قضية عبد الله الكيد: قصة انتهاك الحقوق في قلب الديمقراطية الأمريكية .. بقلم: بهاء الريدي
بقلم: بهاء الريدي

يُعتبر هذا الكتاب شاهدًا حيًا على أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت، وعلى ضرورة مراجعة القوانين التي قد تُستخدم لسحق الحريات باسم الأمن.
حضرت مناقشة كتاب عبد الله الكيد بأحد المقاهي الثقافية بجدة، والمنتشرة حاليا بالمدينة الساحلية – حيث يوجد أكثر من مقهى ثقافي بكل حي في جدة.
واقتنيت الكتاب من صاحب القضية، كي أطلع أكثر على تفاصيل هذا الموضوع الغريب.
الكتاب
الكتاب 112 صفحة من الحجم الصغير، كتبه بالعربية محمد وجيه وترجمة وفاء باعشن على لسان صاحب القضية عبد الله الكيد، صادر فى 2024.
عبد الله الكيد
مواطن أمريكي اسمه “لافوني تي كيد” ثم غير اسمه إلى عبد الله الكيد بعد إسلامه، ولد في ولاية “كانساس”، وكان لاعب كرة قدم أمريكية بارزًا في جامعة “أيداهو”، اعتنق الإسلام أثناء دراسته الجامعية.
يقول عبد الله: “على الرغم من أنني كُنـــت على طريق الخير، إلا أنني وجدت نفسي محاطاً بتوقعات زائفة، وخيانات، وعلاقات مقطوعة، وعدد لا يحصى من المشاكل الدائمة.. وأعطاني إيماني بالله وبالاعتماد عليه القوة والإرادة للقتال من أجل تبـــــرئة اسمي، فكنت منتصراً ومسجلًا إلى الأبد في تاريــــــخ القانــــون الأمريكي. وبفضل الله، أشارك قصتي معكم.
قضية الكيد
تُعد قضية عبد الله الكيد واحدة من أبرز القضايا التي كشفت مدى تعقيد العلاقة بين الأمن القومي والحريات المدنية في الولايات المتحدة، خصوصًا في أعقاب أحداث 11 سبتمبر. عبد الله الكيد، دخل في دائرة الضوء لا بسبب جريمة ارتكبها، بل بسبب الاشتباه فقط، مما أدى إلى احتجازه دون توجيه تهم، في واحدة من أكثر الحالات إثارة للجدل في تاريخ استخدام قانون “الشاهد المادي”.
بدأت القصة في 16 مارس 2003 عندما تم اعتقال الكيد في مطار دالاس الدولي أثناء استعداده للسفر إلى المملكة العربية السعودية للدراسة. اعتُقل دون أن تُوجه إليه أي تهمة، وتم احتجازه بموجب قانون “الشاهد المادي”، وهو قانون يتيح للحكومة احتجاز أشخاص يُعتقد أنهم يمتلكون معلومات مهمة تتعلق بقضايا أمنية أو جنائية، لضمان حضورهم للشهادة في المحاكم. ولكن في حالة الكيد، لم يُطلب منه الحضور إلى أي محكمة، ولم يكن هناك دليل واضح يبرر احتجازه. أمضى الكيد 16 يومًا في الحبس، في ظروف شديدة القسوة.
تم تقييده بالسلاسل، وتعرض لتفتيش جسدي مهين، واحتُجز في زنازين مضاءة باستمرار. وبعد إطلاق سراحه، فُرضت عليه قيود صارمة دامت أكثر من عام، شملت منعه من السفر، وإجباره على الإقامة مع أقاربه، وخضوعه لمراقبة شديدة. تسببت هذه القيود في فقدانه لمنحته الدراسية، وانهيار زواجه، وصعوبات مهنية واجتماعية كبيرة. في عام 2005، قرر الكيد رفع دعوى قضائية ضد الحكومة الأمريكية بما في ذلك المدعي العام آنذاك “جون آشكروفت”، بتهمة إساءة استخدام قانون “الشاهد المادي” واحتجازه بشكل غير قانوني. ساندته منظمات حقوقية بارزة مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ولكن رغم ما بدا أنه قضية واضحة لانتهاك الحقوق، قضت المحكمة العليا الأمريكية في عام 2011 بأن “آشكروفت” يتمتع بحصانة مؤهلة، مما منعه من الملاحقة القانونية الشخصية.
ظلت القضية حية في النقاش العام، واعتُبرت مثالًا صادمًا على كيفية استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لانتهاك حقوق المواطنين الأمريكيين، خصوصًا المسلمين. وبعد سنوات من الإجراءات القانونية والضغط الإعلامي، توصل عبد الله الكيد في عام 2024 إلى تسوية مع الحكومة الأمريكية، حصل بموجبها على تعويض مالي، كما أعربت السلطات عن أسفها لما تعرض له وفي خطوة لتوثيق تجربته المؤلمة.
نشر الكيد كتابًا بعنوان “قضية الكيد” يروي فيه بالتفصيل ما حدث له، مسلطًا الضوء على المخاوف الحقيقية من توسّع السلطات الحكومية دون رقابة كافية.
يُعتبر هذا الكتاب شاهدًا حيًا على أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت، وعلى ضرورة مراجعة القوانين التي قد تُستخدم لسحق الحريات باسم الأمن.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد