إشكاليات السياق عند صدور كتاب الإسلام ونظام الحكم.. د. هاني نسيرة.. قرن من الإسلام وأصول الحكم في تفكير

بقلم: عمرو عبد الرحمن

280709377_5758375077522788_4038074696299373968_n2 إشكاليات السياق عند صدور كتاب الإسلام ونظام الحكم.. د. هاني نسيرة.. قرن من الإسلام وأصول الحكم في تفكير

قدّم د. هاني نسيرة للندوة بعد أن قدمه د. وليد الخشاب مدير الندوة، بالتساؤل عن سبب عدم نجاح مشروع الإسلام وأصول الحكم، في مقابل نجاح مشروع جماعات الإسلام السياسي. وبدأ بأنه لا يمكن قراءة كتاب الإسلام وأصول الحكم بمعزل عن المعارك التي سبقتها.

ما قبل الإسلام وأصول الحكم

كانت أسئلة النهضة والهوية المرجعية حاضرة بقوة في العقل المصري والإسلامي. لماذا تخلفنا وتقدم الآخرون؟ ومن نحن؟ هل نحن مسلمون أم عرب أم مصريون؟ الأسئلة نفسها التي لازلنا نتجادل حولها إلى الآن بعنف وشراسة.

كان الجدل على مستويات عدة، مستوى فكري وأدبي وسياسي ومجتمعي، ورغم اختلاف الجبهات والمواقف، كان الرهان دائمًا على الحاكم لا على الشعب، في انتظار المُستبد العادل في ظل حالة الضعف والاحتلال.

d8bad984d8a7d981-d8a7d984d8a5d8b3d984d8a7d985-d988d8a3d8b5d988d984-d8a7d984d8add983d985 إشكاليات السياق عند صدور كتاب الإسلام ونظام الحكم.. د. هاني نسيرة.. قرن من الإسلام وأصول الحكم في تفكير

غابت النظرة النقدية لتاريخ الدولة الإسلامية وسلوك “الخلفاء”. لم يربط أحد بين حالة الضعف التي وصل إليها المسلمون ـ ليس فقط عام ١٩٢٥ عند صدور الكتاب بل قبل ذلك بقرون عديدة ـ وبين ضعف دولة الخلافة وسوء أداء الحكام. كل ما بقي كان خطابًا دينيًا عاطفيًا يتمسك بوجود دولة مركزية إسلامية حتى وإن كان حاكمها لا يملك من أمره شيئًا. وكان لظهور الشيخ محمد رشيد رضا دور كبير في تصاعد هذا الخطاب. أدى هذا الخطاب إلى التعامل مع تاريخ المسلمين على أنه دين وليس تاريخ حكم يوظف الدين.

عائلة عبدالرازق

كان لعائلة علي عبدالرازق دور بارز في معركة التجديد. متأثرون بخطاب الشيخ محمد عبده، ساهم الأخوان مصطفى وحسن عبدالرازق في تأسيس حزب الأمة ذي المبادئ الليبرالية عام ١٩٠٧ والذي تحول فيما بعد إلى حزب الأحرار الدستوريين. وتم اغتيال حسن عبدالرازق عام ١٩٢٢ أمام جريدة السياسية في إطار صراع الهوية. فيمكن اعتبار علي عبدالرازق من أبناء المدرسة الإصلاحية الإسلامية التنويرية، تستهدف أفكار التنوير وتحملها على حوامل منتمية إلى تراثنا.

يؤكد د. هاني نسيرة على أن المشكلة الكبرى التي أدت إلى السياق الذي كوّن وعي الشيخ علي عبدالرازق، وانتج رؤيته في الإسلام وأصول الحكم هي لا تاريخية النظرة إلى التاريخ الإسلامي. نحن لم نستفد ولم نعتبر من تجارب تاريخنا، فلم يتراكم لدينا الوعي الكافي للإجابة.. حتى الآن.

المواجهة

كان التيار الأصولي المواجه لعلي عبدالرازق هو الأعلى صوتًا والأكثر شعبوية. فقام محمد رشيد رضا بنفي كل ما حاول علي عبدالرازق التأسيس له في الإسلام وأصول الحكم من أن الخلافة ليست من أصول الدين وأن الدين والدولة مجالان منفصلان حتى وإن تأثر كلًا منها بالآخر. وجاء حسن البنا ليثبت ما أخرجه محمد رشيد رضا في إطار حركي شعبوي لتكون المبادئ التي تأسست عليها جماعة الإخوان المسلمين.

ترك الاضطهاد الذي تعرض له علي عبدالرازق أثره على قلة كتاباته، وعدم تطور كتابه إلى مشروع إصلاحي ليبرالي متكامل. في حين استمرت الجماعة الأصولية في الاستفادة من إضعاف الحركة الليبرالية بنقضها والهجوم عليها بشراسة، كما استفادت أيضًا من التيارات اليسارية الناشئة بنسخ نظامها الحركي وبناء قواعد مجتمعية أكثر رسوخًا وطاعة.

مناقشة الندوة

شكر جمال عمر د. وليد الخشاب على إدارته للندوة، كما قدم الشكر لد.هاني نسيرة على الندوة المفيدة. كما شكر إيمان رفاعي على تصميم الصور الدعائية للموسم، وشكر فريق تقديم الندوات على جهوده.

بدأ د. وليد الخشاب النقاش حول مدى اعتبار كتاب الإسلام وأصول الحكم تفاعلًا سياسيًا مع الواقع السياسي المحيط بعد سقوط الدولة العثمانية أكثر منه تأصيل فكري يطرح قضية عامة.

ووافقه د. هاني نسيرة في الرأي وأكد أن تجربة حزب الأحرار الدستوريين كانت دليل على الظلم والاضطهاد الذي تعرضت له المدرسة الإصلاحية الليبرالية.

تساءل أشرف قنديل عن مدى صحة كون أفكار علي عبدالرازق امتداد لمنهج الشيخ محمد عبده، موضحًا أن محمد عبده لا يعارض فكرة الخلافة، وإنما كان يعارض الخلافة العثمانية لأنهم من غير العرب.

رد د. هاني نسيرة أن الموضوع ربما يحتاج منه بحثًا أكبر، إلا أن محمد عبده كان مع مبدأ الوحدة لكنه لم يذكر رأيًا نهائيًا في مسألة الخلافة.

شارك د. عماد ثابت في النقاش بملاحظة عما إذا كانت دوافع علي عبدالرازق لكتابة الإسلام وأصول الحكم دوافع سياسية بسبب انتمائه السياسي لقطع الطريق على الملك فؤاد ومشروعه بأن يصبح الخليفة الجديد. بأن هذه الأفكار نشأت قبل سقوط الخلافة وليس بدافع الخصومة السياسية. وتساءل عن كيفية الخروج من دوامة الصراع الهوياتي والمواجهة بين السياسة والدين.

أجاب د. هاني بأن الخروج من هذه الدوامة يحتاج الشجاعة والإرادة لمواجهة الخطاب الديني الشعبوية وفهم مبدأ المواطنة بشكل صحيح وتطبيقه.

تداخل د. أكمل في النقاش متسائلًا عن ما كان يمكن أن يحدث لو أن الوفد دعم الشيخ علي عبدالرازق هل كان سيخسر قاعدته السياسية أم لا؟ أم أننا من خسر هذه الفرصة لدعم طرح الشيخ علي عبدالرازق؟

عقّب د. هاني أنه لا يعتقد أن اتخاذ موقف قوي من الوفد كان ليضره جماهيريًا، وأن التفكير كان متوجهًا للانتخابات القادمة. وقارن بين هذا الموقف والهجوم على طه حسين بعد ذلك. ما يشير إلى تفضيل الوفد لمصالحه السياسية الضيقة والزبائنية السياسية على دعم اتجاه التجديد والتنوير في رؤية برجماتية قاصرة، وتوجه لتغليب مبدأ الزعامة السياسية على المشاركة في إطار سياسي مجتمعي أوسع.

طلبت م. نهلة هنو شرحًا لمصطلح الزبائنية السياسية الذي استخدمه د. هاني نسيره، فأوضح أنه يدل على تغليب المصلحة السياسية لحساب مصالح شخصية على المبدأ والتأثير الإيجابي في الشأن العام.

في الختام، طلب جمال عمر تتبع العوامل التي حركت خطاب علي عبدالرازق من خلال تفكيكه خطابه للوصول إلى العناصر التي تحرك الفكر الإسلامي. وتساءل عن كيفية الوصول إلى جهود مؤسسية للإصلاح والتنوير بدلًا من الجهود الفردية التي يصعب عليها إحداث أثر بمفردها.

أكد د. هاني نسيرة أننا لم ننجح في تأسيس تيار مدني، وان اغلب الجهود تنتهي بالتحول للزبائنية السياسية. كما تحللت الطبقة الوسطى ثقافيًا وأصبحت أكثر احتياجًا للمال عن الفكر والثقافة. كما أن تنظيم ندوة ثقافية عامة أصبح يتطلب جهودًا مضنية نظرًا للقيود المفروضة على المجال العام. وأن الحل قد يكون في جهود جمال عمر وكتابات د. وليد الخشاب ومشاركات د. عماد ثابت ود. أكمل صفوت.

وحذر د. هاني نسيرة من من أن بذور العنف والتطرف تنمو بعيدًا عن الأعين، لأن الخلاص في الدنيا أصبح بعيد المنال، فاكتفى البعض بالخلاص الأخروي الذي يقدمه لهم من يستطيعون العمل في الخفاء.

للاستماع إلى تسجيل صوتي للندوة اضغط هنا

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات