مصطلح “أهل السُّنَّة والجماعة”.. مقاربة سياسية! بقلم: أشرف قنديل
هذا المقال يحاول تسليط الضوء على أهم أبعاد مصطلح “أهل السُّنَّة والجماعة” وهو البُعد السياسي لذلك المصطلح فهو أس هذا المصطلح وأصله؟!
أشرف قنديل

من بين أكثر المصطلحات التي كانت ومازالت تثير الجدال والإشكال والخلاف والاختلاف في الفضاء الإسلامي منذ ظهوره هو مصطلح “أهل السُّنَّة والجماعة”، فهذا المصطلح “الغامض” الذي لا يُعرف تحديداً شخصية أول من أطلقه، ولا يُعرف حتى متى بدأ استخدامه بالتحديد. هذا المصطلح له أبعاد كثيرة، وهو أعقد بكثير مما قد يُظن، فهو من المصطلحات المطاطة التي يمكن تتسع دائرتها لتشمل جملة “أهل القبلة”، أي كل المسلمين، كما يمكن أن تضيق دائرته عند البعض لتصبح على مقاس جماعة أو فرقة بعينها، دون سائر المسلمين، فيما يُعرف ب”الفرقة النّاجية” أو “الطائفة المنصورة”، كما سنرى!
في البداية يجب أن نفهم أن “المسائل الاعتقادية” في الإسلام تختلف عن غيره من الأديان، والأصل أنه ليس فيها قوانين حاسمة، كقوانين الإيمان المسيحية التي تقرها المجامع الكنسية مثلاً. فالاعتقاد في الإسلام، ليست له قوانين ونصوص مفصلة، المادة رقم واحد، المادة رقم اثنين، المادة رقم ثلاثة، وهكذا.
إنما جاءت فيه آيات القرآن ونصوص الأحاديث التي نقرأها عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا أصل الاعتقاد في الإسلام، بحيث يُترك فهم هذه النصوص لعقول الناس. لكن عقول الناس متفاوتة، وقد قال الفقيه المالكي الصوفي ابن عطاء الله السكندري (658 هـ – 709 هـ): (ما من أحدٍ، إلا وهو راضٍ عن الله بعقله، وأقلهم عقلاً أرضاهم به)!.
لذلك كانت ومازالت مسائل الاعتقاد في الإسلام من أكثر المسائل إثارة للخلاف والاختلاف، مع أن الأصل فيها هي ترك فهم نصوصها لعقول البشر المتفاوتة وتصوراتهم المختلفة!
نرجع ثانية لموضوع المقال وهو مصطلح “أهل السُّنَّة والجماعة” المُشكل؟!
يتكون مصطلح “أهل السُّنَّة والجماعة” من جزأين أو (مصطلحين)، وهما مصطلح (السُّنَّة)، ومصطلح (الجماعة) وفيهما إشارة إلى حادثتين وقعت إحداهما عام 11 هجرية عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة وهي (حادثة السقيفة) ووقعت الأخرى بعد ثلاثين عاماً من وفاة النبي أي في عام 41 هجرية فيما عُرف ب (عام الجماعة).
الجزء الأول وهو مصطلح (السُّنَّة) المقصود به هنا “سُنة الصحابة” -وتحديداً أبي بكر وعمر- في الطريقة التي اتباعها في السقيفة لاختيار الشخصية التي ستخلف النبي صلى الله عليه وسلم في السلطة بعد وفاته عام 11 هجرية. أو بعبارة أدق، السُنة أو الطريقة التي اتبعها الصحابة في اختيارهم شكل وطريقة “الحكم السياسي” للأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
والسُنة في “اللغة” كما نعلم هي (الطريقة)، يقول الشاعر لبيد بن ربيعة العامري في معلقته:
مِنْ معشرٍ سنَّتْ لهمْ آباؤهُمْ
ولكلِّ قومٍ سُنَّة ٌ وإماما
والسُنة في “الاصطلاح” عرفها النبي صلى اللهُ عليه وسلم، فقال (عليكُم بسُنَّتي) أي (طريقتي) وسنةِ الخلفاءِ الراشدين المهديِّينَ من بعدِي أي (طريقتهم).
* وردَ في الحديثِ الصَحِيح عن العِرْباضِ بنِ سارِيةَ – رَضْيَ اللهُ عنه – قَالَ: «وَعَظنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم موعظةً بلِيغةً وَجِلتْ منها القلوبُ، وذَرَفتْ منها العُيون، فَقُلنَا: يا رَسولَ اللهِ كأنَّها مَوْعظةُ مُودِّعٍ فأوْصِنا. قَالَ: «أُوصِيكمْ بِتقوَى اللهِ، والسَّمعِ والطَّاعةِ وإنْ تأمَّرَ عليكم عبدٌ حَبَشِيٌّ، وإنَّه مَنْ يَعِشْ منكم فَسَيرَى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ».
رواه أبو داود والترمذي، وقالا: «حديثٌ حسَنٌ صَحِيح».
وقد عبر عن ذلك ابن رجب الحنبلي (736 هـ – 795 هـ) في بيان مراد أهل السلف بالسُّنَّة الوارد بكتابه “كشف الكربة في وصف أهل الغربة”، فقال: السُّنَّة هي “طريقة النبي ﷺ التي كان عليها هو وأصحابه، السالمة من الشبهات والشهوات“.
[كشف الكربة في وصف أهل الغربة: 1/7]
هذا فيما يتعلق بمصطلح (السُّنَّة)
أما مصطلح (الجماعة) فهو هنا إشاره إلى عام الجماعة أي (عام 41 هجري) وهو العام الذي اجتمعت فيه الأمة بعد فرقة وحروب أهلية على اختيار معاوية بن أبي سفيان للحكم بعد تنازل الحسن بن علي له عن “الخلافة”. حيث إنه لما قُتل علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم المرادي في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة40هـ، بايع أهل الكوفة الحسن بن علي بالخلافة، واستمر الحسن بعد بيعته خليفة على الحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك نحو سبعة أشهر، بينما أعلن معاوية بن أبي سفيان نفسه خليفة على الشام ومصر. وبعد مراسلات بين الحسن ومعاوية، تنازل الحسن، واستقر الأمر لمعاوية فأصبح خليفة المسلمين، وقامت الدولة الأموية التي تنتسب إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
ويؤمن أهل السنة والجماعة بأن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد بشر وتنبأ بأن الحسن سيصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين قبل حصول هذا الأمر بسنوات بعيدة، وقد ورد في ذلك حديث نبوي رواه البخاري في صحيحه عن الحسن البصري قال:
«سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، قَالَ: بَيْنَما النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، جَاءَ الحَسَنُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ».
وتشير بعض المصادر إلى أن حديث الرسول هذا هو ما دفع الحسن إلى الإقدام على الصُلح، وأن هذه النبوءة قد كانت هي الموجهة للحسن في اتجاهاته وتصرفاته ومنهج حياته، وأنها حلت في قرارة نفسه، واعتبرها كوصية من الرسول، بينما تشير مصادر أخرى إلى أن تخاذل جيشه من أهل العراق عنه ومحاولة الاغتيال التي تعرض لها، إلى جانب انشقاق قائد جيشه عبيد الله بن العباس وانضمامه لمعاوية، دفعته لقبول الصلح مع معاوية والتنازل له عن الخلافة*مقابل أن يعطيه معاوية ما في بيت مال الكوفة، ومبلغه خمسة آلاف ألف، وخراج دار ابجرد من فارسن وأن لا يشتم علياً، وقد وافق معاوية على مطالب الحسن المالية لكنه، لم يجبه إلى الكف عن شتم علي، فطلب منه الحسن أن لا يشتم علياً وهو يسمع، فأجابه إلى ذلك ثم لم يف له به أيضاً، وأما خراج دار ابجرد فإن أهل البصرة منعوه منه وقالوا: هو فيئنا لا نعطيه أحداً، وكان منعهم بأمر معاوية أيضاً*!!
* المصدر: الكامل في التاريخ لابن الأثير.
فالخلاصة إذن هي أن المسلم من (أهل السُنة والجماعة) هو المسلم الذي يجب أن يتوفر فيه شرطان وهما الاعتراف بصحة طريقة (سُنة) الصحابة في اختيار “الحاكم السياسي” للأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعترف كذلك بأحقية معاوية في تولي السلطة عام 41 هجرية بعد تنازل الحسن له عنها…… وهما شرطان أساسيان، بل لازمان، ولكنهما في نفس الوقت ليسا بكافيين، كما سنرى!
هذا فيما يتعلق بفهم مصطلح (السُّنَّة) بمفرده، ومصطلح (الجماعة) بمفرده. أما بالنسبة لمصطلح “أهل السُّنَّة والجماعة” كمفهوم أو مصطلح واحد فيجب لفهم ذلك المصطلح فهماً صحيحاً، وبطريقة بسيطة، الوقوف عند حدث تاريخي ثالث- إلى جانب حادثتي السقيفة وعام الجماعة- هذا الحدث قد وقع عام 408 هجرية وأعني به حدث إصدار (الوثيقة القادرية)، وهي وثيقة أصدرها الخليفة العباسي القادر بالله في تلك السنة، حددتْ تلك الوثيقة التاريخية الهامة والمسكوت عنها، المعتقدات التي يجب على المسلمين -من “أهل السُّنَّة والجماعة” – اعتقادها، وتمنع معتقدات أخرى، وتضع معتنقيها تحت طائلة العقوبة والنكال، فهي بمثابة أول قانون إيمان إسلامي في التاريخ، إن جاز التعبير!
إذن فقد تم صك مصطلح “أهل السُّنَّة والجماعة” في النهاية بشكل رسمي بداية القرن الخامس الهجري، بعد أن تبلور فكرياً مع نهايات القرن الرابع الهجري، من خلال إصدار ما عُرف بالوثيقة القادرية أو الاعتقاد القادري في عام 408 هـ، من قبل السلطة السياسية ممثلة بالخليفة، وفي ظل ضعف الدولة العباسية وصعود الدولة الفاطمية التي كانت تسعى بكل الوسائل لتوسيع نفوذها في المشرق العربي وخراسان وأفغانستان، بعد أن سيطرت على المغرب العربي ووصلت حتى حدود العراق بعد أن استولت على مصر والشام!
ولنتوقف قليلاً عند ملابسات إصدار الوثيقة القادرية فهي رغم أهميتها العملية والرمزية في تاريخ المسلمين، إلا أنها مسكوتٌ عنها بشكل غريب!
ففي ال 10 من رمضان عام 381 هـ تولى ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺇﺳﺤﺎﻕ الملقب بالخليفة القادر بالله العباسي (336 هـ – 422 هـ) الخلافة، بعد أن خلع الجند الأعاجم (البويهيون) سلفه الخليفة الطائع لله، فكان القادر بالله أُلعوبة في يد هؤلاء الجند…. لم يكن والده إسحاق خليفة، بل كان أميراً من أمراء الدولة العباسية، بينما كان جده هو الخليفة المقتدر (295هـ -320 هـ)، توفي والد القادر بالله سنة 377هـ عن 60 عاماً، وقد تولى القادر الخلافة بعد ذلك بأربع سنوات وسط اضطرابات حدثت في بغداد قام على إثرها السلطان البويهي بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه بخلع سلفه الخليفة الطائع لله، بعد أن مضت عليه في الخلافة 24 سنة، حيث استشار بهاء الدولة فيمن يصلح للخلافة فأجمعوا على القادر بالله، فدخل بهاء الدولة في شعبان عام 381 هـ على الخليفة الطائع لله مع أصحابه، فشحطوا الطائع بحمائل سيفه من السرير، ولفّوه في كيس، وأُخِذَ من دار الخلافة إلى دار السلطنة، وأكره بهاءُ الدولة الطائعَ على خلع نفسه، وأمر بالنداء بخلافة القادر بالله. ومما يُذكر أن الخليفة المعزول الطائع لله كان قد تزوج أخت بهاء الدولة، وهو أمرٌ درج عليه كثير من الخلفاء لتوطيد العلاقة بين السلطان والخليفة بوشيجة الرحم، فما أفاد الطائع ذلك!
ولم يكن القادر أثناء تلك الأحداث في بغداد، بل كان يقيم في البَطيحة – المعروفة اليوم بالأهوار – منذ قرابة ثلاث سنوات هارباً من الطائع لله، وكان السبب في هروب القادر أنه لما توفي والده الأمير إسحاق ابن المقتدر سنة 377هـ جرت بين القادر وبين أخته آمنة منازعة على ضيعة، وقد تزامن ذلك مع مرض الطائع مرضاً شديداً لكنه شُفي منه، فكادت أختُ القادر له بأن قالت للطائع: إن أخيها القادر قد شرع في تقلد الخلافة عند مرضك، وراسل أرباب الدولة في ذلك. فظن أن ذلك حق فتغير رأيه فيه، فأنفذ جماعة للقبض عليه، فعرف القادر ما يراد به، وتخلص منهم بمساعدة جواريه عندما هاجموا قصره، وانحدر القادر بالله هارباً إلى البطيحة، التي كانت موئل للفارين من كامل العراق لأسباب مختلفة في ذلك الزمان!
ولما وصل رسول بهاء الدولة البويهي إلى القادر بالله بعد عناء يخبره باختياره للخلافة أجابه برسالة أثنى عليه فيها وأخذ في الاستعداد للرحيل إلى بغداد، فلما وصل الخليفة إلى واسط اجتمع الجند، طالبوه بمنحة البيعة، ومنعوه من الصعود إلا بعد إطلاق المال!
كان يخشى هذا الخليفة الضعيف والذي لم يستطع حتى تأمين طريق الحجاج من البصرة إلى مكة، من أن يخرج عليه المعتزلة خاصة وأن مذهبهم يوجب الخروج على الحاكم الظالم والمتهاون. فما كان من هذا الخليفة الضعيف إلا ان قام في عام 408 هـ بجمع فقهاء المذاهب الصغيرة الثانوية التي كانت لا تجيز الخروج على الحاكم، أي حاكم، ما اقام الصلاة، والتي كانت تبرر كل النكسات التي اصابت الدولة العباسية على انها قضاء الله وقدره الذي لا يُرد وبذلك يتم تبرئة الخلفاء المتقاعسين أمام الناس من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من انحدار وهوان وضياع للثغور،
وأصدروا جميعاً ما عُرف ب”الوثيقة القادرية” التي حددت ما عُرف بعقيدة “أهل السنة والجماعة” في ذات الله وصفاته وفي الإيمان والقضاء والقدر وحظرت الفرق الإسلامية الأخرى كالمعتزلة والشيعة (باستثناء الشيعة الإمامية الإثنا عشرية التي تبلورت بعد ذلك)، ولضمان نجاح المخطط فقد استعانوا بالسلاجقة الأعاجم حديثي العهد بالإسلام ليقيموا اعواد المشانق للمعتزلة، وهكذا انقلبت الآية واستبدل المذهب الرسمي للدولة الإسلامية في عصرها الذهبي بمذاهب أهل الحشو الثانوية واصبح وعاظ العامة- في الأسواق هم “فقهاء الدولة” وأُلقي كبار العلماء في غياهب السجون. طبعاً ترافق ذلك التنكيل مع حملة تشويه شعواء، الغرض منها استئصال الفرق غير الرسمية جذرياً من المجتمع.
يقول ابن كثير في كتابه البداية والنهاية:
وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب الخليفة القادر بالله فقهاء المعتـزلة، فأظهروا الرجوع وتبرؤوا من الاعتـزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام، وأُخذت خطوطهم (أي توقيعاتهم) بذلك، وأنـهم متى خالفوا أُحل بـهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالـهم، وامتثل محمود بن سبكتكين أمر أمير المؤمنين في ذلك؛ واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من بلاد خراسان وغيرها، في قتل المعتـزلة! والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة، وَصَلَبَهُمْ وحبسهم ونفاهم، وأمر بلعنهم على المنابر، وأبعد جميع طوائف أهل البدع، ونفاهم عن ديارهم وصار ذلك سنة في الإسلام)!
إذن فمصطلح أهل السُّنَّة والجماعة مصطلح “سياسي” في الأساس ويعبر في الأصل عن انتماء أو موقف سياسي أو أيديولوجي وليس ديني، بدليل أن المنتسبين إلى أهل السُّنَّة والجماعة أنفسهم قد افترقوا إلى فرق ومذاهب عقدية وفقيه شتى…. والله تعالى يقول ولو كان من عند غير الله (وهي السياسة هنا) لوجدوا فيه اختلافا كثيرا” ….
فالدين يُجمع والسياسة تُفرق.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد