نولدكه ومجمل دراساته على القرآن_كلاوديو دي ستيفاني.. ترجمة: عماد السعيد

عماد السعيد

d8b9d985d8a7d8af-d8a7d984d8b3d8b9d98ad8af نولدكه ومجمل دراساته على القرآن_كلاوديو دي ستيفاني.. ترجمة: عماد السعيد

                   

إن في فهم القرآن،  يتطلب من ناحية أخرى بعض معرفة بأواخر عصر الأنتيك Spatantike4* الخاص بالشرق الأوسط (وربما ليس الشرق فقط5). ولكن لفهم القرآن على وجه الدقة لا يمكن إلا أن يكون تاريخيًا، ومن أجل هذا اخترت أن أهدى هذه المقاربة البسيطة لشخص تيودر نولدكه ومجمل أعماله في الدراسات الإسلامية6.

npnlt6e-1 نولدكه ومجمل دراساته على القرآن_كلاوديو دي ستيفاني.. ترجمة: عماد السعيد

ثيودور نولدكة

إن هذه المعرفة التاريخية بالقرآن هي الوحيدة التي تمكن بطبيعة الحال من قراءته بوعي كامل، حتى وإن كانت صعبة المنال7، فهي تستحق عناء المحاولة، واليوم تحديدًا أكثر من أي وقت مضى. وذلك لأن الإسلام موجود بيننا.  فمنذ سنوات مضت ونحن شاهدين على ثورة إثنية وثقافية سريعة غيرت حرفيا الظروف التقليدية لوجود الإسلام في أوروبا وفي الشرق الأوسط. حتى وإن كان بالفعل قد تعايش المسيحيون والمسلمون سويًا، بداية من زمن الخلافة ووصولًا للإمبراطورية العثمانية، فاليوم تبقى الطوائف المسيحية مهددة بالشرق في أكثر من بلد إسلامي، وعلى العكس تمامًا، منذ طرد العرب من إسبانيا، فقد أعادت متجمعات إسلامية تشكيل نفسها في أوروبا سواء بالأراضي التي احتلتها في القرون الوسطى (شبه جزيرة ايبيريا وصقلية)، أو حتى في البلاد التي لم يحتلوها إطلاقًا كألمانيا أوالبلاد الإسكندنافية8. ما يعني أنه لفهم الإسلام  كما تعلم غير مستعرب بداية من ايجناس جولدتسهير، فلا تكفي معرفة غير مكتملة بالقرآن، لكن يكون فهمه بمعرفة القرآن الأولى Qurano Principium  ــ ولمعرفته ينبغي التوجه في المقام الأول إلى تلك المقدمة الرائعة لترجمة أليساندرو باوساني9  Baussani، ويمكن دعم هذه القراءة بمساهمات مونتجيمري وات و ريجي بلاشير.                                                                    .

إن الفرضية التي لا غنى عنها في مساهمة كهذه، هي عرض موجز لآيات القرآن. فالقرآن هو كتاب مقدس، كما يعرف الجميع يتضمن الصلاة، وعِظات، وعقوبات للكافرين، وقصص، مما يشكل بنية أسطورية. فالقصص المروية في القرآن مأخوذة على الأغلب من العهد القديم والجديد، وهذا شيء بالغ الأهمية في فهم النهج والكيفية التي ينبغي تقييم كل من الإسلام والقرآن عليها. 

إن القرآن في الواقع  يتحدث في الآية (3:3) عن أن الله أنزل (الفعل أنزل هو اللفظ الشائع لهذا المفهوم، لكنه غير موجود في السور المكية الأولى) التوراة والإنجيل و” الكتاب “، مما يعني بأن القرآن:  يندرج بدوره في سياق اليهودية.   

من السهل القول، إنه بمثابة وحي” آيات” أنزلها الله على نبيه بواسطة ملاك الوحي “جبريل”10. ثم قام محمد بتبليغ الأيات التي أوحى بها إليه ملاك الوحي، والتي تلقاها بدوره من الله (وبحسب بعض التقاليد فالآيات كانت مكتوبة لدى ملاك الوحي جبريل) إن محمدًا يبدو كالشامان11 Sciamano، أو الكاهن، يسقط مغشيًا عليه مرارًا12

إن كُتاب السيرة الأوائل ابن إسحاق وابن هشام قد وصفوا خصائص هذه الحالات، واستنتج البيزنطيون من هذه الأعراض التسممية أن محمدًا يبدو كما لو كان مصابًا بالصرع13. على كل حال، كانت هذه حالته عند نزول الوحي، وإنه لجلي لنا أن القرآن عند المسلمين لا يعتبر مجرد كتاب، ولكنه حدث معجز، الوحي بغاية الله غير المخلوقة، المتساوية مع الله في القدم14، إلى شخص غير معبر إلا عن تلك الغاية. وهذا شيء ذو أهمية بالغة سواء في اللاهوت أو الليتورجية الإسلامية، فعلى خلاف الإنجيل، فالقرآن مكون بشكل حرفي من كلمات الله، المتصلة بمحتوى الرسالة النبوية15.

كانت البدايات الأولى لمحمد مع الوحي في عام 612مـ تقريبًا، وذلك عقب الخلوة، وكان يبلغ من العمر وقتها أربعين عامًا، فقد ولد على ما يبدو في الفترة ما بين 567 و 572مـ ، ويعتقد أن الهجرة إلى المدينة كانت في 622 ميلادية، حينما بلغ من العمر خمسين عامًا، ومات بعدها بعشر سنوات. ويجب أن يختم بشيء من الدهشة والإعجاب، حيث أتاه الوحي حينما لم يعد شابًا تمامًا، وأصبح زعيمًا روحيًا لمكة في سن 51-56، فكان مسنًا نوعًا ما، وخلال عشر سنوات أنشأ دينًا، وثيوقراطية عربية، وشكلًا جديدًا للدولة.   

إن محمدًا لمبشرٌ بثورة اجتماعية، إذ ينشيء دولته ودينه الجديد. وإن كنا نحن  معتادين على ضمانة التنوير والماركسية، في تحييد الأديان؛ دفاعًا عن الوضع الراهن status quo16، غير أن الإسلام تحديدًا كان دينًا وشكلًا جديدًا للدولة بشكل عصري، فمحدثات مهمة قد حدثت _ من الوقت الذي كان فيه رأس الدولة الجديدة، بمثابة زعيم روحي، وبرزت ببصيرته واستنتاجاته وواقعيته الفريدة. 

إن المسلمين ليستشهدون بالسورة 81 (التكوير) بجد له  ضد وأد البنات الوثني، ويمكن أن نذكر كذلك تلك المحدثات التي طرأت في مجال الطلاق17 ، في سورة (البقرة)، وفي مجال الربا18“، وتسوية المواريث على الخصوص19 ، وأيضا الحالات المتعلقة بالزنا سورة4 :15، إنها لتغييرات حداثية. 

وعلى وجه الخصوص، تلك القدرة على التآخي  بإيمان نقي من أجل مشروع إصلاحي مجتمعي، وربما كان هذا أساس النجاح الاستهلالي للإسلام20. إن الاعتراض الواضح على ذلك والذي نبهني له ذات مرة  صديق إيراني، ملحد يقول: (أنهم بكل تأكيد قد كانوا تغييرات حداثية، ولكنهم قد كانوا، فماذا هم اليوم؟)21 .

 إن مشكلة الإسلام الحديث، هي تعايش متطلبات المجتمع المعاصر مع التشبث الحرفي بنص قد عفى عليه الزمن.

فيهود المدينة لم يقبلوه كنبي في الواقع، وفي النهاية قد دعموا مشركي مكة ضده، فكانت خيبة أمله مريرة، وبصرف النظر عن تلك اللعنات المتعددة التي يلقيها القرآن على ” أهل الكتاب” الذين لم يؤمنوا به، و” عقوبة ” بني قريظة الحسية، إلا أن العاقبة الأهم كانت التغير في رؤيته للإيمان.

إن محمدًا قبل ذلك، كان يتواجد عمليًا كأحد الأنبياء التوراتيين،  وهو الآن يؤكد في (سورة البقرة) أن دينه هو دين الآباء التوراتيين. ويصرح في (آل عمران) بأن إبراهيم وإسماعيل ويعقوب، كانوا مسلمين. ويجادل بأن إبراهيم كان حنيفًا_ قد يكون المعنى نقيًا_  وأن اليهود كانوا قد انحرفوا عن الديانة الأصلية، ويعلن أن أبراهيم قد أسس القواعد من البيت الذي بمكة. وحتى نقول الحقيقة، نحن لا نعرف سوى القليل عن المرحلة الأبوية للتوراة،  فإبراهيم، أو لنقل إن العالم الثقافي الذي يمثله، ينتمي على نحو معروف إلى الحضارة السومرية، وقد يكون قد التقى أثناء تنقالاته بساميين من الجنوب24، ولذلك ليس ضروريًا أن يكون كل ما قاله محمد خطأ من الناحية التاريخية، بل قد يحتوى ذلك على بعض الوجاهة. فعلى أي حال، فقد غير الإسلام وجهته، إثر انقلاب سياسي- ديني بارع، فتحولت قبلة الصلاة من القدس إلى مكة، حيث مقام إبراهيم الأصلي، وبذلك تصبح اليهودية نوعًا من الردة على الإيمان الأصلي الذي يجسده الإسلام. بينما هذا الأخير وبداية من العام الثاني للهجرة، يضم التقاليد الوثنية للطوائف المكية _ كما كان قد شرح ذلك سنوك هرغرونيه_ ويحصل على أصله ومركزه الثقافي. وحينما يُتحدث مع المسلمين، فعادة ما يرددون بموجب القرآن بأنه الـ” خاتم” ، آخر ما أوحي به ( 33،40) وكما نلاحظ، وهذا ليس صحيحًا تمامًا أي، ما ادعاه محمد من أن الإسلام هو دين الفطرة.

 إن في فهم الظاهرة القرآنية، لا يمكن غض النظرعن تطوره ضمن سياق السيرة النبوية. وهذا يقودنا إلى موضوع هذه المقاربة، إذ أن تفسير القرآن لا يزال إلى اليوم معتمدًا وبشكل أساسي، على أطروحة “تاريخ القرآن” لثيودر نولدكه،  ولكن قبل أن تتراجع المزايا العلمية لهذا العمل الرائد، فمن الضروري إجراء مقدمة قصيرة لتاريخ مدرسة الاستشراق الألمانية.                              

   إن بداية الدراسات العربية الأوروبية العلمانية المتحررة والخالية من النوايا التبشيرية أتت من هولندا ( سكاليجيه، أربينو، جوليوس) وفي المناقشات حول هذا الموضوع، غالبًا ما يتم إعطاء مساحة مناسبة لتجربة الألماني جون جاكوب ريسكه، والذي يعتبره البعض بأنه أول مستشرق حقيقي حديث: وأصالته تكمن في أنه وبشكل نهائي استطاع فصل الدراسات العربية عن الدراسات اللاهوتية والتأثيلية الجدباء، فإليه ينسب هذا التقليد25.

johann_jacob_reiske_-_imagines_philologorum نولدكه ومجمل دراساته على القرآن_كلاوديو دي ستيفاني.. ترجمة: عماد السعيد
جون جاكوب ريسكه

 إن هذا العالم ألمعي، ومتوهج، ينقصه فقط ترجمة حديثه26. لقد عاش خضم أحداث المئة الثامنة عشر، في حقبة لم تكن ألمانيا بعد هي ذلك المركز العلمي المنظم الذي كانته بعد، ولذلك ازدهر في سياق لم يكن له أن يقدره، إن ريسكه كان نابغة لكنه لم يتبع بشكل فوري. ثقف نفسه بنفسه في هولندا، حيث كان باستطاعته أن يجد المخطوطات العربية، ولكن لا يمكن ربطه بشيء، سواء في حقل الدراسات اليونانية أو العربية. وبكل تأكيد، فإن مزاياه في نقد النصوص اليونانية والعربية هائلة، ولكن لم يتم جمعها أو فهمها على الفور. وكان لديه صديق قد ساهم بشكل كبير في تحديث الثقافة الألمانية بالقرن الثامن عشر، ليسينج. ولو أردنا أن نبحث تحديدًا عن رابط ما مع التطور اللاحق في مجال هذه الدراسات، لنجد أن الصداقة مع ليسينج، هي ما مهدت لمثل هذا التطور. 

ومع ذلك فإن ريسكه لم يكن لديه إرثًا علميًا حقيقيًا، وذلك لأنه لم يحصل على وظيفة تدريسية إلا في نهاية حياته القصيرة، ولم يكن لها بأي حال من الأحوال علاقة بالدراسات العربية27. فلم يكن لديه مدرسة حقيقية، ولم يكن متبعًا28، ولم يحيا في أعمال طلابه، ولكن ذكر اسمه في الأعمال النقدية. إن الأمور قد تغيرت في مطلع القرن التاسع عشر. ولو وجب عليّ أن أبسط بطريقة مجحفة، لقلت إن الدراسات العربية الألمانية لها فرعان أصليان، واندمجا معا بعد ذلك بطريقة دياليكتيكية. الأول هو دراسة النص المقدس، والأخر ذو أصل أجنبي وسنراه بعد قليل. 

وكما قلت سابقًا أن “التيار” الآخر، ذو أصل أجنبي، فرنسي على وجه الدقة. فمن الحقبة النابوليانية والدراسات الاستشراقية كانت قد أصبحت خصبة، فيمكن أن نتذكر في علم المصريات فرانسيس شامبليون، وفي الفارسية أنكويتيل، وفي السنسيكريتية ايوجين بورنوف ( قد درس  عليه جوريسيو Gorresio). 

images-12 نولدكه ومجمل دراساته على القرآن_كلاوديو دي ستيفاني.. ترجمة: عماد السعيد
بهينريش فليشر

إن غالبية المستشرقين الألمان كانوا قد تشكلوا بباريس تحديدًا، لدى متحدث اللغات اللامع والمثقِّف لنفسه بنفسه، البارون سيلفيستر دي ساسي (1758_1838): و ج. ف. فريتاغ، مؤلف ” المعجم العربي اللاتيني”، وجوستاف فلوجيل، مؤلف طبعة للقرآن والتي لازالت مستخدمة، ومحقق فهرست ابن النديم، ومعجم حاجي خليفة عن أسامي الكتب والفنون، وختامًا بهينريش فليشر وهو الأكثر أهمية (1801_1888) وعلى هذا الأخير وعنه، فقد خرجت منذ عدة سنوات توليفة متنوعة من الدراسات، وإن كنت لا أستطيع أن أتطرق إليها، فكما هو معروف أنه مؤسس ما يطلق عليه الاستشراق الرسمي “مدرسة لايبزج”. فلقد كان ناشرًا ونحويًا عظيمًا، وكان لديه زمرة من الطلاب كما كان منظمًا لا يعرف الكلل. ولازالت أعماله إلى اليوم يقتبس منها بشكل دوري في القواعد النحوية لوليام رايت، فهي بمثابة مرجعية أساسية لاغنى عنها؛ على الرغم من أن قراءة هذه الكتابات عالية الثقافة قليلة المنهجية، ليست بالأمر الهين على الإطلاق. 

إن فليشر وكما يتضح من غياب هيكل منتظم في طبعته لتفسير البيضاوي، فقد ظل كجزء هام في التطبيق الفيلولوجي الحديث، ويذكرني نوعًا ما بالباحث في الإغريقيات جوتفريد هيرمان، وربما كان من الحتمي أن تأتي لحظة التأسيس للاستشراق أن تمر من خلال هذه المرحلة الرسمية البحتة. وعلى أية حال، فقد أصبح اسمه مرادفًا للكفاءة اللغوية، كما يظهر ذلك من تمني أوتو فون بوهاتلينجك في أن يصبح هو فليشر الدراسات السنسكريتية.

إن تيودر نيلدكه ( 1836_1930) تلميذ إيوالد، ينتمي وراثيًا كما قلنا إلى نقاد العهد القديم_ حتى لو كان يجب أن نقول على وجه الخصوص، تابع لمدرسة المستعرب إيوالد29_  ولكن في الواقع ، وبسب اتساع  مساهماته التي لا حدود لها والتي شملت  بلاد فارس وتاريخ الإسلام، والنحو والأدب العربي، وأخيرًا في السيميائية المقارنة، فقد قام بتوليف كلا الاتجاهين، إنه لم يكن لديه ميول تَقويّة، أوعلى العكس من ذلك، بل كان شغوفًا بالإسلام، وهذا يظهر جيدًا في واحد من أعظم ذكريات الأستاذ، في ذكر النعي  Nachruf لكارل هينيرش بيكر، إن تأثير نولدكه العقلاني قد امتد ليشمل كل الدراسات العربية، ووحدها. كما ساهم في ذلك عمره المديد الذي كان بمثابة جسرٍ معلقٍ بين استشراق منتصف القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين، فبينما كان الاستشراق “البروتستانتي”  يستنفذ _ وقد طالت المدة في إنجلترا_ الصيغة الفليشرية كان يُجَدَد بالمعرفة التشريحية للشرق الأوسط، والتي  ظلت إلى نولدكه مستغلقة30.     

وقد اقترنت دراسته الموسعة للمخطوطات في هولندا في التعرف على العديد من المستشرقين، منهم من سيصبح صديق العمر، العالم _ باعترافه_ الأكثر ملائمة لعقله، الناشر الشهير للنصوص الجغرافية والتارخية العربية31، Michael J.De. Goeje.

 إن أهمية التلاقي مع هذا الأخير، ترتكز تحديدًا على أن دي خويه كان  قد أشركه في مهمة تحريرية_ جماعية لطبعة الطبري_ والتي أدت إلى تطور هام جدًا في شخصية نولدكه العلمية، كما أشار إلى ذلك سنوك هرغرونيه32.  

إن هذا الرجل مرتبط بشكل أساسي بمعرفة كتابية تامة بكل اللغات التي أتقنها ولم  تُشبع قط_ كما أظهرته العديد من سيره الذاتية_ هوسه الرومانسي بالعالم الشرقي33.

إن فضوله العلمي ومحفزاته الخارجية التي تتطلبها غالبًا ضروريات التدريس، دعته من وقت لآخر لاستكشاف مجالات جديدة ومثمرة_ وفي هذا المعنى ، نشاطه المذهل في دراسة اللغة الأرامية_  ولكن الانفصال العاطفي عن النصوص التي كان يدرسها ويفسرها سمحت له أن يكون بعمق دائمًا وأبدًا موضوعيًا. 

من الصعب تصور نولدكه_ بخلاف ذلك كان واهن القوى ولا يميل عادة للسفر حتى داخل ألمانيا_  وسط الحشود  المحتفلة الصاخبة والمتربة (كما كان يفعل على العكس من ذلك مؤلف النعي). وكما يتبين من إحدى رسائله، فلو كان نولدكه قد استطاع تلبية نزعاته، لكان قد أصبح _ على العكس من دي خويه_ فلولوجيا كلاسيكيا34

وباعتباري متخصص في الإغريقيات أعلن أن العديد من مساهمات نولدكه المختلفة والتي تمتد عبر العالمين الشرقي والكلاسيكي تصمد أمام تحدي الزمن_ فلقد قرأت وأعدت قراءة مذكراته الناجعة عن سوريا \ الأشوريات. ويذكر أيضًا بانتقاداته لتفسير مومسن لسياسة روما بالشرق في المجلد الخاص عن مقاطعات التاريخ الرومانيRomische Geschichte.

إن حياة نولدكه المهنية كانت خطِّية نوعًا ما: فبعد فترة وجيزة كأمين مكتبة في برلين عمل أستاذًا في مدينة كييل (1864-1872) وستراسبورج (1872-1920، وكأستاذ متقاعد 1906) : وبفضل درجة الماجيستير، فقد أصبح كرسي الأستاذية الثاني، مركزًا معترفًا به على مستوى العالم في الساميات35. وليس هذا مقام مناسب لمناقشة وسرد مساهمات نولدكه، والتي بلغت عددًا يصعب تصوره بستمئة طبعة.

إن مساهمات نيلدكه على التاريخ الساساني والنحو الآرامي لتراث خالد، وليس من شك في أن شهرته قد قُدِّر لها أن ترتبط بكتاب تاريخ القرآن  Geschichet des Qorans، إنه لعمل متقن _ عمدة في بابه، كما يحدث في الغالب مع الأعمال الأولي للأشخاص ذي الملكات الفذة36.

لقد كان نولدكه في عامه العشرين، حينما نَشَر معالجته الرصينة، والتي شكلت النواة الأساسية لتاريخ القرآن  De origine et compositione surarum Qoranicarum ipsiusqe Qurani ( Gotting, 1856)37

في الواقع، ينبغي التأكيد على أن المعالجة بالصيغة اللاتينية تحتوي بالفعل على كامل المناقشات التي تم تناولها بشكل أوسع في كتاب تاريخ القرآن، بداية من طبيعة الوحي، إلى تكوينه الشفهي، إلى إشكالية أمية محمد، إلى تمييزه، إلى البنية الداخلية للسور، بثلاث فترات مكية وأخرى مدنية، إلى عملية تدوين الكتاب عقب موت النبي، ووقتئذ فقد كان نولدكه هو أهم وأكبر مستشرق بأوروبا38

screenshot-2025-01-13-at-23.53.41 نولدكه ومجمل دراساته على القرآن_كلاوديو دي ستيفاني.. ترجمة: عماد السعيد

لقد قام المؤلف في السنوات التالية بتوسيع العمل، وتقدم للحصول على الجائزة التي أعلنتها أكاديمية النقوش والآداب بباريس، والتي تم منحها له ولمنافسيه شبرينجر و ميكل أماري، وذلك بفضل الزيادة السخية في الحصة المتاحة للجائزة.

 لقد تتابع العمل وأُعيد التآمل فيه، حتى أصبح عملًا جماعيًا: فالطبعة الثانية للجزء الأول، قد خصصت لأصل القرآن  Uber den Ursprung des Qorans، وقد طبعت بتحقيق تلميذه شفالي، والجزء الثاني جمع القرآن  Die Sammlungen des Qoranas كانت لشيفالي أيضًا وطبعت بعد وفاته بتقديم هاينرش تسيمرن، والجزء الثالث والأخير،  تاريخ نص القرآن Die Geschichte des Korantexets، فقد نُشر عقب موت المراجع الأساسي برغشترسر، وكما سنري بعد قليل من قبل أوتو بريتسل1938. 

وأتذكر هذه القصة التحريرية المعقدة للدلالة على كيفية أن العمل في تاريخ القرآن، انتهى به الأمر بأن أصبح بطريقة ما، ما ينبغي قوله، أنه الإنجاز الأبرز للدراسات العربية الألمانية وخلاصة متطلباتها الشكلية والتاريخية.

بيد أن السلسلة لم تنكسر، فيذكر بيرتسل في مقدمته  للجزء الأخير، تلميذه أنطون شبيتالر وهو بفاريا أيضًا40، وكان هذا الأخير كما هو معروف ممثل جيد لتيار الدراسات الألمانية العربية بميونخ حتى سنوات قليلة مضت.

إنه لخلاصة تمحيصية بكل ما يتعلق بالقرآن من إشكاليات دقيقة، محافظ على رصانته، ومستبعد كل الفرضيات الصاخبة، الأمر الذي قد ساهم في اعتباره دائمًا وأبدًا لا زال صالحًا ولم يُتجاوز بعد، بيد أن الجزء الذي دشن فيه نولدكه طرقًا جديدة كانت بكل تأكيد هي الفصول المتعلقة بكرونولوجيا السور القرآنية، وهو عنصر كان موجودًا بشكل جيد كما رأينا في جزئية أصل القرآن.

 إن ترتيب السور، كان قد نظم بشكل تنازلي كما هو معروف، (من طوال السور إلى قصارها، بداية من سورة الفاتحة)، ومن المعروف سابقًا أنهم قد أُنزلوا في أزمنة وأمكنة مختلفة، بعضهم بمكة وأُخر بالمدينة. و الأن نولدكه يعالجها _ بكل ما تحمله الكلمة من معنى_  بتشريحها واحدة تلو الأخرى، وبعزوها بفطنة لماحة وليس فقط أجزاء القرآن المفردة، بل حتى فرادى ومجمل الآيات، إلى أزمة مختلفة من حياة النبي. وبهذه الطريقة فقد نجح في تقسيم الفترة المكية إلى ثلاث فترات متمايزة، ويمكن التعرف عليها باستخدام صفات معينة لله_ وهذه أيضا كما قلنا، صفة تحسب للأطروحة الناضجة. 

فإنه لمألوف اليوم ربط وتحديد زمن السور بطول أياتها تقريبًا، بمعنى أن الوحي_ أو بعض أجزائه_ يحتوي على آيات قصيرة وهي بشكل إجمالي الأسبق من حيث التنزيل على تلك الآيات التي تمتاز بأنها ذات مقاطع طويلة وهذا المعيار قد استخدمه نولدكه بشكل مثالي. 

وأما المعايير والتحسينات التي تمت إضافتها لاحقًا، كتلك التي تنسب لمونتجمري وات، والذي يعتبر إن أجزاء القرآن الأقدم لا تتضمن عناصر جدلية، فهذه المنهجية تحديدًا كان قد دشنها نولدكه سابقًا.

إني لا أستطيع أن أتطرق إلى كل المزايا الكرونولوجية الداخلية للسور، والتي لا زالت معتمدة حتى اليوم، سأذكر فقط من بين حواشي الكتاب، الحاشية المتعلقة بسورة الفاتحة ، التي توضح بشكل مذهل كيفية بناء هذه السورة بشكل كامل على ترنيمة من العهد القديم، كما لو كانت نصًا يهوديًا، ولذلك وجب توظيفها في بداية القرآن41،  والإقرار بالأصل اليهودي للشهادة التمجيدية (لا إله إلا الله)، الموجدة في بداية المجلد تقريبًا42، والتفنيد المنهجي للزيادات الشيعية للقرآن بإضافة سورة النورين الصادرة عن كاظم-بج، فلقد قام نولدكه بتحليلها على أساس لغوي وعلى أساس تاريخي، وعلى هذا المنوال يمكن تذكر أشياء وأشياء عديدة.

9789933353155 نولدكه ومجمل دراساته على القرآن_كلاوديو دي ستيفاني.. ترجمة: عماد السعيد

غير أن كتاب تاريخ القرآن لهو أيضًا عرض لعملية جمع القرآن وتدوينه في كتاب، وهذا آخر ما سنتناوله في عرضنا المتواضع. فلقد أظهر نولدكه أن محمدًا كان على الأغلب أميًا، فأصل الكتاب كان شفاهيًا بكل تأكيد. غير أنه قد دعت الحاجة إلى جمعه في صياغة مكتوبة على وجه السرعة. وهذه مشكلة شائكة، والذي حملها على عاتقه الخليفة الثالث عثمان ( 644-656 )، وإن كان هناك تصور عن محاولات جمع للسور زمن أبى بكر 43(632-634 )، ومع عثمان فلدينا روايات عن عملية جمع للنص القرآني، والتي ستفرضها هيئة  تحريرية برئاسة كاتب الوحي النبوي زيد بن ثابت.

 ويجب أن يعزى سبب قرار عثمان بالجمع إلى اتساع آفاق الإسلام منذ حكم الخليفة عمر (643-644). وأضحت  نسخة عثمان الرسمية هي الأساس لكل النسخ اللاحقة، وإن كانت هناك بالفعل نسخ مختلفة_ وقد حللها شيفالي جيدًا_لا يمكنها تجاوز النسخة المعيارية التي مثلتها النسخة الأولى_ والتي تعتبر نسخة من المجموعات القرآنية أو مجموع صحف حفصة أرملة النبي44.

إن كتاب نولدكه في الحقيقة، يشكل في العمق وليس بطبيعة الحال في صيغته الأصلية، بل بالتأكيد بنسخته النهائية وإصداراتها اللاحقة، يشكل، مقدمة رصينة لطبعة نقدية للقرآن. وفي هذا السياق لا يمكن أن نأخذ في الاعتبار طبعة فلوجيل، فبينما لدينا طبعات نقدية موثوقة عن العهد القديم بالعبرية وعن العهد الجديد باليونانية، فإن القرآن نهاية المطاف لا زال يعتمد على نص غير نقدي45.

 وكان هذا هو المشروع الضخم لبريغشترسر وبيرتسل اللذان أنجزا مساهمات نقدية للقرآن، فقد جمعا نسخًا من المخطوطات بميونخ، ولكن موتهم العنيف ومأساوية الحرب العالمية الثانية قد أعاق المبادرة. حتى لو كانت الاختلافات القرآنية كما تمت الإشارة إليها، ليست من النوع الذي يغير حرفية النسخة المتداولة، فغياب نص نقدي، حتى بعد اكتشاف رقائق مخطوطات الجامع الكبير بصنعاء اليمن، يمثل إلى حد كبير فجوة مهولة للعلم. 

بيد أن مبادرة مشروع أكاديمية براندنبورغ حول بنية القرآن يجعلنا نأمل سريعًا بأن النص المقدس للديانة التوحيدية الثالثة سيكون متاحًا في طبعة نقدية للمجتمع العلمي.

 إن نولدكه، وباعترافه المتكرر، كان يظن بأنه ليس عبقريًا _ حسبما كان يقول  _ مثل فيلهاوزن أو جولدتسهير. إنه في الحقيقة، كان يمتلك ملكة غير عادية في تعلم اللغات46، فكما قال غالبًا، للمضي قدمًا خطوة بخطوة في مجالات جديدة. ومع ذلك ربما كان يفتقر إلى القدرة، حتى حينما كان يستوعب ببعد نظر، على إيجاد مفتاح فك شفرات الظواهر التي، كان يصفها بشكل جيد بتحليل عقلي. إن هذا المفتاح، فيما يتعلق بتطور فكر محمد، قُدِّر لسنوك هرغرونيه، أحد طلابه، ربما هو باحث أقل ثقافة منه وإن كان عبقريًا أيضًا.

ومما لا يمارى فيه، أنه دون التحليل الذى أنجزه نولدكه بكد على القرآن ربما لن يكون هناك أساس ممكن أن يستوعب أعمال المستشرقين اللاحقين. وهذا حقيقي، ولذلك سنختم هذه المساهمة بتعليق لهرغرونيه على كتاب نولدكه تاريخ القرآن47، فلكم توضح في الختام بشكل حقيقي المهمة المستقبلية الملقاه على عاتق الدراسات الإسلامية. يقول هرغرونيه:

انتهى.
ترجمة: عماد السعيد.

  1. _ يشكك  J.Fuck في فرضية اعتماد النبي مباشرة على مصادر سواء عبرية أو مسيحية
    Die originalitat des arabischen prophete, in ” ZDMG” lxxxx(1936),pp.509-525. ثم في  Id. Arabischkultur und islam im mittelalter. Ausgewablte, Weimar, 1981.pp.142-152 . (وعلى هذه النقطة   cfr. Infra.n.23) وهذه المساهمة مثالية الوضوح، ويمكن متممة من خلال وقائع المؤتمر الذي نشر بعد وفاة الأستاذ هالي: J. Fuck, vortage uber den islam .
    ↩︎
  2. _  ذائع الصيت , Lxxxxix(1937),pp.1-49.cfr.  Der Wert der vorhandenen Koran-Ubersetzungen und sure111, in” BVSAW”    
    بالنسبة لفيشر فقد قال : أن مترجمي القرآن قد بحثوا دائما عن عناصر يهودية ومسيحية في القرآن ،ونسوا أن النبي كان قد نشأ محاطا بالوثنية العربية ولا بد أن يكون قد تأثر بلغتها الشعرية. وعلى هذا الأساس فقد عرض فيشر هكذا تفسيرا صلبا ولامعا على هذه الصورة القصيرة 111 المسد، ولا زالت تشكل  بمحتواها حتى اليوم نموذجا مطلقا في المنهج التفسيري ( التحليل التفسيري لهذه السورة قدم لاحقا من  J. fuck.
    ↩︎
  3. _ على هذا ينظرCfr. infra ↩︎
  4. _ويقصد بها العصر القديم المتأخر أو العصر الكلاسيكي، وهي الحقبة التاريخية الممتدة من القرن الرابع الميلادي حتى نهايات القرن السابع.    وفي الغالب إشارة الكاتب إلى هذه الفترة، به إشارة ضمنية لاطروحة  انجيليكا نوفيرت  ( كيف سحر القرآن العالم)، فهذا المصطلح محوري للغاية لدى الكاتبة ، وهي فترة  تعتبرها الكاتبة قد ساهمت وأثرت بشكل قوي في تشكيل عالمنا الحالي. المترجم.
    ↩︎
  5. _ إن استخدام السجع والجناس يرجع بالتأكيد إلى حالة كاهن  محمد ، وهي مساهمة اجناس جولدتسهير الكلاسيكية Uber die vormgescheichet der Higa – poesie, Abbandlunngen zur arabischen Philologie.     واستبعد  J.Fuck   كونها متأثرة بعظات مسيحية (أرامية) ، وجدير بالذكر أن  Zietgeist قد أكد بطريقة مماثلة أن كل نثر الأدباء ” ورهبان” الإمبراطورية الرومانية الشرقية كانت تتخلله جمل ايقاعية خصوصا في القرن السادس وأوائل السابع. ↩︎
  6. _   إن الإحالات إلى هذا العمل  ستكون من خلال الترجمة الإنجليزية الحديثة مع بعض إضافات:   
        The History of the Quran. By T.Noldeke, F.Schewally,G.Bergstrasser. Edited and translated by W.H.Behn-Boston,2013  ، ورغم أن هذه الترجمة لا يمكن  إنكار فائدتها، فهي تقدم _ كما يقال_ المصطلحات اليونانية التي استشهد بها نولدكه بشكل عرضي بطريقة غير صحيحة. وكذلك معالجة سنوك هرغورينه الشهيرة  Het Mekkaansche Feest, Leiden, 1880 ، ذكرته الترجمة الإنجليزية بـ  The Mecca Festival. Translated and edited by W. Behn Wiesbaden, 2012   ، وهذه ترجمة مليئة  أيضا بالأخطاء المطبعية المؤسفة.                                                             
    ↩︎
  7.  _ إن استبعاد السجع السحري والحيل الصوتية للعمل ليست كافية  في الواقع لتذوق عمل كتاب معقد و(مربك) كالقرآن.  
    ↩︎
  8.  _ نستبعد الإحتلال العثماني للبلقان الذي دام لقرون. ↩︎
  9.  القرآن، مقدمة، ترجمة، وتعليق، لباوساني. Firenze, 1955( rist. Milano, 1988)، ولا زالت نفس ترجمة بوساني، ناجعة وتشكل حافزا ضروريا في فهم القرآن. ينظر  B. Scarica Amoretti ,la traduzione del corano di Alessandro Baussani e le sue  implicazioni in campo islamico, in ( Oriente Moderno), XVII (1998), pp.513-519. ↩︎
  10.  _ حتى لو قال محمد على الأرجح جبريل: Cfr. The history of the Qoran. Cit.,P 17,n.3.  فتسمية روح القدس بجبريل ستكن بالمرحلة المدنية.
    ↩︎
  11. _وهذا ما كانت عليه في الأساس حالة الكاهن فترة ما قبل الإسلام، فقد  كان  محمدا وثنيا قبل الإسلام
    .    In der Ekstase Zutritt zur Geisterwelt hatt und durch einen GeistوJ.Fuck, Das Verhaltnis Muhammeds zum arabischen Heidentum,in Id, Vortage, cit, p.92.
    ↩︎
  12.  _  لذا فالاتصال بالله لم يكن مباشرا، كما في حالة موسى،  بل بالمخيلة، فوراء هذا الانتقال غير المباشر يمكن التعرف على تصور ملكي لفكرة الألوهية، وهي في العمق فكرة سامية متأصلة: فالله هو الحاكم المطلق، الملك أو السيد، ويمكن الإتصال به عبر عباده، أو ملائكته. ↩︎
  13. _وقد كان نولدكه، تاريخ القران .  cit,p.20، بشكل أساسي مع هذا التشخيص.. 
    ↩︎
  14. _هذه النقطة رفضت من قبل الفكر المعتزلي كما هو معروفا، والتي لم تستمر طويلا ( 25 سنة) من عمر الخلافة العباسية. وأنا أشير إلى التعريف القويم للقرآن عند أهل السنة (  A.bausani, il Corano, cit, XXXIX-XL). ↩︎
  15. _ غالبا ما يقال بشكل واضح من  قبل المسلمين، بأن الله لا يتحدث بالعربية، ليس هكذا تماما:  ولكن بلسان قوم النبي ( Cfr, surah,19,97)، فكما في حالة الوحى للأنبياء السابقين، فقد تحدث بلسان شعوب أخرى  J.Fuck, Gottes Wort im Quran, in Id, Vortage, cit,pp.36-37
    ↩︎
  16.  _ ولا يمكن أن يقال هذا عن المسيحية قبل الإمبراطور قسطنطين، ولكن بداية من كريستيان. ↩︎
  17.  _ إن المرآة  المطلقة في المجتمع الجاهلي لم يكن لها أن تتزوج مرة ثانية قبل إعلان الطلاق الذي يحق للزوج السابق، وهذا ما كان يجبرها بشكل دوري على شراء موافقة طليقها، يحدد محمد قوانين وأزمنة محددة لإجراءات الطلاق. ( كلام الكاتب هنا  ينطبق على حالة الظهار في المجتمع الجاهلي،  وهي أن يترك الزوج زوجته معلقة، لا هي مطلقة فتتزوج بغيره، ولاهي زوجة. فجاء الإسلام وأبطل هذه الممارسة.. المترجم).
    ↩︎
  18.  _مرفوضة بالكلية. ↩︎
  19. _إن المرآة لم يكن لها لترث قبل الإسلام: ولكن بداية من سورة النساء الآي 11-12، قد حدد لها نصيب من الميراث.
    ↩︎
  20.  _ بالطبع يجب أن نأخذ بعين الإعتبار هنا التزامن الإستثنائي لصعود الإسلام ونهاية حرب الفرس والروم والتي أنهكت الإمبراطوريتين العالميتين لهذا الزمن، وهما خصمي المستقبل للإسلام. وإن كان المسلم يرجع ذلك كله إلى غاية إلهية.
    ↩︎
  21. _ بالإشارة تحديدا إلى سورة التكوير، ومنذ عدة سنوات مضت، كان يعتبرها صديق أردني تقي كنموذج على التقدم المدني للإسلام. ↩︎
  22.  _ يلمح جدل في كتابات  J.fuck وربما متوارث من عند أوجست فيشر، وهو موجه ضد الببليوغرافيا القرآنية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات العشرين، والتي تؤكد إعتمادية القرآن على الديانتين السابقتين التوحيديتين على حساب أصالته. ويحتمل في هذا المعنى أن مثل هذه الإنتقادات قد بلغ بها الشطط: ولكن من الواضح _وعلى ما يبدوا_ بالنظر إلى الطابع الطقسي البحت وربما المتبلور للوثنية المكية( وبشكل عام للجاهلية العربية)، ربما أتت أغلب المحفزات نحو تغيير المعتقدات التقليدية من المسيحية ومن المجتمع اليهودي، حيث أن محمدا قد عرفها بشكل تام قبل قليل، خصوصا بالفترة المكية، يبدوا ذلك محتملا، ومع ذلك فالقرآن لا يقر بالفضل أنه في مجمله قد اعتمد على اليهودية. 
    ↩︎
  23.  _ إن تواجد العرب السابقيين في اليهودية بين قبيلتين يهوديتين بيثرب، بني النضير وبني قريظة، وكانت القبيلة الثالثة هي بني قينقاع، والذي طالب  فينسنك بدمجها في العرق العبري  A.J. Wensinck, Mohammed en de joden te medina, Leiden,1908,pp,44-45
    ↩︎
  24. _ في التقليد الإسلامي يعتبر اسماعيل بن ابراهيم هو الجد الأعلى للعرب.   سنوك هرغونيه. ↩︎
  25. _  Cfr. J.fuck, Die arabischen Studien in Europa bis in den Anfang des 20. Jahrhunderts, Leipzing 1955, Riske Uber die aufgaben der Arabistik، ففي مجلد J.fuck  المخصص لريسكه عن تاريخ الدراسات العربية محتملا أن المحصلة الأكثر تفصيلا والأكثر تعاطفا، يجب الإعتراف بأن كثير مما نعرفه عن شخصية ريسكه يأتي من زوجته  Leipzig 1783.
    ↩︎
  26.  _ يجب أن نأخذ بعين الإعتبار أن سيرة ذاتية علمية لريسكه، وقراءاته، خلافا لطباعاتها المتنوعة، قد خرجت للنور بعد وفاته ( طبعها فوريستر  R. Foerster, Leipzing,1897)،وأيضا إرثه من خلال ليسينج مرورا بـ Peter Frederik Suhm ثم إلى مكتبة  Kongelike  بكوبنهاجن. وكتاب عن زوجته إرنستينا  كريستينا الشهيرة، الذي نشر بعد  بضع سنوات، وفي مرحلة التصحيح اللغوي ، تمكنت من الرجوع الى الكتاب التالي الذي يصحح جزئيا تأكيدي على غياب أعمال موحدة على شخصية ريسكه  : H.G. Ebert. Hanstein, Johann Jakob Reiske_ Leben und Wirkung. Leipzing,2005..
    ↩︎
  27. _ سيصبح كما هو معروفا عميدا لـ Nikolaischcule a Lipsia ↩︎
  28. _ B. Liebrenz, Johann Jacob Reiske arabistische Schuler. In H.G. Ebert _ T.Hanstein  ، ويسرد سلسلة من الدارسين الذين تلقوا معرفتهم من دراسات ريسكه العربية :  ألا يبدوا بعد ذلك أنه ممكنا أن نتحدث عن ” مدرسة ” لريسكه؟. ↩︎
  29.  _ لا مرية في أن  Ewald كانت لديه مزايا جمة خصوصا في علم النحو وعلم العروض العربي، ويلاحظ أن نولدكه قد درس عام 1856 على يد فليشر بمدينة  Lipsia  وسيذكر أنه خلال سنوات عمله كمدرس في مدينة  Kiel قد ألقى محاضرات في فيلولوجيا العهد القديم. ↩︎
  30. _ كل ذكريات نولدكه تشير حقيقة إلى أنه لم يكن قادرا بحكم محدودية  قدراته ” الواسعة جدا” على الإلمام بالأشوريات، ولكنه جليا استعاض هذا النقص بالساميات في أعماله؛ فلا زالت ناجعة ومذهلة: فمثلا في أعماله الرائعة عن النحو المقارن كتلك الواردة في Beitrage zur semitischen Sprachwissenschaft, Strassburg,1904, _ Neue beitrage zur Semitischen…  1910. وكلاهما أعيد طبعهما في  Beitrage e Neue beitrage zur Semitischen Sprahwissenscheaft 1982 > Amsterdam. وجليا أنه لم ستطيع تقدير الأوغاريتية، والتي تم اكتشافه قبيل وفاته. ↩︎
  31. _ C.Snouck Hurgronie. Theoder Noldeke.2. marz1836-25 dezember 1930, in. “ ZDMG”, LXXXV, 1931, pp.239-281. ↩︎
  32. الإعتراف بالعملية التطورية في العمل وعلى شخصية نولدكه لهي واحدة من أعظم مزايا الذاكرة التثمينية وحتى المؤثره في ذكرى سنوك هرغرونيه المذكورة آنفا. ↩︎
  33. _علاوة على ذلك تم ادراجه بقوة في الثقافة الوضعية، وربما الإستثناء الوحيد هو ولعه بالشعر العربي الجاهلي. ↩︎
  34.  _وربما  يكون ذلك مستغربا بالنسبة لفيلولوجي كلاسيكي، لأنه كان يتعامل مع فليولوجيا غير منهجية في الغالب، وكان ذلك سمة القرن التاسع عشر. ولكنه يبدوا واضحا  أنه لهولندي من ذلك الوقت كانه كوبيه  Cobet_ والذى أستمع إلى محاضراته خويه _ كان بمثابة مرجعية لا غني عنها، غير أن  كتب كوبيه  خصيصا كانت أكثر المنتجات منهجية في الفيلولوجيا الألمانية، وقد كانت في كثير من الأحيان بمثابة نماذج للمستعربين، ويظهر ذلك من احتفالية الترجمة العربية للشعر . ( D.s. Margoliouth, Analetica Orientalia ad poeticam Aristoteleam). ↩︎
  35. _ كان عليه أن يُدرس  أيضا  السنسكريتية في  Kiel، والتي تعلمها بدوره من  Theodor Benfey  : وهو أحد الأخيرين الذين مارسوا العربية والهندية القديمة:  بصرف النظر عن  William Jones ، ففي هذا السياق سيذكرJ.G.L Kosegarten , J.Gildemeister  cfr,U. von 
     Wilamowitz  -Moellendodorff, Erinnerungen1848-1914, Leipzig, 1928,p.86). وفي زمن نولدكه فالمجالين سينفصلان بشكل تدريجي، فمتخصصي السنسكريتية سيصبحون  بدلا من علم الهنديات ( على الأرجح) متخصصون في الفارسية القديمة،  بينما سيصبح ضروريا للمستعربين الإلمام بالتركية والفارسية الحديثة. وكان هذا التطور\ التقييد نتيجة حتمية في كل التخصصات، حتى لو أدى ذلك إلى رؤية أقل وحدوية عن ثقافة أسيا.
    ↩︎
  36.  _ وطبيعيا أيضا أن هناك أعمال أخرى لنولدكه  من بينها مساهمات بشكل أساسي على القرآن: ويكفي أن نذكر مذكرتيه_ وكلتاهما موجهتين ضد أطروحة  Karl Vollers _ والذي يظهر فيهما بشكل أساسي الملامح الأصلية لصياغة  الكتاب، بما فيه أيضا من إعراب الذي وصل إلينا من خلال تقليد  Beitrage zur semitichen Sprachwissenchft, cit,pp.1-14. وكذلك الثلاثية الأدبية التي حلل فيها الاسلوب والمفردات اللغوية . ↩︎
  37.  _ إن نيلدكه كان يبلغ من العمر 19 عاما حينما ناقش الاطروحة قبلها بعام. ↩︎
  38.  _ لقد اعترف نيلدكه بحق بصدق النبي بناء على  تحليل الظواهر الروحانية التي كانت تعتريه، ويكرر في نفس الوقت بوضوح أن محمدا قد اضطر لاحقا إلى أعادة صياغة المحتوى والاصطلاحات التي كانت تتبادر إلى ذهنه بأساليب الكهان من قافية وتعابير ملائمة ، أثناء حدوث النوبة، وإنه لمفيد جدا تأكيد نولدكه في الأطروحة على الطابع “الإلزامي” للقافية الذي اجبر النبي غالبا على أن يطوّع فكره في أكثر من موضع لقواعد السجع، وكما هو معروف فقد تم تناول هذه الأفكار بشكل مثير للاعجاب في مساهمته Neue Beitrage والتي تم سبق ذكرها. وفيما يخص سن نولدكه وقت تأليف العمل ، ففي هذا السياق يجدر بنا ذكر، أن مثل هذا النضج المبكر ليس بالأمر غير المعتاد بين المستشرقين، ففي هذا الصدد إن كتاب مختارات أدبية قرآنية  Crestomathia Qorani Arabic  لنيللينو ذو العشرين عاما.
    ↩︎
  39.  _  إن هذا الباحث 1866-1933، مكمل لدراسات نولدكه القرآنية ودراسات أستاذه فيشر( وقد قدم عملا مهما في النحو القرآني عام 1914) وله مساهمات هامة في الآراميات والفقه الإسلامي ومساهمات دراسية في ترجمات الشرق أوسطيين للنصوص الإغريقية. ↩︎
  40.  _ في توضيح  رابط الإستمرارية  مع درجة ماجستير نولدكه ، نتذكر أن شبيتالر قد أعاد نشر Grammatik des Klassischen Arabisch, cit, ،  مع حاشية على عمله Handexemplar  المحفوظ بمكتبة جامعة توبنغن. ↩︎
  41. _ تاريخ القرآن، ص 101، وهذا مفهوم، حتى لو كنا نعرف أن محمدا كان قد عمق معرفته باليهودية طيلة حياته، ومعلوماته حول الأساطير والجينولوجيا اليهودية كان أكثر دقة بالفترة المدنية عن مثيلتها المكية، فالطابع اليهودي الملحوظ لسورة مكية كاف لدلالته الأصلية عن نبي ” توراتي” مثلما قد رأينا سابقا. ↩︎
  42. _ تاريخ القرآن، ص 7.عن انطباعية  تطابق الصيغة الإسلامية مع صيغة سامرية   cfr. R. Macuch, Vorgeschichte der Bekenntnisformael La ilah illa LLahu . والذي يفترض التأثير السامري على الإسلام بفضل وساطة المسيحيين الموحديين( بالإحالة إلى اقتباس نولدكه من صفحة 30). فكثيرا من الصيغ الإسلامية مستعارة في حد ذاتها ( بما في ذلك مصطلح حنيف ، سيكون سريانيا طبقا لمرجليوث في  Syriac influence on the style of the Kuran,1927,pp, 23-24. ومصطلح قرآن نفسه، سيكون أراميا عند فيلهاوزن  وعند مينجانا. ↩︎
  43.  _ أن نولدكه يرجع في الحقيقة وبمحاجة عظيمة إلى الخليفة الثاني الذي حكم لفترة أطول بكثير مسؤلية الجمع وليس إلى الخليفة الأول. ↩︎
  44. _ إن المادة النقدية ( قراءات متباينة مقارنة بالنص العثماني ) السابقة على تقديس هيئة جامعى القرآن السبعة قد نمت لاحقا نتيجة بحوث ” ولا سيما ” بحوث بريغشترسر و بيرتسل، لكن الإختلافات ليست مهمة على أي حال بحيث يمكن مقارنتها بعملية جمع غير منضبطة لنص مجدف
    ↩︎
  45. _عمليا يسود النص العثماني كما تبلور بداية من ردة الفعل المحافظة تجاه النسخ المختلفة: مع النتيجة الطبيعية اللازمة من وجود هذه النسخ الأخيرة_ والتي على الأغلب ذات وجود محدود _ المعترف بموثوقيتهم، باعتبار نص الأجزاء المختلفة وحيا، مما شكل مشكلة فيلولوجية فريدة، على الأقل من وجهة نظر غير المسلم.
    ↩︎
  46.  _ تم التفكير في الإلمام بالسنسيكريتة على يد  Theodor Benfey  عن طريق الرهان وفي خلال عدة أسابيع  .  E. Windisch, Geschchet der Sanskrit-Philologie und Indischen Altertumskundw,II, Leipzig- Berlin,1920, p.224. ↩︎
  47.  _ P. SJ. Van Koningsvled, Orientalism and Islam. The letters of C. Snouk Hurgronje to Th. Noldeke. From the Tubingenn University Library, Leiden, 1985, pp. 331-332. ↩︎

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات