مراجعة كتاب “كنت شابا فى الثمانينيات” لمحمود عبد الشكور .. بقلم: بهاء الريدي
بقلم: بهاء الريدي

عندما قرأت كتاب الصحفي محمود عبد الشكور، وجدت نفسى في كل ما كتب تقريبا حيث عشت نفس الفترة الزمنية ونفس الاماكن ونفس الاهتمامات.
“كنت شاباً فى الثمانينات” سيرة ذاتية ثقافية لفترة الثمانينات من القرن الماضي، وكل الأحداث المذكورة عشتها وتفاعلت معها، سواء بجامعة القاهرة أو المدينة الجامعية، وحتى كان لدي نفس الاهتمامات الثقافية مثل نادي السينما بشارع شريف وجمعية الفيلم وغيرها.
“كنت شابًا في الثمانينيات” هو الجزء الثاني من السيرة الذاتية غير التقليدية التي بدأها بكتابه “كنت صبيًا في السبعينيات”. في هذا العمل، يستعرض المؤلف تجربته، وهو شاب يبدأ حياته الجامعية واستقلاله عن عائلته، فينتقل إلى العاصمة، وينغمس في الثقافة بمختلف أشكالها من أفلام وكتب وموسيقى وغيرها. ويتكلم عن الحياة في المدينة الجامعية، وبداياته الصحفية الأولى، وانتشار الجماعات الإسلامية وانحسار اليسار. وأحداث عديدة مثيرة وهامة أثارت الجدل وقتها.
يفرد المؤلف جزءًا من الكتاب لمناقشة التحولات الفكرية، حيث بدأ كيساري متحمس ثم تراجع عن بعض قناعاته بعد أن شهد ضعف الحركات السياسية. كما شهد ظهور الفكر الإسلامي المتشدد وانتشار الجماعات الإسلامية بالجامعات، وانكسار التيار اليساري، الذي كان سائدا بالجامعات.
معالم الفترة الزمنية
يركز الكاتب على التحولات السياسية والاجتماعية في مصر خلال الثمانينيات، موضحا كيف أثرت تلك التغييرات على جيله. كان ذلك العقد استمراراً للانفتاح الاقتصادي، الذي بدأ في السبعينيات، وتصاعد التيارات الإسلامية.

وأتذكر جيدا لحظة اغتيال الرئيس السادات (1918-1981) بكل تفاصيلها و الإضرابات السياسية التي عمت البلاد من شمالها لجنوبها ومحاولة السيطرة على الوضع وتولي مبارك (1928-2020) السلطة.
وشهدت تلك الفترة أحداث الأمن المركزي سنة 1986 والتي حدثت نتيجة إشاعة بتمديد فترة التجنيد من ثلاث إلى خمس سنوات. و غير معروف من أطلق الإشاعة. من المحتمل أن تكون نتيجة لصراع داخلي للتخلص من وزير الداخلية أحمد رشدي (1924-2013) وهو ما حدث. وأدت تلك الأحداث إلى فرض حظر تجول وإعادة هيكلة الأمن المركزي وتدخل الجيش بقيادة أبو غزالة (1930-2008) للسيطرة على الأمن بالقاهرة.
ومن الأحداث المثيرة للجدل حادث إطلاق النار على الحدود بواسطة سليمان خاطر (1961-1986) الذي تم سجنه وقيل أنه انتحر.
أيضا حادث اختطاف الباخرة الأيطالية أكيلى لوروا بواسطة فلسطينيين ثم نزولهم بمصر ومحاولة نقلهم إلى تونس بطائرة مصرية، و لكن تم اختطافها بواسطة أمريكا وهبطت بإيطاليا ليتم محاكمتهم هناك.
وحكاية لوسي ارتين وهي سيدة أرمنية قيل أنها كانت على علاقة بأبو غزالة وشخصيات هامة بارزة بالداخلية وأدى ذلك الى خروجهم من مناصبهم.
و عملية الكربون الأسود عن طريق عبد القادر حلمي (1984) وهو مهندس مصري خبير بصناعة الصواريخ. تم زرعه بأمريكا لنقل تكنولوجيا الصواريخ البلاستية لمصر ومحاولة تهريب مادة كربونية يتم استخدامها في صناعة الصواريخ ولكن تم كشف المحاولة وحوكم بأمريكا وظل بها إلى أن عاد إلى مصر بعد الأفراج عنه. وتمت هذه العملية في عهد وبموافقة وزير الدفاع وقتها أبو غزالة.

.وعربيا هناك حرب الخليج الأولى وغزو لبنان 1982 ومأساة صابرا وشتيلا التي تذكرنا بما يحدث حاليا
وفي تلك الفترة كانت بداية التقدم التكنولوجي عالميا. والتي أصبحت متاحة حاليا للجميع. ففي الثمانينات تم إنتاج أول كمبيوتر شخصي. وتحولت الإنترنت سنة 1983 من الاستخدام العسكري إلى الاستخدام العام والربط فيما بين أماكن البحث العلمي والجامعات ومنهم جامعات وأماكن بحث مصرية.
وأيضا تطور الذكاء الصناعي من خلال برنامج النظم الخبيرة والآن أصبح الذكاء الصناعي في متناول الجميع. و بدايات ظهور الموبايل عالميا وكان أول طرح عالمي سنة 1983 بسعر حوالي 10 آلاف دولار.
ومن أحداث الثمانينيات العالمية، انتهاء الحرب الباردة وسقوط حائط برلين وحادث التسرب الإشعاعي بتشرنوبل. وأتذكر أننى كنت أعمل بهيئة حكومية مهمتها تنفيذ مفاعل نووي مصري، وتم تأجيل المشروع بعد هذه الحادثة وبعدها تركت العمل واتجهت للقطاع الخاص.
الرياضة والفنون والموسيقى
كانت تلك الفترة حاسمة في تشكيل وعي الكاتب، حيث بدأ في التعرف على الأدب العالمي، ومتابعة السينما والمسرح، وقراءة أعمال الكتاب الكبار واهتم أكثر بالسينما المصرية، إذ كانت الثمانينيات فترة غنية بالتجارب السينمائية. ومن أهم أفلام تلك الفترة والتي كانت من ضمن أهم مائة فيلم عربي: “البريء ، زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا ، غريب في بيتي، وسواق الأتوبيس، والذي حضرت ندوة عنه بمركز الثقافة السينمائية بشارع شريف. والفيلم يحكي عن جيل أكتوبر وتأثير الانفتاح على سلوك الأسرة المصرية وهو ثاني أفلام عاطف الطيب (1947-1995).

أهم الأحداث الأدبية بفترة الثمانينات حصول نجيب محفوظ (1911-2006) على أكبر جائزة عالمية في الأدب، جائزة نوبل عن مجمل أعماله عام 1988.
أما الموسيقى، فيتحدث عن تراجع الأغنية الكلاسيكية وظهور موجة الأغاني الشبابية، وتأثير نجوم مثل محمد منير (1954)، وانتشار أغاني المصايف مثل الشمس الجريئة لحنان (1964)، ولولاكي لعلي حميدة (1948-2021)، وانتشار الفرق الموسيقية مثل فرقة الفور ام وغيرها.
ومن أحداث تلك الفترة مشكلة بليغ حمدي (1931-1993) الذي تم اتهامه بمقتل المغنية المغربية سميرة مليان، التي توفيت عام 1984 وهي القضية التي أثارت جدلا واسعاً وشغلت الرأي العام وقتها.
أما بالنسبة للرياضة وكرة القدم، ف بالتحديد كان هذا عصر محمود الجوهري (1938- 2012) وحصوله على أول بطولة أفريقية للأهلي .1982 كما حصل الأهلي على البطولة مرة أخرى سنه 1987 وحصل عليها الزمالك في 1984 و 1986.

وفوز مصر ببطولة أمم أفريقيا سنة 1986 وتألق طاهر أبو زيد بتلك البطولة، وأيضا وصول منتخب مصر لكأس العالم سنة 1990 بهدف حسام حسن تحت قيادة الجوهري.
وفى تلك الفترة كانت تقام بطولة مصر الدولية للتنس بنادي الجزيرة ولعب بها المصري إسماعيل الشافعي (1947) رئيس اتحاد التنس حاليا والسويدي بيورن بورج (1956) المصنف رقم واحد وقتها.
وظهور لاعب الأسكواش المصري جمال عوض (1955- 2004) عالميا، والذي وصل لنهائي بطولة بريطانيا سنة 1983 وظهور أول سيدة مصرية تشارك في البطولات العالمية للاسكواش سميحة أبو المجد (1963- 2018).
وعالميا ظهور مارادونا (1960-2020) كظاهرة كروية لا تتكرر وفوز الأرجنتين بكأس العالم سنة 1986 ودوره الهام في الفوز على فريق ألمانيا وتسجيله لأشهر هدف بالقرن العشرين بمرمى انجلترا.
فى الختام
نحتاج من حين لآخر استراحة تنعش الذاكرة والذكريات المختزنة.
” كنت شابًا في الثمانينيات” ليس مجرد كتاب ذكريات، بل شهادة حية على عقد مهم في تاريخ مصر الحديث، وإلى جانب التحليل العام، يزخر الكتاب بلحظات شخصية حميمة، مثل علاقته العاطفية الأولى.
ملاحظات عن الكتاب
يوجد خطأ في تاريخ اغتيال يوسف السباعي، حيث كان في 1978 وليس في 87 كما ذكر بالكتاب.
يوجد بعض التكرار، كنت أفضل أن يكون مرتبًا زمنيًا.
تكلم عن ضعف اللغة العربية لخريجي مدارس اللغات، فما بالنا الآن؟
التقييم: جيد جدا.
الغلاف: لأحمد عاطف مجاهد. متوسط.
عدد الصفحات: 295.

محمود عبد الشكور، ناقد سينمائي وأدبي مصري، من مواليد ديسمبر 1965. تخرج من كلية الإعلام، قسم الصحافة عام 1987. بدأ مسيرته المهنية بالتدريب في جريدة الوفد. نشر مقالات في العديد من الصحف والمجلات العربية والمصرية. هو أيضًا عضو في نقابة الصحفيين وجمعية نقاد السينما المصريين، ويشغل حاليًا منصب نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر.
له إصدارات عديدة: كنت صبيا في السبعينات، ونس الكتب، داوود عبد السيد ، محمد خان، ورواية حبيبة كما .حكاها نديم، وكنت شابا في الثمانينات موضوع مراجعتنا اليوم
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد