لقاء قساوسة .. بقلم: جمال عمر
عن رحلته الأخيرة إلى مصر، يلتقط جمال عمر بعض اللقطات والمشاهد. وهذا هو المشهد السادس: “لقاء قساوسة”.
بقلم: جمال عمر
مؤسس صالون وأكاديمية تفكير

كانت عملية صعبة التواصل معه، فكان تواصلي مع أخيه المقيم بمصر لنحدد مكان تلاقي في المعرض، حتى اتفقنا على مكان كان ملتقى أعضاء من الصالون في أيام المعرض السابقة يوميا عند مكان “عرفة” لبيع القهوة.
أقبل بابتسامته الجميلة وچاكيت بدلة أنيق وبنطالون چينز، أصر أنه يشتري كوب قهوة رغم أني شربت شاي من مدة بسيطة، وبحثنا عن مكان لكن كل الكراسي كانت غير خالية أو محجوزة لآخرين فوجدنا حافة من الخشب كان مفروض يتم زرع شيء فيها فقررنا نجلس على الحافة، ولمحت ما يشبه ترابيزة قهوة صغير من البلاستيك فأحضرتها لنضع عليها أكواب قهوة عرفة الورقية.
د. عبد المسيح رجل دين مسيحي، حلو الحديث، حليق الذقن، أنيق، كثير الاطلاع على التراث الفكري الأوروبي، يعيش في هولندا، ونلتقي أول مرة لقاء مباشر خلال زيارتنا للبلاد، بخلاف لقاءاتنا على النت وحواراتنا.
بعد قليل حضر أخوه، لينضم إلى جلستنا، فابتسم د. عبد المسيح وهو يعرف به وقال “وهو كمان قسيس”. وطلبنا من فتاة كانت تمر من أمامنا أن تأخذ صورة لنا بتليفوني، ذكر الأخ القسيس مُجاملا أنه دخل على صالون تفكير وأنه قد تابع بعض الندوات. كان د. عبد المسيح عنده برنامج خدمات دينية يقدمها في القاهرة قبل سفره إلى الصعيد. ومنها خدمة/ عظة هذا المساء في العباسية.

جاء بنا الحديث عن بعض جهودي وبعض نصوصي عن تاريخ المصحف الحالي، ورغم اهتمام د. عبد المسيح بالتراث الديني للمسلمين، شعرت أن المعلومات عن تعدد القراءات المعتمدة عند المسلمين لعشر قراءات بعشرين رواية، جذبت اهتمامه جدا، وكذلك أن المصحف الحالي مأخوذ من الرواية الشفاهية للشيخ محمد خلف الحسيني الحداد بسنده في فترة عمل لجنة ونظارة المعارف لعمل المصحف في فترة الحرب العالمية الأولى ما بين 1914 – 1918 وأن كبير مفتشي النظارة حفني ناصف بك هو من أشرف على هذا الجهد، وقد طبع المصحف بعد وفاته بخمس سنوات في عام 1924، وكيف أن الطبعة المنقحة للمصحف التي تمت 1952 قد غيرت بعض التغيرات في المصحف….الخ.
بعد برهة من النقاش الهادىء، سألني القس الصغير “هل لو كنت ظللت بالداخل كنت استطعت أن تقول ما تقول الآن عن تاريخ المصحف؟”.
لم أفكر في السؤال من قبل، أكيد لو كنت عضو في مؤسسة علمية أو بحثية، ربما كانت شكلت وحددت ما هو المتاح لي أن أبحث فيه أو أن أقول عنه. لكن من ناحية أخرى كنت عصامي في تكويني الفكري، حتى في البيت فأنا أول المتعلمين من أسرتي، وأول من دخل الجامعة، ولم يوجهني أحد فكريا، ولم أنتمي لاتجاه فكري أو تنظيم سياسي. فتكويني الفكري وليد تجاربي الشخصية. واختياراتي أنا المحدودة.
وربما كان حدث نفس التحديد لو انتميت لمؤسسة علمية أو بحثية أمريكية أيضا، وأكيد فقدت فرص كثيرة للاحتكاك والنقاش والتأثير والتأثر.
أظن الموضوع ليس بسهولة أبيض وأسود وحرية ومصادرة للحرية، فنظرت للقس الصغير وقلت “ربما أه وربما لأ”. فضحكنا، وكان قد مر الوقت مسرعا، وعلى د. عبد المسيح أن يستعد للذهاب في طريق موعظة الليلة وخدمته في كنيسة من كنائس مصر.
لقراءة المشهد السابق، اضغط على الرابط التالي:
كتب معرض الكتاب .. بقلم: جمال عمر
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليق واحد