اختطاف … بقلم: جمال عمر

بقلم: جمال عمر
مؤسس صالون وأكاديمية تفكير

d8acd985d8a7d984-d981d8b1d8afd98a-d985d8a8d8aad8b3d985 اختطاف ... بقلم: جمال عمر

كنت عند مركز ثقافة بنها على كورنيش النيل بعد انتهاء صلاة الجمعة، في انتظار د. هيكل آتيا من مسجد بمنطقة الڤيلل الذي يخطب به الجمعة كل أسبوع، حينما اتصل بي التداوي أنه دخل على مدينة بنها قادما من البحيرة.

بعد أن ركنّا سيارته بالقرب من مبنى الأمن الوطني، كان د. هيكل يرتدي جلباباً أبيضاً ويضع على أكتافه عباءة بنية اللون، استغربت أن شعره مكشوف، فخطيب الجمعة في العادة يلبس غطاء لرأسه، ربما هناك طاقية في جيبه، لم أرد أن أفتح الموضوع معه.

كان التداوي منتظر بالقرب من مدخل إدارة جامعة بنها بجوار سيارة بيضاء، بسائق، كما يظهر في صور رحلاته المتعددة التي ينشرها على فيسبوك، شيك رغم أنه يلبس “كاچول” جاكيت شتوي خفيف وبنطلون رياضي أخضر وكوتشي أبيض ناصع، بذقنه وشاربه المهندمان، وابتسامته الدائمة، وحيوية ابن بلد مزارع.

صديقنا أحمد يبعد مسافة نصف ساعة بالسيارة عنا، وكان من المفروض أن نلتقي نحن الأربعة، ولكنه كعادته يتقوقع ويتراجع وفي الغالب يختلق الأعذار في نظري، فقبل ساعتين كتب لي أنه حصلت حالة وفاة عندهم في البلد، لم أرد أن أضغط عليه، وأطلب منه تفاصيل العنوان لكي نأتي للعزاء، وقدرت رغبته في “الانعزال”.

لكن تخيلت مشهد أننا نذهب لقريته للعزاء، وكيف سيتصرف ليصور لنا جنازة أو عزاء، أو على الأقل قصة تبريرية. وتذكرت لقائي معه العام الماضي، وصعوبة إخراجه من القرية لكي نلتقي، رغم أن حلمه كان وما زال أن يكون مذيعا، لكنه منطو جدا ومنعزل، ككثيرين من أبناء جيلي.

مررنا من أمام المحل الثاني لمطعم الرشيدي لسندوتشات الفول والطعمية، المحل أمامه طابور طويل، لا أذكر مثل هذه الطوابير في الثمانينات أو التسعينات إلا أمام مخابز الخبز المصري. كل هؤلاء ينتظرون المحل يفتح بعد صلاة الجمعة، لم تكن محلات الفول والطعمية أصلا تفتح يوم الجمعة، لكن تغيرات الربع الأول من القرن الواحد والعشرين، أن الفول والطعمية أصبحوا إفطار وغداء وعشاء.

دار بنا د. هيكل من مدخل جانبي لمكان غير المكان السابق، مدخله من الخلف، كان اللون الطاغي على المكان زهري فاتح، وكانت هناك مرجيحة لونها زهري، المهم دخلنا على المحل، لنتأكد إن كانوا قد فتحوا، كان ينام أحد الشبان على الكنبات الممتدة بالداخل، وفوجئوا بدخولنا، شعرت أننا ندخل عليهم بيتهم. جلسنا في الخارج في الجنينة، المنزوعة من الفضاء العام كالمطعم المجاور.

أنا كنت جائع، لأني أتناول الإفطار والغداء معا، فقلت لماذا لا نذهب إلى محل كبابجي يكون قريب؟ د. هيكل كان عنده ارتباطات ما بعد صلاة الجمعة في قريته وفي الجمعية والمؤسسة اللاتي يرعاهم، فوجدت التداوي يقول لي: “تعالى ننزل القاهرة وناكل هناك”، وبالفعل سلمنا على د. هيكل الذي ذهب وركبنا السيارة المرافقة للتداوي في طريقنا للقاهرة.

d8a7d8aed8aad8b7d8a7d981 اختطاف ... بقلم: جمال عمر

وأخذنا صورة تمثيلية “هزارا” لعملية اختطاف وتم نشرها على صفحة صالون تفكير على فيسبوك، وبدأت رحلة المزاح: أنه “اختطف مؤسس الجروب، ويطلب فدية للإفراج عنه”. فبدأت تعليقات من عضوات في مجلس الإدارة زي “ممكن ندفع لك فدية علشان تخليه عندك مخطوف”. ويتدخل من يتفاوض للإفراج عن مؤسس الصالون، لكن بشروط.

سائق السيارة حينما وصل إلى شبرا لم يُرد أن يسير على كورنيش النيل، بل سلك الطريق الدائري ليخرج منه في المهندسين بالجيزة وعبرها إلى الزمالك لنعود لكورنيش النيل قبل مبنى ماسبيرو، ولما وصلنا لزحمة عربات الكورنيش قدّرت خطته.

مر من خلف المتحف المصري بميدان التحرير، وجدته يلتف ليقف أمام مدخل فندق هيلتون رمسيس، ويقول للأمن اننا داخلين، فيه حجز بالداخل، والأمن يقوم بتفتيش تحت السيارة وتفتيش شنطة السيارة.

d8a7d984d8aad8afd8a7d988d98a-d988d8acd985d8a7d984-d981d98a-d987d98ad984d8aad988d986-d8b1d985d8b3d98ad8b3 اختطاف ... بقلم: جمال عمر

التداوي رحالة، متمرس، تدرك هذا من أول تعامله مع موظف استقبال الفندق، وتفاصيل حجزه لغرفته. مدخل الفندق العالي صغير، وجوه من بلاد عربية وبعض الغربيين، دقائق وكنا في طريقنا للأسانسير للصعود، لغرفة التداوي في طابق عالٍ تطل غرفته على النيل، وضعنا حقيبتيه، والتقطنا صورتين في بلكونة الغرفة، وكان جاهزا لأن نخرج من الفندق.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

تعليق واحد

اترك رد

ندوات