لذَّة انتقام…. إيمان اسماعيل
لذَّة انتقام….إيمان إسماعيل تكشف الستار عن الكابوس 116
بقلم: إيمان إسماعيل

جلست بجوار نافذتي التي تطل على حديقة غناء، أسمع صوت العصافير التي تسكن أشجارها، النافذة مرتفعة كثيرًا عن الأرض، كأنني في الطابق الثالث أو الرابع، لكن الغريب أن فرع من دالية عنب كان يغطي جزءًا من النافذة، كيف وصل إلى هنا؟
النظر إلى الحديقة الغناء كان كفيلا بصرف تفكيري عن أي شئ، الكأس الذي في يدي به مشروب أبيض، أشم رائحة الموز تفوح منه، أحب مزيج الموز واللبن، لكن تعكر لونه الأبيض بقطرة حمراء سقطت من عنقود العنب المتدلي أعلى النافذة، نظرت إليه فإذا به أحمر قرمزي، لم أرى من قبل عنب بهذا اللون.
وقفت على الكرسي حتى وصلت للعنقود، رائحته بها زفرة مقززة، أخذت حبة عنب ووضعتها في فمي فإذا بطعم مر ومالح ورائحة نتنة انفجرت في فمي، لفظتها بسرعة وبحثت عن أي ماء لأغير طعم فمي، وجدت القنينة أسفل الطاولة وشربت، لكنني وجدت ما بها عصير من هذا العنب العفن.
نظرت لفرع الشجرة فوق رأسي ووجدت كل العناقيد حمراء، ورحت أتساءل كيف وصل الفرع هنا؟ أين باقي الشجرة؟
تتبعت الفرع، ووجدت أنني أستطيع السير على السقف، شققت السقف بيديّ، ودخلت لغرفة واسعة، بمساحة بيت أبي، لا بل هي بيت أبي، هي ذات الجدران، لكن غرفها اختفت، تحول البيت لغرفة واحدة خالية من أي أثاث إلا من سرير، أعرفه جيداً، إنه سريري القديم، ذلك الذي كنت اختبأ أسفله خوفاً من خليل، كنت أضع كل الدمى وطبق فيه القليل من البسكوت وكوب ماء، أحسب حساب اختبائي لنهار كامل أسفله، كيف نبتت دالية عنب في سريري؟
اقتربت من الدالية فإذا بالجذور قد انغمست في قلب كومة كبيرة من القش الأحمر، بدا القش وكأن دماً يرقد أسفله، نعم هذا ليس لون القش، هو نشع من بقعة دم كبيرة أسفله.
اقتربت أكثر فإذا برائحة العصير العفن تضرب أنفي وتملأ جوفي بنفس الرائحة التي انفجرت من حبة العنب، سمعت أنين يأتي من أسفل القش، همهمات، نزعات، ثم صمت.
نبشت القش، فإذا بخليل راقد بداخله وقد نبتت جذور الدالية من كبده ورئتيه، تآكلت قدماه وكفيه وجزء كبير من ذراعيه، عيناه أبيضت، وشفتاه تلونت بالازرق، أما عنقه فقد سكن فيه سكين كبير، يشبه سكيني الذي أفضله في المطبخ، نزعت السكين من رقبته لأتحقق، نعم هو سكيني، أعرفه جيدًا، لقد نقشت عليه حروف اسمي.

نظرت لبقايا خليل ولم أشعر بالخوف، امتزجت مشاعر كثيرة يمكن جمعها في وصف واحد، الحرية.
طعنت عنقه بالسكين مرة أخرى، ورحت أتخفف من ثيابي، تمايلت يمينًا ويسارًا، سمعت صوت إيمان البحر درويش يدندن “أنا طير في السما”، فردت جناحي ورقصت، أغضمت عيناي فإذا بلحن الاغنية يعلو، وأنا أرقص وأرقص، رقصت حتى خرجت من الغرفة.
فتحت عيني فإذا بالعناقيد الحمراء تحيط بي، قطفت أجملها وتناولته وأنا أتلذذ.
للاطلاع على الكوابيس السابقة
ذاكرة لا تنسى..كابوس 115 الجزء الأول
ذاكرة لا تنسى..كابوس 115 الجزء الثاني
ذاكرة لا تنسى..كابوس 115 الجزء الثالث
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد