بداية المعركة.. بقلم: جورج فريد..ملحمة القطاطيش (2).. مجموعة قصصية..
عن أقدار البشر والقطط والسرديات الكبرى وحواديت كليلة ودمنة
بقلم: جورج فريد

“لو تخيل الآباء المؤسسون أن تلك هي نهاية أبنائهم هل كانوا قبلوا بالاتفاق القديم مع فريدريك الثاني على ترك صقلية مقابل لوتشيرا؟”
من ٣ ايام حصل ما توقعته .. مشمش ضرب محاسن وقسي عليه. مشوفتش بداية المعركة وانتبهت على آخر جولتين.. في بداية ما قبل الأخيرة كان محاسن لسه بيقاوح وفي قول آخر ب يقاوم لكن سرعان ما أدرك عدم الجدوى وانطرح على ضهره في وضع الاستسلام، ومع ذلك مشمش لسه بيضرب بقسوة.. فكرت للحظات إني أتدخل وأنقذ الضعيف من قبضة القوي وبسرعة استبعدت الفكرة رغم غلاوة محاسن عندي..
التدخل دا كان هيبقى ضد قوانين الطبيعة ومش في صالح محاسن نفسه إلا لحظياً لكن مضر له طول المستقبل ودا من أهم الدروس اللي اتعلمتها من القطط. وعقب نهاية المباراة لاذ محاسن بالفرار ومبقاش يظهر إلا في بعض الأوقات اللي مشمش ميكونش موجود فيها.
سعد أخو محاسن الأضعف ظهر بعد المعركة بقليل وكان مختفي لمدة أسبوع هروباً من قسوة مشمش والظاهر إنه عرف خلال الأسبوع دا إن العالم بره حدود المملكة المشمشية مش أرحم عليه من الملك المفتري.. و غالبا إن محاسن عارف برضه الكلام ده، وعشان كده لسه موجود.
الجدير بالتسجيل إن آثار المعركة من شعر منتوف من الفروتين ومن زكة ملحوظة في مشية مشمش من بعد الموقعة تدل على أن محاسن أبلى بلاءً حسنا وكان أكثر من ند في البداية لكن العبرة بالخواتيم.
الاقتباس الافتتاحي هو من مقال للصديق العزيز محمد التداوي منشور في مجلة تفكير وعلى وول الصالون عن زيارتنا المشتركة لمدينة لوتشيرا ومتحفها وقلعتها اللي كانت مسرح لأحداث تصلح كسردية كبرى لأن بيها انتهى الوجود العربي والإسلامي في إيطاليا القرون الوسطى بطريقة لا تقل مأساوية عن نهايته في إسبانيا واللي هيحصل بعد قرنين وشوية لكن على مقياس أصغر.
الدنيا حظوظ .. بمعنى أقدار وممكن برضه نقول ظروف وقد يزدهر الضعيف ويتألق الخافت لو كانت الظروف مواتية والعكس مع القوي لما الظروف تعاكسه، ودا حصل وبيحصل وهيحصل إلى نهاية الحياة في عوالم البشر والقطط وما بينهما وحولهما من عوالم كائنات لا تحصى.
القسوة والعنف عنصر أساسي من عناصر الطبيعة وقد يكون وجود الحياة من غيرهم مستحيل.. وشيء من التعرض للقسوة غالباً مفيد ومقوي لكن جرعة زايدة منها كاسر ومحطم.. ويبقى تحديد الجرعة مسألة شخصية جداً ومحاسن لوحده هو اللي يقدر يعرف هل يقدر يستحمل أكتر لغاية ما يجمد عوده ويضعف بفعل الزمن عود مشمش ولا الأفضل يشوف حاله في حتة تانية يمكن الظروف فيها تكون مواتية.
محاسن قد يكون قط شبه مستأنس في بيئة عمرانية بشرية أو أسد في السافانا الأفريقية أو فتوة في حواري القاهرة أو قبيلة رحالة في سهوب آسيا أو دولة قومية مطرح مايعجبك على خريطة كوكب الأرض.. الفرق الجوهري إن المحاسن غير البشرية والأقرب لفهم قوانين الطبيعة بفعل إن وعيها -المحدود بالمنظور البشري- لم يتشوه بسرديات كبرى تمجد أسلافها وتحقر أسلاف الأعداء تعيش اللحظة بكل تفاصيلها.. مابتنتظرش عون خارجي في معاركها من أصدقاء أو أغراب ومبتفكرش بعقلية الآباء المؤسسين الباحثين عن مستقبل أجيال ماتولدتش ولا السياسيين الشعبويين الجاهزين بوعود قاطعة بتحسين الأحوال بعد القضاء الحاسم على عدو وهمي هو سبب كل البلاوي، ولا أحداث حالمين مغرر بيهم عن طريق سردية كبرى عن أمجاد أسلاف ملو الدنيا بالعدل و الرخاء لما سادوا و اتقّل خير الدنيا من بعد سقوطهم بمؤمرات الأعداء الحاقدين.

الصورة ل أم سعد وهي أم محاسن برضه .. سميتها أم سعد من قبل ما تخلفهم أصلاً وهي ستدخل تاريخ الملاحم القطاطيشية المكتوبة بمنهج بشريك الأم المؤسسة للمملكة المحاسنية لو ربنا نفخ في صورة محاسن وقدر في جولة قادمة يغلب مشمش ويطرده .. علما بأن مشمش و برضه أم سعد وسلالتها دخلاء على المملكة اللي مش فاضل من أصلها التاريخي إلا بطة وسكر ودول قطتين لا إنجابيتين بعكس أم سعد اللي مايعديش عليها ربيع إلا وتكون زاربة خمس عيال.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد