مقدمة في سوسيولوچيا الفلسفة الإسلامية.. علم الكلام نموذجًا.. محاضرة٣.. أ/ محمد صلاح
ملخص المحاضرة
قدم أ. محمد صلاح الباحث والمفكر المحاضرة الثالثة في دورة “مقدمة في سوسيولوچبا الفلسفة الإسلامية”، والتي تناولت علم الكلام وتطوره في الإطار السوسيوتاريخي، بدايةً من سبب التسمية، ثم عرض لأهم المقالات الكلامية في سياقها التاريخي: كالإمامة والقدر والعدل والتوحيد والكلام الإلهي، ثم تناول أزمة خلق القرآن وأثرها الممتد على المجتمع الإسلامي.
نشأة “الكلام” في الإسلام
قدمت إيمان الرفاعي الدورة التي تقدمها أكاديمية تفكير حول سوسيولوچيا الفلسفة الإسلامية، مع التركيز في هذه المحاضرة على علم الكلام . ثم ناقش الباحث محمد صلاح تطور مصطلح “الكلام” في الفلسفة الإسلامية، متتبعًا أصوله إلى التاريخ المبكر وتطوره مع مرور الوقت. كما تطرق إلى التأثيرات الاجتماعية والسياسية التي شكلت الفكر الكلامي الإسلامي، بما في ذلك الجدل الإسلامي مع المسيحية والتلاقح الثقافي بين المسيحيين والمسيحيين العرب.
آراء الجماعات الإسلامية حول الإمامة
ركز النقاش على أصول وتطور وجهات نظر الجماعات الإسلامية المختلفة حول الإمامة، وخاصة الشيعة والخوارج والمعتزلة. ويتتبع كيف تطورت هذه المعتقدات استجابةً للضغوط الاجتماعية والسياسية والأحداث التاريخية، مثل وفاة النبي محمد ومذبحة كربلاء. ويشدد على أن العقيدة الشيعية للإمامة بدأت كإمامة سياسية ثم أصبحت أكثر تعقيدًا مع مرور الوقت. وفي نهاية المطاف رفعت الإمام السياسي إلى منصب الإمام الشامل روحيًا ودينيًا كمنصب مقارب لمنصب النبي. كما قام بتحليل وجهات نظر الخوارج من خلال عدسة اجتماعية ، مع مراعاة خلفياتهم القبلية كمجموعة من المهمشين، لفهم آرائهم التي وسعت القاعدة التي يمكن اختيار الإمام منها. كما نوقش موقف المعتزلة من الإمامة، مشيرًا إلى رفضهم لمفهوم التعيين الإلهي وتأكيدهم على الشورى في اختيار الإمام.
الفكر الإسلامي في القدر والعدل
ناقش محمد صلاح مفهوم القَدّر وآثاره في الفكر الإسلامي. وسلط الضوء على الجدل بين أولئك الذين يؤمنون بالقَدّر والذين ينكرونه، مع دعوة المعتزلة إلى المسؤولية الإنسانية والإرادة الحرة. كما تطرق إلى التبعات السياسية لهذه المعتقدات، مشيرًا إلى أن بعض الحكام ربما استخدموا إنكار القَدّر لتبرير أفعالهم. كما ناقش محمد صلاح دور الشبكات الاجتماعية في نشر فكرة نفي القَدّر وبالتالي يكون الإنسان مسئولًا عن أفعاله. كما ذكر تأثير الفكر المسيحي على مبدأ القَدّر وانتقال الجدال حول القدر من المسيحية إلى الإسلام. واختتم حديثه بتأكيد المعتزلة على أهمية العدل الإلهي واعتبار حرية الإرادة الإنسانية هي الضمانة لها حتى يكون الإنسان مسئولًا عن أفعاله، في مقابل رأي الأشعرية ونظرية الكسب التي فيها يتضاءل دور الإنسان ومسؤليته عن أفعاله وتأثيره على المجتمع وإقامة العدل فيه.
التوحيد، والصفات، والكلام الإلهي
ناقش محمد صلاح مفهوم التوحيد وتطوره في سياق الديانات الإبراهيمية الثلاث. وسلط الضوء على الجدل بين الجماعات الإسلامية وتأثير الفكر اليوناني والأفلاطوني الحديث. كما تطرق إلى موضوع الصفات الإلهية، مشيرًا إلى أن هذه الموضوعات تسببت في نزاعات وتأثرت بالتدخل الديني في السياسة. وشدد على أهمية فهم السياق الاجتماعي والتاريخي لهذه الأفكار كجزء من سياق جدلي بدأ مع المسيحيين، وكيف تطورت مع مرور الوقت. واختتم حديثه بالقول ان الفكر الفلسفي في المجتمعات الإسلامية يُولد من الجدال والتاريخ، وأن فهم هذه الأفكار يتطلب مقاربة اجتماعية.
كما تطرق إلى أزمة خلق القرآن وموقف المعتزلة منه على أنه حادث وليس قديم كما قال أهل الحديث. وهي أزمة تضخمت بفعل الاجتماع السياسي.
واختتم محمد صلاح حديثه بالتأكيد على أن علم الكلام كان أول محاولات التفكير الفلسفي في مجتمعات المسلمين، وخرج من رحم جدال سياسي اجتماعي، وجدل فكري بين الفرق، وأن فهمه في سياقه السوسيولوچي ضرورة لفهم مقولاته فهمًا أقرب للعلمية والصواب.
المناقشة
في البداية سأل د. وائل العظمة عن شخصية الخليفة المأمون وكم هي محيرة كما طلب توضيح الفارق بين علم الكلام وعلم العقيدة.
وقد أكد محمد صلاح على عدم الوضوح الذي يحيط بشخصية المأمون واعتقاده أنه كان جهميًا متأثرًا بشئ من التشيع، لكنه كان سياسيًا بالدرجة الأولى، واستخدم أزمة خلق القرآن لفرض سلطة الدولة وتقليل نفوذ أهل الحديث.
أما عن الفرق بين علم الكلام والعقيدة، فعلم الكلام هو نظم الأدلة بصورة تفصيلية للدفاع عن العقيدة، أي أنه في النهاية يلتقي معها عند نفس النقطة.
بينما أكد د. محمد عيسى على محورية أزمة خلق القرآن في التعامل مع النص فيما بعد. وقد اتفق محمد صلاح مع ما قيل، وأشار إلى الارتباط بين الأزمة وبين التوحيد الإسلامي الذي تشكل وتطور في سياقات اجتماعية مختلفة كالتوحيد المعتزلي والسلفي والأشعري ونظرتها للطبيعة الإلهية وصفاتها.
ثم تساءلت م. نهلة هنو عن الأدبيات التي يستند عليها الإسلاميون الذين يخرجون عن الحاكم، رغم أن الأدبيات الإسلامية المعروفة تحرم الخروج عن الحاكم.
فكان رد الباحث محمد صلاح أن التحريم موقوف على تكفير الحاكم، فلو رأت منه الناس ما يعتبرونه كفرًا صريحًا جاز لهم الخروج عليه، وهو ما تستند عليه السلفية الجهادية حديثًا والخوارج قديمًا.
أما أ. دعاء فهي تؤكد على محورية الاجتماع في تفسير نشوء وتطور الأفكار، وهو ما أكده محمد صلاح، لكنه أضاف أن العقل الإنساني قادر على إنتاج الأفكار باستقلالية نسبية عن الاجتماع. فالأفكار كالله والعدالة أفكار مطلقة، لكن تصوراتنا عن هذه الأفكار هي اجتماع.
وشارك أ. عبدالله أحمد وتحدث عن “الفرقة العثمانية” وعلاقتها ببداية ظهور مصطلح “أهل السُنة والجماعة”، وتساءل عن فرقة “النواصب” ومدى تأثيرها في التاريخ الإسلامي.
وقد أكّد محمد صلاح على أن أهل السنة والجماعة ليست جماعة مفارقة للتاريخ بل هي نتيجة الاجتماع والتطورات التاريخية في المجتمع الإسلامي، وأنه يعتقد أن بدايتها كانت لحظة الخلاف وقت عثمان وتوطدت في ظل حكم الأمويين ومواجهة منافسيهم على الحكم.
أما أ. إسلام، فأكد على استحالة الفصل بين العقل الإنساني والبيئة المحيطة به والعلاقة المتبادلة بينهما.
للاستماع إلى تسجيل صوتي للندوة اضغط هنا
لمشاهدة تسجيل فيديو للجلسة:
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليق واحد