هل هناك علاقة بين الذكاء والعرق؟ … بقلم: أكمل صفوت

بقلم: أكمل صفوت

طبيب استشاري علاج الأورام بمستشفى جامعة أرهوس بالدانمرك ومن المهتمين بالفكر الديني والإسلام السياسي وهموم المصريين في المهجر.

screenshot-2024-05-25-at-07.23.32 هل هناك علاقة بين الذكاء والعرق؟ ... بقلم: أكمل صفوت

هل هناك علاقة بين الذكاء والعرق؟

ده سؤال قديم قوي.

تاريخيا ده عمره ما كان سؤال علمي، لكن سؤال سياسي كولونيالي عنصري لأن جزء أصيل فى الهجمة الاستعمارية على بلدان العالم الثالث كانت اعتبار أن الساكن الأصلي لهذه البلاد في مرتبة أدنى، أو زي ما وصفه الشاعر “كيبلينج” “نصف شيطان ونصف طفل”….

كيبلينج بيقول فى قصيدته دي أن على الرجل الأبيض “عبء” أخلاقي إنه يحمي الناس دي من طبيعتهم بإنه يحكمهم ويسود عليهم …

d8b1d988d8afd98ad8a7d8b1d8af-d983d98ad8a8d984d98ad986d8ac هل هناك علاقة بين الذكاء والعرق؟ ... بقلم: أكمل صفوت
روديارد كيبلينج

الفكر الاستعماري ده كان بيستخدم العلم أداة لتبرير احتلال بلدان الشعوب غير البيضاء واستعباد أهلها وبالتالي “العلم” اللي كان بيستخدم لاستخلاص النتائج، عمره ما كان علم حقيقي.

مع تطور العلم وأدواته، بقى واضح إن الإجابة على السؤال ده هي النفي زي الإجابة على سؤال ارتباط الذكاء بالجنس (على أساس إن الرجالة أذكى طبعا) أو ارتباط الجريمة بالعرق كده.

مع صعود اليمين المتطرف والحركات الفاشية والنازية الجديدة اللي بنشوفها في العالم حاليا، السؤال ده بيتم طرحه من جديد، من خلال الدوائر السياسية وبعض “العلماء” المرتبطين بها ايديولوجيا.

بس فيه نقطتين مهمين لازم نشير إليهم:

الأولى: إن اختبارات الذكاء التقليدية عملها رجال بيض في أوروبا أو أمريكا ومرتبطة بطبيعة المكان والزمان والأهم بتعريف معين وضعه الرجل الأبيض “للذكاء” وهو تعريف مش واخد في اعتباره المفروض الإنسان ده حايستخدم هذا “الذكاء” في إيه بالضبط فى حياته اليومية.

الثانية: أي ارتباط بين ظاهرتين مش دليل على السببية ودي حاجة معروفة، فأنا لو عايز أثبت إن جينات معينة بتسبب طول الذيل فى الفئران فامش كفاية إني أظهر وجود هذه الصفات في الفئران طويلة الذيل، ده مايعتبرش دليل علمي، ولا حتى كفاية اني أثبت وجودها فى الفئران طويلة الذيل وغيابها في قصيرة الذيل، ده برضه لا يرقى لمستوى الدليل. علشان يبقى دليل لازم أثبت ان إدخال الجينات دي في أجنة قصيرة الذيل بينتج فئران طويلة الذيل وكمان أثبت العكس. وده طبعا مش علشان اقول اننا لازم نعمل كده في البشر، لكن علشان اوضح تهافت منطق الربط بين ظاهرتين وأؤكد على عدم علميته.

كمان فيه مشاكل علمية كتير “مخفية” في القضية دي، منها مثلا:

تعريف الذكاء نفسه والاحتياج لتعريف غير منحاز أو متأثر بعوامل أخرى.
والاحتياج لأداة غير الاختبارات الحالية قادرة على قياس هذا “الذكاء” بطريقة صحيحة ودقيقة وصالحة لكل “عرق” في كل مكان.

بس الأهم اننا لازم نفهم ان من الصعب حاليا اننا نلاقي تعريف علمي (معتمد على الجينات) مش سياسي أو تاريخي أو جغرافي “للعرق” لأن الأصل الجيني لكل البشر واحد وبالتالي فإن اختلاف اللون والملامح سببها طفرات على نفس الأصل بمعنى إنه تعدد مش اختلاف. وإن “الأعراق” اللي احنا بنشوفها في اللون والملامح فكرة ثقافية أكثر منها حقيقة علمية لأن التشابه أكثر من الاختلاف. فسؤال ارتباط “العرق” بأي ظاهرة بشرية هو سؤال غير علمي بالأساس.

انضم مع 3 مشتركين

لمراسلة المجلة بمواد للنشر في صورة ملف word عبر هذا الايميل

salontafker@gmail.com

شارك المحتوى


اكتشاف المزيد من تفكير

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

تعليق واحد

اترك رد

ندوات