلك ذكر علال الفاسي في آخر محاضرة له قبل وفاته حديث السفينة:
“مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر، فأصاب بعضهم أسفلها وبعضهم أعلاها، وكان الذين في أسفلها يخرجون ويستقون الماء، ويصبون على الذين أعلاها فيؤذونهم، فقالوا: لا ندعكم تمرون علينا فتؤذوننا، فقال الذين في أسفلها: أما إذا منعتمونا فننقب السفينة من أسفلها فنستقي. قال: فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا، وإن تركوهم هلكوا جميعا” (رواه البخاري).
وقرر علال الفاسي إنه قد استخرج من هذا الحديث بالتفسير المقاصدي ١٤ حكما شرعيا هم:
1- إباحة الملكية الفردية والجماعية.
2- إباحة الاشتراك في الملكية الفردية والجماعية.
3- إباحة ملكية الانتفاع عن طريق الكراء.
4- الاستهام عند الاختلاف في الحقوق.
5- حق الساكن الأسفل أن يمر على الأعلى للضرورة.
6- الملكية مقيدة بوظيفتها الاجتماعية الجماعية.
7- يؤخذ على يد المالك إذا أضر بغيره.
8- التضامن في تغيير المنكر.
9- الوقوف عند حدود الشريعة واجب على الجميع.
10- شريعة الله هي قانون المجتمع المسلم.
11- على ولي الأمر أن يأخذ على أيدي المنتهكين لحدود الله.
12- أخوة المؤمنين تقتضي تضامنهم في السراء والضراء.
13- جرائم الأفراد ضد بعضهم تعتبر جرائم ضد المجتمع.
14- كل فئة من المسلمين على ثغر من ثغور الإسلام ولكل فئة منهم حق النصرة عند الضرورة.
ثم أردف علال الفاسي: “وأما من الوجهة الأخلاقية فإنه لا يصح للمسلم أن يرى أخاه منحرفا عن الطريق لا يأخذ بيده ليرده إلى الصواب وذلك مايستوجب القيام بالدعوة المستمرة والنصح الدائم لولي الأمر ولأفراد الشعب وتكوين الطليعة المؤمنة المجاهدة بوسائل العصر وما تقتضيه مصلحة الأمة كلها على كلمة سواء وعلى منهج الإسلام”. (من محاضرة معالم التجديد عند علال الفاسي لأحمد الريسوني، يناير ٢٠١٥).
هذا الكلام مثال صارخ على ما أعتبره وسواس قهري بالأحكام وبالتشريع، يحمل النصوص أكثر مما تحتمل ويحبسها في رؤية ضيقة تفتت الكل إلى جزيئات صغيرة وغير مترابطة بلا فلسفة ولا حكمة كلية. هذا بخلاف ما يحتمله كلام الفاسي من شبهة دعم لفاشية فكرية ودينية ترخص للحكام وللأفراد قهر المختلفين عنهم باسم المنكر وباسم انتهاك حدود الله.
خاتمة وتلخيص
يجادل المقال أن تناول الباحثين لعلم مقاصد الشريعة قد شابه شيء من العوار ووقع في أسر نفس الثنائية الفكرية والرؤية التفتيتية للقرآن مما أدى إلى تحجيم قدرته على التعامل مع توتر القرآن وتحديات العصر. تتبين دلائل هذا العوار الفكري في:
1- التركيز على الجانب الفقهي وآيات الحدود والأحكام.
2- العجز عن استنباط مقاصد كلية من خلال نظرة شاملة لحكمة الشرع بأكمله.
3- الخلط بين العلل والمقاصد.
4- الإسراف في اعتبار مقاصد الشريعة مصدرا للأحكام الشرعية.
يعتقد كاتب المقال أن المفسرين قد حولوا مبحث “مقاصد الشريعة” إلى مبحث في “علل الأحكام” وانحرفوا عن “مقاصد الشرع” إلى اتجاه “تشريع المقاصد”. وقد حاولت فيما سبق أن أقدم أمثلة وأدلة على هذا الطرح.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد