حوار مع كاتبة أدب الأطفال: فاطمة شرف الدين

بقلم: نهلة هنو

nah-21-1-3 حوار مع كاتبة أدب الأطفال: فاطمة شرف الدين

بحكم نشأتي في مصر في ستينات القرن الماضي، وجدت أن قصص الأطفال كانت تفتقر كثيرًا إلى الجودة والمضمون، هل هذا هو حال طفولتك في لبنان؟

أعتقد أن هذا كان الحال السائد في العالم العربي بأكمله. لم تستطع ثقافتنا أن تعي أهمية هذا النوع من الأدب الموجه إلى الأطفال. أنا أتذكر أنني كنت أقرأ الكثير من الكتب والقصص المصورة المترجمة، وخاصة سلسلة ليدي بيرد وسلسلة قصص ديزني المصورة (العم دهب) وسلسلة لاكي لاك. لقد طالعت أيضًا سلسلة مارتين الفرنسية. أما الكتب العربية الوحيدة التي أتذكر أنني قد قرأتها هي سلسلة المكتبة الخضراء، وهي عبارة عن قصص خيالية مستوحاة من قصص حول العالم. وأنا أؤمن أن السبب الرئيسي في عدم إدراكنا أهمية القراءة يرجع إلى ثقافتنا التي تعتمد على سرد القصص الشفهي.

في طفولتك، هل كان هناك راوي بين أفراد عائلتك؟ ولو كانت الإجابة بنعم، هل أثر هذا الراوي في موهبتك الحالية بأي شكل من الأشكال؟

جمالات هي الراوية الوحيدة التي أتذكرها منذ أيام طفولتي، وهي سيدة مصرية كانت تعمل مساعدة منزل أجدادي. لقد أحببتها كثيرًا. لقد كانت ضخمة البنية وخفيفة الظل. لقد اعتادت على جمع أطفال العائلة حولها وسرد قصص لا حصر لها عن الشاطر حسن. لقد نقلتني قصصها إلى عالم مختلف ملئ بالسحر والخيال والحوريات الجميلة. لقد راودتني أحلام كثيرة عن شخصيات القصص التي تسردها وتمنيت أن أجد هذه الشخصيات في كتب مصورة ولكنني لم أعثر عليها مطلقًا.

لديك ابن وابنة، هل كنت تسردين لهم قصص قبل النوم عندما كانا صغارًا؟ ولو كان الأمر كذلك، هل هي نفس القصص التي سمعتيها من الراوية المذكورة أعلاه؟ أم اختلقتِ قصصك الخاصة؟

لقد اعتدت على القراءة كثيرًا لأطفالي، المئات من الكتب. عندما كانا صغارًا كنا نعيش في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت هناك مكتبة عامة بالقرب من المنزل اعتدنا على زيارتها كل أربعاء وقضاء عدة ساعات بداخلها، ثم نعود إلى المنزل ومعنا 20 كتابًا تقريبًا لنقرأهم خلال الأسبوع وهكذا. في بعض الأحيان سردت لهما قصصي الخاصة ولكنها كانت عفوية وأشعر الآن بالندم أنني لم أقم بتدوينها.

ما الذي دفعك  إلى أن تصبحي كاتبة، وخاصة كاتبة قصص أطفال؟

أعتقد أنني وُلدت كاتبة، أنا مراقبة جيدة وشديدة الحساسية تجاه احتياجات ومقاصد الناس. لقد كنت طفلة خجولة ولم استطع التعبير عن مشاعري، لذا دائمًا كنت أختلق ردود أفعال للمواقف في مخيلتي. لم أدر وقتها أنني بذلك أقوم بتنمية خيالي وإبداعي في القدرة حل المشاكل. لقد بدأت الكتابة للأطفال نسبيًا في وقت متأخر، بعد أن اتخذت قراري بتغيير حياتي المهنية. قبل البدء في الكتابة والنشر، كنت أعمل مسئولة تدريس في روضة أطفال، ثم قمت بتدريس اللغة العربية كلغة أجنبية على المستوى الجامعي.
في عام 2001، انتقلنا من هيوستن، في ولاية تكساس إلى بلجيكا. عندها فقط قررت التفرغ لكتابة أدب الأطفال. ولماذا كتابة القصص الأدبية للأطفال؟ لقد وجدت في الكتابة للأطفال متنفسًا فنيًا عظيمًا للمشاعر مثل الحب والسعادة والأمان والقلق وإلخ. إنني أعبر عن كثير من المشاعر والأفكار العميقة في قصصي، قد يلاحظها القارئ أو لا يلاحظها ليس ذلك ما أبغيه، ما يهمني هو أن أقوم بتوصيل كتاب فني يلمس القارئ على المستوى الوجداني.

كم عدد الكُتب التي قمت بتأليفها؟ وهل تكتبين كل كُتبك باللغة العربية أم تكتبين بعضها باللغة الإنجليزية؟

أنا أعمل مع العديد من دور النشر في لبنان والإمارات العربية المتحدة ومصر وقد نُشر لي أكثر من 90 كتابًا حتى الآن، وتُرجمت لي العديد من الكتب إلى اللغات الأجنبية، وآخرها فاتن، وهو عبارة عن كتاب للبالغين الصغار والذي سيصدر في نهاية ربيع 2013. لقد التحقت مؤخرًا بمجموعة نقاد على مواقع الإنترنت ولذلك أحتاج إلى كتابة المزيد من النصوص باللغة الإنجليزية. لذا، إنني أعمل الآن على تدوين كتاب باللغة الإنجليزية لقراء الطبقة المتوسطة، ولست متأكدة أن كنت سأقوم بنشره باللغة الإنجليزية أم سأعيد كتابته باللغة العربية. سأتخذ هذا القرار فيما بعد.

لقد لاحظت أن مؤلفاتك موجهة لفئات عمرية مختلفة بداية من الأطفال إلى المراهقين، هل سبب ذلك يرجع إلى أعمار أطفالك؟

إلى حد ما نعم، عندما بدأ أطفالي الدخول في سن المراهقة واجهتني العديد من المسائل التي تخص هذه الفترة العمرية وقررت أن أخوض مغامرات هذه الفترة. لقد كنت خائفة من الفشل ولكن بتشجيع الكثير من المؤمنين بقدراتي نجحت في هذه التجربة واليوم أنا سعيدة للغاية بما حققته وأعمل الآن على العديد من المشاريع التي تُخص هذه الفئة العمرية.

في كتاب “الفيل الصغير نينا”، راودني شعور أن نينا يُمثل أبنائي الذين هم بسبب قراراتي التي اتخذتها مع زوجي، نشئوا في بيئة مختلفة تمامًا عن البيئة العربية أو المصرية. هل كنت تضعين أبنائك في مخيلتك عند تأليف هذا الكتاب؟

نعم، هذا من زاوية، ولكن توجد زاوية أخرى للكتاب وهي أن الأسر العربية تعتمد اعتمادًا كليًا على المربيات الأجانب في رعاية أطفالهم وأبنائهم الصغار، تاركين معظم المسئوليات ملقاة على عاتقهن ولا يقوموا بقضاء وقت حقيقي مع أبنائهم. لقد أردت أن أنشر الوعي في هذه القضية، لذا فالكتاب عبارة عن قصة يستمتع الأطفال بقراءتها ولكنه في الحقيقة رسالة موجهة أيضًا إلى الآباء.

ماذا عن جمولة في “جيران جمولة”؟ هل هي كثيرة الترحال مثلك دائبة في البحث عن مكان تطلق عليه وطن؟ وهل أدركت أخيرًا أنه لا يوجد مكان مثل الوطن؟

في الواقع، جمولة تناقش قضية المواجهة والتحدث صراحة عما تريد عوضًا عن الهرب وعدم مواجهة الصعاب. لقد أعجبني تحليلك الخاص بالبحث عن الوطن، لم أفكر فيه من قبل ولكن عندما ذكرته أدركت أن هذا ما شعرت به في عقلي الباطني وأردت التعبير عنه.

ما هي آخر أعمالك؟

لدي العديد من المشروعات التي ستخرج قريبًا إلى النور، أحدها هو كتاب للبالغين الصغار، أتعاون في كتابته مع زميل لي وستقوم دار الساقي بنشره.

عن الكاتبة

screenshot-2025-04-25-at-16.04.47 حوار مع كاتبة أدب الأطفال: فاطمة شرف الدين
فاطمة شرف الدين

فاطمة شرف الدين: كاتبة ومحررة لبنانية ومترجمة لأدب الأطفال. من مواليد 1966م، حصلت على شهادت الماجستير من جامعة أوهايو في أمريكا، الأولى في نظريات وتطبيقات تربوية عام 1993، والثانية في الأدب العربي الحديث عام 1996. ترجم العديد من أعمالها الأدبية لأكثر من 15 لغة. وقد حازت على العديد من الجوائز، وقد تم ترشيحها لجائزة أستريد لندغرن التذكارية العالمية عام 2019، وتم نشر أكثر من 120 كتاباً لها في جميع أنحاء العالم.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات