تفسير القرآن بالقرآن.. حوار خاص مع الباحث جمال عمر .. بقلم: حسام الحداد
هل قدّم الدمنهوري منهجًا علميًا بديلاً؟
جدل التفسير والمصادرة: القصة الكاملة لـ “الهداية والعرفان”.
تفسير الدمنهوري بين رفض الأزهر واحتفاء القرآنيين: أي مستقبل له؟
الإصلاح الديني في مطلع القرن العشرين: قراءة في تجربة الدمنهوري.
هل كان الدمنهوري سابقًا لزمانه؟ دراسة في جدلية التفسير بالمأثور.
بين السياسة والدين: لماذا واجه تفسير “الهداية والعرفان” كل هذا الرفض؟
تفسير القرآن بعيدًا عن السنة.. رؤية نقدية لمنهج الدمنهوري.
حوار حسام الحداد.
بقلم: حسام الحداد

في خضم التحولات الفكرية والسياسية التي شهدها العالم الإسلامي خلال القرن العشرين، برزت محاولات عديدة لإعادة قراءة النصوص الدينية بطرق جديدة تتجاوز المناهج التقليدية. ومن بين هذه المحاولات، يبرز تفسير “الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن” لمحمد أبو زيد الدمنهوري، الذي اعتمد نهجًا غير مألوف آنذاك، مستبعدًا الأحاديث النبوية والتراث التفسيري التقليدي، وساعيًا لفهم القرآن من داخله عبر الربط بين آياته.
لكن هذا الطرح لم يمر مرور الكرام، إذ تعرض التفسير لهجوم واسع من المؤسسة الأزهرية، وأثار جدلًا فكريًا وسياسيًا أدى في النهاية إلى مصادرته وإخفائه لسنوات طويلة. فهل كان منهج الدمنهوري في التفسير يمثل خطوة متقدمة نحو تجديد الفكر الإسلامي، أم أنه كان خروجًا غير محسوب عن التقاليد العلمية الراسخة؟ وما مدى فعالية تفسير القرآن بالقرآن في استخراج المعاني القرآنية بعيدًا عن المرويات واللغة والفقه التقليدي؟
وحول هذا التفسير قُمتُ بعمل حوار خاص مع الباحث جمال عمر وهو كاتب وباحث مصري، مقيم في أمريكا، وُلد في ٢٠ نوفمبر ١٩٧٠م، في قرية بطا بمركز بنها بمحافظة القليوبية. تَدرَّج في التعليم العام حتى تَخرَّج في كلية التربية بجامعة بنها، وقد الْتَحق بعد ذلك بكلية الآداب لدراسة الفلسفة، وذلك أثناء عمله معلمًا لمدة عامٍ واحد، وفي عام ١٩٩٧م ترك مصر وانتقل للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية.
عمل «جمال عمر» منذ عام ١٩٩١م على جمعِ فكرِ الكاتب الراحل «نصر أبو زيد» وتراثِه وتسجيلاته، وقد تعاون معه في عدة أبحاث منذ عام ٢٠٠٧م، وأنشأ معه مُدوَّنة «رواق نصر أبو زيد» عام ٢٠٠٩م، واستمرت المُدوَّنة حتى وفاة «نصر أبو زيد» عام ٢٠١٠م، ومن خلال هذا التعاون استطاع «جمال عمر» تأسيسَ أرشيفٍ كبير جمَع فيه عددًا كبيرًا من كتابات «نصر أبو زيد» وتسجيلاته.
أما عن مُؤلَّفاته، فنذكر منها: «مهاجر غير شرعي»، و«تغريبة»، و«مقدمة عن توتر القرآن»، و«مدرسة القاهرة في نقد التراث والأشعرية»، و«الخطاب العربي في متاهات التراث» بالإضافة إلى إعداد ودراسة لكتاب «الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن» للكاتب «محمد أبو زيد الدمنهوري» بعد مصادرته لأكثر من قرن من الزمان.






وفي هذا الحوار، نحاول تسليط الضوء على تفسير الدمنهوري، وأسباب رفضه من قبل المؤسسات الدينية، والعوامل السياسية التي لعبت دورًا في منعه. كما نناقش محاولات إحياء هذا التفسير اليوم، ومدى إمكانية الاستفادة منه في سياق التجديد الفكري الإسلامي المعاصر.
– ما الذي يميز منهج تفسير القرآن بالقرآن الذي تبنّاه الدمنهوري عن المناهج التفسيرية التقليدية؟ وما مدى فعاليته في استخراج المعاني القرآنية؟
خلال القرون الثلاثة الماضية والمسلمون في أغلبهم يعيدون النظر في مصادر الإسلام الشهيرة التي صاغ نسقها الإمام الشافعي عليه رحمة الله قبل اثنتي عشرة قرناً، وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس. فأعيد النظر في القياس الفقهي التقليدي، وجهود في نقد الإجماع الفقهي ومفهومه ومناسبته لحياة المسلمين في القرن الأخير، بل وشهدت جهود كثيرة لنقد مفهوم السنة وحجيتها في النصف الأول من القرن العشرين.
وفي ظل هذه الجهود كانت الجهود دينية لكن منطلقها سياسي لوحدة المسلمين باختلاف مذاهبها العقيدية في مواجهة الاحتلال والهجمة الغربية ونفوذها من المنطلق الديني “واعتصموا بحبل الله جميعا”، كان التوجه إلى وحدة المسلمين بالاعتصام بالقرآن متجاوزين التراث الروائي من مرويات الأحاديث، وفي التراث الشيعي تراث مرويات الأئمة، ومن مرويات التفاسير أو التراث التفسيري للقرآن باتجاهاته التراثية الروائية منها والنحوية والصوفية….. الخ بالاتجاه إلى تفسير القرآن بالقرآن.
من هذا المنطلق كان جهد ثناء الله في الهند لتفسيره القرآن بالقرآن من خلال تفسيره “تفسير القرآن بكلام الرحمن” وبعده وفي عام 1930 قدم محمد أبو زيد الدمنهوري تفسيره “الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن”.
أتى الدمنهوري بنسخة مصحف والمصحف به ما يقرب من 77 ألف كلمة وكتب على هامشها ما يقرب من 12 ألف كلمة فقط، وحدد في البداية مقدمة يوضح فيها منهجه لعدم الاستعانة بأي شيء خارج المصحف لفهم القرآن، ووضع أصول عشرين عامة في الإسلام ينطلق منها، وأحيانا يعطي معنى كلمة، أو يقول لك لكي تفهم هذا الآية عليك أن تعود ويشير إلى رقم آيات محددة في سور من القرآن، أو يشير إلى بداية سورة أو ختامها دون تحديد آيات بالرقم.
وعن سؤالك عن مدى الفاعلية، في تصوري أن الدمنهوري كان متأثر بالسياسة وبالحركة الوطنية في ظل ثورة 1919 والسعي للاستقلال من الاحتلال والاستعمار الغربي عبر الانطلاق من داخل الدين بوحدة المسلمين سنة وشيعة من هنا دلالة كلمتي (الهداية والعرفان) في عنوان الكتاب. وكذلك من خلال التوافق بين الإسلام والمسيحية واليهودية ضمنيا، وفي هذا الإطار كان له كتاب عن الاستقلال من داخل الأديان الثلاثة، وكذلك كتاب عن الزواج المدني/ القانون من داخل الأديان أيضا وليس فقط الزواج كرابطة دينية.
لكن دالات معاني جهد الدمنهوري لا تظهر للقارئ إلا بالرجوع على الآيات التي يشير إليها وتجميعها مع بعضها للوصول للمعنى الذي يبغيه، وهذا جعل كثير من الجهد غير مُدرك.
– ما أبرز الانتقادات العلمية التي وُجهت لتفسير الهداية والعرفان؟ وهل كان استبعاد الأحاديث النبوية نقطة ضعف أم قوة في منهجه؟
السياق مهم لأن هذه الفترة 1930 كانت تعقب معركة كتاب علي عبد الرازق “الإسلام وأصول الحكم” الذي يمر عليها قرن هذا العام، ومعركة كتاب طه حسين بعدها بعام “في الشعر الجاهلي”، ومعركة إلغاء الخلافة ومحاولة نقلها إلى مصر… الخ، فنحن في عام 1930 حيث تم الانقلاب على دستور 1923 وإصدار دستور سنة ثلاثين ومحاولة الإمساك بالبلد بيد من حديد، في هذا السياق أيضا كان السعي لتحول الأزهر من جامع إلى جامعة بإنشاء كليات ثلاثة واحدة للغة العربية وأخرى للشريعة والقانون وثالثة لأصول الدين، لكن كان أيضا إصدار مجلة “نور الإسلام” التي كانت بمثابة مجلة تعبر عن صوت الأزهر، على نسق المنار تهتم بالرد على الشبهات حول الإسلام وخصوصا من الأفكار التي تأتي من الجامعة المصرية. بعبارة قصيرة كان هناك تربص سياسي في الأمر وليس فكري أو ديني فقط.
خلفية أخرى للموضوع، أن محمد أبو زيد قد جاور الأزهر لبعض الوقت، ثم حينما فتح محمد رشيد رضا (1865 – 1935) مدرسته “دار الدعوة والإرشاد” عام 1911، وكان الدمنهوري أحد نجومها وعلاقته وقربه من رشيد رضا، لكن المدرسة تعثرت ماليا مع بداية الحرب العالمية الأولى وما تلى نتائجها من إلغاء الخلافة العثمانية.
وكان محمد أبو زيد قد تعرض لرفع دعوى عليه للتفريق بينه وبين زوجته أمام المحكمة الشرعية بدمنهور من أزهريين اتهموه أنه ينكر نبوة آدم، وحكمت المحكمة بالتفريق بينه وبين زوجته لكن محكمة إسكندرية الكلية الشرعية ردت الحكم، وكتب رشيد رضا في مجلة المنار مدافعا عن تلميذه عام 1918.
وفي ظل ثورة 1919 بدأ الدمنهوري يميل للفكرة الوطنية التي يمثلها الوفد، وحينما صدر تفسير محمد أبوزيد، كان أول مبادر إلى أن يغسل يديه منه كان محمد رشيد رضا بكتابة ثلاثة مقالات بجريدة الأهرام وأعاد نشرها في مجلته المنار، وبدأت مجلة نور الإسلام التي كان يقوم بجهد كبير في تحريرها محمد الخضر حسين (1876 – 1958)، بعد خروج الشيخ المراغي من مشيخة الأزهر وتولي الشيخ الظواهري، في الرد على التفسير عدد وراء عدد من أعداد المجلة، ونشر تقارير تفند التفسير.
حاول أن يجعل الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين واليهود، مصدرها النصوص المقدسة. كتب كتاب عام 1927 “الطلاق والزواج المدني في القرآن”. في ظل النقاش الدائر وقتها، حول تقنين تسجيل عقود الزواج عند الدولة، وتنظيمها إداريا، وأن تصبح الحكومة طرف في العقد، القوانين التي تم إقرارها في مصر في أغسطس عام 1931. أنكر مسألة الرقيق وملك اليمين، وأكد على حرية المرأة وتعرض لأدب السفور، وتحدث عن الزواج بالتراضي بين الزوجين، وأن الطلاق لا يقع إلا بقصد صحيح من الطرفين.
– لماذا واجه تفسير الهداية والعرفان رفضًا واسعًا من علماء الأزهر وغيرهم؟ وما العوامل التي أدت إلى مصادرة الكتاب وإخفائه؟
خاطب شيخ الأزهر في وقتها محمد الأحمدي الظواهري (1887 – 1944)، حكومة إسماعيل صدقي (1875 – 1950) التي كانت قد ألغت دستور 1923، واستبدت بالحكم كحكومة أقلية، وقد خاطبها شيخ الأزهر – الذي أعلن مساندتها – بأن تصادر التفسير، لمخالفته “ما أجمع عليه المسلمون”، وبالفعل صادرت الحكومة نسخه من دار النشر. ومن البريد ومن السكة الحديد، للنسخ التي كانت سترسل للناس. – مع مراعاة أن محمد أبو زيد، كان وفديا، مساند لحزب الوفد.
وتم إبعاد اثنين من الأزهريين لهم صداقة مع محمد أبو زيد، من قسم التخصص، هم محمد أحمد العدوي وعبد الجليل عيسى، إلى معهد أسيوط الديني. وقدمت لجنة أزهرية تقرير نقدي للتفسير. وتولت مجلة “نور الإسلام” المعبرة عن الأزهريين، الرد على تفسير أبو زيد.
تحدث أبو زيد عن منهجه الذي اتبعه في تفسيره، بأنه يجمع الآيات بعضها إلى بعض، بحيث “لا يتصادم بعض القرآن ببعضه وألا نجد آية من آياته تتصادم مع الكون في سننه أو مع الاجتماع في نظامه”. فهي محاولة لرفع أي تصادم بين القرآن وبعضه وبين القرآن وسنن الكون أو نظام الإجتماع. وبهذا يكون القرآن صالح لكل زمان ومكان. كل ذلك مع احتفاظ أبو زيد ب “أصول التفسير ولغته وأسلوبه”.
لكن أتصور أن القشة التي قسمت ظهر البعير وأججت الحملة على مصحف وتفسير أبو زيد هو التلميحات السياسية، وكونه أصبح وفديا، حيث أشار إلى “نظام الحكم الشورى وإظهار أن الإسلام يضع قواعد لبناء أعظم حكومة وتأسيس أرقى دولة”. لكن الجانب الآخر في تعليقات أبي زيد على المصحف، كانت مسألة العقوبات/ الحدود وتعامله معها وسعيه إلى أنها تصلح لأن تكون “قانونا للدولة لأنها ليست وحشية كما يقولون”. ففي ظل حكومة أقلية ألغت الدستور الشعبي، وفي ظل إدارة أزهرية تساند السلطة، كان سهل استعداء الحكومة، على مصادرة الكتاب.
– كيف نجح الباحث جمال عمر في إعادة إحياء التفسير؟ وما أهمية إعادة نشره اليوم في سياق التجديد الفكري الإسلامي؟
الفكرة ليست الدفاع عن تفسير أبي زيد، ولا حتى إعادة إحيائه، الفكرة أن المنع والمصادرة بعد ما يقرب من قرن من الزمان لم يحل الإشكال، فبعد كل ما حدث، ها هو الكتاب موجود وها نحن نتكلم عنه، إعادة النشر يؤكد على أهمية الحوار وأن الفكر لا يواجه إلا بفكر.
النقطة الثانية أن التفكير بآليات السياسة الذي يسود في حياتنا الثقافية قديما وحديثا، لا يجعلنا نهضم القضايا الفكرية لكي نتجاوزها بل تظل الأمور عالقة وتزداد تعقيدا، ففي تحليلي تم استخدام السلطة السياسية ممثلة في الحكومة إسماعيل صدقي الاستبدادية لمصادرة كتاب وفكره وخصم، مثل ما حدث أيضا مع المراغي في خلافه مع الملك فؤاد تم إبعاده وعاد إلى المنصب على أكتاف الأزهريين بعد وفاة الملك.
نتفق أو نختلف مع أطروحات محمد أبوزيد الدمنهوري لكن مهم أن ندافع عن حقه في التفكير وفي التعبير وفي النشر دون اضطهاد ولا تنكيل أو مصادرة، وربما هذا يساهم في أن يهضم وعينا الجمعي القضايا ويتجاوزها إلى مستويات أعلى، فبعد ما يقرب من قرن وربع من محمد عبده مازلنا تقريبا نناقش ونتحاور حول نفس القضايا، بل يتم استدعاء معارك من عصورنا الوسطى والجدال عليها بنفس الحجاج الذي كان منذ قرون.
– هل يمكن اعتبار تفسير الدمنهوري نموذجًا مبكرًا للاتجاهات العقلانية الحديثة في تفسير القرآن؟ وما مدى إمكانية الاستفادة منه في الدراسات المعاصرة؟
تفسير الدمنهوري منطلق من سعي سياسي لوحدة المسلمين في مواجهة الخطر الغربي والانطلاق من الدين لمواجهة الاستعمار والاستقلال الوطني والدخول في المدنية الحديثة من داخل الدين. عبر محاولة القفز على التراث الروائي من أحاديث ومن مرويات ومن مناهج تفسير لغوية وبلاغية أفقدت التفسير روحه لتكون مجرد دروس في النحو أو في البلاغة أو في العرفان/ التصوف.
كان الأمر يحتاج أن يتم جمع الآيات التي يشير إليها الدمنهور في نفس الصفحة مع الآيات التي يحاول أن يعطي معناها، لكي ندرك ماذا يعني. وقد حاولت فعل هذا أن أذكر الآيات التي يفسرها، ثم أضع كلامه تحتها ثم في مستوى ثالث أضع الآيات التي يشير إليها في نفس الصفحة وما تلاها. لكي يستطيع القارئ أن يحكم بنفسه أو يصل لمعنى آخر مختلف عن ما حاول أن يشير إليه الدمنهوري.
لكن الأمر يحتاج إلى دراسة شاملة للتفسير وللإشارات والتلميحات التي حاول أبو زيد أن يقدمها وهذا ما أتمنى أن أقوم به في الفترة القادمة حين توفر بعض الوقت، تقديم دراسة لسياقات القضية والمصادرة فكريا ودينيا وسياسيا، ثم تقديم دراسة للتفسير ولتوجهاته ولماذا كان الهجوم عليه وماذا يمثل لنا في الوقت الحالي.
وقد احتفى الكثير من القرآنيين في الهند وباكستان بصدور الكتاب في نسخته الديچيتال على موقع أمازون1، رغم أنه لهم الفضل في الاحتفاظ بنسخة لنا من التفسير الذي اختفى وظللت سنوات أبحث عن نسخة منه حتى رُفعت على الإنترنت نسخة بي دي اف من الكتاب من باكستان قبل عشر سنوات تقريبا. مما أتاح لنا التعرف على التفسير ومحاولة دراسته وإعادة تقديمه للقارئ، إثراء للحوار والنقاش الدائر في مجال الفكر الديني الإسلامي ودعوات الإصلاح والتجديد.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد