الإسلام وأصول الحكم بين نصر أبوزيد ومحمد عمارة.. جمال عمر.. قرن من الإسلام وأصول الحكم

ندوات 25 يونيو، 2025 0 تعليقات

الإسلام وأصول الحكم بين نصر أبوزيد ومحمد عمارة.. جمال عمر.. قرن من الإسلام وأصول الحكم

بقلم: عمرو عبد الرحمن

قدم جمال عمر الباحث والمفكر الندوة نظرًا لتعذر حضور د. إليامين بن تومي، وبدأ بالإشارة إلى تقديم د. محمد عمارة لكتاب الإسلام وأصول الحكم بينما قدم د. نصر حامد أبو زيد كتاب الخلافة وسلطة الأمة عند إعادة نشره عام ١٩٩٣، وهو دراسة فقهية صدرت في عشرينيات القرن الماضي بعد محاولة السلطة في تركيا الفصل بين الخلافة والسلطة حيث الخليفة للمسلمين والسلطنة للأتراك، قبل إلغاء الخلافة تمامًا.

محمد عمارةXمحمد عمارة

انطلقت دراسة د. نصر حامد أبوزيد من دراسة التحول في رؤية د. محمد عمارة للإسلام وأصول الحكم بين اختفاء في السبعينات وانتقاد لاذع بعد ذلك. فكان السؤال الذي طرحه د. نصر حامد أبوزيد: ما هي أولوية د. محمد عمارة عند تقديم رؤيته، هل الأولوية لما هو معرفي أم ما هو أيديولوچي؟ وكانت الإجابة أن ما يحرك خطاب د. عمارة هو التوجه السياسي الأيديولوچي؛ لأنه يخرج الكتاب من سياقه والذي هو الدعوة إلى نقل مركز الخلافة إلى مصر أو الحجاز أو غيرها.

حاول د. نصر بيان رد الاعتبار للشيخ علي عبدالرازق بعد التنكيل به لكتابته الإسلام وأصول الحكم، بينما يؤكد د. محمد عمارة على رجوع الشيخ علي عبدالرازق عن الطريق الذي سار فيه كتابه، بل بلغ به الأمر أن يؤكد على الكتاب لم يكتبه علي عبدالرازق من الأساس، ولكنه بطريقة بوليسية يحاول الادعاء أن من كتبه هو طه حسين ونسبه للشيخ علي عبدالرازق.

يؤكد جمال عمر هو أن ما يهمنا في لحظتنا المعاصرة من هذه المواجهة هو النظر إلى آثر نزع الخطاب عن سياقه، وفصل الكاتب عن لحظته التاريخية، فيصبح علي عبدالرازق هو إمام التنوير الذي تصدى لجحافل المقلدين، ويصبح علي عبدالرازق أيضًا هو الكاتب الذي تراجع عن كتاباته وآرائه. ونظل نحن محلك سر! نتجادل حول نفس القضايا باستخدام نفس الحجج.

يوضح جمال عمر أن موسم الإسلام وأصول الحكم ليس هدفه إعادة إحياء خطاب علي عبدالرازق ولكن استيعاب الماضي حتى يمكننا تجاوزه، أو كما يعبر عن ذلك الشيخ أمين الخولي بقتل القديم فهمًا، بحيث لا يمكن أن يقدم لنا جديدًا.

المناقشة

بدأت إيمان الرفاعي النقاش بالحديث عن سياق كتابة الكتاب من محاولة لنقل مركز الخلافة إلى مصر، وكيف تعامل نصر أبوزيد مع ذلك، بأن رأى أن رفض علي عبدالرازق أمام ذلك يهدف إلى عدم تقوية الاحتلال الإنجليزي في مصر حيث يمكنه استخدام سطوة الخلافة في باقي العالم الإسلامي، بينما قلب د. عمارة ذلك بأن علي عبدالرازق أراد خدمة الاستعمار بحديثه عن كون الخلافة ليست من أصول الإسلام.

يشير جمال عمر إلى أن تراثنا في أغلبه يقدم نموذج السلطة القادم بالقوة أو “الشوكة”، وبينما نجح الغرب في تخطي هذا النموذج لصالح نموذج قائم على فصل السلطات وتداول السلطة، لم ننجح نحن في إنجاز هذا الانتقال حتى الآن، وذلك بفاعلية لمنظومة التراث تحت السطح.

شارك أشرف قنديل في النقاش وأشار إلى نقطتين: أن سقوط الدولة العثمانية كان جزءًا من واقع سياسي يُعاد تشكيله بعد الحرب العالمية الأولى، وأن الإسلام لم يأتِ بجديد يخص شكل الدولة حيث أخذ كل ما كان موجودًا قبله، فيما يعتبر نظامًا دوليًا بدايةً من شكل الدولة الإمبراطورية مرورًا بالغزو والجزية، ولكن المشكلة حدثت عندما تم التأصيل لذلك فيما بعد ليتحول ما هو سياسي متغير إلى ديني ثابت.

جادل جمال عمر بأن المشكلة هي أننا في عالمنا الإسلامي عندما أخذنا النموذج الغربي للدولة والقائم على القانون، أخذناه بقدمٕ واحدة وهي العقوبات والضبط والربط، وتركنا قدمه الأخرى القائمة على الحقوق والحريات وحق الناس في اختيار من يمثلونهم بحق.

وان اختلافًا جوهريًا بين النموذجين الشرقي والغربي، هو أن في الغرب لم يُنشئ الدين الدولة بل اتحد معها في البداية، ثم ابتلعها ليتحكم في أمورها، ثم نتيجة حراك اجتماعي مدعوم سياسيًا عادت الأمور للفصل بين الروحي والسياسي. بينما في الشرق لا تزال السلطة السياسية تحمي الدين وتستفيد من النفوذ الذي يمنحه ذلك إياها، ما يجعل انتاج حراك أصعب لأنه يواجه المنظومتين معًا.

سألت ناتاشا العبادي عن إمكانية تدارك أخطاء الماضي عبر التوحد خلف مواقف من قضايا معاصرة مثل القوانين الجديدة، وأجاب جمال عمر أن ذلك لن يحدث إلا بوجود منظومات اجتماعية لملايين الناس، ولكن لوقوف الدولة أمام ذلك، أُصيب المجتمع بالترهل والعجز.

سأل محمد سيد الأهل عن سبب تغيير د. محمد عمارة لرأيه في الإسلام وأصول الحكم. أجاب جمال عمر بأن السبب هو تقديم ما هو سياسي على ما هو معرفي. فعندما كان خطاب اللحظة هو خطاب النهضة كان احتفاء عمارة بخطاب علي عبدالرازق، ولما أصبح خطاب اللحظة هو خطاب مواجهة الإسلام للأخطار المحيطة كان انتقاد عمارة اللاذع لخطاب علي عبدالرازق.

للاستماع إلى تسجيل صوتي للندوة، اضغط هنا.

فيديو تسجيل للندوة