عبد الجبار الرفاعي وتجديد علم الكلام بمعهد الدومينيكان … بقلم: محمد صلاح سليم

بقلم: محمد صلاح سليم

308629804_10228420050823918_4056960700086223499_n-2677837525-e1719779573970 عبد الجبار الرفاعي وتجديد علم الكلام بمعهد الدومينيكان ... بقلم: محمد صلاح سليم

نشأ علم الكلام القديم في سياق ديني- ديني سجالي، يحاول تثبيت العقائد الدينية بالأدلة العقلية ثم النقلية، والدفاع عنها ضد الخصم القريب من أبناء الملة الإسلامية، أو البعيد من أتباع الديانات والفلسفات المخالفة، وقد أفاد من علوم وطبيعيات وفلسفات عصره، وتعددت الفرق والمذاهب الكلامية، ونشأ الخلاف بينهم وتطور لدرجة تبادل التضليل والتبديع وحتى التكفير، فلماذا نحن بحاجة إلى علم كلام جديد؟ هذا ما يحاول البروفيسور عبد الجبار الرفاعي الإجابة عنه في مشروعه الفكري، الذي سلط الضوء على أهم جوانبه في محاضراته في الدورة.

يهتم الرفاعي بعلم الكلام كأساس للعلوم الشرعية والعقلية، ولأنه الأصل الذي يُبنى عليه سائر العلوم من فقه وتفسير وشرح الحديث وغيرهم، فهو الموجه لفهم نصوص الدين؛ لذا نجد أن شروح النص المقدس لا تخلو من مواقف كلامية، بل إن “العقائدية” كما يسميها ياسر المطرفي، هي موجه للمواقف التفسيرية للقرآن الكريم، ونجد الجدل الكلامي منثورًا في كتب التفسير، وكلٌ يؤيد مقالته بآيات الكتاب الكريم.

وينطلق الرفاعي من موقف يجمع بين الإلهي والإنساني، أي انه ينفتح ويفيد من علوم العصر الحديثة، لكنه لا يهمل الجانب الغيبي والحضور الإلهي في إطار “رحماني” يقرأ من خلال استرشاده العلاقة بين الإلهي المطلق والإنساني النسبي.

ومن هذا المنطلق، وفي هذا الإطار الرحماني، يقرأ الرفاعي النص المقدس، ويعيد تعريف أهم مصطلحات علم الكلام، فيذهب إلى أن هناك مستويات لذكر الإنسان في القرآن الكريم، منها” تشريح النفس الإنسانية، وتكريم الإنسان واستخلافه، ويعيد تعريف عدة مفاهيم في إطار رؤيته الرحمانية ومن هذه المفاهيم:

الاستخلاف: يرى أنه التفويض والنيابة عن الله في الأرض بإدارة الدنيا وتفسير وفهم الدين.

الدين، يعرفه بأنه حياة في أفق المعنى، فقد دأب الإنسان منذ القدم يبحث عن المعنى لحياته.

الإنسان: يرى أنه كائن عاقل عاطفي أخلاقي، ديني جمالي اجتماعي تاريخي، يتميز بلغته ومخيلته، واعٍ بالموت، زماني رمزي، يحتاج إلى الميثولوجيا.

الوحي: يفهمه الرفاعي فهمًا ديناميكيًا مركبًا من عنصرين إلهي وبشري، فهو حالة أنطولوجية يعيشها النبي (ص) وهو ليس مجموعة أحلام ولا عبقرية ولا تخيلات، بل هو اصطفاء، وهذا هو البعد الإلهي، أما البعد الإنساني فهو يمثل انعكاسًا لشخصية الموحى إليه (النبي) فقد تعددت لغات الديانات والكتب المقدسة.

الشريعة: يرى الرفاعي أن المعنى القرآني أوسع من مجرد الفقه، فالشريعة تشمل العقيدة والأخلاق والفقه.

ومن أهداف علم الكلام الجديد عند الرفاعي وضع الحدود بين الديني والدنيوي، وتحديد المفاهيم، وإعادة تعريفها، وله أركان عند الرفاعي استمدها من القراءة الواعية الدقيقة للقرآن الكريم، بانفتاح على معارف العصر، ومن أهم هذه الأركان ما يلي:

تفكيك صورة الله في أذهان الناس وتقديم صورة قرآنية نورانية.

الرحمة الإلهية هي مفتاح فهم القرآن الكريم لأنها تحكم على الآيات الأخرى المرتبطة بسياقها.

آية (يحبهم ويحبونه) مفتاح فهم العلاقة بين الله والخلق، حيث بادر فيها الله الغني بالمحبة.

إيقاظ المعاني الجمالية والروحية في القرآن الكريم.

التمييز بين الديني والدنيوي، فلكل مجاله الخاص.

تعدد قراءات القرآن الكريم، فكل قراءة محكومة بزمانها.

الكلام الجديد يدرس التراث علميًا في ضوء معطيات المعارف البشرية الراهنة.

الاهتمام بدراسة المتخيل الديني.

القراءة الناقدة لمشاريع التجديد العربي.

وهكذا يميز الرفاعي بين الإحياء والإصلاح والتجديد، وهو لا يسعى إلى استعادة الماضي، ولا إحياء أفكار بعض الفرق الكلامية العقلية القديمة كالمعتزلة، بل يسعى إلى قتل التراث بحثًا بهدف تجاوزه، مع استلهام القيم القرآنية الرحمانية، في ضوء معارف العصر.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

2 comments

اترك رد

ندوات