الحياة بدون دستور ولا نظام.. بقلم: جورج فريد .. ملحمة القطاطيش (5).. مجموعة قصصية
عن أقدار البشر والقطط والسرديات الكبرى وحواديت كليلة ودمنة
بقلم: جورج فريد
القطط.. وأقصد النوع منها اللي له علاقة بالإنسان لكن مش معتمد بالكلية عليه، هما أكتر الكائنات حرية وأقلها ارتباط بالنظام والقوانين والقيود من أي نوع.. منهم الواحد يتوقع أي سلوك ومفاجأة.. لا هما قطط برية محكومة بشريعة الغابة ولا هما مستأنسين وأقرب في سلوكهم للإنسان منهم للسنانير في الطبيعة.
البشر بيعتبروا الدستور أبو القوانين وبقدر ما يزيد احترامهم لهذه وذلك بيرتفع مدى تحضرهم. لكن مش بس البشر هما اللي طالبين دساتير وقوانين إنما كمان كائنات بدائية زي معظم أجناس الحشرات عندها دساتير وقوانين بتتنفذ بدقة وصرامة يحسدهم عليها البشر.
الدستور زي ما هو ضمان للنظام والسلام المجتمعي وانتظام سير العمل ودورة الحياة، هو قيد على الحرية ودي قيمة مهمة عند الإنسان المستنير والقط المستأنس. وعشان كده مفيش دستور حاكم لحياة القطط.. ومفيش غير قانون واحد بيظبط أو يشتت ويشذذ سلوكها “هو قانون ضرورة استمرار الحياة.”
البنت مسعدة الشهيرة ب مسعد وفي قول آخر الصغنن ولدت بالتزامن مع أمها القطة المحنكة الخبيرة الضخمة الشرهة اللئيمة أم سعد وشهرتها الولية.. الغريب إن المحنكة ضاع منها الأربع عيال رغم الخبرة والقوة والشراسة، والصغيرة اللي بتولد لأول مرة بتقدر تحافظ على عيالها التلاتة رغم هزال الجسم وانعدام الخبرة.
اكتشفت وجودهم بالصدفة في مخبأ غير متوقع من حوالي اسبوع.. ورغم الود الموصول من زمان بين مسعدة وبيني لما جيت أبص عليهم تاني يوم كانت نقلتهم من المخبأ لحتة تانية عملا بحكمة أمّن ولا تخون.. قوم بالصدفة تاني وأنا داخل على معاينة فرن الطين المهجور من كام شهر والمحتاج لعمرة كاملة ألقاها مخبياهم في بيت النار.. وتاني يوم آجي أبص عليهم ألقاها نقلتهم لحتة غيرها ويضيع أثرهم لكام يوم.
امبارح غلبني الفضول وقررت اتلائم عليها وأتتبعها من غير ما تاخذ بالها وبعد ما فطرت راقبتها من بعيد لبعيد وإذا بها بتنقل العيال من مخبأ لمخبأ تاني مش بعيد عنه واللي زود في افتضاح الأمر إن أمها الثكلى كانت بتساعدها في عملية النقل.
أم سعد كانت من كام شهر بعد ما بدأت تظهر على عيالها التلاتة سعد ومحاسن ومسعدة علامات البلوغ بترفض منهم كل علامات التودد والتقرب وأحيانا تضربهم بعنف لو كرروا المحاولة ودا تصرف طبيعي وحكيم عشان جه وقت الاستقلال والاعتماد على النفس لكن كمان البحث عن عريس جديد وإعادة دورة الحياة والولادة.
لكن أنا لما شوفت السلوك دا أول مرة وكإنسان غشيم عايش في بيئة اصطناعية استغربته من الجفوة الزايدة في المعاملة بين سكر التانية وأمها المرحومة عسلية وبالعكس هنا كانت البنت هي اللي بتقسو على الأم، وكبنت وحيدة متدلعة وشبعانة من لبن أمها طلعت متينة البنيان بعكس الأم اللي كانت نحيفة.. وعندي شك من تشابه ألوان الشعر الملحوظ بين قطقوطة وأم سعد ومسعدة إن الأولى ابنة للتانية وأخت للتالتة من ولادة سابقة.
لكن قطقوطة ذئب منفرد مخالبها على كل قطة ومخالب كل قطة عليها وتملّي تقول لي حط لي أكلي على جنب ومتحطليش معاهم عشان مبيحبونيش ومبحبهمش.
ميزت من العيال في الأول واحد بنقشة محاسن المميزة القريبة جداً من نقشة الوشق وغالباً إن محاسن فعلا هو الأب مع إنه برضه الخال، والخال والد علي أي حال وجواز الأقارب من الدرجة الأولى في عالم القطط الأحرار شايع ومالوش دعوة بزنا المحارم لأن مفيش أصلا زنا، ولا بالأساس خطية وكل العلاقات حلال، وكل القطط سواء من أهل البيت أو من عابري السبيل محالل.
و التاني كانت فروته أقرب للبياض ببطشة كبيرة مشمشي وبطشتين صغيرين سود، ف الأب هيكون مشمش لو رجحنا كفة البطشة المشمشي، أو سعد لو رجحنا كفة البطشتين السود، والنوع ده من القطط مبيكونش إلا إناث. وقررت أسميها ناتاشا.. والتالت كان بألوان الأم والجدة والخالة والأب مجهول. وعلى أي حال مالوش دور من بعد بذر البذرة والنسب والتربية أدوار للأم فقط.
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد