قراءة في ”بينما ينام العالم“.. لسوزان أبو الهوى … بقلم: نهلة هنو
رواية “بينما ينام العالم” هي صيحة تؤكد أن القضية الفلسطينية ليست ذكرى، بل واقعًا يُولد كل يوم.
رواية “بينما ينام العالم“ هي أيضا دعوة للانتباه وتأمل ما يقع من ظلم وقهر في العالم من حولنا كل يوم.
رواية “بينما ينام العالم” هي صرخة لإيقاظ الضمير الإنساني.
ماذا لو استطاعت الكلمات أن تعيد وطناً مسلوباً؟
في تقديري إن هذا هو ما راهنت علية سوزان أبو الهوى في هذة الرواية. فحين تمكنت، ولاول مرة منذ سنوات – وفقط لكونها صارت مواطنة أمريكية – من العودة الى فلسطين، وبعد زيارتها لمخيم جنين للاجئين في أعقاب المجزرة التي وقعت في أبريل 2002، ارتأت أبو الهوى أن الرواية الأدبية هي أصدق سبيل لتوثيق ما حدث. ف بها تحفظ الذاكرة الجماعية لمن نجا ولمن شهد، وتتحول الذاكرة إلى سلاح مقاومة ضد محو أو تزييف التاريخ.
ومما يعمق الألم، أن السرد قد نجح وبامتياز في تحويل الانجذاب إلى معايشة كاملة للهوية وللثقافة الفلسطينية. ولتحقيق ذلك لم يكتف السرد بنقل الأحداث بصدق وعذوبة، بل جعلها عامرة بالألوان والأصوات والأغاني والأكلات، والروائح الفلسطينية. فعشنا داخل تلك الصور الحية كأحد أفراد العائلة الفلسطينية. ولما تعطلت تلك الحياة، وانقلبت رأساً على عقب، كانت مصيبتهم هي مصيبتنا. وعذابات أبنائها هي عذاباتنا.
نتعرف، من خلال السرد الملحمي، على الجيل الذي كان ينعم بهدوء حياة عائلة زراعية نموذجية، ممتدة لأربعين جيلاً قبل إنشاء إسرائيل. حياة تتسم بالوفرة في الرزق والحب، وبالارتباط العميق بالأرض. ينجذب القارئ على الفور إلى هذة العائلة، بتقاليدها، وعاداتها، وأحلامها، مما يجعل نزوحها ومعاناتها هي والأجيال المتعاقبة، منذ وقوع النكبة وحتى يومنا هذا، قاسياً وشخصياً.
ومع أن رجال عائلة أبو الهيجا، هم الهدف الرئيسي لبطش وتنكيل الآلة العسكرية الصهيونية، وذلك لأنهم المنوطون بحمل السلاح دفاعاً عن النساء والأطفال والشيوخ، إلا أن أبو الهوى تعطي الصوت الرئيسي لنساء العائلة. ومن خلال عيونهن، نرى التأثير المدمر للصراع على حياتهم اليومية، من فقد للأحبة والمنازل وسبل العيش، ونضال مستمر من أجل البقاء، وألم دائم للانفصال. وتصير حكاياتهم الفردية – مثل حكاية أمل، البطلة التي تحمل اسمًا رمزيًّا – جسرًا بين الماضي الباكي والحاضر المقاوم.
لقد نسجت سوزان، وبمهارة فائقة، ثوباً فلسطينياً مطرزاً بالتراث والحب والألم والظلم والأمل واليأس والعنف والحنان والقسوة والتضحية. وكأنها تقول لنا: “تأملوا تفاصيل هذا الثوب، فهو يحكي قصة شعب بأكمله.” وعندها نكتشف أن انتباهنا للتفاصيل تعمق، وأحياناً تصحح، ما نعرفه عن مأساة الشعب الفلسطيني.
رواية “بينما ينام العالم” هي صيحة تؤكد أن القضية الفلسطينية ليست ذكرى، بل واقعًا يُولد كل يوم.
رواية “بينما ينام العالم“ هي ايضا دعوة للإنتباه وتأمل ما يقع من ظلم وقهر في العالم من حولنا كل يوم.
رواية “بينما ينام العالم” هي صرخة لإيقاظ الضمير الانساني.
صدرت الرواية باللغة الانجليزية بعنوان “Mornings in Jenin”.
وترجمتها مؤسسة قطر للنشر والترجمة العربية تحت عنوان
“بينما ينام العالم“.
سوزان أبو الهوى:

كاتبة فلسطينية أمريكية وناشطة في حقوق الإنسان. ومؤلفة الرواية الأكثر مبيعا لعام 2010 بينما ينام العالم، ومؤسسة المنظمة غير الحكومية ملاعب من أجل فلسطين. وهي تعيش في ياردلي،بنسلفانيا.
من مؤلفاتها:
- ضد عالم بلا حب (2020)
- الأزرق بين السماء والماء، رواية (2015)
- سعى لي صوت الريح،مجموعة شعرية (2013)
- البحث عن فلسطين: الكتابة الفلسطينية الجديدة في المنفى والمختارات الرئيسية(2012)
- بينما ينام العالم، رواية (2010)
لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل
salontafker@gmail.com
تابع قناة جمال عمر علي يوتيوب شاهد قناة تفكير علي يوتيوب تابع تسجيلات تفكير الصوتية علي تليجرام انضم لصالون تفكير علي فيسبوك
شارك المحتوى
اكتشاف المزيد من تفكير
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد