رواية بينما ينام العالم … بقلم: عمرو عبد الرحمن

بينما ينام العالم/ Mornings in Jenin

بقلم/ عمرو عبد الرحمن

280709377_5758375077522788_4038074696299373968_n2 رواية بينما ينام العالم ... بقلم: عمرو عبد الرحمن

تحكي الرواية قصة عائلة أبو الهيجا الفلسطينية، من قريتهم في “عين حوض” حتى طردهم منها عصابات الصهاينة القادمون من أوروبا وأمريكا وكل أنحاء العالم، فأصبحوا لاجئين في جنين. نمر بكل لحظات الانكسار للشعب الفلسطيني من النكبة إلى النكسة إلى أيلول الأسود إلى خروج منظمة التحرير من لبنان إلى مجزرة صبرا وشاتيلا … تخلى العالم والعرب عن الفلسطينيين وقرروا أنهم سيكونون كبش الفداء لجرائم الغرب ضد اليهود.

الرواية تهتم بالشخصيات أكثر من التاريخ، مشاعرها وتفاعلاتها مع بعضها البعض، ومع هذا المحتل الذي اغتصب أرضهم وتحكم في حياتهم وألقى تاريخهم في الأفران. صراعاتهم الداخلية، حبهم للحياة.

يسأل أحدهم سؤال ساذج، كيف للفلسطينيين أن يمارسون الجنس وينجبون الأطفال تحت القصف والمجازر؟
ربما إذا قرأت هذه الرواية تدرك كيف أن في هذا مقاومة، وتمسك بالحياة، وانتصار على الصهيوني المجرم.

علاقة أهل القرية بالبدو، علاقة الفلسطيني بشجرة الزيتون، بالأرض، بالعائلة. محور الأحداث سيكون آمال التى وُلدت لاجئة وسط أناس كان كل حلمهم ألا يموتوا لاجئين.. أن يعودوا إلى بيوتهم التي طردهم منها اليهود… حلم لن يتحقق أبداً.
المثير للتأمل والإعجاب هو علاقة آمال بعائلتها وأصدقائها، بأنوثتها عندما تبدأ بالظهور، بمشاعرها وألعابها.

“أيا كان شعورك، اكبتيه في داخلك”
كانت هذه هي نصيحة داليا لابنتها آمال عندما خاضت معها أول تجربة مهمة في حياتها.. كانت داليا هي الولاّدة وآمال مساعدتها.. ظلت هذه النصيحة تطارد آمال طوال حياتها.. في جنين، في القدس، وفي أمريكا… وقد ساعدتها على النجاة.

لكنها لم تساعدني وأنا أقرأ الرواية.. كم وددت أن أصرخ وأنا أقرأ وصف آمال لهجوم الصهاينة على مخيم جنين بعد النكسة، كم وددت أن أبكي وأنا أقرأ وصف روبرت فيسك في كتاب رثاء أُمة للمجزرة التي قام بها الصهاينة في صبرا وشاتيلا بعد نفي منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس.. لكن مع الوقت يبدأ الاعتياد.. مثلما وأنا أقرا ما فعله الصهاينة مع الأطفال في انتفاضة الأرض، ثم مذبحة مخيم جنين في النهاية.

“تشكلت الرابطة التي صغناها من التزام غير منطوق به لبقائنا الجماعي، وقد امتدت عبر التاريخ، انتشرت في القارات، اجتازت حروباً، واتسعت لمآسينا وانتصاراتنا الجماعية والفردية. رابطة وُجدت في رسائل الصبا، أو في قِدر من ورق العنب المحشو. رابطتنا كانت فلسطين. وكانت لغة قمنا بتفكيكها لنشيّد وطناً.”

عن هذه اللغة تحكي آمال عندما سافرت إلى أمريكا، وأرادت أن تشكر أحدى الشخصيات، فلم تكن متأكدة من وجودة إجابة أمريكية مناسبة لما تود التعبير عنه، فشكراً تعبير جاف، غير كافٍ، يوحي بالبخل.
بينما تعبيرات مثل “الله يسلم هالإيد اللي أعطتني الهدية”، “عينيك الحلوة هي اللي شافتني جميلة”، تعبر عن لغة جعلت التعبير عن الشكر لغة قائمة بذاتها، تتقبل الابتكار وإضافة الجديد دائماً.

الرواية لا تخلو من التناقضات. متأثرة بقصة قصيرة لغسان كنفاني، نجد شخصية دافيد/إسماعيل يمزقها صراع الهوية للنهاية. البعض يظن أن الهوية رفاهية، شيء ثانوي لا قيمة له، طالما أن الإنسان يأكل ويشرب ويمارس الجنس، ويقتل ويعذب مجموعة من الناس اتفق العالم على نسيانهم، وإذا قاموا أصبحوا إرهابيين.

“لايمكن أن يتصالح الحب مع الخداع. ولا يمكن أن يصبح معتاداً كينونة تم دفع ثمنها سلفاً من بؤس الآخرين.”
شعر دافيد/إسماعيل بخيانة يولانتا أمه الصهيونية التي جاءت من بولندا، بينما ادركت آمال أنها لم تكن لتحظى بأم أفضل من داليا.
الزمن وقدرته على تغيير مواقفنا تجاه الأشخاص رأساً على عقب.

“كيف يمكنني أن أصفح يا أمي؟ كيف لجنين أن تنسى؟ كيف يمكن أن يحمل المرء عبئاً كهذا؟ كيف للمرء أن يعيش في عالم يتجاهل مثل هذا الظلم كل هذه السنين؟ هل هذا ما يعنيه أن يكون المرء فلسطينياً، يا أمي؟”

449466147_10235648309087725_3200797235981648676_n رواية بينما ينام العالم ... بقلم: عمرو عبد الرحمن

الترجمة كانت بديعة لسامية شنان تميمي، استطاعت أن تنقل مشاعر الكاتبة سوزان أبو الهوى لتلمس القارئ بعنف.
الرواية تبدأ القصة من أولاً.. طالما هناك احتلال مجرم ستوجد مقاومة.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

ندوات